سوريا الجميلة و الدولة الجديدة

خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 02:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هذه هي سورية و هذا هو شعبها الطيب, شعب يحب السياسة كما يحب الخبز و شعب يرضى بالقليل و يشكر الخالق عليه و يسعى للكثير قولاً و عملاً.
العقل السوري, و بدون أي شوفينية, عقل متنور و متأقلم مع كل الظروف و قادر على الابداع و صنع الحضارة أينما حل في العالم و بشهادات ابحاث اجتماعية و علمية, و هذا ببساطة لأنه شعب اكتسب صفات خلقية بحكم طبيعة وطنه الاستراتيجية و بحكم تعامله مع شعوب المنطقة و غزوات الدول القوية على مر التاريخ فأكسبته فكرة التعايش حتى مع الخصم.
مقدمة اساسية لأنطلق إلى توصيف ما يحدث في سورية بعد سقوط الطاغية و التركيز على النواحي الايجابية في تعاطي السوريين مع قضايا مصيرية تخص وطنهم و مستقبلهم المهدد حقيقةً بمخاطر واضحة و صريحة.
إن ما يحدث في سورية من حمى النقد و النقد المضاد هو فعل انساني ايجابي حتمي و ضروري بعد عقود من سيادة مملكة الصمت و تأثيراتها النفسية العميقة حتى على الانسان السوري في المنافي و الاغتراب و طبيعة هذا الحوار العاصف تفرضه طبيعة المرحلة و ما يسمى صدمة الحرية التي سلبها النظام البائد الذي ورثها عن فترة بداية تشكيل الدولة السورية و توقفها نهاية الخمسينات حيث كان الحدث الابرز فيها الانقلابات العسكرية.
ليس ما يحدث سيء أو جيد بالمطلق و لكن دعنا نتوج هذا الفعل الانساني بفعل وطني سوري و بحوار عقلاني يشكل طريقاً علمياً و عملياً لصياغة عقد اجتماعي وطني رصين و متوازن لفترات زمنية محددة تفرضها المرحلة التي نعيشها تبدأ بالمرحلة الانتقالية ثم تنتقل لمرحلة دائمة و متطورة بأقل الخسائر و بأقل الكلف حتى لا يورث أي حكم تركة ثقيلة من الازمات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية للحكم اللاحق.
لا يحتاج السوريين لاعادة اختراع العجلة و قد اخترعها اجداد اجدادهم و غيروا العالم حينها, فمفاهيم الدولة و الدستور و السلطة و المعارضة و القضاء و حقوق الانسان و الأكثر اهمية مفهوم الهوية الوطنية هي مفاهيم يتداولها العالم و يدرسها طلاب الجامعات في عدة اختصاصات و ما على الباحثين السوريين سوى اسقاطها بشكل علمي على الواقع السوري.
مع ذلك فإن فكرة الدولة هي أكثر القضايا التي تؤرق السوريين اليوم و هذا منطقي بعد أن التبست عليهم عدة مفاهيم بسبب استيلاب النظام الأسدي البائد للدولة و مؤسساتها عن طريق الاستيلاء على السلطة بالقوة القهرية و هذا ما يفسر انهيار الدولة و مؤسساتها مع انهيار النظام نفسه و هذا درس عظيم علينا كسوريين أن لا نغفله و نحن أمام مشهد إعادة بناء الدولة السورية الوطنية و مؤسساتها كافة.
ما أقترحه في هذه المقالة, هو دعوة السوريين على مختلف انتماءاتهم الاجتماعية و السياسية و الاثنية للاتفاق على مبادئ عامة و ثابتة للدولة التي يريدونها لليوم و للغد و التي دفعوا ثمنها غالياً جداً و حتى لا تضيع تلك الاثمان هباءً.
الاقتراح يتضمن ما يلي:
إعلان مبادئ وطنية ثابتة توضع بمقدمة دستور سورية في المرحلة الانتقالية و ما بعد الانتقالية و هي بنود فوق دستورية و لا أظن أن أي مواطن او مواطنة في سورية قد يرفض هذه المبادئ:
الدولة السورية دولة مدنية ذات سيادة على كامل اراضيها المنصوص عنها في الامم المتحدة.
الدولة السورية دولة تعددية تعتمد على تداول السلطة
الدولة السورية تحافظ على حقوق الانسان الفرد التي نصت عليها شرعة حقوق الانسان في الامم المتحدة.
الدولة السورية تقوم على فصل للسلطات, السلطة القضائية, السلطة التشريعية, السلطة التنفيذية و السلطة الاعلامية.
الحوار سيكون بعد ذلك على كل بند من البنود الأربعة السابقة و هذا ضروري حتى نضع جيعنا تعريفات لكل كلمة و نناقشها بعقلانية و بمصلحة وطنية خالصة دون أن تفسر الكلمات لاحقاً بطرق بعيدة عن مفهومها الحقيقي و يستفيد من عبث التفسيرات من يسعى لبناء استبداد جديد في أي وقت من الاوقات, كمفهوم كلمة مدنية و كلمة تعددية, و حقوق الانسان الفرد...
إن عملية بناء الدولة هي عملية تكاملية تدرجية نحو تحقيق مبدأ الديمقراطية كمبدأ انساني حضاري و تحتاج تلك العملية للجميع فهي ليست عملية فوقية حصرية تقوم بها سلطة مؤقتة أو دائمة و خاصة أن السوريين يملكون الكثير من الخبراء و العقلاء و اصحاب الرأي و هذه العملية هي بالحقيقة استعادة لمسيرة بناء الدولة السورية التي اجهضت بأول انقلاب عسكري في الخمسينات.

#خالد_قنوت (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات