أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ولادة .














المزيد.....


مقامة ولادة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8210 - 2025 / 1 / 2 - 17:39
المحور: الادب والفن
    


مقامة ولادة :

يتضور صاحبنا الثمانيني حبا , وهاهو يصبحنا ببيتي شعر ولادة بنت المستكفي : (( اقلل عتابك فالبقاء قليل والدهر يعدل تارة ويميل .. ولعل ايام الصفاء قليلة فعلام يكثر عتبنا ويطول )) , ثم يتأوه قائلا : لن اكرر العبارة التي كنت اتلذذ بترديدها ( لخيبات مرت واخرى اتية على الطريق )سافتح صفحة جديدة لاسجل فيها بفرح شديد اسماء احبتي ان راسلوني وان احبوا وكانني اتعرف عليهم للمرة الاولى .

سبق ان نشرت مقامة بعنوان المقامة المطولة أوردت فيها قصة ولادة بنت المستكفي مع ابن زيدون , وهي من القصص الشائعة في العصر الأندلسي , حيث عاش ابن زيدون حياة رغدة , وكان أديبا وشاعرا وكان بمثابة وزير المعتضد بالله بن عباد في إشبيلية, وفي المقابل فإن ولاّدة بنت المستكفي أميرة أندلسية وشاعرة عربية من بيت الدولة الأموية في الأندلس , وهي ابنة الخليفة الأموي الأندلسي ( محمد بن عبد الرحمن ) , الملقب بـ ( المستكفي بالله ) , أحد أضعف حكام الأندلس في فترة انهيار العصر الأموي الذي قام على أنقاضه عصر الطوائف , وأمها هي جارية إسبانية اسمها ( سكرى ) , وقد ورثت منها بشرتها البيضاء وشعرها الأصهب وعينيها الزرقاوين , وقد قتل والدها في قرطبة , اشتهرت بالفصاحة والشعر , وكان لها مجلس في قرطبة يحضره الشعراء والأدباء ويتحدثوا في شؤون الشعر والأدب بعد زوال الخلافة الأموية في الأندلس , وقد كانت من الأديبات الشهيرات في زمانهن , وقد التقت بالعديد من الأدباء والشعراء لكن لم يلق أحدهم طريقا إلى قلبها سوى ابن زيدون , الذي بادلها الحب كذلك , وعاش الاثنان حياة حب لفترة ومن ثم كان الجفاء والممانعة من قبل ولادة , لكن بين الشد والجذب ولدت أقوى قصة حب في الأندلس دخلت التاريخ العربي , ومن أروع ما أنشده ابن زيدون قصيدته النونية التي جاء فيها عن الجفوة:
(( أضحى التنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيبِ لُقيانا تجافينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفّت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت سُودا وكانت بكم بيضا ليالينا
ليُسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيا كان يحيينا
عليك مني سلام الله ما بقيت صبابة بكِ نُخفيها فتخفينا )) .

كان الوزير العاشق ( أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي ) الشهير بـ (ابن زيدون) , يحظى بمكانة مرموقة في المجتمع , وسيماً وذكياً ومرهف القلب , وحباه الله بموهبة شعرية فذة وقدره أدبية متميزة , يحضر مجلسها , ونشأ بينهما حب جارف عبر لقاءات في مجلسها , فاشتعلت قريحته بأشعار ملتهبة , ومساجلات رائعة , كانت مفاجأة لرواد المجلس , وأضفى سجالهما الشعري بعدا جديدا على حركة الإبداع الأندلسي في نهاية العصر الأموي , وبداية عصر الطوائف , ووصل الحب الجارف بينهما حد أنها كانت تطلب اللقاء وتتعجله تحت جنح الظلام ونظمت أبياتاً من الشعر في ذلك : (( ترقب إذا جن الظلام زيارتي فإني رأيت الليل أكتم للسر...وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلح والبدر لم يطلع وبالنجم لم يسر)) , ويصف ابن زيدون حرصه على سرها , وصونه لها وحنانه عليها بقوله :
(( أصونك من لحظات الظنون وأعليك من خطرات الفكر
وأحذر من لحظات الرقيب وقد يستدام الهوى بالحذر )) .

