أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - إضاءة: -أسطورة سيزيف- لألبير كامو/إشبيليا الجبوري - ت: من الفرنسية أكد الجبوري















المزيد.....


إضاءة: -أسطورة سيزيف- لألبير كامو/إشبيليا الجبوري - ت: من الفرنسية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


"أسطورة سيزيف" للبير كامو(1913-1960)، نُشرت عام 1942، وهي تحكي تصورات فلسفية تستكشف عبثية الوجود البشري والبحث عن المعنى في عالم غير مبال. يستخدم كامو شخصية سيزيف الأسطورية، الذي حكم عليه الآلهة بدحرجة صخرة إلى قمة الجبل إلى الأبد، ليرى الصخرة تتدحرج إلى أسفل، كاستعارة قوية للحالة الإنسانية. يتساءل هذا العمل بعمق عن العلاقة بين الإنسان ومعنى الحياة، ويطرح مشكلة الحاجة إلى معاني محددة، ويقترح فلسفة لقبول العبث.

- مفهوم العبث والحالة الإنسانية؛
يقدم كامو مفهوم العبث باعتباره شعورًا بالصراع بين البحث الإنساني عن المعنى واللامبالاة الظاهرة للكون. ينشأ العبث عندما يدرك الإنسان أنه لا يوجد هدف متعالي أو مطلق يبرر وجوده. إنها مواجهة بين الرغبة الإنسانية في النظام والوضوح والمعنى، وواقع العالم الذي لا يقدم إجابات نهائية. إن لحظة المواجهة والاعتراف هذه هي ما يسميه كامو "ثورة العبث".

ولكن العبث لا يقود كامو إلى العدمية أو التشاؤم. وبدلا من أن ينظر إلى العبث باعتباره عقبة لا يمكن التغلب عليها، فإنه ينظر إليه كشرط يجب قبوله، وأساس يستطيع الإنسان أن يبني عليه حياته وقيمه الخاصة. بالنسبة لكامو، فإن الاعتراف بالعبث لا ينبغي أن يؤدي إلى الاستسلام، بل إلى مواجهة الحياة بشجاعة. إن الثورة ضد العبث، والتي تعني الاستمرار في الحياة رغم غياب المعنى، هي الاستجابة الفلسفية التي يقترحها كامو.

- سيزيف ورمزية العمل البشري؛
تم اختيار سيزيف، الشخصية الأسطورية، من قبل كامو كرمز للعبث بسبب مهمته الأبدية وغير المجدية المتمثلة في دحرجة حجر إلى أعلى الجبل، فقط ليرى الحجر يتدحرج إلى أسفل. في عالم بلا معنى، تصبح حالة سيزيف تمثيلًا مجازيًا للنضال البشري من أجل المعنى، وهو نضال محكوم عليه بالتكرار والفشل. وفي الوقت نفسه، يصبح سيزيف مثالاً للمقاومة، إذ يواصل مهمته، حتى مع علمه بأن جهوده غير مجدية من الناحية الموضوعية.

إن صورة سيزيف، حسب كامو، تكشف عن عظمة الحياة العبثية. يصف كامو سيزيف بأنه "سعيد"، مدركًا لحالته وتكراره الأبدي. وتنشأ هذه السعادة المتناقضة من قبول مهمته والثورة الصامتة ضد المصير المفروض عليه. ويدفعنا هذا العمل إلى التفكير في قيمة الجهد البشري، ليس كوسيلة لتحقيق غاية أعظم، بل باعتباره غاية في حد ذاته. إن إصرار سيزيف على مواصلة مهمته، في تكرارها الأبدي، يحول عدم الجدوى إلى شكل من أشكال الحرية.

