أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - أفق تجاوز الصراع الحضاري















المزيد.....


أفق تجاوز الصراع الحضاري


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 18:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مساء أمس بدأ المطر و بضع دقائق كان فيه عنيفا، ثم امتد طيلة ليلة البارحة خفيفا نسميها هنا في تونس بمطر أرضي، وصباحا فالشوارع تكسوها تلك الحلة الجميلة من الماء والغدائر. في الليل كان صوت المطر رائقا عذبا، ولكن ما أن تذكرنا أهلنا في غزة والمطر قد غزى خيامهم والبرد أنهك عظامهم وأغطية الخيام تـتداعى ووسط المطر يحاولون شدها وهم جالسون على الماء أو واقـفون، حتى تـنـقشع مشاعر الفرح بالمطر هنا، وتـنصهر الرؤى المتـشابكة انطلاقا من الإحساس المخزي بالعجز عن مساعدتهم، والغضب من العالم العاجز عن مساعدتهم. مساعدتهم التي تتمثل في إيقاف الجنون الصهيوني الشيطاني الذي أحال غزة إلى جحيم على مرأى العالم والعالم واقف يتـفرج.. مادامت حكومات الغرب والولايات المتحدة الأمريكية أساسا تحمي ذاك العبث الشيطاني فالعالم عاجز عن إيقاف حرب الإبادة للشعب الفلسطيني في غزة. لأجل ذلك فهي ليست حرب إسرائيل فقط وإنما حرب الحكومات الغربية القوية المسيطرة على عالم اليوم. هذا العالم الحديث الذي أفصح عن قبحه وذاك القبح الذي يكاد يقـشع كل جماليات الحضارة الغربية.. لماذا يا ترى؟ لماذا منظمة الأمم المتحدة وهذا العجز عن إنـقاذ الفلسطينيين من حرب الإبادة والعجز عن فرض حصار على المحتل والعجز عن إقرار حق الفلسطيني في التحرر من الاحتلال، بينما تحركت تلك الآلة الأممية ضد احتلال العراق للكويت عام 1990، وإصدار قرارات أممية لسحب العراق جيشه بالقوة من الكويت والحصار الاقتصادي و تدمير أسلحته؟؟
الإجابة التي يستحضرها كثيرون تـقول من أجل ثروات الوطن العربي. الحكومات الغربية تعلم جيدا أن العرب حكومات وشعوبا ملؤهم الرغبة في التعامل مع الغرب، وأن حاجز إسرائيل هو الذي ينغص تلك الرغبة مع أنها لم تمنعها، فحتى الأنظمة العربية الثورية ابتداء من عبد الناصر إلى صدام حسين لم يخفوا رغبتهم تلك، أما عن بورقيبة تونس مثلا فإنه ذهب أبعد من ذلك بحيث عمل على أوربة التونسيين أصلا وذلك لم يكن بالأمر الذي لا يروق بقية العرب بل يعبرون عن اعجابهم بذاك التمشي بطريقة أو بأخرى، حتى أن الفرح بالتونسي بالمشرق جزء منه لاعتباره يتكلم الفرنسية ومتـفرنس. إذن، فقد كان للغرب أن يتمتع بثروات العرب بشكل أفضل في غياب تلك العدائية المستبطنة فيه، لأن العربي يريد التأورب في حقيقته لأنه يريد الارتقاء الحضاري، وبالتالي كان التعامل الاقتصادي سيترافق مع تلاقح حضاري لصالح الحضارة الغربية وهيمنتها مع مقادير من النمو الاقتصادي للشعوب العربية تكثف ذاك التعامل والتلاقح والتفاعلات، وهنا فمصلحة الغرب أقوى و أنجع.. ولكن فحتى الغرب الذي يعلن نفسه عقلانيا فهو لاعقلاني.
إذن لماذا هذه العدوانية الغربية تجاه العرب؟
وغاية أغلب المثـقـفين العرب التظاهر بالعقلانية، والعقلانية عندهم هي الرؤية الاقتصادوية، وبالتالي يخرجون عن الموضوع، بل يشوشون الرؤية ويغيبونها عن اعتـقاد جازم بحقيقة طرحهم. لنولي وجوهنا ناحية العقول الغربية الحرة المشتغلة بجدية البحث الفعلي عن الحقيقة.
يقول المفكر الفرنسي " بروديل": " الغرب و الإسلام يجمعهما تعارض عميق يقوم على التـنافس والعداء والإقـتباس.. إنهما عدوان متكاملان، الأول ابتكر الصليبية وعاشها، فيما ابتكر الثاني الجهاد وعاشه..
وفي المتوسط، كل شيء كان عرضة للتبادل والانتـقال والاستعارة، من الناس إلى الأفكار و أنماط العيش والمعتـقدات و أساليب الحب وأشكال السكن والأخلاق والمأكل".
