|
للتاريخ حكومة بدون منطق
جوتيار تمر
كاتب وباحث
(Jotyar Tamur Sedeeq)
الحوار المتمدن-العدد: 8210 - 2025 / 1 / 2 - 14:12
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
اقليم كوردستان 2/1/2025 قبل ان نخوض في ماهية العنوان نود أن ننوه بأن الرؤية المطروحة مبنية في الاساس على مترتبات سياسة حكومة اقليم كوردستان، بكل تمفصلاتها، لاسيما فيما يتعلق بمنطقها في التعامل مع الشعب، فالصورة التي تبرز وبشكل جلي هي ان الحكومة ممثلة برئيسها، ومستشاريها ووزرائها، هم اشبه ببطانة الخلافة التي كانت تحكم المنطقة لقرون، من حيث اعتمادها على منطق الجباية (الخراج – الجزية ) وفق كل الامور المنضوية تحت تلك المصطلحات، بالاخص التفكير بملئ خزانة الدولة، وملئ بطون ارباب السلطة، وترك الشعب تحت وطأة الضرائب والديون والعمل الشاق من اجل لقمة العيش، ذلك التفكير أو المنطق الذي يظهر بشكل واضح وجلي في واقعنا الحالي ، وذلك وفق ممارسات الحكومة الحالية للاقليم. المنطق هو آلة قانونية تبحث عن احوال التعريف والدليل، وتعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر، وهو بذلك علم قوانين الفكر، وعلم القوانين الصورية أو الضرورية للفكر، وهو علم الاستدلال، وفن توجيه الفكر الى الصراط المستقيم في اكتساب العلم بالاشياء، وهو علم يبحث فيه عن القوانين العامة للتفكير، وغايته البحث في الاحوال والشروط التي بتوافرها يستطيع المرء الانتقال من قضايا مسلم بصحتها الى قضايا اخرى جديدة، فهو خاص ببيان الطرق الصحيحة التي بها يخصل التفكير من غير نظر الى المواد الواقع عليها التفكير ( احمد عبده خيرالدين ، علم المنطق، المطبعة الرحمانية، مصر:1930، ص18)، وهو بذلك يبحث عن المفردات المجهولة التي لاتعرف ماهيتها، فيضع لها تعريفاً محدداً يزيل الغموض الذي يكتنفه، ولايمكن التفكير بالمنطق بعيداً عن تلك العلوم المذكورة، وحين نقارن تلك التعاريف والقوانين والعلوم بواقعنا نجدنا نعيش في دوامة إذ تغيب خاصية العصمة الذهنية التي يجب مراعاتها للابتعاد عن الخطأ، فكل الخطوات التي تخطوها الحكومة غير ممنهجة وبدون خطط مستقبلية، وهي في الاجمال خطط آنية – إن كان يصح ان نقول بانها خطط - تستقوي بها الحكومة على الشعب وتجبرهم على الانصياع لمنطقها اللامنطقي، فضلاً عن كونها لاتملك قوانين مبنية على اسس فكرية ناضجة ( بدون دستور)، وهي لاتملك رؤية واضحة يمكن الاستدلال من خلالها الى الاتي او المستقبل ، فضلاً عن كونها لاتملك نهج مستقيم يعتمد على قوانين ثابتة صادرة بوعي من الحكومة التي يفترض أنها راعية لحقوق الانسان – الشعب – بعيداً عن المصالح الشخصية – الشركات التابعة للافراد - ، ناهيك عن كونها لاتنتهج الطرق الصحيحة في تقييم الاحوال العامة للشعب، بل تبني نظريتها الاستحصالية على حاجاتها مبتعدة عن المنطق الصحيح للادارة الصحيحة للمؤسسات الحكومة بالاخص، فضلاً عن القطاع الخاص والذي لايخرج من كونه شركات تابعة للافراد التابعين والمقربين للسلطة نفسها. بذلك يمكن القول بأن الحكومة الحالية والتي تُعرف بحكومة تصريف الاعمال قانونياً هي ليست فقط ناقصة الصلاحية وفق المنطق العام، بل هي حكومة ناقصة الفلسفة ايضاً، بحيث لاتمتلك فلسفة خاصة بها، ولا تمتلك عقلية التعامل مع الازمات، ولاتمتلك عقلية ايجاد الحلول، واية حكومة لاتمتلك فلسفة خاصة هي حكومة هدر الطاقات البشرية والطبيعية يقول: محمد بوجنال في مقال له بعنوان (الحكومة بدون فلسفة هدر للطاقات البشرية والطبيعية) الحكومة ،أية حكومة، ترتكز أساسا على تصور فلسفي وإلا استحال تسميتها حكومة؛ فالحكومة ،أية حكومة، بنية مجتمعية مصغرة تنطلق فلسفيا من مقدمات ومبادئ قصد التأسيس لبرمجة وتحديد أهدافها وغاياتها .والقاعدة في المنطق والابستيمولوجيا تقول أن النتائج بمقدماتها وأوالياتها؛ لذا، فالعلاقة متينة بين المقدمات والنتائج والأهداف والغايات. ومن هنا القول ،على المستوى الفلسفي، أن الحكومة جهاز متماسك تحكمه مبادئ تتمثل في ضرورة استحضارها دلالة الوجود في عامته وخصوصيته المتمثلة في الاستجابة المعقولة لحاجيات الكائنات البشرية دون تمييز بهدف بناء الشخصية البشرية المبدعة وبالتالي تحقيق الغاية المتمثلة في الكرامة والحرية، واذا نظرنا جدلياً الى حكومتنا الحالية لن نجد اي شيء مما ذكر سابقاً متوافر فيها، بالعكس تماماً فهي حكومة جباية فقط، إذ وضعت الناس – الشعب – في صندوق مغلق بحيث لايمكنهم العمل في اي مجال من مجالات الحياة دون فرض ضرائب مجحفة عليهم، نحن هنا لانرفض وجود قانون الضرائب ، لكننا نرفض اسلوب الجباية القسرية التي تفرضها على الناس وهي اصلاً لاتوفر الحياة الطبيعية لهم، او بعبارة ادق لاتوفر ادنى مستويات المعيشة لديهم، ففضلاً عن عدم استقرار دفع رواتب الموظفين، هي فقط اعلامياً تهتم بالقطاعات الاخرى كالزراعة والصناعة، ومعتمدة كلياً على قطاع النفط الذي تحول لعنة ووباء ووبال على الشعب، حيث لااحد يعرف اين ومتى وكيف وبماذا ولماذا يتم استخراج النفط في الاقليم، ناهيك عن المعضلات الاخرى التي يواجهها الشعب جراء سياسة قسرية غير منطقية فيما يتعلق بالخدمات، ففي منطق الحكومة بناء الطرق وبناء الوحدات السكنية والتي لايستطيع المواطن العادي شراء شقة فيها لكونه لايملك رصيد شهري ثابت، هو المنطق الاوحد الصحيح، منطق التطور والانبهار والعمران، كما ان الناس كالعبيد ملزمون بدفع الاقساط المترتبة عليهم، ودفع فاتورة المياه والكهرباء – الحكومية – الاهلية - ، وملزمون بدفع فاتورة البيئة والتي لايتسبب بتشوهها سوى مصافيها – الحكومة - غير الدستورية وغير المبنية على اسس علمية وقانونية، كما هو اي المواطن ملزم بدفع فاتورة الشوارع والكثير من مسالك الدفع الاخرى، الدفع فحسب لا الاخذ او الاستلام، حتى وصل الامر بحكومة الجباية ان بدأت بتعميم القطاع الخاص ودمجه بالقطاع الحكومي إذ سلمت اغلب المرافق التي يفترض بانها حكومية موجودة لتسهيل حياة المواطن الى شركات اهلية ( مثلاً: كاميرات المراقبة المرورية – مراكز التحليلات المرضية داخل المستشفيات الحكومية..