أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء والجهاز الرياضياتي ( ابن الهيثم نموذجاً)















المزيد.....



العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء والجهاز الرياضياتي ( ابن الهيثم نموذجاً)


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 20:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المقدمة
تعتبر العلاقة بين علم الرياضيات وعلم الفيزياء موضوعًا لدراسة الكثيرون من الفلاسفة والرياضيين والفيزيائيين منذ العصور القديمة، ومؤخراً أيضًا من قبل المؤرخين والمعلمين. وايضا تعتبر بشكل عام علاقة قوية ومهمة جداً، وقد تم وصف الرياضيات بأنها أداة أساسية وحيوية للفيزياء، ووصفت الفيزياء بأنها مصدر غني للإلهام والبصيرة في الرياضيات.
ولكن ارسطو خالف هذا الأمر في كتابه "السماع الطبيعي" ففي الكتاب أحد الموضوعات التي عالجها أرسطو تدور حول كيفية اختلاف الدراسة التي أجراها علماء الرياضيات عن تلك التي قام بها علماء الفيزياء. وهو بذلك يضع فارقا واختلافا بين الرياضيات والفيزياء، وهو هذا التوجه مشهوراً في تاريخ العلم . ولكن في جانب أخر نجد اعتبار الرياضيات لغة الطبيعة في أفكار الفيثاغورية، وذلك باعتبار الأرقام تحكم العالم وكل شيء رقم، وبعد ألفي عام عبر غاليليو غاليلي أيضًا في «كتاب الطبيعة مكتوب بلغة الرياضيات». عن قوة العلاقة بينهم، وكان هذا الكتاب خير مثال في تاريخ العلم وتاريخ اشكاليات فلسفته.
حيث قال غاليليو "أن الطبيعة كتاب مكتوب بلغة الرياضيات. و إذا لم نستطع أن نفهم تلك اللغة ، سنكون محكومين بالتخبط هنا و هناك كما لو في متاهة معتمة ، وكما هي الحال مع غيرها من الاستعارات ، فإن لهذه الاستعارة وجهين : فهي متبصرة insightful ، و لكن يمكن أن تكون مضللة إذا ما أُخِذت حرفياً . فهي تستولي على إدراكنا أن حقائق الطبيعة مفروضة بطريقةٍ ما علينا ـ أنها مدموغة في العالم ـ و هي تؤكد الدور الأساسي الذي تقوم به الرياضيات في التعبير عن تلك الحقائق" . ( كتاب الطبيعة، 2010).




المبحث الاول: العلاقة التاريخية بين الفيزياء والرياضيات :
إشكالية علاقة الرياضيات بالفيزياء شغلت الكثيرين من العلماء والرياضيين علي مدار التاريخ، وكانت في ذاتها علاقة وطيدة وقوية، وقد لا تحتاج إلي أدلة وبراهين لكي يتم أثباتها، فكل شواهد الاكتشافات العلمية، والتنبؤ في الطبيعة، والتفسيرات العلمية، ومراحل البحث العلمي دليلاً علي الحاجة إلي علم الرياضيات بكافة فروعها المتعددة، حتي يتقدم إلي الامام، وفي هذا السياق يستعرض البحث عدة نقاط، منها مراحل تاريخية للعلم، وكيفية تصور علاقة الرياضيات بالف زياء خلال هذه المراحل، وايضا امثلة متعددة حول هذه العلاقة.
أولا مراحل تاريخية:
هناك تاريخ طويل لعلاقة ترابطية بين علم الفيزياء والجهاز الرياضياتي، منذ بدء العلم في التاريخ البشري، والذي يعتبر تاريخه أقدم من الأنسان نفسه، حيث يقول ج.ج. كراوثر الذي يعتبر من أهم مؤرخي العلم في القرن العشرين "المضادات الحيوية والحاسبات الألكترونية والطاقة النووية والسفر عبر الفضاء. هذه المكتشفات بالغة التطور التي تثير الدهشة والإعجاب قد تبدو للوهلة الأولي كأنها تنتمي لجنس أخر أو نظام مختلف من الوجود لا صلة بإنسان ما قبل التاريخ. غير انها علي العكس من ذلك تمتد بجذورها للجهد الإنساني البدائي فيما قبل التاريخ المكتوب". ( الخولي، 2021، ص11). وخلال هذه الرحلة منذ بدء العلم حتي الآن هناك الكثير من الدلائل علي وجود علاقات جذرية بين عالم الفيزياء والرياضيات ويسعي هذا البحث الي سرد بعض المحطات في ذلك الأطار المهم في فرع فلسفة العلم، واشكاليتاته وتاريخه وإنسانيته.
ومن جانبه أشار الفيلسوف والعالم أوجست كونت إلي إن الفيزياء تعتمد علي الرياضيات، حتي تتطور، وتتقدم إلي الأمام، ووصف الرياضيات بأنه علم بلغ المرحلة الوضعية منذ بدايته، لأنه علم منضبط ودقيق جداً، ولاحظ أن العلم لكي يتطور لابد أن يمر بمراحله الثلاثة، الأولي مرحلة الايمان بالقوة السحرية، ثم المرحلة الميتافزيقية التي يبدو العلام محكوم فيها بالانشطة الكيمائية، ومبدأ الجاذبية، والقوي الحيوية، ثم المرحلة الوضعية، التي لم يبقي فيها للعالم إلا الأحداث التي ليس لها شرح، أو تفسير يمكن تقديمه، وواجب العلم أن يكتشف القوانين التي تتفق مع الاحداث، وأن اي علم يمر بهذه المراحل الثلاثة. ( جينز، 1981، ص19) وحتي في تصنيفات العلوم وفقاً لأوجست كونت، من كيمياء وفلك، وفزياء ورياضيات، تلاحظ مجئ الرياضيات وراء الفيزياء في الترتيب.
والعلاقة بين الفيزياء والرياضيات علاقة ضرورية، خاصة في احتياج علم الفيزياء اليها، فالفيزياء في معرفة ابعاد حقائقها تحتاج الي المنطق والرياضيات والارقام والنسب، ذلك من جانب، ومن جانب أخر، فمنطق التفكير العقلي، وادرك المعرفة والحقائق بالنسبة للذات والانسان، تظهر علاقة الرياضيات بالفيزياء، وذلك فيما يتعلق بعلاقة الانسان بالعالم الخارجي، والداخلي، فإدراك العقل الانساني يحتاج الي هذين العالمين، وهما بالاساس يمثلان الجهاز الرياضياتي المتمثل في العالم الداخلي العقل، والحواس والطبيعة التي تمثل العالم الخارجي وهو عالم الفيزياء.
وفي هذا السباق, يقول جيمس جينز " عندما ينمي إنسان محتواه العقلي فإنه يكتسب معرفة جديدة، وهذا يحدث عندما ينشأ اتصال بين العالمين الموجدين علي جانبي اعضاء الحس، عالم الافكار في عقل الإنسان المفرد، وعالم الأشياء الخارج عن عقول الأفراد وهو مشترك النسبة لنا جميعاً، ودراسة العلوم تزودنا بهذه المعرفة الجديدة، فالفيزياء تزودنا بمعرفة دقيقة لأ،ها مبنية علي قياسات دقيقة، والفيزيائي قد يعلن مثلاً أن الوزن النوعي للذهب 19,32 وهو يقصد بهذا أن النسبة بين وزن قطعة ما من الذهب إلي ما يماثلها حجماً من الماء هي 19,32 وقد يقول إن طول موجة الخط هذ في طيف ذرة الهيدروجين 0,000065628 من السنتميتر ومعني هذا أن النسبة بين طول موجة الضوء ه1 الي السنتميتر هي 00,000065638 ويكون تعريف السنتيمتر أنه جزء محدد من قطر الأرض، أو اطول قضيب معين من البلاتين أو مضاعف محدد لطول موجة أحد خطوط الطيف لعنصر الكدميوم، هذه الأقول تدخل معرفة حقيقية في عقولنا، لأ، فكرة الأرقام وفكرة النسب، مألوفتان لعقولنا، وهكذا تحدثنا هذه العبارات عن أشياء جديدة في لغة قابلة للفهم" ( جينز، 1981، ص21). ويوضح لنا جينز هنا مدي وجود لغة الرياضيات في الفيزياء، وفي اختبار ومعرفة ظواهر واكتشافات الطبيعة.



اولا المرحلة العلم القديم
كان اﻷﻗﺪﻣﻮن اللذين ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ في العلم وفي الطبيعة وفي امور الدنيا يذهبون لفحص ﻃﺒﺎﺋﻊ اﻷﺷﻴﺎء وﺣﻘﺎﺋﻖ الموجودات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜـﻞ ﻓـﻲ ﺧـﺼـﺎﺋـﺼـﻬـﺎ اﻟـﺬاﺗـﻴـﺔ الجـﻮﻫـﺮﻳـﺔ المشتركة بين أفرداها، ويستهدفون ﺑﺒﺤﻮﺛﻬﻢ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻠﻴﺔ واﻟﺴﺒﺒﻴـﺔ، اﻟـﺘـﻲ ﺗﻘﻮم بين اﻟﻈﻮاﻫﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ واﻟﺒﻌﺾ. وذلك باتباع صيغ القياس والتكميم، والتأكيد علي اهمية الطابع الكيفي ذو صبغة العلية، دون الاستعانة بالقوانين الثابتة العقلية، او الحسابات الرياضية ( الطويل،1985، ص8). ويشير هنا توفيق الطويل إلي اتجاهات العلم في العهد القديم، وهي العصور ما قبل العلم الحديث والكلاسيكي وفيزياء نيوتين، وكان عصر يتسم بمبدأ الجبرية، وهو يقترب من مبدأ الحتمية الذي وجد مع العلم الحديث، ولكن هناك فرق بينهم في المعني والاصطلاح وفي علاقتهم بالظواهر العلمية، والعلم والطبيعة، وهذا العهد وفقا لحديث الطويل، لا يهتم بالدقة والحسابات الرياضية بشكل مباشر، او حسب قوله لا يهتمون بذلك، ولكن خلال هذه الفترة وجد علماء اهتموا بترييض الفيزياء، ودخول الرياضيات في عمق علم الطبيعة والفيزياء، والاكتشافات العلمية، والبحث في امور الكون، مثل ارخميدس، وابن الهيثم، وأخرون.
وبناءا علي ذلك كان العلم خلال هذا العالم القديم متباطئاً، وكان به بدايات العالم الحديث، ولكن ليس بسرعة وقتنا المعاصر في الاكتشافات العلمية، وتقول فيلسوفة العلم د. يمني الخولي " لقد سار العلم القديم بمعدلات تقدم متباطئة للغاية، خصوصاً إذا قورنت بالوضع في العلم الحديث، لأن البحث العلمي ذاته كان نشاطاً مشتتاً مبعثراً، ملحقاً بالإحتياجات العلمية المباشرة في العهود السحيقة، ثم بالكهنوت في الحضارات القديمة وبالفلسفة في الحضارة الإغريقية وبالإطار الديني في حضارات العصر الوسيط. وحتى الحضارة الإسلامية التي رأيناها تحمل لواء البحث العلمي آنذاك، لا يمكن فهم الحركة العلمية فيها بصرف النظر عن توجهها نحو الإلهيات، والذي صنع الملامح الخاصة للطبيعات الإسلامية في العصر الوسيط.( الخولي، 2017) .
ويمكننا القول هنا وجود مؤشرات حول العلاقة بين الرياضيات والفيزياء خلال هذا الفترة، ولكنها لم تكن واضحة للعيان، ولكنها كانت موجودة، عند البعض بشكل بارز، وكانت الرياضيات تتطور والفيزياء تتطور ولكن بمعزل عن بعضهم البعض.
وفي هذا العهد القديم ايضا تم اكتشاف نقوشاً بدائية علي جدران كهوف أثرية متوغلة في أعماق التاريخ، قد دلت علي أن رموز الاعداد اخترعت قبل اختراع حروف الكتابة، وهي رموز قديمة تم اكتشافها في جزيرة حاواة بأندونيسيا، وهي رموز لا تتجاوز الأشارة إلي عدد أصابع اليد، وذلك دليلاً علي أهمية الرياضيات في تطور العلم، وفي المنهج العلمي، ويقول العالم ج. كراوثر " محاولات أسلافنا الساذجة في استخدام الحجارة هي التي قادت عبر مئات الالاف السنين ما يتصف به علمنا اليوم من كمال، فالجهد الذي بذله أسلافنا الأوائل للتنسيق بين أفعالهم البصرية وحركات أيديهم، والذي هو نوع من النشاط العلمي التجريببي، وإن كان في صورة بدائية، كان أحد أسباب نمو المخ، والذي عن طريقة تحول الإنسان تدريجياً من الحيوانية إلي الإنسانية، إذن العلم_ بمعني ما_ أقدم من الإنسان." ( الخولي، 2017، ص80).
واذا حللنا جيداً حديث كراوثر سنجد ان هناك استخدام للعدد والرقم والرياضيات، ولكن ليس في شكل معقد او منهجي كما هو العلم الحديث، ولكن ما يناسب أنها بدايات العلم، واول سلم مجد الاكتشاف العلمي والحضارة الإنسانية، وسعي الانسان نحو الرقي، فهناك تزواج بين المخ والتجربة، والمخ به مكون العقل الذي حتميا يستخدم الفعل الرياضي، والتجربة التي تمثل اليد واستخدام الحجارة والبحث في الطبيعة من اجل سد احتياج الانسان، وهو صورة بدائية جداً وغير واضحة لتأزر علم الفيزياء والجهاز الرياضياتي التي وصل إلي أوجه مع غاليليو وابن الهيثم وارخميس، والكثيرون من العلماء. وتعليقا علي حديث كراوثر السابق ، تشير د. يمني الخولي إلي " أن كراوثر يطرح المنهج العلمي في بواكير التحاور بين المخ والمعطيات الحسية والخبرات التجريبية او بين الدماغ واليد، وتصويبها وتعديلها عبر ألية المحاولة والخطأ، وأثر ذلك علي تطور المخ ليبلغ المرحلة الإنسانية. ومن هذا المنظور تكون المحاولات البدائية للعم، أقدم عهداً من إنسانية الإنسان بل ومؤدية إليها. وقد أسرف كارل بوبر في تبيان أن التحاور بين الفرض والاختبارات التجريبية، أو بين الدماغ واليد عبر ألية المحاولة والخطأ، جوهر المنهج العلمي. ( الخولي، 2017، ص80).



ثانيا مرحلة الفيزياء الكلاسيكية
يهمنا أن نفهم تطورات العلم منذ القدم، حتي نستشف العلاقة التاريخية بين الرياضيات والفيزياء، وقد يمكننا القول إن العلم الحديث تمثل في تطور علم الفيزياء في العصر الحديث، وكان العلم قبل هذا العصر اي قبل القرن السادس عشر مشتتا مبعثرة، ملحقا بالكهنوت والاحتياجات العلمية في الحضارات القديمة، وبالفلسفة في الحضارتين الكلاسيكية والوسيطة . واتسم العلم في عصر النهضة بصفة التقدم والاستقلال وصنع لنفسه مفاهيم ونظريات وقوانين ومفاهيم الطاقة والعلية وقوة الدفع والجذب، فكانت له صفة الحواس والعقلانية،وكان التطور الأبرز اتسامه بالتعبير الرياضي الدقيق . (الخولي، ٢٠١٩, ص47).
وقد تميز العلم بخصائص استقرائية خلال هذه الفترة فيما يتعلق بالعلوم التجربيبة، وذلك خلال الفترة 1600 حتي القرن العشرين، حيث كانت نظرية نيوتن بمثاليتها المعرفية والمنهجية هي الاطار السائد حيث كان المنهج التجربيبي التقليدي الذي يبدأ بالملاحظة ويصعد منها الي الفرض، ( الخولي، 2017، ص39-94). وايضا تميز العلم بملامح بالعقل واليقين، والايمان بالنظريات والمذاهب، وواحدية النظرية او المذهب، والثقة في الانسان والاستقرار وانتصار الانسان، وقرن الذات والجوهر الفاعلة المتعالية علي السياق والتاريخ، والتنوير والعقل وانفصال الانا عن الموضوع . ( كون، 1992، ص7).
وكل هذه الملامح والصفات للعلم الحديث والكلاسيكي، توضح لنا أهمية دور الانسان والعقل البشري، في الاكتشافات العلمية، وفي علم الفيزياء وتطوراته، والتحكم فيه، ولعل ذلك يؤكد لنا علي أهمية الرياضيات في علم الفيزياء والعلم بشكل عام، فقوانين نيوتن، وحسابات حركة الكون والفلك، ونظريات غاليليو ونظريات ابن الهيثم، كلها ترسمت ابعادها بحسابات ومعادلات رياضية.
بالإضافة إلي أن العالم يوهانس كيبلر قام باكتشافه لقوانين مدارات الكواكب عام 1609 وحسابها بالرياضيات، تلاه إسحاق نيوتن في قوانين الجاذبية عام 1687م، كما ذكرنا حول نيوتن حيث اعتمد علي الحساب والتكامل. بعد ذلك بدأت قوانين الكهرومغناطيسية في الظهور علي يد العالم جيمس كلارك ماكسويل، وقام بتطويرها بمساعدة الرياضيات عام 1865. وكانت هذه نظريات علمية وفيزيائية أدت الي او تراكمت علي أثرها زيادة استخدام اكثر بالنظريات الرياضية في الهندسة وفي الفيزياء، والتي بني عليها ألبرت اينشتاين نظرياته، نظرية النسبية العامة.
والعلم الحديث قد منح مع جاليليو شكل الحداثة والتطور، وصورة متكاملة من التنظير والتطبيق للمنهج التجريبي، وذلك ايضا بالتكامل مع الصورة الرياضية للعلم، وهو ما اعطي لعلم الفزياء في العصر الكلاسيكي وعصور النهضة والحداثة فكرة الرياضيات التطبيقية، أي الاتجاه نحو التعليم العملي، وليس التعليم النظري ( الخولي، 2021).
وتقول د. يمني طريف " أن جاليليو يلتقط الخيط العملي التطبيقي، وبفضل قواه المبدعة الخلاقة في الرياضيات والتجريب معًا، يتجلى سرّ أسرار تقدم العلوم الطبيعية وهو أنها نتاج توشج قطبين هما لغة الرياضيات الدقيقة ووقائع التجريب الصلبة. التآزر المثمر بينهما، هو الأساس المكين لتعملق الفيزياء والعلم في أثرها. وبينما أكدّ أرسطو أن الرياضيات علم السكون والفيزياء/الفيزيقا علم الحركة، وبالتالي لا علاقة بينهما البتة، يقف جاليليو على رأس الثالوث الذي أهدى للبشرية جوهرة ترييض العلم الطبيعي: أرشميدس في العلم القديم، والحسن بن الهيثم في العلم الوسيط، وجاليليو في العلم الحديث". (الخولي، 2021).
ومن أخطر من لفت نظر جاليليو، في نظرياته العلمية، وايضا في أهمية الرياضيات، والتي تعتبر من اخطر المبادئ في العلم الحديث، هو تفرقته المشهورة بين خصائص الأجسام الثانوية وخصائصها الأولية. هذه التفرقة من أخطر مُحدثات الحداثة. ويذكر جاليليو أن الخصائص الثانوية هي الكيفيات التي تخاطب الحواس كالألوان والملامس والأصوات والطعوم والروائح، قال عنها إنها: ” ليست من العلم في شيءٍ البتة، لأنها ذاتية وغير حقيقية . أما الخصائص الأولية فهي الكميات الرياضية كالأبعاد والحجوم والأوزان والسرعات . (الخولي، 2021).
قدم العالم يوهانس كيبلر اكتشافه لقوانين مدارات الكواكب عام 1609 وحسابها بالرياضيات، تلاه إسحاق نيوتن في قوانين الجاذبية عام 1687م، حيث اعتمد علي الحساب والتكامل. بعد ذلك بدأت قوانين الكهرومغناطيسية في الظهور علي يد العالم جيمس كلارك ماكسويل، وقام بتطويرها بمساعدة الرياضيات عام 1865، وتبع ذلك استخدام النظريات الرياضية في مجالات الهندسة ، والتي بني عليها ألبرت اينشتاين نظرياته، نظرية النسبية العامة.

