مثنى إبراهيم الطالقاني
الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عالم السياسة الدولية، حيث تختلط الحقائق بالأوهام، وتُصنع الأزمات لتكون مدخلًا للحلول المصطنعة، تبرز قصص تتجاوز الخيال.
أحد أبرز الأمثلة هو ما أشار إليه المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، الذي أدرج افتعال الأزمات وحلها ضمن قائمة الأساليب العشرة لخداع الشعوب وتطويعها.
الجولاني، أو المكنى بـ "أبو محمد الشرع" الرجل الذي كان قبل أسابيع مجرد إرهابي عالمي تُرصد 10 ملايين دولار مكافأة لمن يأتي برأسه، تحول اليوم إلى نموذج يُروج له بوصفه رمزاً للتعايش و”الديمقراطية” ويستقبل البعثات الدبلوماسية الدولية!.
إنها عملية تبدو أشبه بالسحر؛ يرتدي عمامة الجهاد، يطيل لحيته، ويغرق الأرض بالقتل والإجرام والفساد.. ثم، فجأة، يُحلق لحيته، تُخلع العمامة، ويُقدم إلى العالم كمنقذ هادئ مُناضل.
هذا التحول المثير ليس إلا تجسيداً لاستراتيجية تُمارس في “معمل متعارض المصالح”.
أزمات تُصنع بحرفية لتغرق شعوباً بأسرها في صراعات طويلة، ثم تُطرح الحلول “المثالية”، التي تصب في نهاية المطاف لصالح القوى الكبرى.
الجولاني اليوم يثير الجدل، ليس فقط بسبب ماضيه الملطخ بالدماء، بل بسبب الحملة المنظمة التي تسعى لتلميعه.. البعض يريد أن يصفق لما يسمونه “حكمته السياسية”، و”سياسته الرشيدة”، التي أتاحت حرية التعبير وفتحت أبواباً جديدة في الشرق الأوسط.
ولكن، خلف هذا المشهد المرسوم بعناية عثمانية، يكمن التساؤل: إلى متى ستبقى الشعوب أسيرة لهذه المسرحيات المتكررة؟ وإلى أي مدى ستستمر الأزمات المفتعلة في انتهاك سيادة الأمم واستعباد شعوبها؟
إن قصة الجولاني ليست إلا مثالًا جديداً لآلية تتكرر، فقد تُخلق الأزمة لتبرير السيطرة، ويُعاد تدوير “الأشرار” ليصبحوا “أبطالًا”، في لعبة لا تنتهي إلا بخسارة الشعوب كما حصل في العراق بعد 2003.
قد نكون مخطئين أن نُغالط عقولنا حتى تستوعب ذلك خلاصاً للشعب السوري، ولكن أود أن اُشاركهم الأمل بحلمُ منشود.
#مثنى_إبراهيم_الطالقاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