الخ ) ولو تم البحث عن ممولي تلك الشركات لوجدنا بأن ارباب السلطة وزبانيتهم – بطانتهم – هم الذين يملكون تلك الشركات، فكأن الاموال يتم تداولها ضمن دائرتهم فقط، تدوير الاموال بشكل لايمكن ان تخرج عن مصالحهم، وفي مثل ذلك يقول كاتب مغربي إدريس عدار في مقال له بعنوان – الحكومة الجابية -: الحكومة ليست تسلطا على الناس، تسرق نارهم كي تحرقهم بها. الحكومة هي الشيء غير الثابت، وهي تجري في المسافة بين الدولة والشعب. لكن أصحابها طُلاّب مصالح لا يهمهم الباقي. إن نجونا من الأزمة يستغلونها في الانتخابات. وإن غرقنا، لا قدر الله، يعودون للاهتمام بشؤونهم الضيقة بعد أن يضيقوا علينا العيش. تحاول خلق الفراغ وتوسيعه حتى تستطيع مد رجليها دون محاسبة..، حقيقة ان مقولته تنطبق على واقعنا بشكل واضح وجلي، فنحن تحولنا الى وقود لنيران مصالح الحكومة وزبانيتها، وكل شيء بات بنظر الحكومة ومنطقها اللامنطقي جباية الاموال من الشعب وعدم دفع مستحقات الشعب، عدم توفير ادنى مستويات المعيشة لهم، فكأن الشعب تحول الى بقرة حلوب بالنسبة لها وهم مدركون تماماً بان الوقت كفيل بأن تجف منابع الحلب، وان تجف منابع النفط، وان تجف منابع الصمت، فتخرج الصرخة التي لن ترحم، وما يدور حولهم في العراق، سوريا ، لبنان، اليمن، حتى تركيا، وايران ، خير دليل على ان الصرخة آتية ومحال اسكاتها للابد، التسلط وتكميم الافواه اصبح محالاً، والحكم بدون فلسفة وبدون منطق اصبح عبء على الشعوب، واعتماد الجباية وملئ خزان الاحزاب دون ان يستفيد المواطن اصبح خيانة، وعدم الاعتبار من التاريخ تحول الى وباء وعقم سياسي.
#جوتيار_تمر (هاشتاغ)
Jotyar_Tamur_Sedeeq#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الانتخابات وفوضى العقول- أقليم كوردستان انموذجاً
-
صدر للكتاب والمؤرخ الكوردستاني (جوتيار تمر صديق) كتاب النزعة
...
-
هل نمتلك مفهوماً صحيحاً حول المجتمع المدني
-
حين يتحول الفساد الى حِرفَة
-
الكوارث البيئية وحتميات الكوارث الطبيعية
-
صدر للكاتب الكوردستاني جوتيار تمر كتاب ( مشكلة قطع الطريق عن
...
-
لاوعي الشعوب طريق تسلط الحكومات
-
هل اصبحنا مصابين بمرض الاسقاط النفسي
-
وقفة عند الهجرة
-
المنهزمون يعلقون شمعتهم على جدران امريكا
-
حكومات من صنع الواقع
-
الانحلال يشكو الانسان
-
اصداران جديدان للباحث الكوردستاني جوتيار تمر، عن دار تموز –
...
-
سابينس: موجز تاريخ الانسان وترجمة مميزة للدكتور جكر عبدالله
...
-
الانسان قبل العمران
-
وأد الايديولوجيا في الشرق برداء اليوتوبيا
-
هل نتعلم من التاريخ ؟
-
الوباء ليس فيروساً فحسب
-
كورونا تظهر ضعف الانسان وعياً وصحياً
-
تركيا العثمانية وسلطانها الجديد
المزيد.....
-
بلجيكا: غطسة العام الجديد تجذب آلاف المغامرين رغم برودة بحر
...
-
مستشار النمسا يعتزم الاستقالة بعد فشل تشكيل الحكومة
-
إعلام: رئيسة الوزراء الإيطالية ستلتقي ترامب في فلوريدا
-
برلماني ألماني: شولتس قد يزور موسكو قبل 23 فبراير
-
ترامب: بايدن والقضاة والمدّعون فاسدون
-
إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات ونتنياهو يتصل بعائلة مجندة أس
...
-
الديوان الملكي السعودي ينعي الأميرة منى رياض الصلح.. وهذا ما
...
-
الهلال وكوكب الزهرة يثيران دهشة الفلكيين
-
الأمن الفيدرالي الروسي يحبط هجومًا -إرهابيًا- في يكاترينبورغ
...
-
أزمات العمالة تدفع اليابان إلى الابتكار: موظفون عن بُعد يخدم
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|