علاء هادي الحطاب
الحوار المتمدن-العدد: 8216 - 2025 / 1 / 8 - 02:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاتهام لا يعني الحقيقة مالم ترافق ذلك الاتهام أدلة موثَّقة يقبلها العقل والمنطق، لذلك تقول القاعدة القانونية إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وأسهل تلك الاتهامات اليوم هو الاتهام بالانحياز إلى طائفة أو حزب أو فكرة أو أيديولوجية، وهذه الاتهامات تكون ناتجة عن انحيازات معينة يطلقها أصحابها ضدَّ المختلفين معها، ويسوقونها على أنها حقيقة مطلقة ضد من اتهم بها، لذا تجد أن الحوارات بمختلف تصنيفاتها مليئة بتهم يطلقها أحدهم ضد الآخر، إذا وصل الحوار بينهم إلى عدم اتفاق بشأن الفكرة محل النقاش، وهذا أمر يمكن تقبُّله إذا صدر من معلقين على منشورات في منصات التواصل الاجتماعي، لكنه يصبح غير مقبول إذا أصبح وسيلة لحرف النقاش عن مساره بين النخب السياسية والثقافية والفكرية، إذ المفترض من هذه النخب أن تتحاور وفق أسس علمية أكاديمية إذا كان هدفها الوصول إلى بعض الحقائق وليس كلها.
ما يحصل اليوم في حوارات النخب في مجالسهم الخاصة أو عبر مواقع الدردشات الجماعية هو حضور الاتهام قبل الفكرة، فما أن يبدأ ذلك الحوار وحتماً يكون هناك اختلاف وجهات النظر بشأنه حاضراً وهذه طبيعة إنسانية حتى تبدأ حفلة الاتهامات بين المتحاورين، وتنتهي الفكرة لصالح الانحياز نتيجة تبادل الاتهامات.
وهذا الأمر منعكس على النخبة من واقع سلوك المتحاورين في عموم وسائل التواصل الاجتماعي الذين تختلف ثقافاتهم وخلفياتهم وانحيازاتهم، شجع على ذلك طبيعة التواصل غير المباشر بين المتحاورين في تلك المنصات كالفيس بوك والانستغرام واكس وغيرها، لكن مع الأسف انسحب هذا السلوك حتى على غرف الدردشات الجماعية كالواتساب وغيرها، إذ يكون المتحاورون فيها معروفين لدى بعضهم، وهذا يؤشر ضعفاً في خطاب وتواصل النخب فيما بينها وفق أن الفكرة ومناقشتها قاسم مشترك لحواراتهم بعيداً عن كيل الاتهامات وتصنيف المتحاورين وفقاً لقناعات معينة خاضعة لانحيازات المحتاورين وجعلها حقيقة مطلقة.
فالاتهام سهل جداً، لكن إثباته بحاجة إلى جهدٍ كبير كي يتحول إلى حقيقة، سيما إذا تعلق الأمر بالسياسة التي لا ثابت فيها، بل إن ثابتها الوحيد هو المتغير، كون معيارها المصلحة.
#علاء_هادي_الحطاب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