ثالثا مرحلة العلم المعاصر وثورة الكوانتم
تميز العلم في وقتنا الحالي بالتمازج بين الرياضيات والفيزياء، خاصة مع مرحلة العلم المحدث المعاصر منذ العام 1900، وما تلاه منذ أن تفجرت ثورة النسبية والكوانتم التي احدثت انقلابا في مثاليات المعرفة العلمية، وذلك تماثل مع انقلاب في نظرية المنهج التجريبي بيحث انه يبدا من الفرض ويهبط منه إلي الملاحظة والواقع التجريبي فيما يعرف بنظرية المنهج الفرضي الاستنباطي لقد انتقلت نظرية المنهج التجربي من الاستقراء الي المنهج الفرضي الاستبناطي . ( الخولي، 2017، ص39-94).
ولدي الفيلسوف توفيق الطويل رؤية واضحة، حول ملامح التفكير العلمي وصفات العلم الطبيعي في عالمنا المعاصر، حيث يقول " ﻳﺮاد اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻛﻞ دراﺳﺔ ﺗﺼﻄﻨﻊ ﻣﻨﻬﺞ الملاحظة الحسية واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌـﻠـﻤـﻴـﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ممكنة وﺗﺘﻨﺎول اﻟﻈﻮاﻫﺮ الجزئية ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ الحس، وﺗﺴـﺘـﻬـﺪف وﺿـﻊ قوانين ﻟﺘﻔﺴﻴﺮﻫﺎ. ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ وبين ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ، وﺻﻴﺎﻏﺔ هذه اﻟﻘﻮانين ﻓﻲ رﻣﻮز رﻳﺎﺿﻴﺔ، وذﻟﻚ ﻟﻠـﺴـﻴـﻄـﺮة ﻋـﻠـﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻹﻓﺎدة ﻣﻦ ﻣﻮاردﻫﺎ وﺗﺴﺨﻴﺮ ﻇﻮاﻫﺮﻫﺎ لخدمة اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ الدنيا. ( الطويل،1985، ص8).
وقد شهد القرن العشرين، نقلة ثورية في العلم، تمثلت في ثورة الكوانتم ونسبية اينشاتين، وقد سيطرت الكوانتم علي مجالات العلم في هذا القرن، وقد اتسمت بعدم التأكد وعدم اليقين، وازالة مبدأ الحتمية، وخاصة عند العالم فيرنر هيزنبرج والعالم شروندجر بما يسمي بقطة شرودنجر .( السيد، 2015).
ويلاحظ أن العلاقة بين الفيزياء والرياضيات كانوا في تطور كبير خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي عندما بدأ العالمان ستيفن هوكينج وروجر بترون بتوسيع دراسة الثقوب السوداء، ثم طورا نظريات الاوتار الفائقة في الثمانينيات، وكل ذلك بمساعدة الرياضيات.
وعلاقة الرياضيات بالفيزياء وصلت لأوجها في مرحلة وصول الانسان الي الحريات الكاملة رغم أنها مشكوك فيها، ولكنه حريات كاملة فعلا وسط تحديات وهي مرحلة الانسان المعاصر الحالي، بدون اي ايديولوجيات وحريات الفيديو وصناعة المحتوي، حيث تقبل الاختلاف والتعدد، وذلك بخلاف فلسفات ما بعد الحداثة وفلسفات الوجودية والبنيوية، وهي ثورة الانسان نفسه، بثورة العلم، وثورة الحريات السياسية، والتعبير عن الرأي، وهذه العلاقة الرياضية الفيزيائية، هي علاقة الانسان بذاته، وجاءت في وقتنا الحالي، متمثلة في ثورة الكوانتم، ومنطق الغائم، والاختراعات الالكترونية، ووسائل الراحة والرفاهية، أصبح العقل الرياضي يعمل في العلم والفيزياء.
وفي هذا السياق يمكننا ذكر بعض الملاحظات ذكرت في دراسة هامة جادة، وهي رسالة ماجيستير ذكرت فيها الباحثة اسراء السيد، أن الفيزياء المعاصرة، وثوراتها المتعددة من المنطق الغائم الي ثورة الكوانتم، تعاملوا مع الرياضيات علي أنها محض أداة لا تستخدم إلا وفقاً لضوابط معينة، تحددها لها الفيزياء بحسب احتياجها منها. فأصبحت الرياضيات علم يفيد العلوم الأخري، بعد ما كانت عبء مفارق للواقع المادي. ( عبد المجيد، 2022، ص147).
وزيادة استخدام او تواجد اللغة الكمية في تناول العلم والطبيعة وتطورات الفيزياء، و اللغة الكمية هي الرياضيات كما قلنا، قد تثير بعض الاضطرابات والمواقف السلبية لدي بعض العلماء والمفكرين والفلاسفة فأنها ليست بالايجابية، وأنها ليست موقفا ايجايبا في دعم فكرة " تأزر وترابط عالم الفيزياء والجهاز الرياضياتي"، وهو المنحي الهام في تاريح تطور العلم والفيزياء والطبيعة، و الاسهام في مزيد من الاكتشافات العلمية، فهم يرون الكثير من النقد السلبي لهذا التواجد الرياضاتي في عالم الفيزياء، فيعرض فيلسوف العلم كارناب، موقف ملتبس للعالم كورت ريزلر في كتابه المعنون " الفيزياء والواقع"، حول اللغة الكمية، واللغة اليومية، أن العلم ملتبس الآن حول اختفاء اللغة اليومية، ومصطلحات الحياة وصور الواقع، وتمثلات الانسان في الكون، فاللغة العملية الان اصبحت كمية، فليس هناك اتفاق حول اللغة اليومية الكيفية، وبينما هناك اتفاق علي لغة رياضية كمية للوصول الي اتفاق او معني أو حقيقة ما.
ويؤكد ريزلر علي فقدان الانسان لذاته ولهويته، حيث كان يعني بحديثه أن العلم الحديث من وجهة نظره قد تخلص نهائياً من الإنسان، وأنه قد تناسي وأهمل كل الجوانب شديدة الأهمية، المتعلقة بالمعرفة الإنسانية، وبالإنسان نفسه، ويقول ريزلر "لا شك أنك فخور بأنك عثرت علي حقيقة موضوعية، وذلك بالتخلص من كل الزنجي والأسكيمو. وأنني لأسلم بأهمية ما قد أنجزته. وأسلم أيضا بأنك لم يكن في مقدورك أن تشيد الاتك المدهشة دون التخلص من كل من الزنجي والاسيكمو. ولكن ماذا عن الواقع والحقيقة؟ أنك تماثل بين الحقيقة واليقين. ولكن الواضح أن الحقيقة ترتبط بالوجود، أو قل " بالواقع". قد تكون للحقيقة درجة عالية من اليقين، كالحقيقة في الرياضيات. ولكن صلتها بالواقع منخفضة جداً. وماذا عن درجة حرارتك ال 50 ؟ لأنها صادقة بالنسبة لكل من الزنجي والاسكيمو، تطلق عليها اسم الحقيقة الموضوعية. أما بالنسبة لي فأن حقيقيتك الموضوعية هذه تبدو بائسة وهزيلة إلي أبعد حد. فهي ليست سوي علاقة ارتباط بين درجة الحرارة وتمدد زئبقك، ولا علاقة بالبتة لهذه الحقيقة بالزنجي أو الاسكيمو. فهي لا تتعلق بشئ سوي بملاحظ مجهول". ( كارناب، الأسس الفلسفية للفيزياء، ص143-144).
وكان ريزلر في حديثه السابق كان يعلق علي مثال قياس درجة الحرارة، عن طريق الدرجة نفسها، دون الالتفات الي ساخن وبارد، او صفات وكيفيات رجل زنجي ورجل الاسيكموا، من نفس الدرجة في نفس البقعة، لان العلم لا يعتبرها تدل علي شئ، او لا تؤدي الي اليقين، فكان المثال حول " إذا كان يوم معين باردا بالنسبة لزنجي وحارا بالنسبة لأحد الأسكيمو، فلا يمكن حسم الخلاف بينهما إلا اذا تم الالتجاء إلي الترمومتر الخاص بدرجة الحرارة المئوية، ويوضح ريزلر، قائلاً " هو أننا لا نتفق في لغة الحياة اليومية الكيفية علي كلمات مثل "حار"، و"بارد". فإذا وصل أحد الاسكيموا من جرينلاند إلي البقعة التي تكون عليها درجة الحرارة 50، فإنه سوف يقول ": "إن هذا اليوم حار نوعا "، أما الزنجي الذي يصل من افريقيا الي نفس البقعة فأ،ه سوف يقول : أنه يوم بارد ".
وهنا يقصد ريزلر أنه علي العلم إلا يركز فقط علي المفاهيم الكمية، ويهمل كل تلك المظاهر التي تبدو في الطبيعة، والتي لا تحتمل أن تتحول إلي صياغات دقيقة عن طريق الرموز الرياضية. ( كارناب، الأسس الفلسفية للفيزياء، ص46). وحديث ريزلر يدل علي مأزق كبير للعلم وفي غاية الخطورة، وقد لا يتفق معه كارناب كلية اذا فسر ريزلر في حديثه علي أن مقصده بأن اللغة الكمية للعلم تغفل بالفعل كيفيات معينة، ولكن كارناب اكد في كتابه الأسس الفلسفية للفزياء أنه يتفق معه اذا كان مقصده هو التحذير من أن العلم ينبغي عليه أن يحترس من عدم اهمال أشياء معينة. ( كارناب، الأسس الفلسفية للفزياء، ص147).
ولكن الأمر يتعلق هنا بالبحث عن مخرج اذا صح كلام ريزلر، والباحث قد يتفق مع ريزلر، ولكن ليس في المجمل، فالعلم المعاصر له اثر بالغ السوء فيما يتعلق بحصار الانسان وليس من مبدأ الحرية والحركة، ولكن من ناحية الدقة الزائدة والتنظيم، او بمعني التقنية كما اشار اليها الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر، ومدرسة فرانكفورت، فالعالم والعالم المعاصر، اتاحوا للانسان ذاتيته وحريته، ولكنه افقدوا مدي الحركة والحرية، وهو سلب من نوع اخر متعلق بأثر العلم والوجود بدون قصد منه، او علاقة قصدية للسيطرة علي الانسان، وعدم حريته، كما كان في السابق، وقد نطلق عليه اثار جانبية غير قصدية .
وقد يكون هناك مخرجا فلسفيا لرؤية ريزلر، وهي الاتجاه الفينومينولوجي، ولكن من ناحية علمية بشكل محدد، والفينومنيولوجيا اساسا في اصلها مذهب فلسفي له اتجاه علمي، وليس في المطلق، فهو يدعو الي الخبرة المعاشة والي تفسيرات حياتية لتفاعل الذات مع الموضوع، وهو أن تنطلق منجزات العلم وشدة تقنيتها مع ارادة وحرية الانسان، فليس المقصد هنا في اشكالية الذات والموضوع، او الطبيعة والعقل، وانما الدعوة نحو اثار التقنيات والعلم ان تعيش وتتفاعل في حوار جاد وحيوي مع رغبة الانسان في ال رجوع الي حريته المحددة والمفقودة نسبيا، فالأمر ليس كما اشارت اليه فرانكفورت هو السيطرة التامة علي الانسان والتشيؤ، فهناك دائما حركة ومدي للأنسان، وليس الأمر لدي هيدجر بانفصال الانسان عن الطبيعة، وأنه ذهب للغابات للعيش فيه، ولا يمكننا القول ان تفسيراته خاطئة، ولكنه توضح وبشكل مهم وقوي وضع الانسان وحالة الوجود. وهما ايضا ساعداو في فك طلاسم الوجود والانسان.

