أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الموسوي - مقابلة الاستاذ الروائي حسن الموسوي حول الرواية القصيرة جدا















المزيد.....


مقابلة الاستاذ الروائي حسن الموسوي حول الرواية القصيرة جدا


حسن الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 8210 - 2025 / 1 / 2 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


اسئلة الاديب حسن الموسوي حول الرواية القصيرة جدا





السلام عليكم تحياتي لكم استاذ حسن الموسوي لهذه المبادرة الجميلة لتتيح لنا الفرصة للتعريف بهذا النوع الجديد من انواع جنس الرواية...
س1- س/ ما الذي دعاك إلى الإعلان عن الرواية القصيرة جدا؟
الذي دعاني الى الاعلان عن هذا النوع الجديد من أنواع جنس الرواية ، وهنا أؤكد على هذا التجنيس لأن الرواية القصيرة جدا هي ليست جنسا جديدا ، وانما هي نوع جديد وتبقى الرواية هي الام وهي المولدة لانواعها كالرواية الطويلة ، والرواية القصيرة كما هو معروف في عالم الرواية والأدب ، اقول أن الذي دعاني هو الحافز نفسه الذي دعا أصحاب المطاعم الى ابتكار وأعداد الاكلات السريعة (اكلات انت وماشي)،ليوفر غذاءا ماديا لسد حاجة جسد الأنسان للطعام باسرع الطرق واسهلها ، متوافقا مع ضيق وقته الذي لايتيح له ارتياد المطعم وانتظار وجبة الطعام ومايرافقها من مقبلات واتكيت خاص يتطلب وقتا غير قليل، وهو يعيش زمن السرعة ، لاهثا وراء متطلبات الحياة ومتطلبات العمل الذي لاتتيح له فسحة واسعة من الزمن، فيتناول وجبة طعامه السريعة وهو يمشي او وهو في السيارة وما اليه لأختصار الزمن...
فمن أجل أن نوفر لهذا الانسان طبق سهل التناول من الغذاء الروحي ،ومن ضمنه الرواية ، لابد أن نعمل على اختزال وتكثيف هذه الرواية الى اقصى حد يختزالحجم مع اكتنازه بالمضمون وحفاظه على اشتراطات الرواية ، تمكنه من قراءة الرواية في الباص وفي الحديقة وأثناء جلوسه في الطائرة ، وهذه هي الرواية القصيرة جدا ، التي قد لاتستغرق قراءتها ساعة او اقل من ساعة ... ومختصر القول ان الاعلان عن الرواية القصيرة جدا هو استجابة لمتطلبات العصر الحالي ، واسترشادا بمقولة خير الكلام ماقل ودل .

