أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار سعدون البدري - ((نجاحات واخفاقات الدستور العراقي لسنة 2005 في حل الاشكاليات السياسية ))















المزيد.....


((نجاحات واخفاقات الدستور العراقي لسنة 2005 في حل الاشكاليات السياسية ))


عمار سعدون البدري

الحوار المتمدن-العدد: 8214 - 2025 / 1 / 6 - 17:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكون الدستور في تجارب الدول التي تسير في ركب الديمقراطية هو الضامن لحلّ الإشكاليات السياسية التي تواجه النظام السياسي، إلا أنه في تجربة العراق، على العكس من ذلك، بات الدستور العراقي الذي كُتب في عام 2005 جزءاً من المشكلة وليس الحل! وأصبح حجر عثرة أمام أيّ محاولة لتجاوز الصفقات والتوافقات في تشكيل السلطات التنفيذية وحل جميع الاشكاليات التي تواجه المجتمع العراقي.
الأزمات السياسية عندما تكون نتاجاً لديناميكية سياسية تعبّر عن رغبة اجتماعية لتصحيح مسار الحكم وتحاول تغيير شروط اللعبة السياسية تكون نتائجها إيجابية في تصحيح مسار علاقة النظام السياسي بالمجتمع والقوى الفاعلة فيه. لكن عندما يكون الدستور جامداً وعصيّاً على الاستجابة لتلك التغييرات، تكون النتيجة البقاء في دوامة الأزمات العصية على الحلول.
أن الدستور حمل الكثير من الثغرات التي بدأت مساوئها تنكشف اليوم نتيجة لأسباب عدة، أبرزها تدخل سلطة الغزو في وقتها، وإصرار القوى السياسية المتنفذة على تحويل رغباتها إلى مواد دستورية، فضلا عن العامل الزمني الذي كان يدفع باتجاه الإسراع في وضع دستور.أن كتابة الدستور جرت بطريقة عاجلة، وتضمنت أخطاء ونواقص كثيرة، من بينها أنه لم يميز بين المقترح والتشريع، كما وقعت أخطاء لغوية وإملائية ونحوية، فضلا عن النواقص البنيوية حيث توجد أكثر من 25 مادة ختمت بعبارة "وينظم ذلك بقانون"، وهذا دليل على النقص الحاد في التشريعات التي جعل بعضها تشريعا سائبا ، اضافة الى ان هناك الكثير من الأمور لم يعالجها، لا سيما المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها التي ألحقت فيما بعد، فضلا عن 3 مواد أخرى ألحقت بالدستور بعد إقراره.
وقد كتب الدستور في ظروف بالغة التعقيد، وتحت ضغط الاعتداءات الإرهابية، ووجود الاحتلال الأمريكي، ومقاطعة انتخابية من بعض المكونات، وخوف المتصدين للعملية السياسية من شبح النظام الدكتاتوري السابق. ومع ذلك خرج الدستور ليحمل مضامين مهمة شكلت الحد الأدنى من التوافق بين فئات الشعب العراقي، ومنطلقاً لبدء مسيرة بناء الدولة، وصياغة الأمة العراقية العتيدة؛ إلا أن تجربة السنوات الماضية من العمل التشريعي والقانوني المتراكم أثبتت أن عجز النظام السياسي وعقمه في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فضلاً عن تلكؤه في تقديم الخدمات للعراقيين يعود إلى الدستور، أو تفسيراته، أو القوانين التي بنيت عليه؛ وبذا صار لزاماً التفكير بجدية أكبر لفتح حوار وطني شامل لتعديل القانون الأساس أو حتى إعادة كتابته من جديد بعيداً عن تلك الضغوط التي أنتجت الدستور الاتحادي للعراق عام 2005.
كان من الواضح منذ البداية أن المطالب الشيعية التي مثلتها أحزاب إسلامية في الغالب، ركزت في مفاهيم الأغلبية ودور الإسلام والأحوال الشخصية لكنهم انقسموا بشأن مسألة تأييد الفدرالية. أما المطالب الكردية فقد ركزت على الفدرالية الإثنية، وتوزيع موارد النفط والغاز، والتوافقية وشكل معتدل من مدنية النظام يضمن الحريات العامة وحقوق المرأة. أما السنة العرب فقد كانت مشاعرهم مركزة بالأساس نحو هوية الدولة العربية، رافضين تعددية النظام، واجتثاث البعث، واللامركزية، وتوزيع الموارد، إلا أنهم لم يعارضوا الفدرالية الكردية دون غيرها.

