أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان بديع - مذكرات مذنبة!














المزيد.....

مذكرات مذنبة!


حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)


الحوار المتمدن-العدد: 8216 - 2025 / 1 / 8 - 11:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مذكرا مذنبة


كان صوت الارتطام عالياً، ودوي مكابح السيارة التي لم تستطع أن تمنع هذا الحادث أفزعتني حد الموت ،،
هي ليست المرة الأولى التي ألمح فيها كلباً شارداً على الطريق وأحاول التوقف بشكل مفاجىء، لكنه هذه المرة كاد يقطع الطريق وكنت في هذه الحظة أفضل أن أصعد فوق الرصيف وأضحي باطارات سيارتي الجديدة، إذ لم يكن هناك وقت لاتخاذ القرار، عن أي قرار أتحدث، لقد كدت أدهسه؟ ماذا لو حدث؟
حتماً سيقتلني الشعور بالذنب، سيؤلمني قلبي، ويؤنبني ضميري، نعم، سيفعل، لن يتردد، وفي ظل أزمة الضمير التي يعاني منها عالمنا البائس، أليس الأمر مضحكاً؟

أبدو وكأنني كائن غريب قادم من كوكب آخر، أعلم هذا، وكثيراً ما كنت موضع سخرية الصديقات من شفقتي ولهفتي المرضية تجاه هذه الكائنات، لا يجدون في الأمر رأفة أو رحمة إنما هوس مرضي، وأنا مثلهم أدرك تماماً أن للموضوع أبعاد أكبر وأعمق!

متى بدأت القصة؟
لا أنسى ذلك اليوم الذي اكتشفنا فيه أن كلبنا المخلص الذي يعيش في الحديقة لديه مرض جلدي، كم كان مظلوماً، كيف لا يمرض؟ وهو المنسي بلا طعام أحياناً كثيرة فكان يضطر إلى أن يصطاد طعامه بنفسه من أي مكان ثم يعود بجروح هنا وهناك على جسده ودماء تلوث فروة رأسه الرمادية، لكن أخوتي كانوا صغار السن وحين خافو العدوة، لم يفكروا سوى بأن يتخلصوا منه ويأخذوه بعيداً ثم تركوه في مكان مهجور لكي لا يعرف طريق العودة أبداً !..
لم أكن متعلقة به ولم أكن اشعر بمسؤليتي عنه فهو كلب لقيط أحضره جارنا وأشفقنا عليه بطبيعة الحال، كان يعيش خارجاً ولم أكن انتبه لوجوده أغلب الأحيان لكن عندما علمت بأنهم تخلصوا منه، فجأه شعرت بمسؤليتي عما حدث!
كيف لنا أن نرد له إخلاصه وانتظاره على عتبة المنزل لسنوات بهذا الجحود؟
يا إلهي؟؟
أي ذنب اقترفنا؟
وما عساه فعل أو يفعل في هذه الصحراء بلا ماء أو طعام؟
هذه الصورة في خيالي تطارني كلما رأيت كلباً شارداً أو قطة بائسة على الرصيف.. الشعور بالذنب، كيف أتخلص منه؟
إنه ضميري الذي يطاردني كعدو لدود، إلى أن أضع رأسي كل مساء على المخدة،، أشياء قد تبدو تافهة لكثيرين لكنها ليست كذلك بالنسبة لي..

توقفت مذهولة من الفكرة التي طرأت لي وأنا في هذا الموقف الذي يفرض علي أن أفكر في حادثة كادت أن تودي بحياتي لو كان هناك سيارات أو حافلات تزاحمني على الطريق ،،
ثم فكرت في أن ألحق بهذا الكلب كي أطعمه من أكياس الطعام التي بحوزتي والتي دائماً ما أحتفظ بها سيارتي، لماذا؟ لأنني كلما رأيت حيواناً شارداً، كلباً أو قطة ألحق به وكأني وجدت طفلي الضائع منذ سنوات!

ربما لم يكن ذنباً اقترفته، لكني أكفر عنه في كل الأحوال، في منزلي الآن الكثير من القطط والكلاب المنقذه بل هناك الطيور التي تأكل في حديقتي وتذهب ثم تعود، شيئاً فشيئاُ بت أجد سعادة ما فيما أفعل، ولا أدري حتى الآن إذا ما كانت حقاً السعادة أمر نسبي أم أن صديقاتي هن من ضل طريق السعادة ولم يكتشفوه بعد.



#حنان_بديع (هاشتاغ)       Hanan_Badih#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجربة (الكون 25)
- هل أنت شخص شرير؟
- الصحة النفسية ضرورة أم ترف
- السيف والرمح والروبوت القاتل
- الحياد ،ضعف في الشخصية
- الذكاء الاصطناعي والندم العظيم
- الماضي جميل، لماذا؟
- مذكرات مذيعة
- وقت الفراغ
- الثقة
- هل للضحك فلسفة؟
- فك رموز المشاعر السلبية
- عصر الطبشورة
- لاجئة (قصة قصيرة)
- أرجوك لا تفعل (قصة قصيرة)
- النظر للأعلى
- كيف يفكر البخلاء؟
- حركة ما بعد الإنسانية
- حكماء بعد فوات الأوان
- عن الكلاب أتحدث


المزيد.....




- حلبجة: ماذا نعرف عن المحافظة العراقية رقم 19؟
- كلمة الرفيق حسن أومريبط، في مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية ...
- ترامب لإيران.. صفقة سياسية أو ضربة عسكرية
- كيف نفهم ماكرون الحائر؟
- إسرائيل تعلن إحباط محاولة -تهريب- أسلحة من مصر
- مبعوث ترامب يضع -خيارا واحدا- أمام إيران.. ما هو؟
- أول رد فعل -ميداني- على احتجاجات جنود إسرائيليين لوقف الحرب ...
- مقاتلة إسرائيلية تسقط قنبلة قرب -كيبوتس- على حدود غزة.. والج ...
- باريس تُعلن طرد 12 موظفًا من الطاقم الدبلوماسي والقنصلي الجز ...
- عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان بديع - مذكرات مذنبة!