س/ بماذا تختلف الرواية القصيرة جدا عن الرواية الطويلة والرواية القصيرة؟

الرواية القصيرة جدا ، تبقى ملتزمة باشتراطات جنس الرواية كافة ، كتعدد الشخصيات ، والحوارات ، والتحولات للشخصيات ، والانتقالات في الزمان والمكان ، ناهيك عن الحبكة ، والفكرة ولكنها تختلف في الامور التالية :-
• الحجم فالرواية القصيرة جدا وحسب ما نظرنا له مقارنة بالرواية القصيرة على وجه الخصوص ، فاذا كانت الرواية القصيرة تبدء ب 7000 كلمة لتنتهي ب 20000 كلمة كحد اقصى كما اتفق عليه اغلب النقاد ، ولاتزيد عدد صفحاتها على 100 الى 200 صفحة ، فالرواية القصيرة تتراوح عدد كلماته بين 3000كلمة الى 5000 كلمة كحد أقصى وقد كتبت ومتب زملاء اخرين الرواية القصيرة ضمن هذا الحجم نصوص سردية اقرها العديد من النقاد في العراق والوطن العربي بانها تتوفر على كل اشتراطات الرواية .
• تتميز الرواية القصيرة جدا بالتكثيف والاختزال ضمن مقولة الجرجاني ( تجويع اللفظ واشباع المعنى)،وفي هذا الخصوص لغتنا العربية مطواعة وثرية باللفظ البلاغي القادر على التعبير وتجسيد المضمون بأقل الكلمات ( وخير الكلام ما قل ودل ).بمعنى أن تكون الجملة السردية قصيرة دون هزال ، ومعبرة بمعنى الاكتناز دون ترهل .
• الاختزال في التوصيف والتعريف للشخصيات الروائية من حيث الشكل ، والملابس ، والحركات ،ولون الشعر والعيون ، ولا يذكر الا ما يميز هذه الشخصية عن سواها من البشر بخصوص الصفات العامة ،كأن يكون مصابا بعاهة ، او الخرس او عدم السمع ، وفقدان عين او رجل او يد والصلع والقزمة ... وهي صفات ليست عامة لعموم البشر ، واما بقية المواصفات فهي معروفة ومستبطنة من فبل المتلقي ، فمواصفات الصيني ، والاوربي، والافريقي ، والياباني ، والهندي العامة معروفة ولا داعي لذكرها ، وهذا الامر ينعكس على مواصفات الشوارع والساحات ومعمار البيوت والعمارات ، اوالنصب والتماثيل ن والمسارح المشهورة في كل بلدان العالم ، فلاحاجة الى ذكر مواصفات برج ايفل مثلا في فرنسا ، من حيث الارتفاع وعدد الطوابق وتاريخ انشائه ولا اسم مهندسه ، وعدد زواره ...الخ لانها اصبحت شبه معروفة تماما للاغلبية من القراء والمتلقين ، ومن اراد المزيد فسيسارع لتلبية طلبه ايوتيوب والكوكل (شبيك لبيك عبد بين يديك ) ، ليقدم له ادق التفاصيل والموصفات التي يحتاجها أو يجهلها ، ناهيك عماتقدمه القنوات الفضائية التخصصة في هذا المجال والتي يتابعها أغلب الناس ، وكذا هو الحال حينما يتم ذكر أسم شخصية مشهورة ، كدستيوفسكي، او لوركا ، او الجواهري ، او جورج بوش او ما ستونغ أو ماركس وسارتر ... وغيرهم من مشاهير العالم من سياسيين وادباء ومفكرين ومفكرين وفلاسفة .
وبذلك يمكن توصيف وتعريف الرواية القصيرة جدا بانها رواية وامضة وليست قابضة ، فالسارد يؤشر ولا يسهب كما في الرواية الطويلة ونسبيا في الرواية القصيرة أيضا .
الرواية القصيرة تشرك القاري المتلقي مع المؤلف الاول الروائي في التوصيف والتعريف واغناء السرد ليكون مؤلفا ثانيا يستحضر ما في ذاكرته وحافظته الثقافية والمعلوماتية ليبني نصا ثانيا في مخيلته ، ربما يفوق ما هو مكتوب في النص الاصلي ، ليكون مؤلفا ثانيا .فقد تخلت الرواية القصيرة عن صفة التلقين وضخ الافكار والمعلومات والصور الى المتلقي ، كما هو حال خطيب المنبر الذي يلقي بخطابه وافكاره على من يجلس تحت منبره دون ان يكون له حق المناقشة والاعتراض أو فرض الاسهاب والتكرار .حتى أن الرواية القصيرة جدا حددت كثيرا من دور الراوي كلي العلم ـ الذي يستبطن بقدرة سحرية الى دواخل الشخصية وسرد كلما يعتمل في ذات الشخصية ، وكأنه ارسل مسبارا كاشفا لما في رأس الشخصية ، وهذا امر يبدو مستحيلا من الناحية العملية ولايصح الا قليلا ومحدودا ، وقد لايمثل الحقيقة ، او على الاقل الا جزءا يسيرا منها ، فقد تكون للمتلقي القاريء حدس وتوقعات اخرى وحسب ما تابعه من حيثيات السرد وتفاصيله ، ربما تختلف كليا عما قاله وتوقعه الراوي( كلي العلم)، ، وقد يحوك المتلقي نسيج الرواية وتحولات الشخصية وخاتمتها حياكة تختلف تماما عما ذهب اليه الروائي ...فكما يؤل كل متلقي للنص الشعري النثري تؤيلا وتفسيرا يختلف عن عما اراده الشاعر ويختلف عما يراه قاريء آخر .
• الشخصيات الثانوية في الرواية القصيرة جدا ، تكون خفيفة الظل ، لاتثقل بوجودها على المتلقي تؤدي دورها بالتواشج مع الشخصية الرئيسية بخفة ورشاقة فلا تسهب ولا تتعب ملتزمة بمقولة (خير الكلام ما قل ودل )، فارواية القصيرة شجرة ، ولكنها شجرة تتخلى عن الاغصان والفروع غير المثمرة وغير المزهرة ، فتسهل على الناظر تأملها وتذوق ثمارها دون أن يشتت فكره وبصره بين اغصانها المتشابكة ، وبعض فروعها الذابلة أو اليابسة.