نجاحات واخفاقات الدستور العراقي:
ان تقييم الدستور تبعا ً لتقييم النظام السياسي وأدائه جدلي للغاية ولا يمكن الحكم بصورة نظرية على نصوص الدستور مع وجود افتراضات باحتمالات مفتوحة النهاية، فقد يكون دستور 2005 نجح في مواضع وفشل في مواضع أخرى و لكن لا يمكن الجزم إن كان تبني ترتيبات مختلفة سيحدث أي فرق.
1. نجاحات الدستور العراقي
• نجح دستور 2005 في تأسيس قواعد نظام ديمقراطي بضمان تمتّع المواطنين بالحقوق السياسية وعلى رأسها حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والإعلام والنشر وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي (م38) وحرية الفكر والضمير والعقيدة (م42) وحرية تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام والخروج منها (م39) وحرية الترشيح والتصويت والانتخاب (م20). كما نجح الدستور في تأسيس حكم برلماني حقيقي لحكومة تستمد شرعيتها حصراً من منح الثقة من قبل ممثلي الشعب الذي هو مصدر السلطات ويفوّضها لنوابه في انتخابات دورية منتظمة.
• قد تكون الديمقراطية التوافقية تدميراً لاحتمالات بناء دولة وطنية قوية وهو ما نتج عنه دستور 2005 بالفعل، و لكنها بالمقابل قد تكون محاولة أخيرة لنزع فتيل التقسيم الذي كان يلوح في أعقاب انهيار الدولة العراقية بالكامل في 2003.
• نجح دستور 2005 في بناء دولة جديدة بالكامل تقوم على أساس الاعتراف بالتعددية والتنوع ، وهو ما كان في المجتمعات العراقية قوميا ً ودينيا ً ومذهبيا ً (م3) له الأثر ا لكبير في طمأنتها بعد التمييز الطائفي والقومي الذي وصل لحد حملات الإبادة الجماعية في قمع الانتفاضة الشعبانية وحملات الأنفال وإعادة الخيار نحو إمكانية الانتماء لدولة مشتركة.
• نجح دستور 2005 في إقامة نظام ديمقراطي قائم على الفصل بين السلطات (م47) مع تحصين النظام البرلماني من هيمنة السلطة التنفيذية بعدم تمكينها من حل مجلس النواب (م64) كما في التجارب الإقليمية القريبة كا لكويت والبحرين . ما أسّس لترسيخ السلطة التشريعية بتسليحها بآليات الرقابة والاستجواب وسحب الثقة من الوزراء و/أو رئيس مجلس الوزراء (م/61سابعا ً وثامنا ً).
• نجح دستور 2005 في ضمان استقلال القضاء والسلطة القضائية (م/19 ) أولا ،ً (م87) بل وغالى في ذلك بصورة مفرطة بما وضعها فوق المساءلة وخارج منظومة التوازن بين السلطات، ونجح نجاحا ً ساحقا ً في تأسيس ثقافة المحكمة الدستورية—التي تأسست في النظام الجديد قبل سنّ الدستور والالتزام بالاحتكام إليها والالتزام بأحكامها(م92) مع ما يعني ذلك من نجاح كبير في ترسيخ ثقافة سمو وعلوية الدستور (م13).
• نجح دستور 2005 فعلا ً في إرساء ثقافة التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات وتكريس مفهوم الشرعية الانتخابية بديلا ً عن إرث عميق من مفهوم الشرعية الثورية التي شرعنت الانقلابات العسكرية في السابق.

