أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - من التوازن إلى الاختلال















المزيد.....

من التوازن إلى الاختلال


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 12:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




في مقابل ما اعتبره طرفا الصراع الأساسيان في لبنان (العدو الصهيوني والمقاومة)، انتصاراً كاملاً لأحدهما على حساب الطرف الآخر، حاولتُ أن أشير، في مقالة سابقة، إلى أن الربح (الانتصار) والخسارة (الهزيمة) كانا، هنا وهنالك، نسبيَّين فحسب. برزت أفضلية العدو الصهيوني بسبب سلاح جوه الهمجي المتفوق كلياً، والمقترن بدعم أميركي أطلسي شامل، وبتواطؤ من قبل القريب والبعيد. أمّا المقاومة، فكانت أفضليتها بإرادتها وقدرتها المنبعثتين مجدداً، بعد تكبد خسائر جوهرية، حيث استأنفت المواجهة مقترنة ببطولات وتضحيات صنعت معجزة حقيقية وحالت دون تمكن العدو، رغم حشد أكثر من خمسين ألفاً من جيشه، من تحقيق تقدّم يُعتدّ به. شكّل ما تقدّم عامل توازن لم يكن يخفى على أي مراقب موضوعي. فرضت خسائر العدو المتعاظمة على الفريق الأميركي الإسرائيلي المسارعة إلى طلب وقف إطلاق النار والسعي إلى إقراره، دون تأخير، وعلى نحو لم نعهده أبداً في حرب غزة.

غير أن ذلك لم يكن يعني، بالنسبة إلى واشنطن وتل أبيب، انتهاء الحرب بل نقل المعركة إلى مستوى آخر من الصراع كان من أبرز عناوينه الوساطة الأميركية بحد ذاتها! وساطة واشنطن هي عامل دائم في ممارسة انحيازها الفاضح للعدو الصهيوني، كما إنها جزء متمم لشراكتها الكاملة في عدوانه: من غزة إلى لبنان. وهي كانت وساطة منفردة ومتفردة ومستأثرة تاريخياً في أي مفاوضات أعقبت اعتداءات العدو الصهيوني: في كل الأوقات وكل الجبهات! في الطرف الآخر من الجبهة، ليس من يقاتل هو المفاوض، ومن يفاوض ليس هو من يقاتل. انطوى المسار التفاوضي، من حيث المبدأ والمنطلق، إذاً، على خلل كبير ما لبث أن برز في النص، نسبياً، وفي التطبيق خصوصاً. هكذا اندفع العدو، فور إعلان وقف إطلاق النار، وتأكده من التزام المقاومة بإخلاء مواقعها، في تنفيذ سلسلة إجراءات ميدانية قلبت، إلى حدٍّ كبير، التوازنات لمصلحته، فبدا وقف «العمليات العدائية» (وليس الحرب) وكأنه من طرف واحد: نتيجة غلبة لا نتيجة توازن.


لم يكن مفاجئاً أن تُرك العدو يفعل ما يشاء، من قبل لجنة «المراقبة» برئاسة المندوب الأميركي فيها. نتنياهو، من جهته، لم يفوت فرصة المؤامرة. سارع دون تأخير، إلى استئناف المعركة بكل أوجهها: الإغارة والقصف والتحليق والاغتيالات والتدمير والتقدم... ما حذّر منه كثيرون، وقع في أبشع صوره وأكثرها كلفة. والأمر مستمر بعدُ، ويتمادى ويتمدد، على هذا النحو، رغم مرور حوالى أربعين يوماً على «وقف العمليات العدائية»!
تصرَّف نتنياهو، إذاً، بأنه هو المنتصر، وهو، بالتالي، صاحب الكلمة الفصل في التطبيق المتلازم مع هذا النوع من النهايات. كان التواطؤ بحجم المؤامرة التي دُبّرت وبدا، بالفعل، خلال الشهر المنصرم، وكأنّ هناك منتصراً ومهزوماً! استشعر الناس ذلك. أولئك الذين رحّبوا بقرار وقف إطلاق النار لأسباب عدة ومتنوعة، وجد قسم منهم أن المقاومة قد خُدعت، فانتابته الخيبة والمرارة. قسم آخر أدرك حينها أن المقاومة هي الوسيلة التي لا بدّ منها لحماية الوطن والمواطن، وأنه لا توجد جهة أخرى، محلية أو خارجية، يمكن أن يُعوَّل عليها في الدفاع عنهما.


في المشهد، كما تبدّى لاحقاً وسريعاً، جانب آخر. إنه ذلك المتصل بالانقلاب الذي حصل في سوريا. وهو انقلاب أسهمت في إنجاحه قوى عدة ولأسباب متنوعة، وإن كان المايسترو الأميركي هو الذي دبَّر الأدوار ووزعها رغم التناقضات والصراعات. سارع العدو إلى تأكيد أنه شريك في الانقلاب وقدّم فاتورته للتحصيل فوراً عبر استهداف كل قوة سوريا الدفاعية: جيشاً وأسلحة ومصانع ومراكز أبحاث... في كل أماكن توزّعها في الأراضي السورية، فضلاً عن اجتياح المنطقة «المحايدة» وأماكن أخرى بأهداف وأطماع أوسع وأخطر.