• س/ هل هناك أوجه تشابه بين الرواية القصيرة جدا و بين القصة؟

تشترك الرواية القصيرة جدا مع القصة كون كليهما هي نصوص أدبية أبداعية ، يحوكها الاديب للتعبير عما يعتمل في مخيلته ، ولكن القصة غالبا ما تسرد تحولات حدث حياتي واحد ، ولاتتجاوز شخصياتها اكثر من شخصيتين ، محدودة الزمن ،ومحددة المكان ، ولايحبذ تعدد الحورات في القصة ، كما انها تتملح بخاتمة صادمة للمتلقي قد لايتوقعها القاريء .
اما الرواية القصيرة جدا فهي ملتزمة باشتراطات الرواية من حيث تعدد الشخصيات ، وتعدد الحورات، وتغطي زمنا واسع سعة طبيعة الاحداث والتحولات للشخصية الرئيسية والثانوية ، ولا تلزم نفسها بالخاتمة الصادمة كما في القصة والقصة القصيرة جدا .
ولاشك انهما يشتركان معا في الاختزال والتكثيف وعدم الاسهاب في السرد ، فاحينا يكون حجم وطول الرواية القصيرة جدا بحجم وطول قصة طويلة مع اخلافها في الجنس والنوع ، فالرواية القصيرة جدا تتألف من عدد من القصص القصيرة شديدة التكثيف تترابط وتتواشج فيمابينها في وحدة الثيمة وتكامل الاحداث ...