2. اخفاقات الدستور العراقي

• أن الدستور فشل تماما ً في تنفيذ جوهر العدالة الانتقالية من المصارحة والاعتراف والتوصّل لإجماع وطني حول إدانة النظام السابق وضرورة تأسيس نظام جديد حتى وإن قام ببعض إجراءات العدالة الانتقالية كمحاكمة ثلة محدودة من رموز النظام (م134) وإعادة بعض الممتلكات (م136)، فقد فشل في تحقيق اجماع وطني حول اجتثاث البعث. وبالمقابل، فشل دستور 2005 في التوصّل لصيغة تطمئن العرب السنة على وجه الخصوص بأنهم ليسوا جميعا ً متهمين بالولاء للنظام السابق.
• الأفضلية في تمكين السلطة التشريعية تسبّبت بصورة مقصودة أيضا ً في إضعاف سلطات الحكومة عموديا ً أيضا ً بعد إضعافها أفقيا ً (بالفيدرالية(، حيث سلبت رئيس الوزراء حق إقالة وزرائه بل وفرضتهم فرضا ً عليه عبر التصويت عليهم منفردين (م/76رابعا ،ً 78) وعبر النظام التوافقي الذي تأسّس مع الصياغة الملتبسة للكتلة النيابية الأكبر (م76) والتي تمّ تفسيرها باستنساخ التجربة اللبنانية ووأد ديمقراطية الأغلبية الطبيعية.
• فشل الدستور أيضا ً في تأسيس جهاز الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي بصورة تضمن استقلاليتهما عن هيمنة القضاة وسلطتهم العليا المتجسّدة بمحكمة التمييز ومحاكم الاستئناف المهيمنة على مجلس القضاء الأعلى، كما فشل في ترسيخ ودعم القضاء الإداري الذي بالكاد أشار إليه وبارتباك أيضا ً ضمن السلطة القضائية (م101).
• فشل دستور 2005 في إصلاح الاقتصاد العراقي وتنويعه وتشجيع القطاع الخاص(م25) والخروج من نظام الدولة الريعية التي كان النظام الدكتاتوري السابق يستغلها لتعزيز قبضته على السلطة وتعزيز سلطويته كنظام استبدادي. ينما تحولت الدولة الريعية في النظام الديمقراطي الجديد إلى نظام زبائني قائم على سياسات التوظيف لشراء الأصوات في ترهّل غير مسبوق للقطاع العام فاقم من إشكاليته كقطاع خامل »منتج« للبطالة المقنعة.
• ساهم الدستور في تحوّل النظام إلى محاصصة حزبية لا مسؤولة في صفقة التغاضي المتبادل عن الفساد السياسي. وهذان العاملان، أي دولة ريعية في نظام توافقي، أنتجا دولة ضعيفة تـتصدّر لسنوات مؤشرات الفساد الإداري في العالم رغم النصوص »الرائعة )م127) التي تضمنها دستور 2005 ورغم آليات الرقابة والمحاسبة التي يتسلّح بها البرلمان ورغم هيئات الرقابة ومكافحة الفساد.
• في موضوع النظام الاتحادي، فشل الدستور في إيجاد صيغة مقنعة . لشراكة عادلة، لأنه فشل في إزالة الخوف الذي سببته عقود من الاستبداد والحكم الشمولي. فقد شجع تقسيم السلطات بدلا ً من تقاسم السلطات عبر خليط هجين بين النظام الاتحادي واللامركزية (المادة116 ) كما خلق شعوراً باللامساواة بين »المكونات«، لأنه منح الأولوية« بناء على مظالم النظام السابق.
• فشل الدستور في تشريع قانون النفط والغاز. فهذان الموردان يمثلان المصدر الرئيسي (%90) لدخل الدولة العراقية. وجاءت لغة المواد المتعلقة بهذه المسألة محيرة (المادتان 111 و112(. وهكذا، عندما أصبحت حكومة إقليم كوردستان مستقلة في استغلال النفط وتصديره، كانت النتيجة الحتمية هي إجراء استفتاء على استقلال الإقليم عن العراق. وهذا يمثل ذروة في إخفاق دستور 2005 في ضمان وحدة العراق ( المادتان 1،109).
• إن السياقات التي كتبت بها الدستور العراقي واستعماله مصطلحات غريبة عن الفقه القانوني مثل (المكونات)، فضلاً عن التجربة التطبيقية أثبتت أن النظام السياسي الجديد يراعي مصالح الجماعات الكبرى (شيعة، وسنة، وكرداً) وليس مصالح المواطنين بعيداً عن انتماءاتهم وهوياتهم الفرعية، مرسياً قواعد المحاصصة الطائفية والإثنية وإن لم يتبنّ ذلك صراحة.
• أضف إلى ذلك أن التجربة التطبيقية للدستور أثبتت أن من كتبه أغفل كثيراً عن الظواهر المعتادة في الأنظمة السياسية مثل: عدد نواب رئيس الجمهورية، أو وضعية استقالة رئيس الوزراء، أو حتى الكتلة التي تشكل الحكومة في حال خلو منصب رئاسة الوزراء، وغيرها من الحالات، عززتها تفسيرات مبهمة للمحكمة الاتحادية أحياناً، وغريبةً على الفقه الدستوري أحيانا أخرى، التي بدت متأثرة بالظروف النفسية السياسية المعقدة التي أحاطت بالتجربة العراقية السياسية منذ 2003 حتى الآن.
• إن الدستور لم يتطرق بشكل مباشر إلى ما يتعلق بالأحوال الشخصية، وترك ذلك للبرلمان، إلا أنه شجع على التنافر العرقي بذكر المكونات في أكثر من مادة.
• أن المعضلة الرئيسية اادستور تكمن في عدم تطبيق نحو 57 مادة، خاصة المادة 140 التي يطالب فيها الأكراد بالمناطق المتنازع عليها في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى.

