أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - الأفكار ودورها في تأصيل نباهة الاستحمار














المزيد.....


الأفكار ودورها في تأصيل نباهة الاستحمار


حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)


الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 18:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حضرت خلال هذا الأسبوع مناسبة علمية، حيث تم تكريم عدد من الأساتذة في علم الفلسفة. تُعتبر هذه المبادرة إيجابية، إذ تسلط الضوء على الجهود المبذولة في مجال التعليم والبحث العلمي. ومع ذلك، لفت انتباهي تكريم بعض الأساتذة الذين ساهمت كتاباتهم في تأصيل الاستبداد والدكتاتورية خلال عهد القذافي. وهنا تتبادر إلى ذهني مقولة: "إن لم تستطع قول الحق، فلا تصفق للاستبداد." وحتى لا تُثير هذه المقالة خائنة الأعين وما تخفي النفوس، فإن هذه المقالة تهدف إلى تسليط الضوء على المسؤولية الأخلاقية للأساتذة الذين قاموا بتأصيل الأفكار والمعرفة التي تدعم الاستبداد وتعززه. إن العيون قد تحاول إنكار أو استنكار ما ترى، لكن المشهد كان أكبر من أن يتخطاه البصر. لقد كانت المشاهد التي عشتها أعجز من أن تسجن كاتبًا مثلي. إن ما يحدث يتطلب وقفة تأمل وتنهيدة عميقة، ليس فقط في الأثر الذي خلفته تلك الكتابات، بل أيضًا في دور النخبة في توجيه الوعي المجتمعي، فالكتابة بالنسبة لي هي نافذة إلى الحرية وهي وسيلة لإزاحة القيود قليلاً من أجل جرعات أمل، فأنا أكتب كي لا أموت، وكما تعلمت فإن الباحث في علم الاجتماع كمثقف قادر على أن يخلق الوعي ويحفزه عبر قدرته على أن يربط بين الهموم الفردية والقضايا العامة.
لقد لعبت مؤلفات هؤلاء الكتّاب والأساتذة دورًا محوريًا في تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية استمرار الاستبداد. كما قاموا بنشر عدد من المفاهيم المضللة التي تهدف إلى دعم ممارسات النظام السابق. إن هذا الارتباط بين الفكر والتطبيق السياسي يثير تساؤلات عديدة حول المسؤولية الأخلاقية للأساتذة والمفكرين في توجيه الوعي المجتمعي.
فمع كل خطاب كان يُلقيه رأس النظام، نجد أن هؤلاء الأساتذة، وهم من فئة المادحين للنظام، يقومون بدور معرفي في تأصيل تلك الممارسات. حيث يقدمون أفكارًا تعد بمثابة تفسيرات لتلك الخطب، مما يشير بوضوح بأن هذه الأفكار كانت أداة من أدوات الهيمنة وفرض المصالح التي وظفها النظام السابق لصالحه.
قد طرح هؤلاء الأساتذة عددًا من التساؤلات والإجابات، وأهمها: "ما هي أهمية وجود واستمرار النظام السابق بكل إطاراته؟" و"كيف يُعتبر الفكر الأوحد لرأس النظام هو الطريق نحو الانعتاق؟". وإن "كل من يتكلم عن حرية التعبير فهو رجعي، لأننا تجاوزنا هذه المقولة بإرسائنا وممارستنا للديمقراطية الشعبية الحقيقة"، وإن "المجتمع الليبي هو المجتمع النموذجي الحر والسعيد وهو يمثل النعيم الأرضي الموعود"!
وهذا يعني ببساطة أن الاستسلام لتلك الأوضاع هو من طبائع الأشياء، مما يقلل من حوافز التفكير النقدي لدى أفراد المجتمع. حيث أوضحوا في كتبهم أن "ذلك الفكر الأوحد هو طريق نحو الانعتاق إلى الأبد!"، مما يعكس محاولة لتبرير الاستبداد. كما قام هؤلاء الأساتذة بتفسير المعاني المقصودة من أحاديث رأس النظام، وفك شفرة تلك المعاني. لا زلنا نتذكر محاضراتهم في قاعات الجامعات وعلى شاشات التلفاز، حيث سعى كل منهم لفك شفرة المعاني المقصودة من تلك الخطب. علاوة على ذلك، يمثل هؤلاء الأساتذة عقلًا ساهم بشكل فعّال في توجيه الوعي المجتمعي نحو القبول بالاستبداد وتأصيل نباهة الاستحمار. والجزئية الأخيرة غاية في الأهمية.
وحتى نقرب المعنى أكثر يمكن أن نشير إلى أن دورهم يتعدى الكتابة إلى التأثير على العقول، حيث يُعتبرون حلقة وصل بين النظام والمجتمع. الأهم من كل ذلك، هو قيام بعض هؤلاء الأساتذة بتبرير عمليات ضخّ المجتمع الليبي بجرعات كبيرة من العنف المادي، وحتى الرمزي. كما ساهمت كتاباتهم في تبرير إقصاء أصوات كل أفراد المجتمع، حيث يُختزل صوتهم في صوت وفكر رأس النظام، الذي أصبح يُلقب بالقائد الأوحد، والذي تُدار الدولة من خلال فكره الأوحد. كما يتوجب الاعتراف بأن هؤلاء الأساتذة ساهموا في تحريف وإقصاء أحداث ووقائع تاريخية، فضلاً عن تمجيد وقائع تاريخية خاصة برأس السلطة، كل ذلك في محاولة لاسترضاء السلطة ودغدغة عواطف رأس النظام. لقد كانت كتاباتهم تمجد رأس السلطة، فهو حسب وجهة نظرهم هو الذي يمتلك مهارات التفكير، وهو الذي لديه أكثر بكثير مما يراه الآخرون على السطح، وبالتالي أصبح دائمًا على صواب، وبهذا، حسب وجهة نظرهم، أصبح رأس النظام أكثر تقديسًا. كما ساهموا في محاولات الإقناع، إلى وقت قريب، بأن وجود رأس السلطة هو السند الحقيقي لحماية المجتمع من أيّ أعداء محتملين، وأصبح شعارهم "رأس النظام دائماً على حق". ومن أراد التفاصيل أكثر وأعمق فيستطيع أن يعود إلى الأسماء والكتب فيستزيد.
عمومًا، فإننا نروم من وراء كل ذلك أن نفهم ظاهرة استخدام الفكر كأداة تأثير على الوعي المجتمعي لتعزيز الاستبداد. وهذا يعني أن المسؤولية الأخلاقية للأساتذة الذين ساهموا في تعزيز الفكر الاستبدادي وتأصيل الهيمنة بحاجة إلى تأملًا عميقًا.



