أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق الهوا - آية الله جيمي كارتر















المزيد.....


آية الله جيمي كارتر


طارق الهوا

الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 07:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل حلول بايدن رئيساً، كان الأميركيون يعتبرون أن جيمي كارتر أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية. أسوأ حتى من الرئيس هربرت هوڤر الذي حدث الكساد العظيم في فترة رئاسته، لكن مرور الزمن وعمر كارتر بعد فترة رئاسته الذي بلغ 44 سنة، ووساطاته في منازعات دولية، جعلت الولايات المتحدة تعتبر يوم دفنه حداداً وطنياً، لن يذهب موظفو الحكومة فيه إلى أعمالهم.
قال كلارك كليفورد مستشار رؤساء أميركا لمدة طويلة، وأحد من يُطلق عليهم حكماء العاصمة بُعيد انتهاء فترة رئاسة كارتر: "لم تتسم رئاسته بأي تغيير أو تحول بارز".
لا يزال الجمهوريون ينظرون إلى كارتر باعتباره رمز الفشل، والغريب انه لم يزل موضع هجوم من الديمقراطيين أمثال الرئيس جو بايدن!
ما يُحسب لكارتر كرئيس، إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع الصين، وكان الرئيس نيكسون قد مهد لها بخطوة جبارة، وحصوله على مصادقة معاهدة تسليم سلطة قناة بنما إلى دولة بنما، كما حاول نقل أميركا بعيدا عن صدمات العقد السابق لرئاسته، والتمس الأعذار للمتهربين من التجنيد في حرب ڤيتنام، وبدأ إصلاحات ما بعد فضيحة ووترغيت، لكن هذه الأمور لم تشفع لإخفاقاته التي تهم المواطن العادي، وأبرزها الارتباك الاقتصادي وصفوف الانتظار الطويلة داخل محطات الوقود، وما سُمي الوعكة التي أوجدها في المجتمع الأميركي، علاوة على ورطة الرهائن الأميركيين داخل السفارة الأميركية في إيران التي هيمنت على آخر 444 يوماً من فترة رئاسته، وأدت إلى تهنئته لريغان بعد ظهر يوم الانتخاب بفوزه بالرئاسة، وحين سُئل عن عدم انتظاره لنتائج الولايات الغربية التي ما زالت تنتخب بسبب فارق توقيتها قال: "النتائج واضحة!".
على صعيد الشرق الأوسط وصعود تيار الإسلام السياسي إلى الواجهة والحكم بعد أن كان مجرد نظريات وتيارات لا قيمة مؤثرة لها في الدول، أعتبرُ شخصياً كارتر أسوأ رئيس أميركي ساهم بشكل مباشر وغير مباشر وبسوء تقدير وعدم تبصربالعواقب في نشر هذا المد العاتي، الذي أصبح لا حقا تهدد موجة هجرته دول الغرب كافة، بطمس ثقافاتها وتكفير كل من لا ينتمي إليه، لأنه مفوض من الله بعمل ذلك، وقد فعله في حضارات الشرق الأوسط وتخوم البلقان.
هل كان كارتر والمهندسون السياسيون الذين ساعدوه وأتوا به للحكم، على علم بأن هذا التيار يعتبر الدول القومية أعداءه، لأن الإسلام وطن وهوية، ومن ثمة يستحيل أن ينتمي المسلم إلى أي دولة، ومقولة محمد مهدي عاكف رئيس الإخوان المسلمين السابق أفضل اختصار لهذه الرؤية السياسية الدينية: "طز في مصر وأبو مصر وإللي ساكنين في مصر.. أنا ما يهمنيش يحكم مصر واحد ماليزي".
كما لا يعتبر هذا التيار نفسه مديناً بالعرفان إلى مَنْ يساعده أو يأويه أو ينقذه، أو يحترم ثقافات أي مجتمع يحل فيه لاجئاً أو مهاجراً. الأرض لله وكل شيء يتم بمشيئته، فلماذا يحترمون الدول أو يدينون بالولاء لأي شخص ساعدهم؟
حسب تاريخ الرئيس كارتر الضعيف غير الشعبي، يمكن القول انه السبب الرئيسي في زلزال إيران السياسي الشيعي، الذي امتدت ارتداداته المدمرة إلى دول الجوار أولا، وجعلت حروبها جهاداً ضد الكفار كما حدث في أفغانستان، ثم في بقية الشرق الأوسط. وقد اعتبر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن تشدد الخمينية كان السبب الرئيسي في انتشار موجة التشدد في الشرق الأوسط.
كثير من الإيرانيين لا يغفرون لكارتر ما فعله بهم وجعلهم يهاجرون بعد الثورة الخمينية، وبحضارتهم الفارسية التي يعتزون بها "نحن إيرانيون أولا.. مسلمون ثانيا"، هكذا يعتبر عدد كبير من الإيرانيين أنفسهم.
المرء يندهش من حصول جيمي كارتر على جائزة نوبل للسلام 2002، فهو لا يستحقها مثل أوباما تماماً. وإذا كانت هذه الجائزة تعود لجهوده في اتفاقيات كامب ديڤيد وكتابه "فلسطين" علاوة على وساطاته الدولية بعد رئاسته، فالواقع يقول إن الرئيس أنور السادات فقط هو من أنجح اتفاقية كامب ديڤيد، بعزمه وارادته وإصراره أمام مناحم بيغين المتردد المخادع، وكارتر الذي كان مجرد راع لمفاوضات السلام ثم اتفاقيتي كامب ديڤيد.