س/ ما هي مبررات ظهور الرواية القصيرة جدا؟

اعتقد أني قد اجبت على هذا السؤال في اجابتي حول السؤال الأول ، ومن اهم مبررات ولادة هذا النوع من الرواية ، هو حيز الوقت ومتسع الفراغ الذي يمتلكه انسان العصر الراهن للاهتمام بما يعتبر ترفا وامرا كماليا في حياته ، مقارنة بمتطلباته الحياتية المتزايدة دوما في عصر السرعة وعصر العولمة ، وبالقياس مع متطلبات الحياة في قرون سابقة ومحدودية متطلبات الحياة اليومية للانسان في زمن سابق ، هذا مما يجعل الانسان مشغولا ولايجد الا وقتا قصيرا للاهتمام بالثقافة العامة والأدب والفن ومنها الاستمتاع بفن الرواية التقليدية التي قد تبلغ مئات الالاف من الكلمات ومونة من ععد من المجلدات والاجزاء ، كرواية البؤساء ، ورايات دستيوفسكي ، وستاندال ، ونجيب محفوظ ، وعبد الرحمن منيف وغيرهم من اعلام الرواية في قرون سابقة لم تكن الحياة فيها بهذا التعقيد ومتطلبات الفرد بهذه السعة والتعدد.
كما أن تطور وسائل الاتصال والاعلام الهائلة في زمن الانترنيت والقنوات الفضائيات واسعة الانتشار ، وفرت ووضعت امام الانسان المعاصر الكثير من المعلومات والتفاصيل حول ثقافت الشعوب وعاداتها و، وأشكال البشر وازيائهم ، وعماراتهم وابرز رموزهم الحضارية ، وطرق معيشتهم ، وهذه الامور كان يضطر الروائي في العصور السابقة وبداية النهضة والتقدم العلمي والصناعي في العالم الى ذكر تفاصيلها الدقيقة الى القاريء ليكون على بينة منها ولتكتمل لديه صور وأحداث وخلفيات السرد الروائي ـ ناهيك عن الرفاه النسبي للانسان المعاصر والتطور الهائل في وسائل النقل في العصر الراهن ، وتشابك المصالح بين مختلف بلدان العالم ، مما زاد بمستوى كبير جدا لسفر الانسان وتنقله بين البلدان سواء استجابة لمتطلبات العمل أو للمتعة والاطلاع ، مما وفر لديه الكثير من المعلومات والمواصفات والتعريفات على خصائص الانسان والبنيان والعمران في هذه الدول والقوميات ، فلاحاجة له بها وتكرار ذكرها من قبل الروائي في روايته ، فساعد كثيرا الروائي ليختزل ويكثف ويترك فراغات داخل النص سيقوم المتلقي بملئها واشغالها بما يناسب ، مستلا ذلك من مخزونه الثقافي والمعلوماتي الذي حصلها من خلال السفر او من خلال الانترنيت واليوتيوب او من خلال القنوات الفضائية .
فلكل ماتقدم من ظروف عامة في العالم ، ومن ظروف حياتية خاصة للفرد الانسان ، وتلبية لحاجته لمتعة الرواية كفن ادبي قابل للنطور والتجديد ولدت الرواية القصيرة جدا ، ولا غرابة أن تولد من خرج رحمها الاول ومخلقها الاول العالم الاوروبي ، لتولد من رحم العراق وتترعرع في فضاء الادب العراقي ، فالاديب العراقي من السباقين في مجال الابداع والابتكار في مختلف مجالات الحياة ومنها الأدب .فهو أول من عرف العالم بحرف الكتابة فلا غرابة أن يبدع الجديد في عالم المكتوب .

س/ اتجاه بعض الأدباء لكتابة الرواية القصيرة جدا هل هو دعم لمشروعك ام لاقتحام جنس أدبي جديد؟

