ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 12:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أثار خبر تداولته مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات كبيرة حول أن القيادة الجديدة في سوريا تخطط لدعوة 1200 شخص من جميع المحافظات والمكونات السياسية والدينية والطائفية للمشاركة في مؤتمر حوار وطني في منتصف الشهر الجاري. سيستمر، حسب المعلومات المتداولة، لمدة يومين فقط، ما يثير الشكوك حول جدوى مثل هذا العدد الكبير من المشاركين وضيق الوقت المخصص للنقاشات.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا 1200 شخص؟ ألا يمكن اختصار هذا العدد إلى 100 أو حتى أقل؟ فعلى سبيل المثال، لو كان العدد 100 مشارك، لكان بالإمكان منح كل فرد خمس دقائق للتعبير عن رأيه، وهو وقت معقول يتيح للمشاركين تقديم رؤاهم وأفكارهم بشكل واضح. أما في ظل العدد المطروح، فإن الفرصة المتاحة لكل مشارك قد لا تتجاوز دقيقة واحدة، وهو وقت بالكاد يكفي لذكر الاسم، فما بالك بطرح قضية أو تقديم اقتراح عملي؟
خطوات نحو حوار حقيقي
إذا كانت القيادة الجديدة جادة حقاً في إنقاذ البلاد مما تواجهه من أزمات، ينبغي عليها إعادة النظر في هذه الخطة. فالتغيير الحقيقي يبدأ بدعوة جميع الأصوات المعارضة، بما في ذلك أولئك الذين تعرضوا للتهميش أو التضييق في العهد السابق، سواء في الداخل أو في الخارج، مع تقديم ضمانات حقيقية تضمن سلامتهم وحرية تعبيرهم.
لا بد من تنظيم الحوارات بشكل تدريجي ومدروس. على سبيل المثال:
1. عقد حوارات محلية على مستوى المحافظات، بحيث تتاح الفرصة لأكبر عدد من المواطنين للمشاركة الفعالة.
2. اختيار ممثلين عن هذه الحوارات المحلية بناءً على كفاءتهم وقدرتهم على إيصال أصوات أبناء محافظاتهم.
3. تنظيم مؤتمر مركزي في العاصمة دمشق يضم هؤلاء الممثلين، لتوحيد الرؤى والخروج بخريطة طريق تليق بحجم التحديات.
لا يمكن للوطن أن ينهض دون حوار حقيقي يعكس تطلعات أبنائه كافة، بمختلف انتماءاتهم وأفكارهم. سوريا اليوم بحاجة إلى منصة حوار تزرع الأمل بدلاً من التشتت، وتحول الألم الذي عصف بقلوب أهلها إلى فرصة لبناء مستقبل مشترك. إن لم تكن القيادة الجديدة قادرة على تقديم هذه المنصة بروح منفتحة وشجاعة حقيقية، فإن هذا الحوار سيظل مجرد شعارات لا صدى لها إلا في قاعات مغلقة، وستبقى البلاد عالقة في دوامة لا نهاية لها.
لنجعل الحوار جسراً يوصلنا إلى وطن يتسع للجميع، حيث تُسمع كل الأصوات ويُصغى لكل الآمال. فالأوطان لا تُبنى بالأرقام، بل بالعزيمة والإرادة الصادقة.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