أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الثورة في ديوان -أعرني بعض إيمانك- فكري القباطي















المزيد.....


الثورة في ديوان -أعرني بعض إيمانك- فكري القباطي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


النص الجيد يجذبنا بصرف النظر إن كنا نعرف كاتبه أم لا، فهنا يكون النص هو سفير الكاتب/الشاعر إلينا، وهو الذي يعطينا صورة عن صاحبه، وأن يأتي ديون يجمع بين جمالية الثورة والحب فهذا يعد إنجازا بحد ذاته، فبعد أن وصلنا إلى من نحن فيه بؤس، أصبحنا بأمس الحاجة إلى التمرد/الثورة على كل شيء، حتى على ذاتنا، وهذا ما فعله الشاعر "فكري القباطي" الذي أقرن التمرد/الثورة مع الحب، مما جعلها ثورة نقية، بيضاء، تقدمنا من الحياة والعطاء والمحافظة على ذاتنا النبيلة التي تترفع عن رد الإساءة بمثلها.
إذن نحن أمام ثورة، ولكي تكون فكرة الثورة مقبولة يتحدث الشاعر/النبي عن نفسه المتردة/الثائرة في قصيدة "زمن القشور":
"الشعر لي
كفن وميلاد وعمر
تلج وأمطار وجمر
صوم وإمساك وتمر
عطر وعربدة وخمر" ص16.
نلاحظ أن الشاعر يبدأ رسالته/دعوته للثورة من خلال الشعر، فهو شاعر صاحب رسالة ويريد إيصالها لنا، فيحدثنا عن (طبيعته) كشاعر ثائر/متمرد حتى إننا لا نستطيع أن (نثبته/نضعه) في خانة معينة، فتجتمع فيه (المتناقضات) التي بدأت من (موته) ثم ميلاده وحتى نضوجه ووصوله إلى الذروة/النبوة، وهنا نتوقف عند بداية ثورة الشاعر التي بدأت ب"كفن" ولم تبدأ بميلاد، وكأنه بفتحه القصيدة ب"كفن يريد القول إنه يريد أماتت/ قتل كل ما سبق فيه، قبل أن يصل إلى النبوة/الشعر، من هناك كان "كفن" بمثابة الانتهاء من مرحلة لا لزوم لها، ولا معنى لها، فحياة/مكانة/دور "فكري القباطي" بدأت بعد أن أصبح شاعرا، من هنا جاء ميلاده في المنتصف، فالميلاد/الحياة الجديدة/الثورة تأتي بعد موت القديم والانتهاء من متخلفاته، وبما أنه شاعر/ثائر فكان لا بد من الحديث عن المستقبل وما فيه فكان "عمر" ممتد غير معرف لإعطاء فضاء وآفاق لا يمكن أن تحد.
ويضيف قائلا عن رسالته/ثورته بأنها "ثلج، أمطار، جمر" تستوقفنا هذه الألفاظ التي بدأت بصيغة المفرد "ثلج، وانتهت أيضا بالمفرد "جمر" وجعلت الجمع "أمطار" في المنتصف، فالمفرد "ثلج وجمر" مذكر، بينما الجمع "أمطار" مؤنثة، فبدأ هذا (الترتيب) وكأنه يشير إلى مكانة الأنثى الرفيعة والاهتمام بها من (الذكرين) الثلج والجمر.
وإذا ما علمنا أن الثلج والجمر متناقضان، لكن تجتمع فيهما خاصة اللسع نصل إلى فكرة: إن كل من يريد المساس بالخير/بالأنثى الكامن في "أمطار" سيلاقي اللسع/الأذى من حيث لا يحتسب، من الجبل ومن السهل، من البر ومن البحر، من الأرض ومن السماء، فالأنثى محمية/مقدسة لا يمكن لأي كان المساس بها أو النيل منها، هذا ما تحمله نبوة/ثورة "فكري القباطي.
ثم يقول "صوم وإمساك وتمر" وهي متعلقة بعبادة الصوم، أيضا نجد عدم (منطقية) الترتيب، فالصحيح البدء بالإمساك، ثم صوم، والإفطار بالتمر، لكن الشاعر يتمرد على الترتيب ليؤكد أن ثورته/رسالته التي تشمل كل شيء، ويجب أن تطال كل المفاهيم.
قد لا نجد (ثورة) مهمة في الألفاظ المتعلقة بالصوم، فكلها تخدم الصوم وما هو متعلق به، لهذا ينقلنا الشاعر إلى ناحية أخر تشير إلى (الفسوق) "فطر وعربدة وخمر" وهنا يكون التمرد حقيقي والتناقض ساطع، فلا لقاء/جامع بين الصائم/الصيام وبين المعربد/العابث، شارب الخمر، وهنا تكون فكرة الثورة هي (تناقض) حقيقي وليس (مجازي).
إذن بدأ الشاعر ثورته/دعوته بصورة (هادئة/مقبولة) وانتهت ووصلت إلى (الفوضى والخروج) عما هو مألوف ومقبول، فكيف حصل هذا، ولماذا (خرب) الثورة/الدعوة/الرسالة؟