رغم أن لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، أسبابه الخاصة بالصراع فيها بعد تعاظم خسائر العدو وعجزه، إلا أن التوقيت الأميركي السريع وبلسان الرئيس الأميركي نفسه (الذي عجز عن إعلان وقف إطلاق نار مشابه في غزة رغم المناورات العدة ذات الوظيفة الخاصة بالانتخابات الرئاسية)، قد أشار إلى صلة وثيقة ما بين التوقيت اللبناني وإطلاق العملية الانقلابية في سوريا. وهي عملية أسهم في إنجاحها النظام نفسه، ليس فقط بسبب أخطائه المتراكمة، وإنما أيضاً، بسبب فقدان المبادرة والضياع السياسي وخيبة الرهانات الجديدة خصوصاً... ما جعل الأمور تبدو وكأن النظام انقلب على نفسه.


ثمة شق من التآمر العدواني يتمثل في نشاط قوى محلية تخوض، منذ بداية «إسناد غزّة» معركة تتكامل، بل تتعدى أحياناً، الخطة الأميركية الإسرائيلية. إنها محاولة إرساء توازنات جديدة في لبنان في ضوء نتائج العدوان الإسرائيلي الأخير (خصوصاً صيغة تطبيقه)، وفي ضوء نتائج الانقلاب في سوريا. هكذا تخاض، الآن، معركة رئاسة الجمهورية من قبل هذا الفريق باستحضار نتائج الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. سمير جعجع في مقدمة الصفوف يطلب الدور والموقع والثأر تحت يافطة سيادة محمولة على دبابة إسرائيلية، و«هدية» سعودية من نوع آخر، يسعى من أجلها وينتظرها، رئيس ميليشيا «القوات»، بفارغ الصبر.


ما ينطبق على لبنان، ينطبق على الوضع العربي عموماً وأبعد... تزداد شهية العدو وحمأته، لإحداث تغيير كبير في المنطقة لمصلحة بناء «شرق أوسط جديد» على أنقاض البلدان العربية وعلى حساب وحدتها وثرواتها ومصالح شعوبها.
الخطة قائمة وهي تنتظر لمسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. أمّا المستفيد منها، بالدرجة الأولى، فهو العدو الصهيوني الذي أسّس لمشروعه حيثية خاصة بوصفه عاملاً مهماً ومؤثراً في خطة وخطوات واشنطن والغرب الاستعماري عموماً.


هذا الوضع، يحتاج، تكراراً، إلى بناء خطة جديدة من قبل كل المتضررين والمهددين بوجودهم ومصالحهم وسيادتهم وكرامتهم... وهي خطة ذات أولوية حاسمة تتمثل في مواجهة مشاريع الأعداء جميعهم. وليس من إطار مناسب وحتمي لذلك سوى بناء جبهات مقاومة ومواجهة ذات طابع تحرري، وطني وقومي، ضد ما لا يمكن التساهل بشأنه من المخططات و الاعتداءات والمخاطر.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين عامين واستعمارين!
- مهمّة لا تحتمل التأجيل!
- مرحلة تحرّر وجبهات مُواجهة
- نسبية الانتصار والخسارة
- مواجهة الكيان المغتصِب والسيطرة الأميركية معركة في صراع كوني
- الخيار الوحيد
- جذريّة الخطّة وجذريّة الردّ
- تناقض البنية الفئوية والتابعة مع مشروع التحرّر
- تميّز المقاومة اللبنانية
- أي موقع في هذا الصراع؟
- الغياب الطويل إلى متى؟!
- هل ينجح نتنياهو؟
- الثنائي بلينكن نتنياهو: المشروع الأصلي!
- القلق والاستعصاء الإيجابي
- واشنطن دائماً وأبداً!
- نتنياهو الأكثر تمثيلاً
- المصالحة ولو في الصين!
- الصهيونية عار الحضارة الغربية
- ترسيخ نهج ونفضة شاملة
- تباينات واشنطن وتل أبيب


المزيد.....




- من زيت الزيتون إلى اللحم المقدد.. هكذا ستؤثر رسوم ترامب الجم ...
- بعد تصريحات ترامب.. وزير خارجية مصر يبحث الخطة العربية بشأن ...
- بيسكوف: لا يزال من الصعب تصور مفاوضات مراقبة التسلح بين موسك ...
- -جبل إيفرست داخل الرحم!-.. لماذا تقل فرص الحمل في المناطق ال ...
- السيسي وماكرون على تخوم غزة وسط حشد كبير من المصريين
- المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: ارتفاع عدد القتلى من الصحفيي ...
- زاخاروفا: مشاورات ثلاثية في موسكو اليوم حول البرنامج النووي ...
- الكرملين: موسكو تدعم المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة ...
- -كومبارس في استعراضه-.. -واللا-: هكذا أحرج ترامب نتنياهو بال ...
- تصعيد جديد بين الكوريتين وطلقات تحذيرية تنطلق من سيئول


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - من التوازن إلى الاختلال