عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 16:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحرب جولات وجولات المهم من ينتصر أخيرا فالتهديم سهل أما البناء صعب جدا فقد قالوا إن الإخوان سيحكمون مصر لألف سنة لكن هيهات فكما وقع في مصر وتونس يمكن أن يقع في سورية وهذا متوقع لأن الغزاة لهم ماضي غير مشرف ولا يقبل به إنسان عنده ذرة وعي وعقل ثم إنهم لا يفقهون في السياسة شيئا وهناك أمامهم مطبات كثيرة جدا، التمويل -وجود أطراف مختلفة ومتناقضة والتي ليس لها نفس التوجهات والرؤى- التدخل الخارجي وخاصة من طرف تركيا التي تريد الاستحواذ على ثروات البلاد وجعل سورية إيالة عثمانية تابعة - التوجهات الإسلامية الواضحة لتطبيق الشريعة المتشددة مثل ما يقع في أفغانستان وهذا قد يكون له رد فعل قوي من طرف المجتمع المدني الذي عاش طويلا في ظل التسامح الديني المعتدل ويعطي للمرأة حريات كبيرة وسيكون لتطبيق الشريعة على النمط الطالباني رد فعل اجتماعي لا يستهان به خاصة في ظرف صعب من المعيشة وشح الموارد وعدم الثقة. فهل هؤلاء جاؤوا فقط لتغيير رأس النظام والذهاب لتكوين دويلتهم في إدلب أو القيام بغزوات قادمة في بلدان أخرى أو لتغيير المجتمع برمته بالقوة؟ فالمخطط الأمريكي قد استعمل المتطرفين دينيا كجيش مآجور منذ الثمانينات في أفغانستان ثم في الدول العربية مستعملا المال الخليجي والأيديولوجيا الدينية مرة ضد السوفيات الشيوعيين ومرة ضد الأنظمة الكافرة ومرة ضد الدول المستبدة وهكذا وبهذا تجنب أمريكا نفسها التضحية بجنودها وميزانيتها وتربح كثيرا من وراء هذه العمليات ببيع السلاح لهذه التنظيمات من المال المتدفق عليها من الغنائم التي تحصل عليها بقوة السلاح ثم تقوض وجود الدول المنافسة مثل الصين وروسيا والإتحاد الأوروبي ومن يدفع الفاتورة هي الدول العربية المشتتة والضعيفة والتي تتآمر على بعضها البعض فتصبح تابعة وذليلة للقوى المتنفذة كسوق مستهلك لما ينتجه الغرب من سلاح ومواد وتكنولوجيا. وما يسمى بالربيع العربيى في 2011 هو أمر مخطط له بعناية وما وقع في سورية هو مواصلة العمل بنفس الطريقة مع اختلاف بعض التفاصيل ليس إلا لأن سورية فلتت بأعجوبة ونجت من تغيير النظام لكنها حوصرت بشدة وسقوطها مسألة وقت فقط والدليل ما وقع أخيرا بحيث لم تقع معارك تذكر بين الجيش والمرتزقة. فالمهم بالنسبة للغرب هو صناعة دول فاشلة ووجود أنظمة تابعة ومطيعة تخدم مصالحها واستراتيجيتها وهذه الطريقة الناجحة والمجربة ستطبق أينما كان الأمر ضروريا في جميع أنحاء العالم وذلك خدمة لاستراتيجية جيوسياسية تمكن أمريكا البقاء في ريادة العالم لسنوات طويلة قادمة ومزاحمة اللاعبين الكبار وعلى رأسهم الصين والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