أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - سوريا على مفترق طرق: تساؤلات حول انهيار الجيش وتحديات المرحلة القادمة














المزيد.....


سوريا على مفترق طرق: تساؤلات حول انهيار الجيش وتحديات المرحلة القادمة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 18:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مساء السادس من ديسمبر 2024، كانت سوريا تشهد تحولًا دراماتيكيًا يعيد تشكيل ملامحها السياسية والعسكرية بشكل غير مسبوق. مع انهيار النظام السوري وتزايد النفوذ العسكري لهيئة تحرير الشام في عدة مناطق، يطرح الوضع الراهن تساؤلات جوهرية حول أسباب هذا الانهيار السريع وفقدان الجيش لمنظومته القتالية. كيف يمكن لجيش من المفترض أن يكون منظمًا ومرتبطًا بالسلطة أن ينهار بهذه السرعة وبلا مقاومة تُذكر؟ وما هي الدوافع الحقيقية التي دفعت الجنود للانسحاب، في غياب تام لأي قيادة أو تنسيق؟

تستعرض الشهادات الواردة في تقرير بي بي سي، الذي نُشر في التاسع والعشرين من ديسمبر 2024، مشاهد مروعة مليئة بالفزع والارتباك، كما يروي الجنود محمد النداف ومحمد رمضان. كأنهم مقاتلون بلا سلاح، يواجهون معركة لا تخصهم. إن قول النداف “لم تكن لدينا أوامر ولا معلومات” لا يعبر عن مجرد نقص في التعليمات، بل يرسم صورة قاتمة عن نظام مهدم ترك جنوده عرضة للضياع، متخليًا عنهم في لحظة حاسمة. الفساد المستشري في صفوف القيادة، والهروب المتكرر للقادة العسكريين إلى مناطق آمنة، كما حدث مع بشار الأسد نفسه، قد ساهم في توسيع الهوة بين الجنود والنظام. إن هذا التفكك العسكري، الذي لا يكاد يذكر له مثيل في التاريخ الحديث، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك صفقات أو تحالفات غير معلنة بين النظام وخصومه. فهو يشبه إلى حد بعيد ما حدث مع الجيش العراقي في نهاية حكم صدام حسين، حيث تبخر الجيش فجأة في لحظة حاسمة من تاريخ العراق، ولم يُعثر له على أثر. لقد ترك انهيار الجيش العراقي لغزًا حتى اللحظة، في ظل غياب تفسير واضح لما حدث له، ما يجعلنا نتساءل عن الأبعاد السياسية والعسكرية التي قد تكمن وراء انهيار جيش النظام السوري بنفس الطريقة. هل هناك خيوط مشتركة تربط بين الحالتين، أم أن ما يحدث في سوريا هو نتيجة لظروف خاصة بها، يحيطها الغموض؟

وفي سياق آخر، يعكس اغتيال ثلاثة قضاة في مدينة المصياف مشهدًا مؤلمًا من حالة الفوضى والانفلات الأمني. فقد شهدت المدينة جريمة شنعاء زادت من تعقيد الأوضاع في منطقة هي بالفعل غارقة في التوترات. يقول نذير، شقيق القاضي منذر حسن، معبرًا عن مدى القلق الذي يعيشه أهل المدينة: “إنها جريمة ضد شخص بريء. إنهم لا علاقة لهم بسياسات النظام.” هذه الكلمات تفتح الباب للتفكير العميق حول كيفية تأثير هذه الجرائم على حياة المدنيين وتدفق الخوف الذي يحيط بهم.

أما ناديا، زوجة القاضي منذر، فتصف حالة الصراع المستمر للبقاء من أجل أطفالها، وسط ظروف غير إنسانية. تقول: “الجميع يقول إن هيئة تحرير الشام لم ترتكب الجريمة، ولكن باعتبارها السلطة الحاكمة الآن، يتعين عليها أن تكتشف من ارتكب الجريمة.” إن هذا الحديث يشير إلى تزايد غياب المساءلة في أوقات الأزمة، وتضاعف المعاناة الناتجة عن فراغ السلطة وغياب الاستقرار.

وفيما يتعلق بالطائفة العلوية، فإن الخوف يتزايد بينها، وهي التي كانت في السابق العمود الفقري للنظام. فكثيرون منهم يشعرون بتهديد حقيقي يواجه أمنهم الشخصي، في ظل ما يعتبرونه محاولات لتهميشهم أو إقصائهم من قبل أطراف تسعى إلى إرساء سلطتها. وإن التصريحات التي أدلت بها هيئة تحرير الشام حول محاسبة كل من تورط في الجرائم، لا تبدو سوى خطاب إعلامي فارغ، في ظل عدم قدرة السلطة الحالية على فرض الأمن وحماية المدنيين.