نجيب: إن الشاعر يثور على ثورته، ولا يمكن لأي شيء أن يثبته في مكان محدد، لهذا هو كائن حر، ينتقل حيثما شاء، ولا يريد أن (يكون ملتزما) بأي شيء، حتى بثورته/برسالته وهذا ما أكده في هذا المقطع:
" أنا نصف طير
أنا مقلة الألم الضرير
وأول الزمن الأخير
أنا غمية جفت
فصار الموت في دمها سفير
أنا للصراحة والوقاحة
مسجد.. وثن.. و"دير"
هذا أنا فتمهلوا
إني خلقت لكي أثور
لكي أتوه كأنني وهم
وليس له عثور" ص17
نلاحظ أن الشاعر لا يمكن ضبطه، أو تحديد ماهيته، وهو غير مكتمل: "نصف طير" كما أنه الشيء ونقيضة، أول الأخير، غيمة جفت، للصراحة والوقاحة، مسجد وثن ودير" فبدأ وكأنه يتجلى في كل شيء، في كل مكان، في كل الحالات، نلاحظ أن الشاعر (يكثر) من صيغة أنا/إني/كأنني التي تكررت سبع مرات، وكأنه بها يؤكد دوره كنبي يريد أيصال فكرته للناس وتخليصهم مما هم فيه، معطينا صورة عن طبيعته التي وجد/جاء لأجلها "لكي أثور، لكي أتوه"، وهنا نتوقف عند الثورة والتيه، فهما نقائض، الثورة لها برنامج ووسيلة وهدف، بينما التيه يعني السير على غير هدى، وكأن الشاعر بهاذين الأمرين، أراد القول إنه لا يتوقف عن التمرد/الثورة وسيتمر بها حتى بعد نجاحها، فهو وجد/خلق ليكون متمردا/ثائرا من هنا جاء "ليس له عثور" التي تقودنا إلى فقدان الزمان والمكان والظرف، مما يجعل الشاعر كائن (هلامي) لا يمكن الإمساك به أو تحديد ماهيته، سوى بالتمرد/الثورة.
يختم الشاعر رؤيته للثورة وطبيتها ومسارها بقوله:
"العز خلف النهر نيران
وخلف النار نور
فلتعبروا للنار أو كونوا
لصوت الذل زور
والعمر مهما طاب أوله فآخره عبور
إما لنار الله
أو ثمر
وأقداح وحور" ص 18.
نلاحظ (الاتزان والدقة والوضوح) فهنا يتخلى الشاعر عن (اسلوبه السابق) وما فيه من (لخبطة) ويتحدث بمنطق متزن وواضح، مشيرا إلى حقيقة العزة الكامنة خلف النهر، مؤكدا أن "النار" التي كررها ثلاث مرات ـ وكلنا يعلم أن رقم ثلاثة يعني الاستمرارية والقدسية ـ وهذا خدم فكرة الثورة وإنها السبيل نحو العز الذي ينشده الشاعر وننشده نحن المتلقي.
واللافت في دعوته أن يستخدم الثقافة الدينية "أما لنار الله أو ثمر وأقداح وحور" وهذا يشير إن أنه يستخدم خطابا تفهمه وتريده الجماهير المنحازة للخطاب الديني، وبما انه ختم القصيدة (بوضوح) وهذا يقودنا إلى أن كل تمرده/ثورته السابقة وما فيها من (لخبطات/تناقضات) تتجلى نتائجها في الخاتمة التي تحقق العز الذي نريده ونحتاجه في زمن الهزائم والانكسارات.
في كل الثورات هناك مثبطين/متخاذلين، يملون كطابور خامس، وهذا الطابور نجده اليوم في المحطات الفضائية التي تعادي وتحارب وتشوه أي فعل مقاوم، يحاور الشاعر هؤلاء المتخاذلين المثبطين في قصيدة "خير وشر":
"نظروا إلي كأنهم حفر تتوق إلى القمر
قالوا: اعتذر،
ما خاب من ترك التعجرف واعتذر
قلت: اعتذاري ردة،
والله يبغض من كفر
ستُهزم من عدو ذات يوم
فانتظر..
فضحكت سخرية،
وقلت أتأكل النعجة تمر؟
قالوا: كفاك،
فأنت كالنجم الذي يهوى الحفر
فرفعت رأسي للسماء
وقلت: ما أحلى الحفر..
كانت السماء قبل أن تغدو لمن ذلوا حفر" ص19.
اللافت في هذه القصيدة تحقير المثبطين من خلال تشبيههم ب"حفر" فمعنى الحفر تشير إلى القاع، إلى الأسفل، وعندما تعمد الشاعر عدم تعريفهم وجعلهم كثرة ونكرة "حفر" وليس مفرد معرف، أكد احتقاره لهم ونفوره منهم.
وإذا علما أن الحفر تكون أدنى من مستوى الأرض، وإن القمر مُعرف ومعروف بسطوعه ويعلو الأرض بصورة بارزة وواضحة، نعلم حجم المسافة التي تفصل الشاعر الثائر عمن يقبلون ذل الواقع ويخنعوا للعدو.