حينما يكتب المبدع انما يعبر بالدرجة الاولى عن ذاته وما يعتمل داخل نفسه ، ومن أجل تحقيق ذلك لابد ان يختار الجنس والنوع الأدبي الذي يفضل ان يكتبه ،سواء في الشعر أو الرواية، واني ارى ان من كتب الرواية القصيرة جدا في العراق والوطن العربي ومن العرب المغتربين استهواهم وانسجم مع ذائقتهم هذا النوع من جنس الرواية الآ وهو نوع الرواية القصيرة جدا ، وان كان ذلك ببطأ خلال كل الاعوام الماضية ، ولكن ازداد عدد مؤلفي هذا الجنس في 2024 بسبب تسليط الاضواء عليه بواسطة مختلف الوسائل ، فقد بلغ عدد الروايات 16 رواية قصيرة جدا كتبت في العراق أكثر من نصفها ، كما كتبت ونشرت في الاردن ، وتونس، وفرنسا ، وبريطانيا وهناك العديد من الروايات القصيرة تحت الطبع ، وقد أخذ العديد من النقاد يتقبلون ويشيدون بهذا النوع من الرواية ، ويدركون تماما حاجة عصرنا الى مثل هذا الأدب الوجيز... كذلك فقد ترجمت عدد من روايتي القصيرة الى جدا الى لغات اخرى ، فقد ترجمت رواية أرض الزعفران الى اللغة الفارسية وطبعت ونشرت في ايران، كما ترجمت روايتي كاوه الاهوار (القداحة الحمراء) الى اللغة الكردية وطبعت ونشرت في كردستان العراق ، وترجمت رواية المقايضة الى اللغة الانكليزية وتبنتها دار كناية للطباعة والنشر في لندن
ولاشك ان اتجاه الادباء لكتابة هذا النوع من جنس الرواية هو بالنتيجة دعما كبيرا لمشروعي في كتابة الرواية القصيرة جدا والتنظير لها ، وهو بالتالي انتصارا للجمال والابتكار والتجديد .
ووما يجدر ذكره ان العديد من الادباء في العراق والوطن العربي وفي العالم ايضا هنك من كتب هذا النوع ولكنه لم يجنسه ويعلمه برواية قصيرة جدا ، وأخذ بعض الادباء يراجعون مخزونهم الكتابي وتجنيس ما يستجيب الى اشتراطات الرواية القصيرة جدا ويسعى لنشره وطبعه تحت هذا التجنيس.وبذلك فأنا متفائل جدا بازدهار وانتشار هذا النوع الرواية القصيرة جدا لانه يتلائم مع روح ومتطلبات العصر كما اخبرته انا لاذاعة مونتكارلوا الدولية حينما اجرت الاعلامية لطفية كابي مقابلة معي .
كتب الكثير من النقاد حول بعض رواياتي القصيرة جدا ومنهم جنابكم الكريم ، والناقد والمترجم المرحوم احمد فاضل ، والناقد يوسف عبود جويعد ، والناقد هادي المياح ، والناقد والقاص عبد الله الميالي ، والناقد ظاهر حبيب ، والناقد ابراهيم رسول ، والشاعر والناقد عبد الستار نور علي والناقد الاستاذ مؤيد البصام ، والناقد علوان السلمان ، والناقد طالب المعموري ، والناقد غانم المعموري ، والناقدة التونسية عزة الخزرجي، والقاص والناقد الدكتور كمال منصور من مصر ...


س/ هل هناك ضوابط في التجنيس الأدبي؟

لاشك ان هناك ضوابط في التجنس الادبي ، توافق او اتفق عليها القسم الاعظم من النقاد في عالم الادب ، منذ افلاطون وارسطوطاليس ، ولحين التاريخ حيث اهتم الكثير من النقاد الامريكان والانكليز والفرنسيين والعرب للبحث في هذا المصطلح ومدى انطباقه او تطابقه مع هذا الابداع الادبي او ذاك ، كالتفريق بين الشعر وتفصيل انواعه المختلفة ، وكذلك الرواية وتفرعاتها وانواعها المتعددة وهكذا مع بقية الابداعات الادبية والفنية ،