- ثورة وحرية الإنسان العبثي؛
بالنسبة لكامو، الثورة هي استجابة أساسية للحالة العبثية. الثورة هي رفض اليأس والاستسلام، ورفض الاستسلام لفراغ الوجود الذي لا معنى له. إن هذه الثورة هي في حد ذاتها شكل من أشكال الحرية. إن الإنسان الذي يقبل العبث ويثور عليه يجد حرية عميقة، لأنه يحرر نفسه من الحاجة إلى هدف أو مبرر للحياة. من خلال اعتناق العبث، يخلق الإنسان قيمه الخاصة ويجد المعنى في تجاربه وأفعاله الخاصة، على الرغم من أنه يعلم أنها خالية أساسًا من أي قيمة جوهرية.

هذه الحرية، حسب كامو، هي التي تمنح الكرامة للإنسان العبثي. إنه يعيش بوضوح حول طبيعة الوجود مما يسمح له بمواجهة الحياة بشروطها الخاصة. إن الثورة هي أيضًا شكل من أشكال التحدي للحدود التي تفرضها الحياة، وتأكيد على الرغبة الإنسانية في إيجاد الرضا، حتى في خضم الفراغ الوجودي. وفي هذا السياق يخلص كامو إلى أنه "يجب علينا أن نتخيل سيزيف سعيدًا". إنها دعوة لقبول واقع الحياة وإيجاد الحرية والهدف ليس خارجها، ولكن ضمن ظروفها وحدودها الخاصة.

- العبث والوجودية: حوار مع فلاسفة آخرين؛
على الرغم من أن كامو يرتبط في كثير من الأحيان بالوجودية، إلا أنه يختلف في عدة نقاط عن فلاسفة مثل جان بول سارتر وسورين كيركيجارد. بالنسبة لكيركيجارد، على سبيل المثال، فإن العبث يؤدي إلى "قفزة الإيمان"، أي قبول الله الذي يتجاوز العقل. يجد سارتر في الحرية الفردية وبناء المعنى الشخصي طريقًا وجوديًا للتعامل مع غياب الجوهر. لكن كامو يرفض القفزة الإيمانية وبناء معنى أساسي للوجود. فلسفته هي الدفاع عن قبول العبث وتقدير الحياة كما هي، دون اللجوء إلى التسامي أو الحل النهائي.

ويتساءل كامو أيضًا عن الانتحار باعتباره استجابة للعبث، ويتناوله باعتباره "مشكلة فلسفية خطيرة حقًا". بالنسبة له، إنكار الحياة ليس ردًا صالحًا على العبث؛ وبدلاً من ذلك، فإن الشجاعة الحقيقية تكمن في الاستمرارية وقبول الحياة، على الرغم من عبثيتها. وهكذا فإن كامو لا يقدم حلاً أو علاجاً للحالة الإنسانية، بل طريقة لمواجهتها بكرامة.

- الخلاصة:
إذن أهمية فكر كامو في العصر الحالي. تظل تلاحق أسطورة سيزيف بذات الإشكالية. والأهمية لأنها تمس جوهر الحالة الإنسانية الحديثة، وخاصة في عالم لا يزال يبحث عن إجابات نهائية وسط مشهد من عدم اليقين. يقدم كامو فلسفة قائمة على المرونة والشجاعة تتوافق مع الفرد المعاصر، الذي غالبًا ما يجد نفسه ضائعًا بين فائض المعلومات والافتقار إلى الهدف الدائم.

إن صورة سيزيف الذي يحمل حجره بكل عزم وإصرار هي رمز قوي للنضال الإنساني من أجل فهم الذات والمعنى. يدعو كامو القارئ إلى قبول العبث، ليس باعتباره هزيمة، بل باعتباره فرصة للحرية والإبداع. في عالم حيث المعنى نادر، تعلمنا أسطورة سيزيف أن السعي البشري، مهما بدا متكررًا ولا نهاية له، هو عمل ذو قيمة وأن الحياة، حتى بدون هدف أعظم، تستحق أن تعاش.