وفي السياق ذاته يمكننا القول أن العلاقة بين الرياضيات والفيزياء خلال فترة العلم المعاصر، او كما يطلق عليه ثورة الفيزياء المعاصرة، او ثورة النسبية والكوانتم، والذي تحول افكار علمية ثورية مثل المنطق الغائم، او التقنيات المستحدثة، و مبادئ قوانين مثل مبدأ اللايقين، والقابلية للتكذيب والتطور، والقابلية للاحتمال، كل هذه المفاهيم، توثق او توضح ملامح العلاقة بين الرياضيات والفيزياء، ويمكننا القول أن مبدأ اللايقين اكثرهم وضوحاً وتأكيداً لمعني العلم الحالي، حيث تقول الباحثة اسراء عبد المجيد في رسالتها للماجستير " زاد التأزر بين الرياضيات والفيزياء بعد ظهور الثورة العلمية المتعلقة بسطوع الكوانتم والنسبية، والهندسات اللاإقليدية ومبرهنة جودل، وهي فكرة اللايقين التي حدثت في العلم وفي الفيزياء وحدثت ايضا في الرياضيات، حيث قام الاتجاه التجريبي الذي يمثله جون ستيورات مل برد الرياضيات إلي الانطباعات الحسية.
ويقول رشبناخ " أن العالم الحديث مستعد للتخلي عن النتائج الرياضية أن تؤيدها الملاحظة، فالعلم التجريبي بالمعني الحديث لهذه العبارة، يجمع بنجاح بين المنهج الاستنباطي ومنهج الملاحظة، ونتائجه لا تعد ذات يقين مطلق، بل التعرض لكثير من فرص الاحتمال". ( عبد المجيد، 2022، ص 24)
ونلاحظ هنا تطورات في طبيعة الرياضيات في علاقتها مع الفيزياء خلال هذا العصر بخلاف طبيعة العلاقة خلال فترة اليقين ومبدأ الحتمية، حيث توصلت كل القوانين العلمية ومنها إلي السمة الرياضية حيث اليقين الأمثل، وذلك يعني أن الرياضيات كا نت ذو مكانة أعلي من فترة اللايقين حيث كانت الرياضيات أحساس منطقي ومرجو لدي العلم وذلك للحسابات الدقيقة وعمليات الضبط، وهي فترة اليقين الرياضياتي ( عبد المجيد، 2022، ص29).
وايضا المنطق الغائم، الذي تطرق إلي الاسماع خلال فترتنا هذه وهي الفيزياء المعاصر، وما يتسم به من غموض أو غيامة إلا أن ذلك في مرحلة معنية، والمقصد هنا فيما يتعلق بالغموض الشديد، او حتي عدم اليقين النسبي، حيث يكون خلال فترة الغموض حتي خلال المرحلة المعينة، او بعد ذلك حسابات صور وهياكل وادوات رياضية، عن طريق الرموز، يمكن عن طريقها التعبير عن هذا العالم .( عبد المجيد، 2022، ص147)، وذلك دليل قوي علي زيادة تأزر وترابط الجهاز الرياضياتي مع عالم الفيزياء، ففي خلال غموض عالم الفيزياء والمنطق او في ادق لحظته غموضاً وغمامة، هناك منطق رياضياتي يظبط الأمر...
واجمالاً علي ما سبق يمكن استنتاج عدة ملاحظات هامة، وهي أن طبيعة العلاقة بين الفيزياء والرياضيات خلال فترة العلم الحديث الكلاسيكي وهي فترة مبدأ الحتمية، مختلفة عن فترة العلم المعاصر وهي فترة اللاحتمية وثورة الكوانتم، وميكانيكا الكم، فالرياضيات في علاقتها مع الفيزياء في كلا المرحلتين اختلفت غير تطوراتها في ذاتها بغض النظر عن علاقتها بالفيزياء، وايضا تطورات فروعها المتعددة والمستحدثة منها، وايضا التغيرات في طبيعة الفيزياء في علاقاتها بالرياضيات خلال المرحلتين شئ مهم ويجب ملاحظته جيدا.
الملاحظة الثانية متعلقة بمدي البحث عن إنسانية العلم، او ما هو العلم بالنسبة للذات وللإنسان، فيري الباحث أنه في تطورات العلم إلي الغموض والمنطق الغائم، أو التحول من مبدأ الحتمية إلي مبدأ اللاحتمية أو من العلم القديم إلي العلم الحديث للفيزياء، قد لا يكون هناك فرق كبير إلا في اللفظ، كلمة حتمية، ولا حتمية، أو الفيزياء الكلاسكية، أو الفيزياء المعاصرة، أو المنطق الغائم، واختلاف اللفظ لا يعني ويدلنا علي شئ واضح ومفهوم، سوي تأثير باللفظ وليس بالمعني. ولكن ما يحدث بشكل حقيقي وجاد، هو التطورات في منطق الطبيعية، والكشف عن شئ داخلي وكامن في الاشياء، وذلك نتيجة التطور المادي والاكتشاف وليس عن طريق تغيرات كبيرة في انطولوجيا الوجود والاشياء، والتغير في الكينونة.
فمثلا المنطق الغائم ( المتمثل في الاختراعات التقنية الحديثة جدا، هي موجودة بالكمون في المعرفة والاشياء نفسها، وذلك فيما سبق، وما حدث هو الكشف، أو اعطاء لحظة للاعتراف بها، وهو خطاب فتح الباب لشئ ليعبر عن نفسه، وينطلق دائما، وهو التطبيق الحقيقي لهذا الشئ الكامن لها.


ثانياً صور متعددة لعلاقة الرياضيات بالفيزياء
طرائف غاليليو
أثبت جاليليو بالنظرية الرياضية خطأ اعتقاد أنه لو أُلقي من ارتفاع ما بجسمين مختلفي الوزن فإن الجسم الأثقل وزناً يصل إلى الأرض قبل الآخر، حيث اعتلى برج بيزا المائل وألقى بجسمين مختلفي الوزن فاصطدما بالأرض معاً في نفس اللحظة. بالاضافة إلي هذا المثال علي علاقة الرياضيات بعلوم الحركة والفيزياء، حيث بالنظرية الرياضية تم الوصول الي نتائج حول حركة الأجسام وعلاقتها باوزانها وسقوطها ومدي سرعته، هناك أمثلة عديدة لدي جاليليو، نذكر منها بعض النذير، حتي لا يطيل الكلام والحديث حول هذا الأمر لدي عالمنا الكبير والرائد في علوم الطبيعة والفيزياء والرياضيات. فقد درس حركة البندول واتضح بتجارب علمية له أن دورة البندول لا تعتمد على وزنه ولا على مقدار إزاحته أو تحريكه عن موقع الثبات وإنما تعتمد على طول البندول.
وهناك نموذج تجريبي أخر، ثالث لدي هذا العالم جاء حول دراسته لحركة السقوط الحر من على برج بيزا المائل مع اعتبار استنتاجاته من حركة البندول. وقام بعدة تجارب على البرج المائل حيث يشكل له معملاً مائلاً وكان يختبر سرعة انزلاق كرات من مواد مختلفة. تلك التجارب والملاحظات أوصلته إلى تعيين سرعات تلك الكرات المنحدرة ببطء على منضدة، وتوصل بالتالي إلى دراسة التسريع وتبين له أن التسريع والسرعة شيئان مختلفان، وصاغ السرعة والعجلة صياغة رياضية لأول مرة. (,1998 Youngson)
ونتيجة للتجربة السابقة لجاليليو تأكد لديه بشكل يقيني ومؤكد، أن الطبيعة تجري طبقاً لقوانين يمكن صياغتها رياضياً. وقد سعي في حياته الي تأكيد هذه النظرية، حيث كان له أسهام فلسفي هام جداً متمثلاُ في تفكيك العالم الأرسطي، والقضاء على النظرة الغائية للطبيعة، وقد استبدل العالم الأرسطي بعالم هندسي، أو بعالم إقليدس، وهذا معناه استبدال عالم هرمي ومحدود بعالم مفتوح ولا متناهٍ . وفي هذا السياق، فإن من الطبيعي النظر إلى غاليليو وإسحاق نيوتن كممثلين للعلوم الطبيعية الرياضياتية– الاختبارية، ففي عملهما بدأ علم الفيزياء الجديد يتشكل متنازعاً مع التعليم الأرسطي.( السوفيات، 1979، ص 349 / 356) .
اكتشاف نبتون بمعادلات رياضية
لاحظ في عام 1845م، أن كوكب أورانوس يتحرَّك بشكل شاذ لا يتوافق مع قانون نيوتن للجاذبية. وبعد حسابـاتٍ رياضية مختلفة ، اقترح عالمان هما أوربان لوفيريي وجون آدمز أن حركة أورانوس الشاذة يتسبب بها كوكب جديد لم ينتبه إليه أحد من الفلكيين. ثم أوعز العالمان إلى المراصد الفلكية أن يوجهوا التلسكوبات ناحية جهة معينة من السماء ليروا ذلك الكوكب الجديد. وتم تجاهل الطلب، غير مهتمين بهذ الحسابات الرياضية، ولكن بعد فترة وجيزة، تم اكتشاف كوكب نبتون؛ مما دعا عالم الفيزياء المجري يوجين فاغنر، أن يسمي هذه الظاهرة الفذة، “الفعالية اللامعقولة للرياضيات في الطبيعة". ( البناي، 2019).