3. دواعي تعديل الدستور العراقي

• وضع رؤية كاملة للخروج من حالة “الجمود السياسي”: الاتجاه لتعديل الدستور في الوقت الراهن يهدف إلى وضع “رؤية كاملة” لتعديل البنود الدستورية التي تسببت على مدار الأعوام الماضية في تفاقم الخلافات بين المكونات السياسية العراقية، ومن ثمّ المساهمة في إجراء عملية “تداول السلطة” في بلاد الرافدين بدون أية أزمات تعرقلها، والتخلّص من حالة “الجمود والانسداد السياسي” التي أثرت سلباً على بلاد الرافدين منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، والتي تظهر بشكل مستمر عقب إعلان نتائج الانتخابات النيابية، والتي كان آخرها في أكتوبر 2021، فوقتها أعلن زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر” بعد حصول تياره على أغلبية الأصوات اعتزاله العمل السياسي وذلك بعدما فشل في تشكيل حكومة أغلبية قوية
• إن عجز النظام السياسي حالياً عن تعزيز السيادة العراقية وحمايتها، وتقديم الخدمات للمواطنين، والمستويات المقلقة للفساد والابتزاز في مختلف مؤسسات الدولة، ترافق مع زيادة الوعي الجماهيري ونشوء جيل جديد من الشباب الرافض للسياقات التي كتبت بها الدستور الدائم. وكشفت تراكم الاحتجاجات النخبوية والشعبية والحزبية منذ 25 شباط 2011 حتى اليوم، عن ضرورة التفكير الجاد بإحداث تغيير جوهري يمس أساسات النظام السياسي الحالي، يؤمّن نسبة أعلى من التمثيل في النظام السياسي، وتوزيعاً أكثر عدالة للثروات، وتطبيقاً أشمل لقانون بالتساوي على جميع المواطنين.
• لقد آن الأوان للتكفير حول الخطيئة الكبرى في كتابة دستور 2005، بتركيز الحديث على ضرورة البدء بتعديله وإعادة النظر في تأسيسه لنظام سياسي لا يُعبّر عن عقد اجتماعي، وإنما يُعبّر عن رغبة طبقة سياسية لم تكن مؤهلة للممارسة لكتابة دستور دائم. إذ لم يعد مبرراً التمسك بدستورٍ يعترف الجميع، حتّى مَن ساهموا بكتابته، بِعَدَم صلاحيته لِلبقاء، وبات عائقاً أمام أي محاولة لإصلاح النظام السياسي.
• وجوب تعديل الدستور يجب أن يستحضر فشلَ تطبيق النظام البرلماني في دولةٍ اقتصادها ريعي، ونظام مجتمعها أبوَي. والذهاب نحو نظام شبه رئاسي يُنتخَب الرئيس من قبل الشعب مباشرةً وتكون الحكومة مسؤولة أمامه وأمام مجلس النوّاب بعيداً عن وصاية زعماء أحزاب السلطة. وتصحيح التشوّهات في النظام الفدرالي الذي أسس لنموذج دولة داخل دولة.