إن هذه الفلسفة ليست انسحاباً من الواقع، بل هي نهج صادق وشجاع للغاية للعيش بشكل كامل ضمن الظروف التي يفرضها الوجود. وفي نهاية المطاف، يقترح كامو أنه، مثل سيزيف، يمكن للبشر أن يجدوا السعادة والسلام في قبول مهمتهم الأبدية وفي نفس الفعل المتمثل في الثورة ضد العبث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: أوكسفورد . المملكة المتحدة ـ 01/03/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إضاءة؛ -الصيف الأخير لكلينزوا- لهيرمان هيسه/ إشبيليا الجبوري ...
- أنت تسعى وتتوق إلى السلام/ بقلم روزاليا دي كاسترو - ت: من ال ...
- صنعة الفقر وفقا لزيغمونت باومان/ شعوب الجبوري - ت: من الألما ...
- هروب من الأرض/ بقلم كلارا خانيس - ت: من الإسبانية أكد الجبور ...
- قصة قصيرة -العودة- / بقلم روبرتو بولانيو- ت: من الإسبانية أك ...
- إضاءة: رواية -عوالم ميتة- لأوكتافيو دي فاريا/إشبيليا الجبوري ...
- أنواع طبقات الشراكات المجتمعية /بقلم ميشال فوكو -- ت: من الف ...
- إضاءة: رواية -عوالم ميتة- لأوكتافيو دي فاريا/إشبيليا الجبوري
- مختارات ماجدة بورتل الشعرية
- تهنئة إلى -صحيفة صعاليك- بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة
- أنواع طبقات الشراكات المجتمعية /بقلم ميشال فوكو - ت: من الفر ...
- مختارات سيرسي مايا الشعرية - ت: من الإسبانية أكد الجبوري
- إضاءة: -الإنجيل لدى يسوع المسيح- لجوزيه ساراماغو /إشبيليا ال ...
- كيف -بيل غيتس. عبقري شرير-بحسب سلافوي جيجيك؟/ الغزالي الجبور ...
- سيسار بايخو يحتضر/ بقلم ماجدة بورتل* - ت: من الإسبانية أكد ا ...
- إضاءة: -نور تحت الأرض- للوسيو كاردوسو/إشبيليا الجبوري - ت: م ...
- في مديح الجريمة / بقلم كارل ماركس - ت: من الألمانية أكد الجب ...
- إضاءة: أوكتافيو سميث -من المنفى الخفي- 3-5 /إشبيليا الجبوري ...
- وجودية دوستويفسكي والوجودية الأوربية (1-2)
- إضاءة: قصة -صنوبرة عيد الميلاد- لهانز كريستيان أندرسن /إشبيل ...


المزيد.....




- طريقة تثبيت تردد روتانا سينما  الجديد 2025 “مش هتعرف تغمض عي ...
- الكاتب آفي شتاينبرغ: الجنسية الإسرائيلية أداة للإبادة الجماع ...
- عذّبه الأب، وعاش ليشهد فرار الإبن.. محمد برو وعدالة تأخرت نص ...
- فرقة لا تعزف الموسيقى بل تقدمها بلغة الإشارة لفاقدي السمع
- (بالصورة) رسامة كاريكاتير تستقيل.. والسبب -إنحناء بيزوس أمام ...
- إرث العثمانيين الثقافي.. ديانا دارك وتجوال جديد على جسور الش ...
- -انحناءة- بيزوس أمام ترامب تتسبب باستقالة رسامة كاريكاتير في ...
- ترجمة مُضللة لتصريحات وزير دفاع أمريكا عن ضربات ضد الحشد الش ...
- -لا أرض أخرى-.. البدو الفلسطينيون يجبرون على الرحيل تحت غطاء ...
- قائد الثورة..ضرورة زيادة النتاجات العلمية والفنية عن هؤلاء ا ...


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - إضاءة: -أسطورة سيزيف- لألبير كامو/إشبيليا الجبوري - ت: من الفرنسية أكد الجبوري