((ترى الموسوعة الانكليزية بان "الجنس الادبي نوع من الاعمال الادبية التي يشترك بعضها مع بعض بالموضوعات والاساليب والاشكال والاغراض المتشابهة"( )
ويرى الناقد العربي المعروف عبد الملك مرتاض حينما ذهب الى ان الجنس يختلف عن "النوع لان الجنس يكون شاملا نفسه شمولا مطلقا اما النوع فيكون شاملا لجزء من الجنس فالشعر جنس ولكن الارجوزة نوع مثلها مثل المنظومة التعليمية وقصيدة الهجاء" ( ))اشكالية الجنس الادبي جامعة البصرة
"فالجنس الادبي هو بمثابة عقد نصي او اتفاق خطابي بين المرسل والمرسل اليه او بين الكاتب المبدع والمتلقي المفترض"( ) 19كما ان مفهوم الجنس الادبي يرتبط ارتباطاً وثيقا بنشاط "نظري تحليلي عماده تبويب النصوص الفردية وتجميعها في اجناس محددة بناء على السمات المميزة لها وانطلاقا من مصادرة اولية تقر بان الادب ليس ركاماً من النصوص المفردة بل مجموع ما بينها من علاقات"( ) المصدر نفسه
((ان النظريات التجنيسية وبخاصة مع مؤسسها الاول ارسطو طاليس قد جاءت فيما بعد الاثار الادبية اذ ان ارسطو اسس تجنيساته على اساس ما اطلع عليه من النصوص اليونانية القديمة ففكرة التجنيس حتما وبلا نقاش كانت " لاحقة لوجود الادب وانتشاره لأنها ببساطة فكرة نقدية قامت على تأمل شكل الادب والبحث في هويته الاجناسية من خارج منظومة الادب"( ) وقد اختلف ايضا في مسالة مرجعية انسحاب اصطلاح الجنس الى الاداب والفنون اذ ان اصطلاح الجنس هو بيولوجي بحت يمت للعلوم الطبيعية بصلة ولا يمت للآداب باي صلة اذ يرى باحثون ان تسمية الاجناس الادبية تأتت من الناقد والمفكر الفرنسي فرديناند برونتير الذي "اوحى متاثراً بنظريات دارون بان الفنون الادبية او لنقل الاجناس قابلة للنشوء والارتقاء والازدهار والفناء تماما كالأجناس الحيوانية")) المصدر نفسه
لانريد ان نتوسع في هذا الموضوع ولكننا نخلص الى :
أرى أن الابداع الادبي هو استجابة وانعكاس لواقع اجتماعي اقتصادي وسياسي وثقافي محدد خلال فترة زمنية معلومة ، يترجمه المبدع الى نص كتابي معين يستجيب لروح العصر وانفعالات وعواطف المبدع ويتواءم مع الذوق العام في تلك الفترة ، وحينما يولد النص ويثبت وجوده في الفضاء الادبي ، يتلقفه النقاد المختتصين بالادب بالحث والمقارنة والتوصيف ، فيضعون له محددات ومواصفات وقواعد تشمل كل ما يستجيب لهذه الاشتراطات ، وبذلك مث كان توصيف جنس الرواية بشكل عام ووضعت لها الاسس المعروفة التي تم اتباعها في تعريف هذا النص الابداعي برواية ، وذاك قصة ، او خاطرة أن ونص خطابي ...وكذا هو الامر بالنسبة للشعر ...
خلال التطور ومرور الزمن في كتابة الرواية ، تطلب التطور الاقتصادي والاجتماعي الى احداث تطور في كتابة الرواية بشكل واسلوب وحجم جديد يستجيب الى روح العصر ، وبلك تطلب هذا الواقع ولادة النوع وهو تفرع عن الجنس والعكس غير صحيح ، فكان تصنيف الرواية الى رواية طويلة ورواية قصيرة ، حيث وضع وعدد صفحات الرواية ، وكذلك الاسلوب الجديد في السرد كالايجاز والتكثيف النسبي ، ناهيك عن التصنيفات الاخرى كالرواية الرومانسية والتاريخية والواقعية والواقعية السحرية ، والغرائبية وروايات الخيال العلمي وروايات البوليسية ...الخ فمثلا امتد طول وحجم الرواية الطويلة الى مئات الالاف من الكلمات بلغت 1200000 كلمة في رواية ، وكذلك بلغت العديد من الاجزاء والمجلدات كما في البؤساء لفكتور هيجو ، والاحمر والاسود لستندال ، والاخوة كارامزوف لديستوفسكي ، وثرثية نجيب محفوظ وبعض روايات عبد الرحمن منيف وابراهيم الكوني ...الخ .
فرض التطور اللاحق في مجمل الحياة العلمية والثقافية الى الاختزال فولدت الرواية القصيرة بما يتناسب مع ظروف حياة الناس ما قبل العولمة وقد اتفق اغلب النقاد على انها تتكون من 7000- 20000 كلمة ولاتتجاوز صفحاتها ال 70- 150 وقد تبلغ 200 صفحة ، عبر المزيد من الاختصار وعدم الافراط في التوصيف والتعريف لما اصبح معروفا بعض الشيء .
ولكن بعد شهد القرن الواحد والعشرين التطور الهائل في وسائل النقل والتواصل ، ودخول الانترنيت حياة الناس حول الخلم الى حقيقة ونقل الصوت والصورة بسرعة مذهلة بينكل قارات العالم ، فاخذ العالم متداخلا بين قاراته ودوله ، حيث اختزلت الحدود وكسرت القيود ، وانفتاح اشعوب والثقافات واساليب الحياة على بعضها ، والنوم الهائل لسرعة الحياة وكثرة متطلباتها في زمن نتسارع بشكل دائم ، مما ضيق مساحة وحيز الزمن الفائض للانسان هذا العصر لاهتمام باغناء الروح للادب والثقافة والفنون ، وكتى لفسحة من الوقت لتناول غذاء الجسد فابتكر وابتدع الاكلات السريعة (أنت وماشي)، مما تطلب أن تتوفر له فرص الغذاء الروحي عبر الفنون والادب والموسيقى ، فكانت الافلام القصيرة ، والعروض المسرحية الخاطفة ، والموسيقى السريعة ، واستوجب ولادة نوع قصير من الرواية بما يتناسب مع وقته يمكن الاستمتاع بها وهو في الباص او الطائرة او القطار السريع ، رواية سهلة الحمل تختصر اللفظ وتكتنز بالمعنى، ومكذا واستجابة لهذه الحاجة ولدت الرواية القصيرة جدا، وقد ساعد الروائي على الاختزال والتكثيف ماتوفر للمتلقي من كم هائل من معلومات حول حياة الناس في كل بلد من ابلدان العالم من حيث طبيعة الثقافة والعمران والعادات والتقاليد وتداخل ثقافت الشعوب بعضها ببعض ، الى عدم الحاجة الا الى القليل من التعريف والتوصيف ، وترك فراغات في النص يتم ملئها من قبل المتلقي ممؤلف ثاني كما سبق وان قلنا .
الخلاصة أن نوع الرواية القصيرة يتميز بكونها قصيرة الحجم بحيث لاتتجاوز عدد كلماتها ال 5000 كلمة ولاتتجاوز عدد صفحاتها ال 20- 50 صفحة ،مع محافظتها على اشتراطات جنس الرواية من حيث تعدد الشخصيات والحورات وتحولات الشخصيات وتغيرات الزمكان . وقد كان وما زال لنا العديد من التنظيرات حول مواصفات واشتراطات واساليب هذا النوع الجديد من جنس الرواية ، نامل في اكمال كتاب نقدي خاص بهذا التجربة السردية الروائية الجديدة ، ونأمل من الزملاء النقاد والروائيين تطوير وأغناء هذا الوليد الجديد .
في الختم لكم مني كل الشكر والتقدير لاتاحة هذه الفرصة لالقاء المزيد من الضوء حول نوع الرواية القصيرة جدا