قانون نيتوتن
الكثير من الظواهر والاشياء، واجزاء عالم الطبيعة، بل معظمها ، يتبع أنماطاً رياضية معنية، فهناك تنظيم بارع من الخالق الله سبحانة وتعالي في هذا الكون الكبير، لذا الرياضيات لها دور في مزيد من الدقة والضبط، فلو أخذنا على سبيل المثال قانون نيوتن في الجاذبية: القوة بين أي جسمين في الكون تساوي حاصل ضرب كتلتيهما مقسومة على مربع المسافة بينهما، للاحظنا أننا نتحدَّث هنا عن عمليات رياضية، كالضرب والقسمة. ( البناي، 2019).

ثورة اينشتاين
أحدث العالم الفيزيائي البرت اينشتاين الكثير من التغيرات في العلم والنظريات الفيزيائية، فأولاً حول نظرية اقليدس الهندسية التي تنظم وتفسر الكون، واسرار الطبيعة في العالم، تم نقدها من قبل اينشاتين، موضحاً ان الكون لا يتبع هندسة أقليدس، بل يتبع هندسة ريمان المنحنية. ( البناي، 2019). وذلك يدل علي تغيرات في العلاقة بين الرياضيات والفيزياء، ولكن ليس في الجوهر، فالأمر الانتقال من هندسة اقليدس إلي هندسة ريمان، واستمرار ضرورية الهندسة في تفسيرات الكون والظواهر الطبيعية. وايضا تطرق اينشتاين إلي أن الجاذبية ليست قوة كما تصورها نيوتن وكبار علماء الفيزياء والرياضيات من بعده، بل مجرد قوة وهمية ناتجة من انحناء نسيج الكون القابل للانحناء.
وذلك يعني أن طبيعة العلاقة بين الرياضيات والفيزياء، متطورة ومتقدمة، فكلما اكتشفت نظرية مبنية علي العلاقة بينهم، جاءت نظرية متقدمة عنها، وذلك لمزيد من التقدم والتطور، والتجديد المبني علي أسس علمية وطبيعية ورياضية معاً، وهذا التطور والنظريات المتجددة، تفيدنا في تفسيرات الكون علي الوجه الأشمل والأفضل، لأنها تكون وقتها افضل واجدد النظريات العلمية، كما تعبر عن تأزر شقي تمثل الفرد من تصورات عقلية رياضية وتجارب فيزيائية في الطبيعة، فهي تمثل نضج الأنسان، وتعبر عنه وعن إنسانيته، وسعي الحثيث والدائم نحو مزيد من التجديد والاكتشاف والتأمل. كما أن ذلك من جانب أخر يساعدنا علي اكتشاف النظريات من بعضها البعض، ووجود علاقات قوية بين النظريات الأقدم والأجدد، فمثلاً يمكن وجود استنتاج ومقارنة وعلاقة قوية بين هندسة إقليدس ونقضيتها هندسة ريمان، ، ويمكن استنتاج نظرية نيوتن من نظرية آينشتاين، ورغم وجود اختلاقات بينهم.

ميكانيكا الكم
تعد نظرية الكم واحدة من أكثر النظريات الفيزيائية اكتمالاً ونجاحا في كل العصور، وهي مكتملة للعديد من نظريات المجال الكمومي. علي الرغم من أن نظرية الكم هي الأهم في مجال الفيزياء، إلا أنها لا تكتمل دون محاولة ترجمتها إلي رياضيات بحتة، لأن الاهتمام بجميع التفاصيل الصغيرة والاتساق الداخلي هو ما سيجعل النظرية كاملة.

نظرية الاوتار
تعتبر نظرية الأوتار ثورة جديدة في الفيزياء الحديثة، إنها نظرية تشرح العلاقة بين فيزياء الجسيمات المختلفة والجاذبية. وهي تقوم علي مبدأ أن العناصر الأساسية للطبيعة عبارة عن أوتار صغيرة أحادية بسمك صفري، وتوحد هذه النظرية وتدمج المفاهيم الأساسية للفيزياء، لا تزال نظرية الأوتار نظرية غير مكتملة، وليست هدفاً نهائيا، لكن العلماء يريدون البناء عليها وتطويرها إلي ما يسمي نظرية الاوتار الفائقة، وبعد ذلك يتوصل العلماء إلي نظرية نهائية من شأنها حل المشكلات الفيزيائية لفترة طويلة الوقت، وباستخدام التناظر والأبعاد الرياضية الإضافية.

معادلات كلارك ماكسويل
تأتي الرياضيات التطبيقية في أطار الفيزياء النظرية، وتساهم الرياضات في مساعدة الفيزياء أو ظواهر الطبيعة في الوصول إلي حلول بعض المشكلات وتفسيرات الظواهر والوصول إلي قوانين كلية، وإكمال تفسيرات الاشياء والاجزاء التي لم يتم تفسيرها في الظاهرة. ومن أمثلة ذلك الصور البسيطة التي توصل إليها كلارك ماكسويل، وهذه الصور الرياضية كانت من خلال تجارب، وتم التوصل إلي قوانين دقيقة وكل ذلك بعد فشل قوانين الجاذبية في تفسير القوي الكهربائية والمغناطيسية إذا تدخلت حركة خلالهم، إما السكون تستطيع تطبيق قانون التربيع العكسي، وميكانيكا نيوتن، إلا أن الأمر يختلف مع دخول حركة في القوي الكهربائية والمغانطيسية ، وهنا يأتي دور الرياضيات عن طريق ماكسويل، فهي تحل الألغاز بلغة بسيطة وتساعد في فهم متغيرات القوي الكهربائية والمغناطيسية اثناء الحركة ( جينز، 1981، ص 163). ويكون هنا للرياضيات دور في حل المشكلات في عالم الفيزياء، وهي ليست فقط معول أداتي في الفيزياء، او اداة تنظيمية وللضبط، ولكن دائما ما تكون هناك حلول منتظرة من جانب الجهاز الرياضياتي.

الذات والعلم
في عمق إشكالية علاقات الفيزياء بالرياضيات، هناك بعد إنساني، لهذه العلاقة، بل تمثيل لها عند الفرد، او الذات الانسانية، وهذه النقطة تتشابه مع الفكرة المتعلقة بإنسانية العلم التي ظهرت في فلسفة العلم في القرن العشرين، مع الكثيرون ومن ابرزهم توماس كون، وكانت هذه المسألة لها دعوات بإنسانية العلم، والبحث في تاريخه، ووضعه في التجربة الإنسانية، وعدم تناوله بمعزل عن الانسان وثقافته، وايضا التعلم مع العلم والفيزياء والكيمياء والاحياء والرياضيات، بابعاد اجتماعية وثقافية ومؤسسية وسياسية، والبحث عن العديد من التحليلات الثقافية والحضارية للعلم، دون الاكتفاء بتحليله هو او تحليل ابعاده الفلسفية فقط.
فيمكننا القول أن الإنسان أو عقله يدرك الوقائع عن طريق المعرفة، وهي حجم كبير جدا من المعلومات ومن التصورات والبيانات والأحصاءات، وهي تعبر عن واقعة معينة او عدة وقائع، ويتلقي العقل او الأنسان.