4. التحديات الرئيسة التي تواجه تعديل الدستور العراقي
هناك جملة من التحديات ستظل عائقاً أمام تحركات الحكومة العراقية لتعديل الدستور، منها ما يلي:-:
1. الخلاف القائم حول تنفيذ المواد الخاصة بالتعديل الدستوري: توجد بالعراق مادتان معنيتان بتعديل الدستور، هما المادة 126، والمادة 142. تنصّ الأولى على أن إجراء أي تعديل للدستور يكون من خلال اقتراح مشترك من قبل رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو من قبل خُمس أعضاء مجلس النواب، وفي هذه الحالة يتطلب تشكيل لجنة مكونة من مختلف التيارات السياسية في أول انعقاد للبرلمان ثم تعرض اللجنة خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر التعديلات الدستورية المقترحة على مجلس النواب، وتشترط الحصول على موافقة (ثلثي) أعضاء البرلمان العراقي المكون من 329 نائباً، وبعدها تعرض التعديلات للاستفتاء الشعبي العام.وفي حال تمت الموافقة عليها تعرض على رئيس الجمهورية للمصادقة عليها خلال سبعة أيام، وهذه المادة مرفوضة من قبل إقليم كردستان الذي يرى أنها تنتزع من سلطاته وتمنحها للسلطات الاتحادية في بغداد، ولذلك تم تدشين المادة (142) وتتضمن شروط المادة 126 ذاته ولكن أُضيف إليها شرط آخر لإرضاء كردستان متعلق بمنح (حق الفيتو) لثلاث محافظات (بمعنى أن لا يرفض التعديلات ثلثا المصوتين بثلاث محافظات عراقية من الثماني عشرة محافظة)، وفي حال رفضوا تكون جميع التعديلات “باطلة وملغاة”، ولذلك بعد إصدار المحكمة الاتحادية العليا (أعلى محكمة في العراق) عام 2017، حكماً ينص على أن تعديل الدستور لا يمرر إلا وفقاً للمادة 142، ومن وقتها والعراقيل تواجه أي حكومة تريد تعديل الدستور.
2. رفض حكومة إقليم كردستان انتزاع سلطاتها الدستورية: منذ إعلان استقلال إقليم كردستان العراق في سبتمبر 2017، وصدور المادة 142 (يعتبرها بعض الخبراء الدستوريون مادة دخيلة على الدستور العراقي)، وحكومة الإقليم تتخوف من أي تعديلات يُمكن أن تُسهم في إنهاء وضعها “الفيدرالي الدستوري”، ومن ثم خسارتها للثروات النفطية بمدينة كركوك المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
3. عرقلة القوى السياسية العراقية لتنفيذ بعض مواد الدستور: إن من أبرز التحديات التي لا تزال تعوق أي محاولة لتعديل الدستور حتى الآن، هو الفشل في تطبيق الدستور ذاته من قبل بعض القوى السياسية العراقية والتي لطالما تفاخرت بذلك، إذ إن دستور 2005 الذي شاركت به مختلف الجماعات السياسية والدينية والعرقية والطائفية، لا يتم الالتزام بأحكامه في أوقات عدة؛ بل تستبدل تلك القوى بعض بنود الدستور التي لا تتماشى مع أهدافها بتمرير تشريعات أخرى تخدم مصالحها.
4. ضرورة توافر موارد مالية وإجراءات لوجستية لعملية تعديل الدستور: إن العراقيل التي تواجه عملية تعديل الدستور ليست مقتصرة فقط على توافق مختلف القوى السياسية العراقية، بل تحتاج إلى موارد مالية هائلة لتنظيم عملية “استفتاء شعبي”، بجانب إجراءات لوجستية وفنية تضمن إجراء عملية تعديلات دستورية نزيهة وذات شفافية، خاصةً أن الدستور العراقي مصنّف بأنه من “الدساتير الجامدة” التي في حال تعديلها ينبغي تنفيذ إجراءات طويلة ومعقدة نسبياً لمرورها بمراحل عدة حتى يصل إلى عملية الاستفتاء الشعبي.
الخاتمة:
إنّ إجراء الحكومة العراقية تعديلاً على الدستور في الوقت الراهن ليس بالأمر السهل وفقاً لما أكده عدد من المختصين العراقيين بالشؤون الدستورية، الذين وصفوها بـ”عملية شبه مستحيلة”، إذ لا تزال الخلافات السياسية تسيطر على أبرز القوى العراقية، الكردية والسنية الشيعية، فكل منها يسعى للحصول على أكبر قدر من المكاسب حتى لو على حساب تحريف نتائج العملية الدستورية لصالحها، وعليه فإن هناك دعوات بضرورة إشراك الشعب ومنظمات المجتمع المدني المختلفة في عملية تعديل الدستور حتى يسهل تمريرها، وعدم اقتصار الأمر على النخبة الحاكمة أو على حزب سياسي بعينه، ومنح الشعب العراقي بأكمله مساحة أوسع للتعبير عن أولوياته لدفعه للاهتمام بهذه العملية التي في حال نجاحها فستُحدث تغييراً إيجابياً في البلاد.