كان شاه إيران حليفا موثوقاً به للولايات المتحدة، وكان الغرب ينظر إلى إيران كحليف أساسي في الحرب الباردة ضد الشيوعية، لكن في أواخر سنة 1977 اندلعت أعمال شغب إيرانية/ماركسية في عدة مدن إيرانية، سرعان ما انتشرت وامتدت لمدة ثلاث عشرة شهراً بفضل عناصر خارجية ساعدتها. كانت أعمال الشغب تلك تنادي بشعار "استقلال..حرية..عدالة اجتماعية"، وكعادة المتأسلمين استفاد منها الخميني وركب الموجة الشعبية الثورية بمساعدة استخبارات أجنبية، وحرّف الشعار الذي هتف أنصاره به إلى "استقلال..حرية..جمهورية إسلامية."
كان التدخل الأخطر في الثورتين (الإيرانية/الماركسة والشيعية/السياسية) على أرض إيران، هو مطالب إدارة كارتر لحقوق الإنسان الإيراني التي أثارت غضب الشاه، لأنه يعتبر نفسه كأي حاكم مسلم ولي أمر البلد الذي يحكمه، وبعد ارتفاع استثمار الخميني في أعمال الشغب سنة 1978، جعل سايروس فانس وزير الخارجية الأميركية آنذاك تطبيق حقوق الانسان أولوية بتطبيق سلسلة من الإصلاحات لتهدئة أصوات السخط، في حين أيد زبغنيو بريزينسكي مستشار الأمن القومي الأميركي اتخاذ إجراءات صارمة ضد أعمال الشغب، حتى لا يسقط نظام أهم حليف لأميركا والغرب في المنطقة، لكن حدث ما أراده كارتر، وحسب ما قال الشاه للرئيس أنور السادات لاحقا في القاهرة: "أميركا جعلتني أخرج إلى منفاي كجرذ".
عاد آية الله الخميني من منفاه الباريسي في فبراير/شباط 1979، إلى السلطة بدعم أميركي مطلق، وبوصوله بدأت الأطراف الأخرى الثورية مثل الماركسيين ومجاهدي خلق تختفي من المشهد الشعبي المؤثر، لمعارضتهم فكرة ولاية الفقيه، وانتهت الأمور بإعدام كل من يعارض هذه الفكرة أو اغتياله إذا استطاع الهروب من إيران، ورغم ذلك اقتحمت مجموعة من الخمينيين السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا ستة وستين ديبوماسياً أميركياً، وأصبحت الورطة الديبلوماسية إشكالية بالنسبة لإدارة كارتر، خصوصاً بعد فشل عملية Eagle Cole في أبريل/نيسان 1980 لتحرير الرهائن، ثم بدأت مفاوضات لإطلاق سراحهم إلى أن تم التوصل إلى اتفاق في كانون الثاني/يناير 1981، وفي مقابل الإفراج عن الرهائن تلقت إيران من إدارة كارتر أكثر من سبع مليارات دولار كتعويض نقدي، علاوة على إلغاء تجميد الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة، وأمر الخميني بإطلاق سراح رهائن السفارة بعد ساعات من وصول ريغان فعلياً إلى البيت الأبيض.
غير مفهوم على الاطلاق دعم إدارة كارتر للثورة الخمينية الايرانية، بدون وضعه في إطار استعمال الاسلام كحائط أمام الشيوعية. لم تستعمل أميركا قوتها الناعمة في الشرق الأوسط لصد المد الشيوعي. كما انه من الصعب فهم دعم أميركا لتأسيس دولة دينية في إيران، في وقت كانت دول الشرق الأوسط تتجه فيه إلى الدساتير العلمانية واتخاذ الحياة الغربية نمط حياة لها، سوى من خلال إطار وضع جيمي كارتر داخل المجموعة الفاعلة الأميركية التي تتبنى عودة الخلافة أو الحكم الإسلامي السياسي للشرق الأوسط لمنع تمدد الشيوعية فيه.
كان آية الله جيمي كارتر مُخلصاً لهذه النظرية الكارثية منذ رجولته حتى كهولته ووفاته، وكان على استعداد لمساعدة من يدعمها، ووافق أن يكون مبعوث باراك أوباما المؤمن بالنظرية نفسها، وسافر إلى مصر قبل انتخاب رئيس بعد حسني مبارك، وتجاوز حياديته كمراقب للإنتخابات، وأيد صراحة محمد مرسي العياط ليصبح أول رئيس إخواني لمصر بتزوير فاضح، كان أوضح دليل فيه حصار الإخوان المسلمين بالسلاح لبلدات ذات أغلبية مسيحية في جنوبي مصر لمنع المواطنين من التصويت لصالح أحمد شفيق منافسه.
قال أوباما هاتفياً لأحمد شفيق انه أبلى بلاءً حسناً، وفعل كارتر ما فعله رغم الصفعة المؤلمة التي تلقاها من الاسلام السياسي الشيعي، وأفقدته سمعته كرئيس أقوى بلد في العالم.
عاش جيمي كارتر عمرا مديداً عاصر فيه كارثية استعمال الاسلام السياسي كمانع لانتشار الشيوعية، بدءاً من سقوطه شخصيا في انتخابات أميركا سنة 1981 بسبب حصار الاسلام الشيعي سفارة أميركيا في طهران، كما رأي سقوط برجي التجارة العالمية، والإرهاب الذي أدمى أوروبا ولم يزل، مروراً بظهور "حزب الله" في لبنان وأذرع إيران الميليشياوية السياسية الأخرى في العراق والحوثيين في اليمن وتهديدهم للملاحة الدولية في خليج باب المندب والبحر الأحمر، رغم وجود الأسطول الخامس الأميركي على مقربة من مكان قرصنتهم.
كما جاهد كارتر ضد عدم ربح دونالد ترمب لرئاسة ثانية، وذهب على كرسي متحرك للانتخاب الأميركي الأخير وصوّت ضد ترمب كما قال وهو يرتعش تحت وطأة العمر وسرطانات متكررة عولج منها.