ثالثا : اشكاليات نظرية لعلاقة الرياضيات بالفيزياء:
1- الزمان والمكان والرياضيات الفيزيائية
هناك كثير من المفاهيم والتأصيلات النظرية التي تدخل في صلب تفهم علاقة الرياضيات بالفيزياء، وتأتي اولاً اشكالية الزمان والمكان، والرياضيات وعلاقتها بالفيزياء، حيث يشير إيمانويل كانط إلي أن الزمان والمكان إطاران مفطوران في صلب العقل الإنساني الذي يقوم بعملية المعرفة، شكلان قبليان للحساسية، يتم وفقاً لهما ترتيب معطيات هذه الحساسية ومضمون خبرة الإنسان بالعالم الخارجي، أو تجربته. ويدل ذلك أن شرط المعرفة لدي الفيزياء هو وجود الزمان والمكان، والذي يتطلبان ادوات الرياضيات، والفهم العددي والحسابات، كما أن الفيزياء تدخل في تمازجات فكرتي الزمان والمكان معاً ، فتقول د. يمني أن الزمان والمكان هما القالب الذي صب فيه هذا الوجود جملة وتفصيلاً، وانتظم بفضلهما علي هية كون منتظم، وهذا الكون تتعامل معه الفيزياء الحديثة هو المادة تتحرك عبر المكان خلال الزمان. والنظرية العامة هي التي تحدد قوانين هذه الحركة، أي حسابات الانتقال من نقطة إلي أخري في المكان بسرعة معينة، أي خلال مدة من لحظة إلي أخري في المكان بسرعة معينة، أي خلال مدة من لحظة إلي أخري في الزمان. ( يمني، 2017، ص13-15) والفيزياء هنا تتضافر مع الرياضايات


2- الرياضيات ما بعد التطبيقية:
الرياضيات التطبيقية هي الفيزياء البحتة، هذه مقولة شائعة، ولكن هل يمكن القول إن الفيزياء التطبيقية هي الرياضيات ما بعد التطبيقية، بمعني جماليات الرياضيات، أو فينومينولوجيا الرياضية ، أو بمعني أرحب إنسانية الرياضيات، والفيزياء التطبيقية في اوج ذورتها هي الفزياء المعاصرة، ومنها المنطق الغائم، والاكتشاف اليومية للأنسان مثل التلاجة، والمحركات، والاجهزة، وايضا حقول البحث التجريبي الفيزيائي وهي( فيزياء المسرعات/ صوتيات/ فيزياء زراعية/ مقذافية/ فيزياء حيوية/ فيزياء حاسوبية)، . وتعتبر الفيزياء التطبيقية حلقة وصل ما بين الهندسة والفيزياء وتهدف إلى استخدام علمي أو تكنولوجي معيّن، وهي مصطلحٌ يُطلق على الأبحاث الفيزيائية المتصلة بالعلوم الهندسية المختلفة، وبصورةٍ أدق تعبّر الفيزياء التطبيقية عن استخدامٍ للمعلومات والمعرفة النظرية فيما يتعلّق بالخصائص المادية للأجسام.
ويمكننا الآن الخوض في اشكالية مهمة أنه خلال تطورات العلم والفزياء، ان الاكتشافات تأتي عن طريق الكشف عن مستويات المادة، ومستويات المعرفة، حيث هناك مساحات تظهر، وكوامن تعلن عن نفسها، لذا هناك كينونة داخل الظاهرة، وخلال هذه المراحل المختلفة للكشف وتطور العلم، تبقي الرياضات في تأزر في العمل مع الفزياء دون توقف، ولكن العلاقة بينهم من الممكن ان نقول أنها أداتية بمستوياتها، حيث هناك توظيف أداتي للرياضيات في حقول الفيزياءـ فكانت الرياضيات تطبيقية خلال الفيزياء النظرية والكلاسيكية، ثم رياضيات إنسانية أو رياضيات براجماتية وذلك خلال الفيزياء التطبيقية، وعلي ذلك هناك شكلين أساسين لعلاقة الفيزياء بالرياضيات ثم يتحول الأمر إلي اشكال متعددة لمستويات العلاقة بينهم، والدليل علي ذلك وجودها تاريخيا منذ بداية العلم، ومنها وجودها وتأزرها عند ابن الهيثم، وحتي ارسطو رغم أنه فرق بينهم في العلاقة وأنهم علي خلاف إلا ان بعض الدراسات المعاصرة وجود علاقة بينهم عند ارسطو، خاصة أنه كان رياضيا كبيراً، وفيزيائيا في نفس الوقت.


رابعاً: العلاقة الترابطية بين الفيزياء والرياضيات عند العالم الإسلامي ابن الهيثم:
1- العلاقة الوثيقة بين الفيزياء والرياضيات
بني العالم الإسلامي الفيزيائي حسن ابن الهيثم نظرياته العلمية المتعددة علي اسس منهاجية تعارضت مع الهندسة الاقليدية وهي هندسة المكان والتي سار علي خطاها اسحاق نيوتن التي تدعي أن الفضاء مسطح, وبذلك يكون للمكان أهمية علي الفضاء، بينما تغير الوضع في الهندسة الغير تقليدية في القرن التاسع عشر واختلف الأمر وفقا ل )ـ N. I. Lobachevsky (1792–1856) ووفقا للهندسة الإهليلجية لـ G.F.B. ريمان (1826–1866)، وذلك بأن الفضاء منحني (yomna,2019, p.762) .
وفي هذا السياق تم تطبيق الرياضيات التطبيقية علي العلوم الطبيعية أو الفيزياء. ويمكننا القول أن ابن الهيثم ايضا اهتم بالرياضيات في دراساته عن الفضاء والبصريات وفي اكتشافاته العلمية.
ولم يكن ابن الهيثم الوحيد تاريخيا المهتم بالرياضيات في علاقتها بالفيزياء، فقديما كان افلاطون معجبا بشكل كبير بالرياضيات حيث حدد في كتابه تيماوس المكان ب (topos) والفضاء (chóra)، مقدما بما يسمي فلسفة الفضاء، دون وجود فرق بين المادة والفضاء. يعتقد ألفريد نورث وايتهيد وآخرون أن أفلاطون، بسبب موقفه الإيجابي تجاه الرياضيات، ساهم بشكل كبير في تطور العلوم. P. 762) ، Yomna,2019) وهناك أمثلة اخري علي ارتباط الرياضيات بالعلم الطبيعي عند كثير من الغلماء، ومنهم كيبلر وغاليليو .
وقد اهتم ابن الهيثم بالرياضيات كثيرا، فهو عالم رياضيات بارع، واتقن الهندسة اليونانية والتقنيات الهندسية واعماله المعروف. تشهد علي ذلك، ويعتبر. ايضا عالما متفوقا في الرياضيات التحليلية yomna,2019,p.765). ( .وبناءا علي ذلك تكونت لديه رؤية رياضية للامور، وهو ما انطبق علي رؤيته الفضاء والبصريات والعلوم الطبيعة.
ومن نافلة القول، ابن الهيثم كان عالما تجريبيا بجانب اهتمامه الكبير بالرياصيات، حيث اهتم بالفضاء وانتقل لدراسته، بخلاف سابقيه، وذلك التزواج بين الرياضيات والفيزياء احدث ابن الهيثم تطورا كبيرا في الفيزياء ومزيد من نضجها العلمي، وقد تجاوز بذلك النموذج الارسطي، واعتبار الفيزياء بفضل جهوده كنظام تجرببي ورياضياتي، حيث اخترع الكثير من الأجهزة ومنها الكاميرا، ونظرياته حول الضوء أنه ينتقل بين نقطتين في خط مستقبم، (yomna,2019,p766)
ومن الممكن القول إن منهج ابن الهيثم في العلوم الفيزيائية هو منهج رياضي تجريبي. مثل سلفه أرخميدس وخليفته جاليليو، حيث أنجز الكثير في رياضيات الفيزياء. وكما يقول رشدي راشد في كتابه «العلم في الإسلام والحداثة الكلاسيكية» yomna,2019,p.767))
وفي رؤيته حول علاقة علم الطبيعة بالعلم الألهي، ذكر أهمية علم الرياضيات في ثلاثية الرياضة والطبيعة والالهيات، حيث لم يتوقف ابن الهيثم عند علم الطبيعة وعلم الفيزياء في مجال الحكمة والعلم إنما تطرق الي إيصال هذين العلمين مع العلم الإلهي ، وكان العرب العلماء والفلاسفة في وقته والمهتمين بالعلوم الارسطية عموما وبصفة غير ملزمة ابتعدوا عن فيثاغورث وفكرة الفيض، واهتموا بالوقائع المادية والعلوم الطبيعة، ولم يلتفتوا إلي الحكمة الألهية، بجانب المتكلمين المختلفين عنهم في التوجه، كلاهما اجاوَزُوا الطبيعة والعقل والنفس في أبحاثهم. (الخولي، 2017، ص 40)
ورفض ابن الهيثم طريق المتكلمين، وبرهن على أن دليل حدوث العالم عندهم فاسد، فالعالم قديم أزلي أبدي، لكنه يخضع للخلق المستمر،وخير دليل علي قوة موقفه تقول د. يمني طريف "أن عن طريقه تم تقسيم العلم معه انقسامًا ثلاثيًّا إلى رياضي وطبيعي وإلهي، وعن فَضْل عِلْم الهندسة، فإن به وبالمنطق يُوصَل إلى عَمَل الأمور الطبيعية التي هي الحكمة، ومبادئها وعِلَلها وأسبابها، وإلى علم الأمور الإلهية". (الخولي، 2017، ص 41). وذلك موضعا أخر يذكر للعالم ابن الهيثم لأهمية ترابط وتعاضد عالم الفيزياء بالجهاز الرياضي، بل إن انسجامهم ووجودهم وتظاهرهم يؤدي إلي الحكمة الإلهية وهي الهدف الاسمي، وإلي تقدم العلم، ووضوح الرؤية وإفادة البشرية جمعاء، بعالميها الغربي والشرقي.
وكان ابن الهيثم عالمًا موسوعيًا مثل العديد من معاصريه المسلمين. مؤلفاته وكتبه عديدة، تساهم في مجالات مختلفة: البصريات، الفيزياء، علم الفلك، الأرصاد الجوية ودراسة قوس قزح والغلاف الجوي، الجيوديسيا، الهندسة المدنية والمعمارية، فسيولوجيا العين والإدراك البصري، بالإضافة إلى الطب الذي كتب فيه لكنه لم يمارسها قط، كونه فيزيائيًا وليس طبيبًا، وأيضًا الحكمة (الفلسفة)، وعلم الكلام علم الكلام (اللاهوت الجدلي الإسلامي)، والأخلاق، والسياسة، وبعض القصائد. ومع ذلك، فإن حضوره في أوروبا وفي تاريخ العلوم بشكل عام يتم تحديده من خلال مجالات البصريات والفيزياء وعلم الفلك والأجهزة التجريبية والرياضيات بالطبع. (yomna ,2020 ,p245).
يمكننا القول وفقاً د. يمني الخولي، أن ابن الهيثم هو الفيزيائي الرياضياتي معا بطريقة جعلت كثيرين من مؤرخي العلم يرونه أول علماء الفيزياء النظرية في التاريخ. ويري مصطفي نظيف أن ابن الهيثم كعالم فيزيائي هو تطبيقي وتجريبي ونظري معاً، وأنه في طليعة رجالات الفيزياء البحتة، ويؤكد علي مصطفي مشرفة تضلعه في الرياضيات البحتة وعلوكعبه فيها، وانه عالم رياضيات بحتة من طراز رفيع.
ويمكن الاشارة إلي ان الهيثم قام بدور كبير في تطوير مفاهيم العلم الرياضياتي والفيزيائي، وبذلك يعد ابهم الهيثم بهذا التطوير للمفاهيم وللأليات شق الطريق إلي الخروج من النموذج الارسطي إلي الباراديم النيوتوني، بتطور مفهوم المكان بالذات علي يديه بحيث خرجت اول صياغة ل للمكان كمفهوم رياضياتي فيزيائي. ( الخولي، 2021، ص 65).