اذن هو التاريخ والانسان كائن تاريخي مثلما قال هيغل. التاريخ منسوج في أعماقنا حتى أنه هو الذي يشكل اللاوعي الجمعي للشعوب وبالتالي الفردي كجماعة. لأجل ذلك لا تجد معقولية برغم ادعاء ذلك من الغرب الامبريالي الرأسمالي أو الغرب القوي اقتصاديا وعسكريا، وفي قمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التي طفحت لاعقلانيتها حتى أن الكونغرس طرح على نفسه الاشتغال لسن قانون امريكي يعاقب محكمة الجنايات الدولية لأنها أصدرت بطاقات إيداع بالسجن لرئيس الوزراء و وزير الدفاع الاسرائيليان.
يقول المفكر " ايرسكين تشايلدرز" في كتابه " الحقيقة ..عن العالم العربي":
" لقد أحس العالم الغربي بالعرب والمسلمين، إحساسا قائما على الكراهية العميقة منذ أكثر من ألف و مائتي عام، و هي مدة أطول من إحساس الغرب بأية ثقافة أو أية منطقة أخرى من العالم. فقد نشأت المؤسسات المسيحية الغربية في القرون الوسطى، وهي تواجه ظهور الإمبراطورية العربية الإسلامية. وكانت الفكرة السائدة لدى جميع قصائد الفروسية في أوربا، معركة المسيحية ضد الخطر العسكري، والهرطقة الدينية، للمحمديين العرب."
انه عداء عميق في السيكولولجية الغربية تجاه العرب المسلمين، وبالتالي لا يمكننا أبدا أن نثق فيما يُسمى العقلانية لدى الغرب أو العقلانية الغربية، وهنا نقـذف بأنفسنا في طريق آخر وهو بناء عقلانية عربية إسلامية انطلاقا من تاريخنا أي انطلاقا من أنفسنا. والعمل الفكري بطبعه لا يمكن أن يكون إلا بالإنفتاح على الذكاء البشري بشكل عام. وفي هذا الصدد يقول المفكر "وجيه كوثراني": " إن الشعوب الإسلامية تبحث عن مشروع حضاري جديد لا يمكن للإسلام إلا أن يكون في قلبه، ولا يمكن للمعطيات العالمية إلا أن تكون مادة اقتباس و توليف وهضم."
إن التعاطف الغربي مع الشعب الفلسطيني ورفعه شعار فلسطين حرة من النهر إلى البحر وبداية تشكل وعي شبابي يؤمن بذلك، هو مفتاح تواصل بين العرب والغرب. ان مقاطعة ارلندة لإسرائيل والوقوف الواضح مع الشعب الفلسطيني لدى حكومة بلجيكا واسبانيا وعديد بلدان أمريكا اللاتينية هو فتح لمستقبل تواصلي متجاوز لتلك العدائية الغربية. وان دخول اعداد من الشباب الغربي في الإسلام هو كذلك فتح لمستـقبل تواصلي، و كل ذلك يفرض الاعجاب بالطاقات النضالية ومدى قوة مشاعر التعاطف الأخلاقية لدى الشعوب الغربية في مجملها، ولكن مازال الصراع تحكمه إرادة القوة والأنظمة و الدول العميقة الكهنوتية الرالسمالية الامبريالية في نفس الوقت، فالتاريخي يترجم نفسه امبرياليا غربيا اليوم والقائم على مقولة "إما نحن أو هم، فليس بالإمكان نحن وهم في نفس الوقت".
والمشروع العربي المقاوم لا يأخذ مداه التاريخي أي كمساهمة فاعلة في بناء عالم انساني جديد، إلا بالتركيز حول بناء البديل الحضاري العربي الإسلامي. وعربيا أثبتت المقاومة ضد الصهيونية أن للإسلام طاقة عظيمة في خلق انسان قوي مقتدر..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط الأسد
- النشوة الحارقة للذاتية المتعالية
- بين الغربين
- طوفان الأقصى
- خرافية - اسحاق نيوتن-
- المُثقف المقيت
- جمالية القوة السياسية
- لماذا خُـلق الإنـسـان في القرآن؟
- الإنسان المتحول صرصارا
- في الثورة الإيرانية
- مشروع دسترة الثورة التونسية
- في تهنئة رئيس الجمهورية - قيس سعيد- بعيد الفطر
- في تأصيل فكرة الإشتراكية
- أي اشتراكية نريد؟
- الشمس
- البوط
- الصورة
- الفراشة
- آه يا عراق
- الإنهيار


المزيد.....




- ثلوج كثيفة تشل حركة الملاحة الجوية في مطارات بريطانية
- وزير الخارجية السوري يدعو من قطر إلى رفع العقوبات الأمريكية ...
- هبوط طائرة سعودية سادسة محملة بالمساعدات الإنسانية في مطار د ...
- من داخل مبنى تعرض لهجوم بمسيرة أوكرانية في فورونيج
- الدفاع الروسية: القضاء على 1360 عسكريا أوكرانيّا خلال 24 ساع ...
- هيئة البث العبرية تعلن هرب جندي إسرائيلي من البرازيل ولابيد ...
- اكتشاف خمس مجرّات قزمة قريبة من الأرض
- -علي بابا- تخفض أسعار أحد نماذجها للذكاء الاصطناعي بنسبة 85% ...
- مصر.. حزب -الجبهة الوطنية-: لا نسعى لحكم البلاد حاليا
- الشيباني من الدوحة: سوريا الجديدة ستحظى بعلاقات جيدة مع دول ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - أفق تجاوز الصراع الحضاري