أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية واحترام















المزيد.....

التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية واحترام


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8216 - 2025 / 1 / 8 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إبراهيم اليوسف


تمر بلادنا بمرحلة مفصلية، حيث تزداد الحاجة إلى التكاتف والتعاضد بين أبناء الشعب الكردي من جهة، وبينهم والشعب السوري عامة. في خضم هذه الأوقات الصعبة التي تتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف، يصبح من الطبيعي أن تظهر آراء متناقضة وأحيانًا متباعدة في ظل الظروف المعقدة. ولكن ما يزيد الأمور صعوبة هو تحول بعض النقاشات إلى ساحة من الشتائم والاتهامات المجانية، التي لا تسهم في الحلول بقدر ما تزيد من الانقسام والفرقة.
المؤسف في هذا السياق هو أن هناك من يتجه نحو التشهير، ويختار تجاوز الحوار النقدي البناء إلى الهجوم الشخصي. هناك من لا يكتفي فقط بطرح رأي مخالف، بل يتخذ من هذا الاختلاف ذريعة لإطلاق شتائم خارج معجم الأدب وعبارات لاذعة تفتقر إلى الأمانة الأخلاقية. وقد لمسنا هذا النوع من السلوك في الأيام الأخيرة، عندما شنّ كاتب هجومًا على كاتب آخر بسبب عبارة وردت في مقال لي. فبدلاً من الحوار حول مضمون الفكرة أو طرح نقد بنّاء، أخذ الموضوع منحى شخصيًا، وأصبح الهدف هو إهانة الآخرين وتقليص مساحة الاختلاف.
الغريب في هذا الهجوم أن صاحبنا لم يتوقف عند نقطة النقد الفكرية أو الثقافية، بل اتجه إلى اتهام أكثر من مائة كاتب شاركوا في بيان موجه إلى السيد أحمد الشرع بـ"المنافقين". وهو وصف رخيص وغير مسوغ، يعكس خللاً في تقدير المواقف. ترى: هل من المقبول أن يتحول الحوار السياسي والفكري إلى ساحة لاستعراض القوة على حساب قيم الاحترام والتقدير؟ هل من الممكن أن يتحول الاختلاف الفكري إلى سبب للتهجم على كرامة الآخرين واتهامهم بأبشع الأوصاف؟
البيان الذي وقعه 170 كاتبًا، منهم أكاديميون ومثقفون من مختلف التوجهات، لم يكن مجرد تظاهرة سياسية أو موقف عابر. بل كان تجسيدًا لرؤية مشتركة لمرحلة سياسية حساسة، ومُعبّرًا عن قناعات حرة لا تتبع أية أجندات خارجية أو محلية. البيان لم يكن تعبيرًا عن دعم لأي جهة بعينها، بل كان خطوة نحو تأكيد الموقف الكردي المشترك، وإبراز القضايا الإنسانية في ضوء التطورات الحالية في سوريا.
لكن ما أثار الاستغراب هو أن بعضهم اختار التركيز على تفاصيل هامشية، مثل عبارات "السيد" و"المحترم" الموجهة إلى شخص الشرع، وهو ما كان بمثابة إشارة تحترم البروتوكولات المتبعة في العلاقات الدولية. إن هذا التركيز على التفاصيل الصغيرة لا يخدم أبدًا مضمون البيان، بل يحرف الأنظار عن الأسئلة الكبرى التي تطرحها المرحلة. السؤال الذي كان ينبغي أن يُطرح هو: ماذا نقدم لشعبنا الكردي في هذه المرحلة؟ كيف نساهم في بناء مستقبل سوريا على أسس العدالة والحرية؟
الكاتب الذي شن الهجوم لم يقتصر على ذلك، بل وجه إساءة شخصية إلي، رغم أنني كنت من أوائل الكتاب الذين انتقدوا السياسة الحالية للقيادة الجديدة. النقد الذي وجهته كان تعبيرًا عن رؤيتي الشخصية لما يجري في بلدنا، ودعوة لتحمل المسؤولية في مواجهة التجاوزات بمختلف درجاتها. إن الانتقاد البناء لا يهدف إلى تدمير الأشخاص، بل إلى تعزيز الأفق الفكري والثقافي، ويجب أن يُسحب من الدائرة الضيقة للصراعات الشخصية.
من المؤسف أن يتم اللجوء إلى الشتائم والتشويه، خصوصًا في هذه المرحلة التي يتطلب فيها الأمر الهدوء والحوار. نحن بحاجة إلى مناخ يتيح لنا التعبير عن آرائنا بحرية، لكن من دون اللجوء إلى الإساءة أو الطعن في كرامة الآخرين. إذ يتعين علينا أن نتذكر دائمًا أننا في مرحلة حساسة، وكل كلمة نكتبها أو نقولها يجب أن تكون مسؤولة. نحن نكتب وننقد من أجل بناء، لا من أجل الهدم، أو البهلنة أو الاستعراض الذين ليس مكانهما-هنا- ولم يقم بل ولن يقوم هؤلاء بممارستها خارج بلد القانون
على الرغم من هذه التحديات، هناك إشارات تبعث على الأمل. ففي الوقت الذي لا يتوقف فيه بعضهم عن مهاجمة كل صوت مختلف، فهناك العديد من الكتاب الذين يكتبون بشجاعة ويواجهون التحديات بوعي. ولا بد لنا من الاعتراف أن الاختلاف ليس عيبًا، بل هو سمة من سمات المجتمعات الحية. ويجب ألا نُخضع اختلافاتنا الفكرية لظروف الهجوم الشخصي أو التهديدات اللفظية. بل يجب أن ننطلق من هذه الاختلافات لبناء قاعدة من الحوار والنقد البنّاء.
والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح: لماذا لا نتحاور بشكل نقدي حول ما يجمعنا بدلًا من التركيز على ما يفرقنا؟ لماذا لا نرفع لغة الحوار إلى مستوى يُخدم فيه قضيتنا الكبرى، قضية شعبنا الكردي؟ الفضاء الذي نعيش فيه اليوم يعج بالصراعات والآلام، ويجب أن نتذكر أن أولوياتنا يجب أن تكون واضحة: تحسين واقعنا ومواجهة التحديات المزدوجة التي تواجهنا، من القمع الداخلي إلى التدخلات الخارجية.
إنني أدعو إلى أن يكون الحوار بيننا أكثر وعيًا ونضجًا، فليس من بطل أسطوري بيننا يستطيع محو سواه، عبرماكتبه، أو ما قدمه من نضال سابق، إذ إنني- مثلاً- نشعربأية عقدة تجاه أحد من هؤلاء. ومن هنا، فإن علينا أن نركز على الأفكار لا الأشخاص، وعلى الحلول لا المشكلات. بدلاً من السعي إلى فرض رأي واحد، فإنه يجب أن نتقبل تعدد الآراء وأن نعمل معًا على إيجاد الحلول التي تخدم شعبنا وقضيتنا. الشتائم المشينة التي هي ليست دليل عافية وثقافة وتربية أخلاقية لدى صانع الوعي- الكاتب- وحتى ابن الشارع، لا تبني مجتمعًا، بل تزيد من التوتر. أما الكتابة المسؤولة. الكلمة المسؤولة االلتين تتسمان بالاحترام المتبادل، فهما اللتان تقويان دعامات المجتمع وتقرب المسافات بين المختلفين.
دعوتي لكل الكتاب، بغض النظر عن توجهاتهم، أن يتحملوا مسؤولياتهم الأدبية والأخلاقية في الكتابة. نحن الكتاب لم نكن يومًا في ساحات مصارعة، بل نحن أصحاب رأي وصوت، نعبر عن آرائنا عبر مقالاتنا وأفكارنا. وعلينا أن نتجنب السقوط في فخ الشتائم البذيئة التي تليق بقطاع الطرق والبلطجية والجلادين، وأن نتذكر أن كرامة الإنسان هي أغلى ما يمكننا الحفاظ عليه.
أجل. إننا من خلال النقد المسؤول والكتابة المدروسة-فحسب- يمكننا أن نبني مساحة مشتركة تتيح لنا جميعًا التعبير عن آلامنا وآمالنا، والعمل معًا من أجل تحقيق غدٍ أفضل لشعبنا الكردي وسوريا التي نحلم بها.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد السوريون وخياراتهم: واقع معقد وآفاق مفتوحة
- ثقافة العنف بين إرث السلطة ودوامة الحرب2/2
- تشكيل الحكومة المؤقتة: خيارات خاطئة وتحديات المصالحة والبناء ...
- مفاهيم تُعيد إنتاج الاستبداد: قراءة نقدية في رؤى المرحلة
- التطرف بأشكاله: حرب مفتوحة على الكُرد وبيان من 170 كاتباً-1
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى السيد أحمد الشرع
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى الشرع
- الإرث الدموي في سوريا: كيف نعيد بناء المجتمع؟1/2
- سوريا بين الماضي والحاضر: أي مستقبل نريد؟ في إطاراستعادة وطن ...
- سوريا المتناثرة بين ثورتين: هل تحتاج كتابة الدستور ثلاث سنوا ...
- صمت المثقف السوري: محاولة قراءة في موقف النخبة من التحولات ا ...
- إنها مقومات حرب أهلية: مقدمات بغددة دمشق
- السوريون والخطط الوهمية: سيرومات الوهم
- دمشق الجديدة والمعادلة الصعبة
- هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟
- اللصوص يسرقون من اللصوص بوتين والأسد كمثالين
- الخطاب الشعبوي: صناعة الوهم واستدامة الكارثة-2-
- الخطاب الشعبوي كردياً: محاكاة ومحاكمات
- في شؤون وشجون “الموفد الكردي” الموحد إلى دمشق
- الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة


المزيد.....




- ترجف من الإرهاق.. إنقاذ معقد لمتسلقة علقت أكثر من ساعة في -م ...
- تمنّى -لو اختفى-.. مخرج -Home Alone 2- يعلق مجددًا على ظهور ...
- جوزاف عون يتحدث عن مساعي نزع سلاح حزب الله: نأمل أن يتم هذا ...
- ثنائي راست وتحدي الكلاسيكيات العربية بإيقاعات الكترونية
- -من الخطأ الاعتقاد أن أكبر مشكلة مع إيران هي الأسلحة النووية ...
- عراقجي: زيارتي إلى روسيا هي لتسليم رسالة مكتوبة من خامنئي إ ...
- تصاعد أعمدة الدخان فوق مدينة سومي الأوكرانية بعد غارات بمسير ...
- المرسومً الذي يثير القلق!
- دورتموند يتطلع لتكرار أدائه القوي أمام برشلونة في البوندسليغ ...
- عاصفة رملية تخلف خسائر زراعية فادحة في خنشلة الجزائرية (فيدي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية واحترام