2- الخبرة الفينومينولوجية والجمالية لعلاقة الرياضية بالفيزباء :
هناك علاقة بين فينومينولوجيا الصورة أو الخبرة الجمالية وبين رؤية ومنطق ابن الهيثم حول الابصار وكتابه المناظر، والأمر هنا يمكن ان نطلق عليه فينومينولوجيا الأبصار، حيث قدم ابن الهيثم أول وصف واضح وتحليل صحيح للكاميرا المظلمة والكاميرا ذات الثقب. وكان ابن الهيثم أول من نجح في مشروع نقل صورة من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرا المظلمة، التي اشتق الغرب اسمها من الكلمة العربية: قُمرة (بركة 2014)، والربط هنا يأتي من تفاهمات فينومينولوجيا الصورة والفن، وكاميرا السينما الحديثة، حيث أن عوالم التصوير ما يتضمن رصد حياة الأفراد وتفاعلاتهم، حيث أن الكاميرا تعني تأمل الذات لنفسها والتفكير فيها وبها وهو ما لفت نظر ابن الهيثم، وهو في نفس الوقت منحي فينومينولوجي، وهو عند ابن الهيثم فينومينولوجيا الأبصار الذاتي، لأنها فينومينولوجيا ناشئة، وليست ناضجة، أو بمعني اصح اقتراب فينومينولوجي لدي ابن الهيثم، فهو تأملات فينومينولوجية ابصارية مثلا، وذلك لعدم اكتمال الفكرة لديه ولكنها فكرة ناشئة.
فمن الصعب أن نطلق عليها فينومينولوجيا كما هي موجودة في وقتنا المعاصر، أو فينومينولوجيا جادامر او هيدجر، أو فينومينولوجيا هوسرل وهو مخترها، ومؤسسها الأول، وهي فينومنيولوجيا تاريخية ناشئة لدي ابن الهيثم، وهو اقتراب فينومنيولوجي، وهو تناص منهجي، لتفسير ابن الهثيم في منطقه البصري، وربطه بمذهب فلسفي او طريقة في التفلسف فيما يتعلق بطرق واساليب الفينومينولوجي، لأن التأصيل الفينومينولوجي لم يكن موجودا، فالظروف التاريخية منذ ابن الهيثم حتي ظهور هذا التأصيل لا يمكن ان تجعلنا أن نطلق او نضع هذا الاتجاه ونطبقه علي ابن الهيثم كما هو، أنما هناك استجابة نظرية لهذا التأصيل حول رؤية ومنطق ابن الهيثم فيما يتعلق بنظرية الابصار، فهي تظهر كخبرة معاشة لديه، كما أنها تستدعي الرد المتعالي، والمنهجية العلمية.
وقد سبق ابن الهيثم الكثيرون فيما يتعلق بأهمية وجود علاقة بين الرياضيات والفيزياء، واهمية الترابط والتأزر العلمي بينهم، بجانب أنه وفقا لما ذكرناه، قد انتبه لأهمية تمازج الذات والموضوع، او العالم الداخلي والخارجي، وهو ما يعكس فكرة الفينومينولوجيا، وأيضا يتطابق مع فكرة الرياضيات وترابطها وعلاقتها الوطيدة مع الفيزياء، حيث الرياضات تمثل الذات او العقل، والفيزياء تمثل الطبيعة، او الموضوع او العالم الخارجي، وهو عالمنا العربي سبق الكثيرون من المعاصرون في الفلسفة والعلم، فهناك اقاويل ان نيوتن قد تأثر به، في فلسفته حول الطبيعة، وحركة الكون، وايضا اخرون.
ولعل ذكر ما وصل إليه ابن الهيثم في مجالي فيزياء البصريات، وعلم نفس البصريات، حيث كان له مجهوداته العظيمة والمميزة في وصف عملية الإبصار وتكوين العين وتكوّن الصورة في العين ونظام الإبصار بالإضافة إلي أسهامه الكبير والواضح في الطب بشكل عام وخاصة طب العيون. كما أن ابن الهيثم عدل نظريات الرؤية المزدوجة وتوقع الحركة، (بركة، 2014). ومن الممكن القول أن اهتمامه بمجال الرؤية والصورة والأبصار لدي الإنسان لهي مسألة لها بعد فلسفي متعلق بالتأمل، وتعايش الذات لنفسها والواقع معا، فالعين هي الذات، والعقل والبعد التشريحي، والجهاز العصبي المركزي، والابصار والصور هي الخارج، والطبيعة.
بالإضافة إلي قيامه بمقارنات بين العين والكاميرا المظلمة، توليفته بين علمي: التشريح والبصريات، والتي شكلت أساس علم نفس البصريات، كما كان تصوره لمرور الضوء خلال الثقب في تجاربه بالكاميرا ذات الثقب، مشبّها انعكاس الصورة الناتج، بما يحدث في العين، التي تمثّل فيها الحدقة ثقب الكاميرا، ( بركة، 2014). وهذه الاتجاه يدلنا علي توجه فينومينولوجي واضح، حيث من ناحية مراقبة ما يحدث في العين، ومن ناحية أخري مرور الضوء خلال ثقب الكاميرا، لم يفصل ابن الهيثم بين التجربة وتشريح الانسان وذاته، وربط في الوصول الي اكتشافاته العلمية في البصرية بين الضبط الرياضي والتجربة الفيزيائية.
ولدي ابن الهيثم دراسة مهمة حول خصائص الضوء في أحواله الثلاث: الإشراق على الاستقامة، الانعكاس، الانعطاف. وهي دراسة قائمة على الاختبار التجريبي، واستخدام المنهج الرياضي في تفسير الظواهر الطبيعية. ( محمد سيد بركة، 2014)، ولعل الملاحظ لهذه الصفات يلاحظ أنها تتعلق بخبرات الاشياء، او تفاعلات شيئين معاً، وهو العلم الرياضي والعلم الطبيعي، فالاشراق يتعلق بالطبيعة اشراق الضوء، والاستقامة، هو شكل هندسي، اتجاه الشئ بين نقطتين، وهي جوهر نظرية ابن الهثيم في الضوء، حيث يؤكد أن حركة الضوء دائما بين نقطتين في خط مستقيم.


