أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - معضلة الحكم














المزيد.....

معضلة الحكم


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 17:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دائما ما تكمن المعضلة السياسية لدى شعب من الشعوب في حكامه وطريقة الحكم وطبيعة نظامه. فإذا كان الحاكم أقل شأنا من شعبه فإما أن يطرده من الحكم أو ينجح الحاكم في قمعه إلى حين لأنه لا يمكن له أن يحكم إلا بالقمع. أما إذا كان الحاكم في مستوى شعبه الثـقافي فالأرجح أن يتمكن من تسيير الأمور وفق المتوسط أو أدنى بقليل ولكن يحافظ البلد على السلم الإجتماعي،أما أن يتطور البلد فذاك يلزمه فعلا حكومة من الحكماء الذين يتمتعون بمعرفة فلسفية واقتصادية وسياسية عميقة، وبتدريب واقعي عملي في شئون الحكم يمر به عبر الإرتـقاء في الوظائف التي يشغلها في الدولة. هنا، تكون وظيفة الحكم عمليا تحقيق الأمن الاقـتصادي والأمن على الحياة بما هي أساسا حياة إنسانية كريمة. و الحاكم متى ما تعلقت همته بالثروة والسلطة فإنه يستعمل السلطة لتحقيق أغراضه تلك أكثر من استعمال السلطة في توظيفها لخدمة الشعب، فهو إما أن يكون وضيعا في الأولى وبالتالي أدنى من مستوى الشعب ومستوى مشروعية الحكم لأن خلق الحكومات يأخذ شرعيته من مصلحة جماعية في التـنظم و طيب المعاش و تحقيق الأمن بكل أبعاده، وإما أن يكون حاكما عظيما يخلده شعبه، والحاكم العظيم هنا هو وفق ما قال السيد المسيح : " ليكن أعظمكم خادما لكم".
أفلاطون يخاطب الحكماء اللذين سيحكمون الدولة قائلا: " سنقول لهم بأن الذهب والفضة يحصلون عليهما من الله، و بأن المعدن الأسمى قداسة من ذينك، إنما هو في داخلهم، ولذلك فأنتم لستم بحاجة إلى تلك الحثالة الأرضية التي تحمل اسم الذهب، وينبغي عليكم ألا تدنسوا الإلهي بمزيج أرضي، وذلك لأن ذاك المعدن الشعبي كان دافعا إلى الكثير من الأفعال غير المقدسة، لكن معدنكم يجب أن يكون طاهرا غير مدنس...".
وطبعا فمع أفلاطون نكون أمام نصوص زاخرة للغاية بالمعاني والأفكار العميقة وإن كانت ذات إيجاز. هذه الفقرة من كتاب الجمهورية برغم قصرها إلا أنها طافحة بسناءات النور. فالحاكم هنا يجب أن يكون أقرب إلى الله منه إلى الطبيعة البشرية الغير أصلية أو فطرية بذاتها والمتمثلة في عشق الذهب. هذا المعدن الذي يحافظ على بريقه الأصفر ويحقق فكرة الخلود ملموسة هو في حقيقته مظهر حسي فقط لفكرة الخلود، وتعلق الإنسان به وجعله ذا قيمة عليا في التداول مما جعله محددا لقيمة الثروة دنست فكرة الخلود في ذاتها لأن الذهب ليس إلا مظهر حسي وبالتالي التعلق به هو تعلق بالمظهر فقط وليس بالحقيقة، وبالتالي فهو يحقق وهما في الخلود وليس الخلود الحقيقي، وقد قال القرآن ذلك استنكاريا بقوله أن صاحب المال يعتـقد أن أمواله ستخلده. وفكرة الخلود متعلقة بالروحي أو الإلهي في الإنسان مما تعني السمو الأخلاقي وضبط الغرائز والارتـقاء المعرفي والفكري إلى درجة محو الاستكبار بما هو عبادة الأنا وتـقديس فكرة الكرامة الإنسانية في ذاتها وبالتالي التعامل وفق ما قال الفيلسوف "كانط" : " يجب أن يُحاط كل إنسان بالاحترام بوصفه غاية مطلقة في ذاتها، وإنها لجريمة تٌـقـترف ضد الكرامة، وهذه حق الإنسان بوصفه إنسانا، أن تقوم الدولة باستعماله كمجرد وسيلة لتحقيق بعض أغراضها ".