#عمار_سعدون_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهاك السيادة الوطنية في ظل الاتفاقية الأمنية العراقية- الأ ...
- الانسداد السياسي في العراق: التداعيات والحلول
- العراق وامنه الانتخابي : انموذج انتخابات 2021
- جائحة كورونا مستقبلا مجهول نمضي اليه
- رجل الصحافة خاشقجي ومملكة المنشار
- مؤتمر الكويت لاعادة اعمار العراق بين الواقع والطموح
- أهمية التعايش السلمي في العراق واثره على مؤسساتنا التعليمية
- ويلات المحاصصة السياسية- انموذج المفوضية العليا لحقوق الانسا ...
- واقع حقوق المرأة العراقية في ظل العنف والتحديات الامنية والا ...
- معوقات الأداء الوظيفي في المؤسسات الحكومية
- الإسلام السياسي بطل الحرب العالمية الدينية بامتياز أمريكي
- اردوغان ديكتاتورا شرقيا أصيلا بامتياز
- أخفاق الحلم العراقي في ضم الاهوار والمناطق الأثرية إلى لائحة ...
- اين مجلس النواب من حقوق الطفل العراقي
- اعتصام البرلمان العراقي يعتلي صهوة النفاق السياسي
- مدينة الرمادي اهلا بك في احضان العراق
- النفوذ التركي في العراق الى اين .......
- النفوذ التركي في العراق الى اين .......
- ازمة العراق الاقتصادية: التاثيرات والحلول
- اشكاليات قانون الاحزاب الجديد المخالفة للدستور العراقي


المزيد.....




- بعد مأساة رأس السنة.. موكب -جان دارك- يبعث الأمل في شوارع ني ...
- عسكريون أوكران يتخلون عن زملائهم الجرحى
- -خطر على المجتمع-... كاتب سيرة إيلون ماسك يرجح إصابة المليار ...
- الرئيسة السويسرية الجديدة تتعهد لزيلينسكي بالمساعدة على السل ...
- لجنة -ناغل- التابعة للجيش الإسرائيلي تطلب الاستعداد للحرب عل ...
- الشرطة الأمريكية: مفجر سيارة تسلا عند فندق ترامب استخدم الذك ...
- -حياتنا أهم-.. تقرير عبري يكشف عن مقتل فلسطيني أجبر على مساع ...
- الأثر الكبير لتحرر سوريا على إسرائيل
- ترودو يخرج عن صمته حيال -تهديدات- ترامب
- ترامب في تصريح جديد -محبط لأوكرانيا-.. ماذا قال عن روسيا؟


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار سعدون البدري - ((نجاحات واخفاقات الدستور العراقي لسنة 2005 في حل الاشكاليات السياسية ))