#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)       Hussein_Salem__Mrgin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لورشة عمل بعنوان -تطوير أساليب وطرق منهجية البحث ...
- صوت النخبة نحو إعادة التأثير في الشأن العام الليبي
- قراءة نقدية لكتاب معتقل الحصان الأسود – أحزان من المعتقل الس ...
- إعادة هيكلية التعليم العالي الخاصة في ليبيا - الإكراهات ومقت ...
- أبعاد عملية الطوفان الأقصى
- طوفان الأقصى: تغيير العقلية العالمية نحو القضية الفلسطينية
- تحديات الاستثمار الزراعي في المناطق القبلية : مفارقات اجتماع ...
- الأفكار كأداة للتغيير في المجتمع
- نظام ما بعد التفاهة
- مفارقات الأمومة بين الأمس واليوم
- تبادل الأدوار في النسيج الليبي: عندما يصنع الرجال ملابس النس ...
- إعادة التفكير في دور علم الاجتماع : منظور نقدي وتقويمي
- تعزيز العافية الشخصية والمجتمعية من أجل جودة ورفاهية الحياة
- الأزمة الصامتة بين ليبيا والدول المجاروة حول المياه الجوفية
- الجامعات وصناعة قادة المستقبل.
- التعليم في ليبيا : تحديات يومية متزايدة ومتنامية
- دروس من الأردن: كيف بنت كوريا الجنوبية نظامها للبحث العلمي
- الجامعات الليبية : الأولوية الأساسية : جودة التعليم أم التصن ...
- قراءة نقدية : للمؤتمر الدولي العلمي الأول الموسوم ب( توظيف ا ...
- تحديد مفاهيم الأخلاق الأكاديمية والاخلاق الجامعية وتوجيهها ن ...


المزيد.....




- شاهد حفرة تتشكل وتبتلع طريقًا فجأة.. وحافلة تنجو من كارثة مح ...
- ماذا يحصل لملابس المشاهير بعد ارتدائها على السجادة الحمراء؟ ...
- كاليفورنيا تشتعل: حرائق مدينة بوربانك تلتهم المنازل وتجبر ال ...
- كيف ينظر الأمريكيون العرب لسياسة ترامب المتوقعة تجاه إسرائيل ...
- بعد مسيرة حافلة.. ديشان يقرر الرحيل عن منتخب الديوك
- هل يُسهم تغير المناخ في زيادة الزلازل؟
- باريس تؤكد فرار 55 عسكريا أوكرانيّا من التدريب في فرنسا
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1460 عسكريا أوكرانيا خلال 24 ...
- مقاتلات إسرائيلية ترسم دوائر وأشكالا هندسية في سماء لبنان (ص ...
- إيران تطلق سراح الصحفية الإيطالية سالا


المزيد.....

- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - الأفكار ودورها في تأصيل نباهة الاستحمار