لقد اتبع ابن الهيثم المنهج الفينومينولوجي خلال قيام بالاكتشافات والنظريات العلمية، وذلك عبر الربط وتوطيد العلاقة بين علمي الرياضيات والفيزياء، فالجمع بينهم هو الخبرة المتكاملة، والدهشة العلمية، والتأكيد التجريببي للنظرية العلمية، ولحظة اكتشاف الظاهرة في كليتها. هو بذلك بخلاف الفارابي وارسطو والكثيرون اللذين وضعوا حدودا بينهم، ويتبع شأن ابن الهيثم، ارخميدس وغلياليو واخرون، ولعل الامر جدلاً بين ما يضعهم في تفاعل وترابط، وبين ما يضع حدا بينهم، وازالة الترابط والتعاضد.
ومن الممكن الالتفات ان المخيلة والخبرة وتفاعل الذات والموضوع في الادراك او المعرفة، كان سبيلا لابن الهيثم، حيث الرياضات هي العقل والذات والفيزياء هي الموضوع، والفينومينولوجيا تجعل الذات تعمل مع الموضوع بشكل دائم، وفي خبرة معاشة مستمرة للظاهرة، ولا تدعي عدم الفرق بينهم، ولكن تضعهم في اطار الخبرة، بمعني العالم المعاش صاحب الديمومة الكبري، وكانت بصيرة ابن الهيثم أنه وضعهم في تفاعل معا، ولعل الفرق بين المكان والفضاء، هو الفرق بين الذات والموضوع ايضا ونفس الشئ اتبعه ابن الهيثم في فينومينولوجيا المكان والفضاء، وأنهما في تفاعل وتناغم معاً، عكس بأنه ليس هناك شئ في الفضاء كما ادعي فيلسوف اليونان ارسطو.
والفينومينولوجيا تدعو إلي الماهيات والي الاشياء ذاتها، وهي اتجاه للأشياء والظواهر، فالامر متعلق بالتحليل داخل الشئ نفسه، وايضا بالاشياء ذاتها، وأننا نكتشف معني، أو ماهية الظواهر، في الظواهر نفسها، فالظواهر ليست مجرد مظاهر، وانما تنطوي علي معناها في باطنها، واكتشاف ماهية الظواهر، يكون طريق فعل التامل الانعكاسي لخبراتنا المتجهة نحو هذه الظواهر، (توفيق، 1992، ص24)، ومن الممكن فهم التأمل الانعكاسي، بأنه العلم الرياضي، وهو العقلي، حيث يتأمل ابن الهيثم الظاهرة العلمية او الضوء، من خلال داخله، فهو يصل الي عمق وداخل الظاهرة، بالتزامن مع التأمل العكسي، الداخلي وهو العقلي الرياضي، فيندمج الذات مع الموضوع سوياً في خبرة معاشة.
وأجمالاً لما سبق تتميز التخصصات التي تخصص فيها ابن الهيثم بالجانب الجمالي، والخبرة الانسانية، وأيضا الاتجاه إلي الفينومينولوجيا والخبرة الجمالية، ومنها البصريات، الفيزياء، علم الفلك والأرصاد الجوية ودراسة قوس قزح والغلاف الجوي، الجيوديسيا، الهندسة المدنية والمعمارية، وفسيولوجيا العين والإدراك البصري، فهناك البصريات والعين وذلك الضوء، وهي تخصصات تأتي بالخبرة الجالية، وهناك المعمار وعلم الفلك، وايضا تعتمد علي الرياضيات والشكل الهندسي، وهي جماليات ايضا،،
الكثير من العلماء والمكتشفين في علوم الطبيعة، يصلون إلي اختراعاتهم عن طريق البحث عن الجمال في الكون والظواهر، وما هو خفي، فكلمة اكتشاف تعني الكشف عن المخفي، كما أن البحث يعني الرمز، فهناك اشياء ترمز لأشياء، كما ان كثير من بنود ومبادئ الجماليات تساعدنا في التلاعب مع الطبيعة للوصول الي اكتشافات تفيد الناس، وتلبي احتياجات بجانب أنها مسألة علمية جدا، وذات حسابات رياضية، فعند طريق البحث عن الجمال يمكن الاهتداء الي الحقيقة، وايضا الجماليات تكون من الاساسيات لتنظيم البيانات العشوائية والافادة في التجارب العلمية.
وهنا من يقول أن أغلب الناس يحبون فكرة أن الجمال يتماشى مع الحقيقة، وأن البحث عن أحدهما سيكشف على الأرجح عن الآخَر. والجميع يحبون الإيمان بأن الجمال هو محور النظريات العلمية العظيمة، وأن الحقيقة ستكون مرضية دومًا من الناحية الجمالية، ( لندا، 2008، ص 295).
وهناك ارتباط بين هذه الرؤية الجمالية في الطبيعة وعلم الفيزياء واهتمامات حسن ابن الهثيم، كما ذكرنا فنراه يلتفت الي سحر الطبيعة وطبيعة الرؤية والعين عند الانسان، واختراع الكاميرا في مجال البصريات، وقد تميز ابن الهثيم اكثر العلماء تميزا في مجال البصريات.


مصادر ومراجع عربية
١_ الخولي، يمني طريف (٢٠١٩), العام والاغتراب والحرية: مقال في فلسفة العلم( من الحتمية إلي اللاحتمية)، القاهرة، الطبعة الرابعة، الهيئة العامة للكتاب.
2- جيمس جينز، الفيزياء والفلسفة، ت:جعفر رجب، دار المعارف،القاهرة، 1981.
3- محمد سيد بركة، «المناظر» لابن الهيثم موسوعة فيزياء العالم، صحيفة البيان الاماراتية، 14 ابرايل 2014.
https://www.albayan.ae/books/eternal-books/2014-04-04-1.2094634
4- توفيق، سعيد، (1992)، الخبرة الجمالية : دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية ( هيدجر، سارتر، ميرلوبونتي، دوفرين، إنجاردن)، بيروت، الطبعة الاولي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
5- الخولي، يمني طريف، (2017)، بحوث في تاريخ العلوم عند العرب، القاهرة، مؤسسة هنداوي للنشر.
6- الخولي، يمني طريف، ( 2021)، في تاريخ العلوم الرياضية والتجريبيىة في الحضارة العربية والإسلامية، القاهرة، دار الثقافة العربية.
7- جماعة من الأساتذة السوفيات، (1979) موجز تاريخ الفلسفة ، ت: توفيق ابراهيم سلوم ، بغداد، دار الفارابي للنشر .
8- البناي، يوسف، (21 ديسمبر 2019) ، تعرف على العلاقة الغامضة بين الفيزياء والرياضيات، موقع العريبة نت.
https://www.alarabiya.net/qafilah/2019/12/21/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D9%85%D8%B6%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D8%A7%D8%AA

9- كتاب الطبيعة.. والصلة المتناغمة بين العلم و الدين، (2010/05/22)، ت: عادل الصادق، موقع ملاحق المدي الثقافية، بغداد.
https://almadapaper.net/view.php?cat=23566
10- الخولي، يمني طريف، ( 6ابريل/2021)، صراعات جاليليو: صورة عن قُرب، الرياض، موقع معني الثقافي.
https://mana.net/14525/
11- الخولي، يمني طريف ، (2017)، فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد- الأفاق المستقبلية، القاهرة، هنداوي للنشر.
12- لندا، ليزا ، ( 2008)، الطرق على أبواب السماء: كيف تنير الفيزياء والتفكير العلمي الكون والعالم المعاصر، ت: أميرة علي، القاهرة، هنداوي للنشر.
13- الطويل، توفيق، (1985)، في تراثنا العربي الإسلامي، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 87. المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب.
14- الخولي، يمني طريف، (2017) مفهوم المنهج العلمي، القاهرة، هنداوي للنشر.
15- كون، توماس، ( 1992)، بنية الثورات العلمية، ت: شوقي جلال، عالم المعرفة، الكويت، العدد 168.
16- السيد، مي/ (9/2015)، ميكانيكا الكم .. الجنون الذي ينســف كل قواعد الفيزياء التقليدية! ، موقع اراجيك الالكتروني.
https://www.arageek.com/2015/09/23/quantum-mechanics-that-destroyed-physics.html
17- عبد المجيد، إسراء أشرف، (2022)، اللايقين بين ميكانيكا الكوانتم والمنطق الغائم : موازنة بين العلمي والعملي، رسالة ماجيستير غير منشورة، جامعة القاهرة، كلية الاداب/ قسم الفلسفة.
18- كارناب، رودلف، ( ب .ت)، الأسس الفلسفية للفيزياء : مدخل إلي فلسفة العلوم، ت : السيد نفادي، القاهرة، دار الثقافة الجديدة.
19- طريف الخولي، (2017)، الزمان في الفلسفة والعلم، القاهرة، مؤسسة هنداوي للنشر.
20- طريف الخولي، يمني ( 2012)، في تاريخ العلوم الرياضية والتجريبية في الحضارة العربية والإسلامية، القاهرة، دار الثقافة العربية.

المصادر الاجنبية:
1-yomna T.Elkoly, IN AL- HAYTHAM, FROM PLACE TO SPACE: COMPARATIVE APPROACH, philosophy east, west volume 69, number3 july 2019 759-778, 2019 by university of hawai press.
2- Yomna T.ELkholy, IBN AL_HAYTHAM EUROPE DURING LATE MIDDLE AGES AND RENAISSAMCE, the Islamic sciences in the western world, sismel- edizioni del galluzzo, 2020, pp.243-257.
3- Robert M. Youngson, Scientific blunders : a brief history of how wrong scientists can sometimes be,London, Publication: Robinson, 1998.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سولوزو التركي.. بارانويا الطعنات في “الأب الروحي”
- ماركو بيلوتشيو بين الشعر الهادئ وجماليات السينما الايطالية
- لوكا برزاي.. القاتل المحترف في “الأب الروحي”
- ملاحظات وملامح عدة في الخطاب السينمائي
- كريستيان ميتز ضد البلاغة ومبادئ الشعر في السينما
- كريستيان ميتز وملامح السينما وبصرياتها العلاماتية
- الكسندر دفجنكو في فيلمه الارض ما بين شاعرية الصورة وقصيدة ال ...
- كريستيان ميتز لا للجماليات ونعم للدلالة والسينما اللامعقولة ...
- اضاءات وشذرات في فلسفة كانط
- اسطورة الغائب والكرامات لدي خيري بشارة بين التشريح الانثروبو ...
- المراحل التاريخية الاربعة لفلسفة الجندر او النسوية الغربية
- صور الحياة وتحليل المعني في اللغة عند الفيلسوف النمساوي لودف ...
- الشاعر محمد حربي يقابل الاكاديمي المتعطل احمد نبيل حبسة في ب ...
- تاريخ حقيقي ام واجهة تاريخية “ السردية التاريخية في الفلسفة ...
- الحضور الفلسفي الكانطي ودقته العلمية وسينماه
- نقد الأنا والاخر في الفكر المصري المعاصر
- ملامح وسمات الفكر لدي احمد عبد الحليم عطية
- فلسفة ونظرية القيم عند احمد عبد الحليم عطية : تطبيقات وامثلة ...
- السينما والعقل في الايام الاخيرة لكانط
- المخرج البولندي بافل بافليكوفسكي في فيلمه “ايدا”


المزيد.....




- وزير الخارجية التركي: القضاء على وحدات الشعب الكردية بات -مس ...
- ماكرون يتهم ماسك بالتدخل في انتخابات الدول الأخرى
- رئيس الوزراء البريطاني يتهم إيلون ماسك بالكذب
- مينسك تنفي مزاعم زيلينسكي حول اعتذار لوكاشينكو منه في بداية ...
- في الذكرى العاشرة.. احتفالات في باريس لتأبين ضحايا هجوم شارل ...
- -حلم الشرق الأوسط الحر أصبح حقيقة- - التليغراف
- مقتل 3 إسرائيليين في حادث إطلاق نار شرق قلقيلية وصواريخ غزة ...
- ماكرون: إيران التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي في الشرق ال ...
- النمسا: تكليف زعيم حزب الحرية اليميني الشعبوي بتشكيل حكومة
- فقر الدم.. أعراضه وأسبابه


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء والجهاز الرياضياتي ( ابن الهيثم نموذجاً)