مثنى إبراهيم الطالقاني
الحوار المتمدن-العدد: 8214 - 2025 / 1 / 6 - 21:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهدت الساحة العراقية مؤخراً تصاعداً في ظاهرة التسريبات الصوتية، التي باتت أداة غير أخلاقية تستخدم في تصفية الحسابات الشخصية والسياسية، ما يهدد بنسف أسس الديمقراطية والمجتمع القيمي.
هذه الظاهرة تعكس تراجعاً خطيراً في منظومة الأخلاق العامة، وتؤسس لما يمكن وصفه بـ”الشمولية القاتلة”، حيث يصبح الجميع عرضة لانتهاك خصوصياتهم، مما يؤدي إلى حالة من فقدان الثقة والخوف المتبادل.
لا شك أن المواطن مسؤول عن خطابه وسلوكه في المجال العام، فالكلمات التي تُقال في هذا الإطار تُحاسب أخلاقياً وقانونياً، أما في المجال الخاص، فيجب أن تبقى الحرية مكفولة لكل فرد للتعبير عن آرائه ومشاعره بحرية دون خشية تسريب أو انتهاك.
الحديث في المجال الخاص هو مساحة للتنفيس الشخصي، سواء كان مع الذات أو مع من يُؤتمن على هذه الخصوصية، وأي تدخل في هذا الفضاء يعد اعتداءً صارخاً على حرية الفرد وكرامته.
إن تسريب التسجيلات الصوتية وسرقتها لا يُمكن اعتباره سوى جريمة أخلاقية تهدف إلى تشويه السمعة أو تحقيق مكاسب شخصية وسياسية، هذه الممارسات تدفع المجتمع نحو انحدار خطير، حيث تصبح الأخلاق العامة رهينة للأهواء الشخصية والرغبات الانتقامية، مما يؤدي إلى خلق مناخ اجتماعي خانق يفتقر إلى الأمان والثقة المتبادلة.
عندما تنتشر التسريبات الصوتية كظاهرة في المجتمع، فإنها تعمل على تقويض الديمقراطية، التي تعتمد على حرية التعبير والتداول السلمي للأفكار والآراء، بدلاً من أن تكون الديمقراطية أداة لتمكين الأفراد وتحقيق العدالة، تسير في اتجاه معاكس، حيث تُستخدم هذه التسريبات لتكميم الأفواه وتصفية الخصوم.
لمواجهة هذه الظاهرة، يجب تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل وحماية الخصوصية بين أفراد المجتمع، إلى جانب تشديد العقوبات القانونية على مرتكبي جريمة التسريب الصوتي، خصوصاً مع تزايد هذه الظاهرة التي اطاحت بمسؤولين عراقيين من مختلف أجهزة الدولة.
كما يتعين على مؤسسات المجتمع المدني والإعلام توعية المواطنين بخطورة هذه الظاهرة، والعمل على إعادة بناء الثقة التي تزعزعت نتيجة هذه الممارسات.
#مثنى_إبراهيم_الطالقاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