نظام السيسي: استغلال الضرائب لتكريس الفشل الاقتصادي

إسلام حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 14:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في ظل حكم عبد الفتاح السيسي، تتجلى السياسات الاقتصادية كنموذج صارخ للفشل والإفقار المتعمد للمواطن. من بين هذه السياسات، تأتي ضريبة الهواتف الواردة من الخارج كأداة جديدة لنهب الشعب تحت ستار تنظيم السوق وتقليل الاستيراد. لكن الحقيقة واضحة؛ النظام لا يسعى سوى لتعويض عجزه المالي الناجم عن مشاريعه الوهمية وفساده المستشري، على حساب الفقراء والمهمشين.

الهواتف المحمولة لم تعد مجرد وسائل رفاهية؛ بل أصبحت ضرورة يومية في حياة الناس، وسيلة للتواصل والعمل وحتى للتعليم. ورغم ذلك، يفرض النظام عليها ضرائب باهظة، متجاهلًا تمامًا الواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه المواطن. في بلد يتجاوز فيه معدل الفقر 30%، كيف يمكن لإنسان أن يتحمل تكاليف إضافية لامتلاك هاتف ضروري؟

النظام يبرر هذه السياسات بدعوى دعم الصناعة المحلية، لكن هل هناك فعلًا صناعة حقيقية تستحق الحماية؟ الحقيقة أن ما يسمى بالإنتاج المحلي ليس سوى تجميع لأجزاء مستوردة، ولا يحمل أي قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد. هذا الزيف لا يخدع أحدًا، لكنه يعكس العقلية الاستغلالية للنظام، الذي لا يسعى إلا لزيادة موارده المالية بأي ثمن.

الأخطر من ذلك، أن هذه الضرائب ليست مجرد مسألة مالية، بل تحمل في طياتها أبعادًا سياسية. النظام يدرك أن التكنولوجيا تُستخدم كأداة للتنظيم والتعبير عن الرأي، خاصة بين الشباب والطبقات المتوسطة. بفرض ضرائب تجعل الهواتف والتقنيات المتطورة بعيدة عن متناول الناس، يسعى السيسي إلى تقليص قدرة المواطنين على التواصل الحر ومتابعة الأحداث خارج نطاق سيطرة الدولة.

وفي الوقت الذي يتحمل فيه المواطن العادي عبء الضرائب، نجد أن النظام يقدم تسهيلات وإعفاءات سخية للمستثمرين الأجانب وكبار رجال الأعمال. هؤلاء الذين يملؤون جيوبهم من مشاريع البنية التحتية التي لا تخدم سوى النخبة، بينما يُترك الشعب يصارع الغلاء والبطالة.

إن النظام الذي ينفق المليارات على القصور الرئاسية والمشاريع الاستعراضية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، لا يمكن أن يدعي أنه يعاني من أزمة موارد. ما يعاني منه السيسي ليس نقصًا في الأموال، بل فائضًا في الفساد وسوء الإدارة. وكلما ازداد فشله، لجأ إلى جيوب الفقراء لسد العجز، غير مدرك أن صبر الشعب له حدود.

ما يفعله السيسي اليوم هو استمرار لنهج الاستبداد والقمع، لكن بوجه اقتصادي. يدّعي النظام أن هذه الضرائب تهدف إلى تحسين الاقتصاد، لكن الحقيقة أنها تهدف إلى إفقار الشعب أكثر، وتحويل مصر إلى سوق مستهلكة تخدم مصالح النخبة الحاكمة وحلفائها.

ومع ذلك، فإن التاريخ يُظهر أن مثل هذه الأنظمة لا تدوم. الشعب المصري، رغم كل الضغوط، يملك تاريخًا طويلًا من النضال ضد القهر والاستبداد. السيسي قد يعتقد أنه يستطيع أن يواصل هذه السياسات دون حساب، لكنه يغفل عن أن الغضب يتراكم، وأن إرادة الشعوب أقوى من أي دكتاتور.

في نهاية المطاف، لن تُذكر ضريبة الهواتف سوى كجزء صغير من منظومة أوسع من الفشل والظلم. ولكن ما سيبقى هو إرادة الشعب في تغيير هذا الواقع، وإيماننا جميعًا بأن مصر تستحق نظامًا يحترم مواطنيها، بدلًا من أن يثقل كاهلهم بالأعباء.

#إسلام_حافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات