|
ترامب و العراق
محمد رياض حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في 8 كانون الأول / ديسمبر 2024 إنهار نظام حكم بشار الأسد في سورية. وذُكر أن هيئة تحرير الشام قادت الهجوم على دمشق بدعم من فصائل أخرى بما في ذلك "الجيش الوطني السوري. هذا الحدث حفّز القوى المعارضة لنظام الحكم في العراق محرّضة على إمكانية تكرار ما حدث في سورية ان يحدث في العراق . و لم يكن ذلك التحريض جديدا إذ تقوّل به عدد من ساسة و إعلاميين عراقيين منذ سنتين مفاده " أن تحالف قوى غربية جاهزة لتكرار غزو العراق ( 2003 ) وتغيير نظام الحكم بالقوة العسكرية . من شرق الأرض إلى غربها عبر قنوات فضائية تُبث على مدار الساعة تلك التوقعات التي تتوعد العراق و العراقيين بجسام الإحداث ، غزو و قتال ، هجمات صاروخية ، طائرات إسرائيلية ، عودة الدواعش ... و المتابع لما يُبثُّ من التصريحات و التوقعات يصاب بالغثيان لما يسمع ويشاهد من التهويل و المبالغة في سيل التنبؤات التحريضية . ومع ذلك و الحق يقال أن نظام ا حكم المحاصصة الموصوم بفساد مشرعن وجب تغييره . ـــــــــ رغم طغيان لغة التحريض التي جاءت على لسان معظم المحللين و "الخبراء العسكريين" و الإعلامييبن العراقيين و بمختلف صفات المتحدثين " منهم ، كانوا " جازمين "بأن التغيير في العراق واقع لا محالة بإستخدام القوة المسلحة . غير أن الواقع يُرجح غير تلك التوقعات بإستبعاد وقوع أعمال عسكرية أو إجتياح أو هجمات واسعة النطاق على العراق بعد تنصيب الرئيس المنتخب " دونالد ترامب" في 20 كانون الثاني/ يناير2025 ، ذلك أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ غزو العراق و إحتلاله وإلى إدارة ترامب في دورتها الثانية المقبلة ترى أن بقاء نفوذها في العراق حاجة ستراتيجية يدعم مساعيها لحماية "أمن إسرائيل" ويحفظ مصالحها الإقتصادية . سيّما أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام2008 بين العراق و الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت قائمة و مُعترف بما ورد فيها من إلتزامات بين الطرفين حسب بيان وزارة الخارجية العراقية الصادر في 7 نيسان / إبريل 2024. ــــــــ إلى ما تقدم يمكن الإستشهاد بما قاله الإعلامي العراقي اللامع و الإديب و الكاتب الأستاذ إبراهيم الزبيدي ذو الخبرة التي تمتد لأكثر من نصف قرن معايشا التطورات في العراق والمنطقة العربية و الشرق الأوسط و العالم . قال في حلقة من برنامجه المميّز ( مواقف و مواقف ) الذي بثَّ من خلال قناة التغيير في 30 كانون الثاني / يناير 2024 بعنوان " خراب اليوم زراعة صدام حسين" ، و في مقتطف من حديثه عمّا يتداول عن التغيير المحتمل في العراق حصرا قال: " من الأمور المزعجة التي تلاحقنا على الفضائيات العربية ، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي أن نجد محللين و معلقين عراقيين و عرباً يشطح بهم الخيال كثيرا فينبري أحدهم بالحزم و الجزم و القطع بقرب حدوث التغيير الجذري في العراق بقنابل و صواريخ أمريكية و إسرائيلية . بل أن بعضهم لم يتورع عن تحديد موعد التغيير في اليوم و الساعة ، وكأنه خرج لتوه إجتماع سريّ مغلق في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي الخارج أو الرئيس الداخل فأطلعه على هذا السر العظيم . دعوني هنا أوضّح لكم شيئا أقرب إلى الحقيقة من سواه. أن لي هنا في ولاية ميشغان ( بأمريكا ) اصدقاء من رجال الاعمال الأمريكيين العراقيين المولعين بالسياسة ، كانوا أقرب المناصرين للرئيس دونالد ترامب .... وهم من أكثر الذين يثق بهم و يستشيرهم في أمور العراق .... ، أكثر من واحد من الذين اثق بهم ألى أبعد الحدود يبتسم بنوع من عدم الرضا حين أخبره بتنبؤات المعلقين و المحللين الذين يقطعون بأن إدارة ترامب ستقلب الأسود أبيض و الأحمر أخضر في العراق فور إنتهاء مراسم نقل السلطة في العشرين من الشهر المقبل، ولكن جميع هؤلاء الأقرب إلى الحاشية المحيطة بصانع القرار لا ينفون إحتمال حدوث تغيير في العراق ولكنهم