ويبدو أن ولادة متحركة القلب, فبعد ابن زيدون سعت إلى كسب قلب الوزير ( ابن عبدوس) الذي يقال أنه تزوجها فعلا , وسجن ابن زيدون لهجائه له بعد أن شعر باليأس , وبقيت ولادة في المقابل خالدة رغم كل شيء بسبب ابن زيدون , لكن للقصة وجه آخر حيث ورد أن ابن زيدون تعلق بإحدى جواري ولادة , ليثير غيرتها , أو أن ذلك حدث وهي تتغالى عليه , ما أثار غضب ولادة وقد أوردته شعرا, بعد الفراق :
(( لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا.....لم تهوَ جاريتي ولم تتخيَّرِ
وتركت غصناً مثمراً بجماله .........وجنحت للغصن الذي لم يثمرِ
ولقد علمت بأنني بدر السما ..........لكن ولعت لشقوتي بالمشتري)) .

ومن شعر ولادة على قلته قولها في بيتين مشهورين لها : (( أنا والله أصلح للمعالي .....وأَمشي مشيتي وأتيهُ تيها ...أمكنُ عاشقي من صحن خدّي .....وأعطي قُبلتي مَن يشتهيها )) , وكذلك قالت عن نفسها: (( إني وإن نظر الأنام لبهجتي كظباء مكة صيدهن حرام
يحسبن من لين الكلام فواحشا ويصدهن عن الخنا الإسلام )) .

قال بعض المؤرخين ان ( ولادة بنت المستكفي) لم تتزوج من أي رجل , وقيل إن السبب في ذلك أنها متطلبة كامرأة وكأميرة شديدة الكبرياء والفخر بنسبها وأنوثتها وحبها , فكانت تريد رجلاً كامل الصفات , وفيًا لا ينظر لغيرها , ولا يرى سواها في الكون كله , وفي عصرها لم تجد رجلاً كهذا , فآثرت البقاء على عرش الشعر والعزة بدون رجل غير مناسب قد يهز ما تملكه من نسب رفيع , ولسان شعري فصيح , ومكانة رفيعة في قرطبة .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة
- مقامة الحلو و المر .
- مقامة العنكبوت .
- مقامة المدمي .
- مقامة البرد .
- مقامة روما .
- مقامة البواكي .
- مقامة الشوغة .
- مقامة الأنتصار .
- مقامة المرأة .
- مقامة الفراك .
- مقامة الغلطة .


المزيد.....




- ترجمة مُضللة لتصريحات وزير دفاع أمريكا عن ضربات ضد الحشد الش ...
- -لا أرض أخرى-.. البدو الفلسطينيون يجبرون على الرحيل تحت غطاء ...
- قائد الثورة..ضرورة زيادة النتاجات العلمية والفنية عن هؤلاء ا ...
- الأردن يعلن إرسال وفود لدراسة الحالة الفنية والأمنية لإعادة ...
- ألبر كامو: قصة كاتب عاش غريباً ورحل في ظروف غامضة
- كتاب الفوضى.. قصة صعود وهبوط شركة الهند الشرقية
- ترامب يعتبر جلسة تحديد عقوبته بقضية الممثلة الإباحية -تمثيلي ...
- -زنوبيا- تُحذف من المناهج السورية.. فهل كانت مجرد شخصية خيال ...
- عمرها 166 مليون سنة.. اكتشاف آثار أقدام ديناصورات في أوكسفور ...
- الفنان عبد الحكيم قطيفان ينفي تعيينه نقيبا للفنانين في سوريا ...


المزيد.....

- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ولادة .