وماذا ينتج عشق الذهب والثروة والمال القائم على توهمية الخلود؟ إنه لا يُنتج غير التكالب على المال والعيش في قلق، كما تسير الروح معذبة في جحيم "دانتي" تتلوع، ولا تترتب عنه سوى الرغبة في التـنافس وافتـكاك ما يملكه الآخرون و الحسد والغيرة والعيش في حرب دائمة مع الحياة وكأن الحياة مجرد ملعب في مصارعة الثيران يكون فيها الكل هم الثور المقتول في الغالب. يعني افتـقاد الحياة لمعناها ومغزاها كارتـقاء لتكون عقيمة عبثية. هذا العقم الإنساني إذ به يخلق فلسفة العبث كتعبير عن واقع عبثي نتيجة الحروب في القرن العشرين. حروب الصراع على النهب. حروب صراع اللصوص.
كتب الفيلسوف كانط قائلا: " إننا إذا قارنا ما ضربته عصور البربرية من أمثلة على قسوتها، بالسلوك الا إنساني في عصور المدنية، وخاصة سلوك الدول التجارية من دول قارتـنا، فعندئذ ستملأ المظالم التي اقترفتها تلك الدول، حتى حين تماسها الأول بالأقطار والشعوب الأجنبية، قلوبنا بالهول والرعب.
فتلك الدول كانت تعتبر مجرد زيارة سفنها لشعوب أجنبية كتلك، بمثابة فتح وغزو... وحالما اكتـشفتها، كأنها بلدان لا أهل ولا سكان، وذلك لأنها ترى أن السكان الأصليين لا قيمة لهم أو وزن، وقد اقترفت هذه الجرائم كلها وهي تـتـبجح بتـقاها و ورعها، والتي وهي تعب من خمرة المظالم والشرور كأنها تعب من الماء، ترغب في أن يعتبرها الناس على أنها الشعوب المصطفاة ومن أتباع الدين القويم".
يتحدث كانط عن المدنية الأوربية الاستعمارية، وهو وصف لحقيقتها إلى اليوم برغم تطور الوعي التنويري الإنساني فيها كموسيقى وأدب وفلسفة.إنها المعضلة السياسية التي لم يصل الإنسان إلى حلها حلا جذريا وذاك الحل استرشد له ذاك الفكر العملاق منذ أكثر من ألفي سنة والمقصود طبعا العظيم أفلاطون. الحاكم يجب أن يكون نزيها عن الذهب و طلب الذهب، ويكون متساميا مترقيا إلى الله في نزاهته ليكون الحكم وفق مبدأ حفظ الكرامة الإنسانية مثلما قال العظيم "امانوئيل كانط". فصفة العظمة تكون مقترنة بالارتـقاء نحو حقيقة الوجود الحقيقية والتـنزه عن مظاهره الوهمية..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفق تجاوز الصراع الحضاري
- سقوط الأسد
- النشوة الحارقة للذاتية المتعالية
- بين الغربين
- طوفان الأقصى
- خرافية - اسحاق نيوتن-
- المُثقف المقيت
- جمالية القوة السياسية
- لماذا خُـلق الإنـسـان في القرآن؟
- الإنسان المتحول صرصارا
- في الثورة الإيرانية
- مشروع دسترة الثورة التونسية
- في تهنئة رئيس الجمهورية - قيس سعيد- بعيد الفطر
- في تأصيل فكرة الإشتراكية
- أي اشتراكية نريد؟
- الشمس
- البوط
- الصورة
- الفراشة
- آه يا عراق


المزيد.....




- حماس ترفض الاقتراح الإسرائيلي وتقول إن تسليم سلاح المقاومة - ...
- -بلومبرغ-: واشنطن تُعرقل إصدار بيان لمجموعة السبع يُدين الهج ...
- ما الذي يحدث في دماغك عند تعلم لغات متعددة؟
- الأردن يعلن إحباط مخططات -تهدف للمساس بالأمن الوطني- على صلة ...
- أبو عبيدة: فقدنا الاتصال مع المجموعة الآسرة للجندي عيدان ألك ...
- في سابقة علمية.. جامعة مصرية تناقش رسالة دكتوراة لباحثة متوف ...
- الإمارات تدين بأشد العبارات -فظائع- القوات المسلحة السودانية ...
- ديبلوماسي بريطاني يوجه نصيحة قيمة لستارمر بخصوص روسيا
- الحكومة الأردنية تكشف تفاصيل مخططات كانت تهدف لإثارة الفوضى ...
- -الحل في يد مصر-.. تحذيرات عسكرية إسرائيلية رفيعة من صعوبة ا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - معضلة الحكم