يردفونه بإلّا إذا أرتكب أحد الفصائل العراقية ، وهذا غير متوقع الحصول ، حماقة غير مقبولة . و يقطعون أيضا بأن إدارة صديقهم دونالد ترامب لم يفعل شيئاً لإيران هي الأخرى إلّا أذا أصرّت القيادة الإيرانية على المضي قدما بتحريك أذرعتها ضد المصالح الأمريكية في العراق و المنطقة .... نعم ستمارس إدارة ترامب أقصى ما يتوفر لديها من الضغوط على حكومة المنطقة الخضراء ببغداد لدفعها إلى بعض التمرّد على الوصاية الإيرانية على قراراتها وسياساتها و لتشجيعها على إتخاذ قرارات ضرورية فاعلة و صادقة لوقف تهريب الدولار إلى طهران بكل الوسائل المكشوفة و المستورة ، ثم فرض إرادة فاعلة على الفصائل المسلحة و ضبطها . هذا طبعا بغض النظر عمّا تتمخض الجهود الأمريكية و الإسرائيلية و الأوروبية الرامية إلى تغيير طبيعة الحكم في إيران أو إسقاطها ، وفي كل الحالتين سيكون للشعب العراقي نصيب يخلصه من سطوة السلاح غير الشرعي ويعيده تلقائيا إلى دولة القانون و الحرية و الإعمار و الإزدهار....." . إنتهى حديث الأستاذ الزبيدي المطول الذي اقتطفت منه ما نقله من معارفه حاشية ترامب بشأن العراق و ما أضاف عليه من أرائه عن التغيير في العراق. ـــــــــ يقول البعض أن إدارة الرئيس الأمريكي " جو بايدن" المنتهية إتسمت بالتهدئة و الحوار الدبلوماسي مع حكومة العراق . و بفوز " دونالد ترامب" برئاسة ثانية يمكن أن تتغير سياسة الإدارة الأمريكية تجاه العراق . وجب التذكيربأنّ نظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية نظام مؤسسي رصين وتحديدا في السياسة الخارجية. يحدد الرئيس الأمريكي مسار السياسة الخارجية. فتنفذ وزارة الخارجية بأجهزتها كافة وجميع أعضائها سياسة الرئيس مع مشورة من الكونغرس . فالرئيس الأمريكي هو القائد العام للقوات المسلحة الأمريكية، و يمارس قيادة العمليات العليا في جميع صنوف القوات العسكرية للولايات المتحدة. وبهذه الصفة، يتمتع الرئيس بصلاحية شن العمليات العسكرية وتوجيهها والإشراف عليها، أو الأمر أو الإذن بنشر القوات (في الدول الأجنبية) وإطلاق الأسلحة النووية من جانب واحد ورسم السياسة العسكرية مع وزارة الدفاع والأمن الداخلي. ومع ذلك، تبقى الصلاحية الدستورية على إعلان الحرب مناطة بالكونغرس فقط. ــــــــ في مراسيم تداول السلطة سيقدم الرئيس الأمريكي "جو بايدن " إلى ترامب وإدارته كل ما يتوجب نقله من صلاحيات و معلومات و تقارير حسب الدستور الأمريكي ، ومنها ملف السياسة الخارجية للسنوات الأربع الماضية ، ومنه ملف العراق . وما كان العراق موضع إهتمام أو إستهداف من الإدارات الأمريكية السابقة و الآتية إلّا لأن له علاقات تعاون مالي مع إيران. المتوقع أن تتوتر علاقات العراق مع إدارة ترامب بسبب إعتزامها فرض مزيد من العقوبات على حكومات دول خصوم ، كما يسميها ، في تجارة النفط و الغاز و المال . ـــــــــــ في 1 كانون الثاني 2025 كتب " سايمون واتكينز " في موقع ( OilPrice.com ) مقالا بعنوان (( حملة ترامب لإغلاق محور الاضطراب تبدأ بالغاز الطبيعي المسال )) جاء في جزء منه " تهدف ولاية ترامب الثانية إلى مواجهة محور الاضطراب. وتشمل الخطط تشديد العقوبات على قطاع الغاز الطبيعي المسال في روسيا وطرق إعادة الشحن، وتوسيع عقوبات مماثلة لتشمل العراق لمساعدته صادرات النفط الإيرانية. تشير العقوبات والتدابير الأوسع نطاقًا المفروضة على العراق ووكلاء إيران وشبكات التمويل الصينية إلى استراتيجية أمريكية للحد من الدعم الاقتصادي واللوجستي للخصوم." لذا فإن من المستبعد خلال عام 2025 أن يستهدف العراق عسكريا إنْ أُزيلت مخاطر توجهات بعض الفصائل المسلحة " العراقية " التي كانت تستهدف القواعد الأمريكية . ــــــــــ لعلَّ العقوبات الأمريكية الأشد على النظام السياسي أو ما يسمى العملية السياسية في العراق و رموزها أحزابا و قيادات هو ( نظام الوصاية المالية الأمريكية على الموارد النفط العراقي المالية ) . مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي ) يتمتع بصلاحية إتخاذ العديد من القرارات بشأن موارد النفط نيابة عن البنك المركزي العراقي . إذ تودع عائدات النفط العراقي كاملة بالدولار في بنك تابع للمركزي الأمريكي ، ويتم بعد ذلك تحويل الأموال من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى البنك المركزي العراقي. لذلك يتمتع الاحتياطي الفيدرالي بالنفوذ وسلطة اتخاذ القرار "جنباً إلى جنب " ؟ مع مسؤولي الحكومة العراقية والبنك المركزي العراقي.منذ عام 2023". ذلك حسب ما أورده الموقع الإلكتروني الأمريكي (( Watcher Guru ) ) فإن البنك الأمريكي يتمتع بالنفوذ وسلطة اتخاذ القرار بشأن ما يسمح به أو يرفضه ، مبلغا أو توقيتا ، مما يحوّل من موارد النفط المالية إلى الحكومة العراقية ؟. وبذلك ستتمكن إدارة ترامب من ممارسة اشد الضغوط على الحكومة العراقية لفرض الأستجابة لمطالبها. المصدر : مقتطف من مقال بعنوان " مطالبة بإنهاء الوصاية الأمريكية على موارد نفط العراق " للكاتب نشره موقع ( الحوار المتمدن) في 16 /8/ 2024. ـــــــــــ يقول ترامب ويؤكد المحيطون به من الحزب الجمهوري أن ولاية ترامب الثانية ستكون مختلفة عن سابقتها ، ومع ذلك فإن ترامب إنفعالي نرجسيّ طالما أساء لنفسه بإطلاق تصريحات تنقصها الحكمة و التروّي . يمكن القول أنه قطع وعودا على نفسه خلال حملته الإنتخابية ستأخذ إدارته الأولوية في العمل على تنفيذها منها ترحيل مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين بعد أول يوم من تنصيبه ، و أيضا إنهاء الحرب في أوكرانيا و فرض نسب عالية من الرسوم الكمركية على المستورد من الصين و كندا و المكسيك ، و التوسع في إنتاج النفط و الغاز من مصادرها الأحفورية وصولا للإكتفاء الذاتي من الحاجة للطاقة . عمل إدارة ترامب على تفعيل تلك الوعود وغيرها ... يحتاج إلى وقت قد لا تكفي مدة السنوات الأربع المقبلة لتنفيذها ، وقد تتناقض متغيرات الواقع مع الأماني.
#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصادر-إسرائيلية-: نهاية إحتلال فلسطين و زوال -إسرائيل -مسألة
...
-
مستجدات رواتب إقليم كردستان
-
مطالبة بإنهاء الوصاية الأمريكية على موارد نفط العراق
-
الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي يأمُر و المركزي العراقي يُنفّذ
...
-
هل ستتمكن السفيرة -جاكوبسون - من تنفيذ وعودها في العراق؟
-
- تفاهمات - أطلقت تمويل رواتب إقليم كردستان
-
محكمة العدل الدولية أمام تحدٍ لإثبات شرعيتها اليوم ... ليس م
...
-
تنافس دولي محموم للإسهام في تطوير ثروة العراق من النفط والغا
...
-
إحالة مشروع تطوير حقل غاز عكّاس تساؤلات؟
-
محاور زيارة السوداني المرتقبة لواشنطن ... من يحتاج من ؟
-
العراق وأمريكا ... العراق وإيران 2
-
أسلحة حماس .... غزّة حولت المستحيل ممكناً
-
العراق و أمريكا ... العراق وإيران
-
مشاكل الإقليم المعلقة ... أحدى معوقات الإصلاح ونموالإقتصاد ا
...
-
سذاجة بغداد تتواصل في ملف النفط المنتج في الاقليم
-
تقاطع مشروعين .. -طريق التنمية- و - الممر الإقتصادي-
-
توقف تصدير النفط المنتج في الإقليم ... أزمات متجددة
-
إطلالة العراق على أعالي الخليج العربي
-
مأزق الإقليم بين بغداد و أنقرة في تشريع قانون النفط و الغاز
-
قصيدة - تشارلي تشابلِن- عن العمر والحياة* ــ مترجمة عن الإنك
...
المزيد.....
-
بتقنية الفاصل الزمني.. شاهد كيف غطت ثلوج كثيفة أحد الأحياء ل
...
-
إقتحام الكابيتول: حلقة مظلمة في التاريخ الأمريكي
-
سمكة تونة تُباع بـ 1.25 مليون يورو في مزاد باليابان
-
زلزال الحوز.. مقاولون نصابون يسرقون أموال ضحايا الزلزال في ا
...
-
جامعة الإسراء: إصابة 6 أشخاص في إطلاق نار داخل الحرم الجامعي
...
-
حماس توافق على قائمة تضم 34 أسيرا
-
استنفار إسرائيلي عقب عملية قلقيلية
-
الدفاع الروسية: قواتنا حررت مدينة كوراخوفو الاستراتيجية
-
تطويق شمال الضفة عقب عملية قلقيلية
-
أنقرة.. اجتماع تركي أردني لبحث ملف سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|