وعندما طلبوا منه الاعتذار، أستند إلى الثقافة الدينية التي يفهمها ويعرفها المتلقي، ويرد عليهم ردا واضحا وحاسما، فهو يمارس دوره منقادا لأمر لله الذي لا يعلو على أمره أحد.
وعندما أشاروا إلى بأس وقوة العدو وجبروته، رد عليهم ساخرا مستخفا بحجم وطبيعة هذا العدو الذي يراه ليس أكثر من نعجة، وهذا الاستهتار ناتج عن الثقافة الدينية التي يتكأ عليها الشاعر، الله يقول في كتابه العزيز: "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز" من هنا جاءت سخرية الشاعر على ما يقوله المرجوفون في المدينة معتمدا على ما قاله الله في كتابه، وهذا ما يجعل الشاعر قدورة للقارئ/المتلقي الذي يراه في الشاعر بطلا، مثقفا/ مؤمنا/ راسخا كالجبال لا يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه ومبادئه الثابتة.
ينحدر المرجوفون أكثر في حوارهم مع الشاعر، معترفين أن الشاعر ينظر إلى الأعلى: "أنت كالنجم" وأنهم يسعون إلى نزوله إلى مكانهم ، إلى حفرهم في القاع، بصرف النظر عن الطريق/الوسيلة التي ينزل بها، فغايتهم تكمن في جعله متساوي معهم في المكانة، في (الحضيض/الحفر) التي يقبعون فيها، من هنا جاء رده عليها بعين المنطق/اللغة التي يفهمها هؤلاء المثبطين، فيرفع رأسه إلى السماء ناظرا إليها وكأنه نشدها/يريدها لتكون له، مؤكدا الهوة الشاسعة بين من يريد السماء ومن يعش بين الحفر.
وإذا علمنا أن فاتحة القصيدة وخاتمتها متعلقة بمن يرغب في السمو إلى السماء، وبين من يرغب البقاء في القاع، في الحفر، نصل إلى نبل فكرة الشاعر وسموها، وحقارة طرح المثبطين وجبنهم.
الديوان من منشورات دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2015.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاح أبو لاوي والموت
- السلاسة والوحدة في مجموعة -أسرار خزنة- هدى الأحمد
- أثر القمع رواية -الثانية وخمس وعشرون دقيقة- طايل معادات
- التمرد في كتاب -النهر لن يفصلني عنك- رمضان الرواشدة
- مهدي نصير وتقديم الألم
- جواد العقاد والارتباك - وفي إيابي
- البياض في قصيدة -معراج واسع للقصيدة- سائد أبو عبيد
- الإيجابية في رواية -زمن القناطر- عامر سلطان
- الأخلاق وجمالية الكتابة في رواية -لم أكن أتوقع- راشد عيسى
- الواقع في قصة -الكابوس- مأمون حسن
- فشل حركة التحرر العربية
- سورية الجديدة (4)
- سورية (الجديد) 3
- سورية الجديدة (2)
- سورية
- سامح أبو هنود قصيدة -كن بين شكك واليقين-
- قصائد -أنا وليلى- للشاعر موسى أبو غليون
- الإثراء الثقافي والثراء الإنساني في كتاب -الثرثرات المحبّبة- ...
- النعومة في رواية -النور يأتي من خلف النافذة- إبراهيم جاد الل ...
- التنوع والتعدد في ديوان -شغف الأسئلة- منذر يحيى عيسى


المزيد.....




- كتاب الفوضى.. قصة صعود وهبوط شركة الهند الشرقية
- ترامب يعتبر جلسة تحديد عقوبته بقضية الممثلة الإباحية -تمثيلي ...
- -زنوبيا- تُحذف من المناهج السورية.. فهل كانت مجرد شخصية خيال ...
- عمرها 166 مليون سنة.. اكتشاف آثار أقدام ديناصورات في أوكسفور ...
- الفنان عبد الحكيم قطيفان ينفي تعيينه نقيبا للفنانين في سوريا ...
- تسجيل صوتي للمشتبه به في هجوم نيو أورليانز شمس الدين جبار: - ...
- قضية الممثلة الإباحية تلاحق ترامب قبل أيام من تنصيبه
- الباتيك في إندونيسيا.. فن تقليدي يعكس روح جاوا وبيئتها
- بعد هجوم نيو أورليانز.. شاهد ما فعله موسيقيون ورجال دين في ش ...
- سوريا.. المخرجة رشا شربتجي تؤكد الإفراج عن كاتب مسلسل -فضح م ...


المزيد.....

- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الثورة في ديوان -أعرني بعض إيمانك- فكري القباطي