محمد هادي لطيف
الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 23:56
المحور:
الادب والفن
لماذا تصرخين؟
أيها الجرحُ المفتوحُ في خاصرةِ التاريخ،
أيتها المرأةُ التي علّقت شرفَ القبائلِ على حبلِ غسيلٍ
فصارَ وطنًا يتنفسُ العارَ كسيجارةٍ رخيصة.
العراقُ يُفتّشُ عن حليبِ صدرِكِ
في فمِ طفلٍ ماتَ قبل أن يعرفَ اسمَهُ.
وأنتِ؟
تشدّينَ قميصَ الليلِ على ثدييكِ
وكأنكِ تحاولين سترَ فضيحةٍ اسمُها الحياة.
يا امرأةَ الندبةِ،
من علّمكِ أن تكوني مرآةَ الخراب؟
وجهُكِ نهرٌ تشقّقَ من البكاءِ
وعينُكِ طينٌ تحجّرَ من انتظارِ الرجوع.
من علّمكِ أن تكتبي العراقَ
بدماءِ الذين لم يكتملوا،
بمقابرِ جماعيةٍ نبتتْ فوقها سنابلُ الحقدِ،
بطفلٍ يقفزُ على ساقٍ واحدةٍ،
يهتفُ: “هذا وطني!”
العراقُ الآن يشربُ نخبَ موتِكِ
من كؤوسِ ليلٍ يتعثّرُ برائحةِ الخيانة.
كتبتِهِ؟
أَم هو الذي نقشَكِ على جسدِه؟
ندبةٌ من فمِ امرأةٍ لا تشبهُ النساء،
امرأةٌ تسيرُ في الأسواقِ عاريةً
إلا من عطرِ الصبرِ وملحِ الفجيعة.
“هذا العراقُ!”
تقولينها كمن يلعنُ الربَّ بصوتٍ مرتفعٍ،
كمن يرمي عصاهُ في وجهِ موسى
ويصرخُ:
“كفى! لن أتحوّلَ إلى معجزةٍ أخرى!”
يا وجهَ العراقِ،
من أينَ يبدأُ الجسدُ حينَ يصيرُ ندبةً؟
من أولِ كذبةٍ أطلقَها اللهُ
حينَ وعدنا بجنّةٍ لم تأتِ،
أَم من آخرِ صرخةٍ خنقتها البندقية؟
العراقُ كتبكِ.
كتبكِ بسكينِ الجلّادِ،
بأنفاسِ الليلِ وهو يحتضرُ على كتفِ عاشقةٍ
لم تعد تؤمنُ بالعشق.
كتبكِ وأنتِ تستعيرينَ صرخةَ المدنِ
التي ابتلعتِها الحروبُ كفئرانٍ في قبوِ الموت.
فقولي، أيتها الندبةُ الملعونة،
هل أنتِ عراقٌ آخر؟
أَم عراقٌ ماتَ وهو يبحثُ عن نفسهِ
في فمِ امرأةٍ تعلمتِ الشتمَ
من صدى الخراب؟
#محمد_هادي_لطيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