#طارق_الهوا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما قاله نتنياهو ويجب التفكير فيه
- رابعة لأوباما أو ثانية لترمب (4)
- لماذا قبّل البابا يد الإمام الأكبر؟
- رابعة لأوباما أو ثانية لترمب (3)
- ملك ورئيس وزراء وفاروق الفيشاوي
- صادق خان ولعبة الأقنعة
- رابعة لأوباما أو ثانية لترامب (2)
- رابعة لأوباما أو ثانية لترامب
- قبلة حياة للولايات المنقسمة الأميركية
- حقوق التعددية محفوظة للإرهابيين
- البابا فرنسيس والإحلال الكبير
- أسئلة برسم الدعاة الفضائيين
- قطع الرأس سمة ثقافية
- باتريك زكي إرهابي بقرار من الدولة العميقة
- الفريد في رؤساء أميركا
- دارمانان: مهددون بالإرهاب الإسلامي السنّي
- حقوق المجرم أهم من أمن الوطن!
- تحويل البشر إلى أرقام
- تبصير في فنجان ترامب
- خنوعوفوبيا وليس إسلاموفوبيا


المزيد.....




- السعودية.. شقيقة الأمير الوليد بن طلال وابنة الأميرة منى ريا ...
- البحرية الكورية الجنوبية تجري أول مناوراتها في 2025
- عبد العزيز آل سعود: كيف استطاع -نابليون العرب- توحيد المملكة ...
- في ذكرى 6 يناير.. ذكريات الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي ...
- عودة ترامب تربك حسابات أوروبا في علاقاتها بروسيا وأوكرانيا
- عاصفة تهدد 62 مليون أمريكي
- انهيار جسر في ولاية أوريغون أثناء مرور قطار شحن عبره (صورة) ...
- أنقرة: نحو 40 ألف سوري عادوا من تركيا إلى وطنهم منذ الإطاحة ...
- مشروب بثلاث مكونات قد يساعدك على -تنظيف القولون وفقدان الوزن ...
- -آبل- تتوصل لتسوية بقيمة 95 مليون دولار في قضية التجسس على م ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق الهوا - آية الله جيمي كارتر