#حسن_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة أغرب من الخيال مستشار حسين كامل.. نائب امين الجامعة ال ...


المزيد.....




- ترجمة مُضللة لتصريحات وزير دفاع أمريكا عن ضربات ضد الحشد الش ...
- -لا أرض أخرى-.. البدو الفلسطينيون يجبرون على الرحيل تحت غطاء ...
- قائد الثورة..ضرورة زيادة النتاجات العلمية والفنية عن هؤلاء ا ...
- الأردن يعلن إرسال وفود لدراسة الحالة الفنية والأمنية لإعادة ...
- ألبر كامو: قصة كاتب عاش غريباً ورحل في ظروف غامضة
- كتاب الفوضى.. قصة صعود وهبوط شركة الهند الشرقية
- ترامب يعتبر جلسة تحديد عقوبته بقضية الممثلة الإباحية -تمثيلي ...
- -زنوبيا- تُحذف من المناهج السورية.. فهل كانت مجرد شخصية خيال ...
- عمرها 166 مليون سنة.. اكتشاف آثار أقدام ديناصورات في أوكسفور ...
- الفنان عبد الحكيم قطيفان ينفي تعيينه نقيبا للفنانين في سوريا ...


المزيد.....

- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الموسوي - مقابلة الاستاذ الروائي حسن الموسوي حول الرواية القصيرة جدا