صباح بشير
أديبة وناقدة
(Sabah Basheer)
الحوار المتمدن-العدد: 8213 - 2025 / 1 / 5 - 18:15
المحور:
الادب والفن
صباح بشير:
وصلني من الدّكتور نبيه القاسم، كتاب "راحوا وما عادوا"، وهو يقع في ثلاثمئة وثلاثين صفحة من القطع المتوسّط، خطّه القاسم بمداد الذّكرى، مستحضرا أرواحا غائبة رافقته دروب الحياة الطّويلة، وأشخاصا شاركوه حلوها ومرّها، كانوا بلسما لروحه وشعاعا لفكره، صقلوا شخصيته وأثروا معرفته بما أبدعوا، وبما قرأ لهم في شتّى ميادين العلم والمعرفة، من ثقافة وأدب وفلسفة وفكر وغيرها.
هي أرواح غيّبها الموت، فغدت ذكريات تنبش في القلب أشجانا، وتضيء في الذّاكرة ضياء من الحنين إلى أيّام جميلة مضت.
يقول في مطلع كتابه (ص11): "فجأة تجد نفسك تعاني من فقد الكثيرين، وأنّك تواجه حياة الوحدة، وانتظار دورك لتلحق بالّذين كانوا وسبقوك".
تتمثّل أهمّيّة هذا الكتاب بتخليده ذكرى من رحلوا من أدباء ومفكّرين وشعراء ورموز وطنيّة، وفي تشكيله امتدادا حيّا لحفظ التّراث الفكريّ والأدبيّ للأجيال القادمة، كما يساهم في إثراء الثّقافة الوطنيّة وتعزيز الهويّة العربيّة، ويذكّرنا بأهمّيّة تقدير من أثروا حياتنا بفكرهم وإبداعهم.
يتجلّى صدق الكاتب في كلماته الّتي تنضح بصدق المشاعر وتفيض عاطفة جياشة تجاه هؤلاء الرّاحلين، ينقل لنا بأمانة تأثيرهم العظيم عليه، وكيف ساهموا في صقل فكره وتشكيل وجدانه، يبوح بصدق بمشاعر الألم الّتي تعتصره لفراقهم، دون تجميل أو مبالغة، بل بعفويّة تلامس القلب وتثير الشّجن، وبكلمات صادقة مؤثّرة تعكس صدق مشاعره وحبّه وإعجابه بهؤلاء الأشخاص، الّذين تركوا بصمة لا تمحى في نفسه وحياته.
ذكر الكاتب في هذا الكتاب قامات وأعلام أضاءت سماء الفكر والأدب، منهم، سميح القاسم، راشد حسين، محمود درويش، نجيب محفوظ، شكيب جهشان، إميل حبيبي، إميل توما، حنّا أبو حنّا، فدوى طوقان، عبد الرحمن منيف، كمال جنبلاط، يوسف إدريس، إحسان عبد القدّوس، عارف العارف، خليل السّواحري، سلمان ناطور، عز الدين المناصرة، رشاد أبو شاور، محمد نفاع، حسين مهنّا، أحمد دحبور، وزكريا محمد، وغيرهم الكثير، وهي بحقّ مجموعة لا يستهان بها.
يضيف الكاتب في مقدّمته: "كلّما طالعت صفحات هذا الكتاب، وأبصرت وجوه الأحبّة، أعيد عيش اللّحظات الجميلة معهم، فتغلبني الأشواق، وتسيل دموعي حارقة، أترحَّم على من تركوني لقسوة هذه الحياة وعبثها".
لقد تصفّحت كتاب "راحوا وما عادوا" مسرعة، ولم أتعمّق في قراءته بعد، وأتشوّق للغوص في صفحاته، واستكشاف كنوزه من ذكريات الماضي، والاقتراب من نجومها اللّامعة، والسّير على خطى الكاتب بين لحظات الحنين، ومشاركته رحلة البحث في ذاكرة الأحبّة.
سأقرأه بكلّ شغف، ولا يسعني إلّا أن أشكر الدّكتور نبيه القاسم على هذا الإهداء القيّم.
#صباح_بشير (هاشتاغ)
Sabah_Basheer#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