إن سوريا اليوم تقف على مفترق طرق حاسم، ليس في طريقها نحو إعادة بناء دولة مستقرة فحسب، بل في مواجهة خطر التفكك الكامل إذا استمر الوضع على ما هو عليه. إن السؤال الأبرز هو: كيف يمكن للمجتمع السوري أن يتجاوز هذه الأزمة العميقة ويعيد بناء وحدته الوطنية؟ فهل ستتمكن القوى المختلفة في سوريا من تغليب المصلحة العامة على مصالحها الضيقة؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تتطلب استراتيجية شاملة ومتوازنة، تقوم على تأكيد الأولوية للمصالح الوطنية فوق أي اعتبارات إقليمية أو دولية.

إن التحديات أمام سوريا شديدة وملحة، وتحتاج إلى تفكير عميق وقرارات حاسمة. ينبغي لجميع الأطراف المعنية، سواء كانت هيئة تحرير الشام أو أي فصيل آخر، أن تعيد النظر في مسؤولياتها تجاه الشعب السوري وتعمل على إيجاد حلول سلمية قائمة على الحوار والمصالحة. فالنزاع المستمر في سوريا يجب أن يُنهى إلى غير رجعة، وأن يتم تأسيس وحدة وطنية حقيقية تضمن لكل السوريين مستقبلًا أفضل وأمنًا دائمًا.

ختامًا، أملنا أن يسود السلام في سوريا، وأن تنقشع الغيوم السوداء التي تغطي سماءها. إن الوقت قد حان لتضع كل الأطراف مصالحها الضيقة جانبًا، وتعلي صوت الحكمة والمصلحة العامة، مما يمهد الطريق لبناء سوريا جديدة، تؤسس للسلام وتعيد الأمل لشعبها المنكوب.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرحة بمرض نتنياهو أم هروب من مواجهة الواقع؟
- الثورة الإدراكية: قفزة الإنسان العاقل نحو السيادة على الأرض
- حوار حول مستقبل سوريا: بين التفاؤل والتشاؤم
- محمد صلاح: رمز سلام يتحدى التعصب
- الحروف الفينيقيّة: الثورة الصامتة التي غيّرت مجرى التاريخ
- الرشدية اللاتينية: بذور النهضة الأوروبية وخسارة العالم الإسل ...
- التنوير العربي: رحلة متواصلة نحو العقلانية والعلم
- العقل السحري بين الشرق والغرب: تأملات في عقول الجماهير والمد ...
- ألمانيا في محنة: بين جراح الإرهاب وصوت الضمير
- إعمال العقل في النصوص الدينية: بين نور الفكر وظلام الجمود
- مصر والجائزة الكبرى في مخطط الشرق الأوسط الجديد
- اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر
- قراءة في خريطة الصراعات العالمية والإقليمية: مستقبل العرب وم ...
- العقل النقدي بين “حرية العقل” وتحقيق “دويتشه فيله”: معركة ال ...
- الذكاء الاصطناعي: شريك الإنسانية في غزو المستقبل واستكشاف عو ...
- الفوضى الخلاقة: معارك عربية بين الانهيار والصمود
- في الوفاء نكتب: قيمة إنسانية لا تموت
- التاريخ بين الحقيقة والتحريف: دعوة لدراسته بمنهج علمي موضوعي
- الحب.. بوابة العروج إلى السماء
- حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى


المزيد.....




- راقصة متحولة جنسيا يلغى عرضها وسط مخاوف من حملة قمع أوسع نطا ...
- سقط من السماء.. توثيق جزء ضخم من -جسم فضائي- يهوي في قرية نا ...
- تأثير وجبة الفطور على الوزن والصحة
- اختبار مدته 30 ثانية يكشف عن خطر الإصابة بـ19 مرضا مزمنا
- مايك جونسون الجمهوري رئيساً لمجلس النواب الأمريكي بعد تصويت ...
- ألبير كامو: أديب نوبل الذي وُلد في الجزائر، وتحدثت فلسفته عن ...
- لا.. لم تنشر -شارلي إيبدو- غلافًا يظهر زيلينسكي على هيئة -أح ...
- مشاريع في سوريا قد تجعلها ممرا للنفط والغاز والهيدروجين الخل ...
- زلزال بقوة 5.8 درجة يهز إثيوبيا
- انتهاء عطل تقني أصاب عددا من المطارات الألمانية


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - سوريا على مفترق طرق: تساؤلات حول انهيار الجيش وتحديات المرحلة القادمة