عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 23:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحكم بالأدوات الإسلامية القديمة لم تقدم نموذجا ناجحا للتصرف في شؤون الدولة في تونس والمغرب ومصر وليبيا لأن الحاكمين الاسلاميين اهتموا بالقشور والشعارات والتمكين وإقصاء الآخرين المخالفين لنمط وطريقة حكمهم مما جعلهم يفشلون بسرعة في المجال الاقتصادي والثقافي والمدني فحولوا الدولة إلى عزبة لخدمة الجماعة وربطوا مصالحها بالدول الراعية لهؤلاء المتأسلمين وحولوا الدولة إلى ولاية عثمانية ومن يحكم يتحول إلى باي أو داي يخدم وظيفيا تحت راية الباب العالي دون غيره. ففقدان الاستقلالية وانتشار التطرف وخدمة أجندات دول أخرى وتمكين حصري لأبناء الطائفة المتأسلمة في المناصب الكبيرة وحتى الصغيرة حصريا لهم دون غيرهم وأغرقوا البلاد في الديون بنسب فائدة مشطة أهدروها وبذروها في الأنشطة الاستهلاكية والسياسية والتوظيف الزبوني الغير منتج ولم يقوموا بأي استثمارات تنتج الخيرات وتطور الاقتصاد وتخفض من البطالة وعاملوا المثقفين بمنطق ديني فئوي متعالي مما جعلهم يصطدمون بالمجتمع المدني القريب من العلمانية والحداثة والمدنية والذي كان يعيش في كنف أنظمة متسامحة دينيا والإسلام فيها يعد شكليا وطقوسيا لا غير والقوانين فيها وضعية بنسبة كبيرة إلا ما يخص الأحوال الشخصية بنسب متفاوتة وذلك تماشيا مع تطور المجتمعات العربية وتوقها للحرية وحقوق الإنسان وتمتع المرأة بأكبر قدر من التحرر بعد خروجها المكثف للدراسة والعمل. وقد اعتبر المجتمع المدني صعود الإسلام السياسي للحكم والسلطة ردة وضربة قاسمة لتطور المجتمع العربي نحو الحداثة والتقدم ونكوصا إلى الوراء وضد منطق الأشياء وهكذا بدأت المواجهة بين التيار الديمقراطي التقدمي الحداثي وبين دولة الفقهاء والشيوخ واللحي الطويلة وتجار الدين مما جعل الأحزاب الدينية تتقهقر وتتلاشى وتضمحل بعد فشل مشروعها النكوصي الرجعي البعيد عن الواقع. وكما حدث بعد أعوام من ظهور ما يسمى بالربيع العربي الذي رعته ومولته أمريكا وتركيا وقطر لتفتيت الأنظمة العربية التقدمية وشبه العلمانية والإتيان بأنظمة إخوانية تتاجر بالدين بحيث فشلت هذه الأنظمة الممولة والمدعومة من الخارج والمرتبطة بها عضويا أمام صلابة مجتمع مدني حداثي يبحث عن استقلالية بلاده وعدم تبعيتها للآخرين وتطوير المنجز من حقوق الإنسان وحقوق ومساواة المرأة مع الرجل في كل الميادين وليس التراجع عنها كما يفعل المتأسلمون أينما حلوا فمن المنتظر وشبه المؤكد أن يفشل الجولاني وجماعته إذا أراد الذهاب في نفس طريق من سبقوه في هذا المجال فنفس الأدوات التي فشلت سابقا ستفشل مرة أخرى حسب القانون الاجتماعي.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