|
العالم على عتبة 2025: أفق مشتعل أم انطلاقة جديدة؟
خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 01:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع انزلاق العالم نحو نهاية عام 2024، تتسارع الأحداث بصورة تكاد تُجبرنا على التوقف للحظة لمراجعة الصورة الكاملة. ما بين أزمات اقتصادية عالمية، وتحولات جيوسياسية تهدد بتغيير موازين القوى، وتقدم تكنولوجي مذهل يحمل في طياته وعودًا وأخطارًا، يبدو أن العالم يقف على شفا مرحلة حاسمة.
الأزمات الكبرى: شبح يهدد الجميع
مع دخول الاقتصاد العالمي في دوامة تضخم وركود مزدوجة، أضحت الفجوات بين الدول الغنية والفقيرة أكثر اتساعًا من أي وقت مضى. الدول النامية تكافح من أجل البقاء، بينما القوى الكبرى تنغمس في سياسات حمائية تزيد من تعقيد المشهد. الصين تواجه تحديات اقتصادية داخلية غير مسبوقة، وأوروبا تعاني من تداعيات أزمات الطاقة المستمرة، في حين تواصل الولايات المتحدة الاستفادة من الدولار كأداة للهيمنة، مما يخلق استياءً عالميًا متزايدًا. ومع ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية ليست إلا جزءًا من الصورة. الصراعات الإقليمية تتكاثر: حرب أوكرانيا مستمرة في استنزاف أوروبا وروسيا، والصين تزيد من قبضتها على بحر الصين الجنوبي، والشرق الأوسط يشهد اضطرابات متصاعدة تهدد بإشعال نزاعات واسعة النطاق.
التكنولوجيا: بين الخلاص والفناء
الذكاء الاصطناعي، الذي شهد طفرة مذهلة في 2024، يمثل سيفًا ذا حدين. فمن جهة، يقود ثورة في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة، لكن من جهة أخرى، يتسبب في اختلالات في سوق العمل ويثير قلقًا أخلاقيًا بشأن حدود استخدامه. الدول تتسابق لاحتكار هذه التقنية، مما يزيد من احتمالية نشوب "حرب تكنولوجية باردة" قد تكون أشد خطرًا من أي صراع عسكري. وفيما يتعلق بالتغير المناخي، يبدو أن الجهود الدولية لمواجهة الكارثة البيئية الكبرى تسير بخطى بطيئة للغاية. الكوارث الطبيعية التي شهدها 2024 كانت بمثابة إنذار صارخ للبشرية، لكن الاستجابة لا تزال دون المستوى المطلوب.
السياسة العالمية: حافة الانفجار أم فرصة للتغيير؟
السياسة العالمية تتسم بتوازن هش بين الفوضى والنظام. القوى العظمى تتصارع على الهيمنة، بينما الأنظمة الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية تبدو عاجزة عن التكيف مع الحقائق الجديدة. ولكن وسط هذا الاضطراب، تظهر بوادر تحالفات غير تقليدية: جنوب الكرة الأرضية بدأ يتكتل ليصوغ مسارًا جديدًا بعيدًا عن هيمنة الشمال، والدبلوماسية الرقمية تبرز كأداة جديدة لإدارة الصراعات.
2025: احتمالات أقرب للتحقق
1. تصعيد عسكري شامل مع استمرار التوترات الحالية، قد يكون عام 2025 نقطة الانفجار. اشتباك بين الصين وتايوان، تصعيد روسي في أوكرانيا، أو نزاع إقليمي في الشرق الأوسط قد يشعل حربًا واسعة النطاق. 2. إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي قد يدفع الركود المستمر إلى تغييرات جذرية في النظام الاقتصادي. الدولار الأمريكي قد يفقد هيمنته لصالح نظام متعدد العملات، مع تصاعد نفوذ اليوان الصيني وعملات إقليمية أخرى. 3. ثورة في الابتكار إذا استغلت البشرية التكنولوجيا بطريقة مسؤولة، فقد يشهد 2025 اختراقات غير مسبوقة في مجالات الطاقة النظيفة والطب واستكشاف الفضاء. 4. نظام عالمي جديد ربما تدفع الأزمات المتفاقمة القوى العالمية إلى إدراك الحاجة إلى إصلاح النظام الدولي، مما يؤدي إلى ولادة منظومة جديدة أكثر شمولية واستدامة.
مفترق الطرق
مع بداية 2025، يقف العالم بين خيارين: إما أن يكون عامًا للانفجار والانهيار الشامل، أو بداية لنهضة جديدة تستفيد من دروس الماضي. كل المؤشرات تشير إلى أن الطريق سيكون شاقًا، لكن في قلب الفوضى تكمن دائمًا بذور الفرصة. التحدي الأكبر يكمن في قدرة البشرية على التكاتف، وإعادة التفكير في مفاهيم القوة، والابتكار، والعدالة. في النهاية، لن يكون 2025 مجرد عام جديد، بل لحظة مفصلية تعيد تشكيل مصير البشرية جمعاء.
الحرب العالمية الثالثة: الكابوس المُقترب أم وهم الردع الأبدي؟
في خضم اضطراب النظام العالمي، تظل احتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة كابوسًا يحوم في أفق القرن الحادي والعشرين. الحيثيات التي تجعل هذا السيناريو أقرب للتحقق تتمثل في تصاعد التوترات الجيوسياسية، والانهيارات الاقتصادية، والسباق المحموم على التكنولوجيا المتقدمة.
محاور الصراع المحتملة
1. آسيا: اشتعال الفتيل في بحر الصين الجنوبي
صراع النفوذ بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يتحول إلى مواجهة عسكرية شاملة. تايوان تظل نقطة اشتعال رئيسية، حيث يعتبرها الصينيون قضية سيادة وطنية غير قابلة للتفاوض، بينما تصر القوى الغربية على حمايتها كرمز للديمقراطية. 2. أوروبا: إرث الحرب الباردة لم ينتهِ
حرب أوكرانيا المستمرة قد تتحول إلى مواجهة مباشرة بين حلف الناتو وروسيا، خاصة إذا تصاعدت الأعمال العسكرية إلى دول البلطيق أو بولندا، مما سيجر العالم إلى دوامة لا مفر منها. 3. الشرق الأوسط: برميل البارود
التوترات بين إيران وإسرائيل، والصراعات المستمرة في سوريا واليمن، يمكن أن تمتد إلى نزاع إقليمي واسع يشمل قوى عالمية، مما يضع المنطقة مرة أخرى في قلب الأحداث الدولية.
عوامل تزيد من احتمالية الحرب
* التنافس التكنولوجي: الهيمنة على الذكاء الاصطناعي والابتكارات العسكرية الحديثة مثل الأسلحة الفضائية والطائرات المسيّرة تجعل الحرب أكثر تعقيدًا وأقل قدرة على التنبؤ. * أزمة الطاقة: شح الموارد وتصاعد الطلب العالمي على النفط والغاز قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة للسيطرة على مصادر الطاقة. * الانهيار الاقتصادي: الركود العالمي، وتزايد البطالة، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء يمكن أن تدفع الشعوب إلى ثورات عنيفة، ما يمهد الطريق لصراعات بين الدول الكبرى.
لماذا قد لا تحدث الحرب؟
رغم هذه العوامل، يظل هناك أمل في أن تردع القوة النووية الأطراف المتصارعة من خوض حرب شاملة. الردع النووي يبقى أحد أعمدة السلام الهش، إذ أن أي مواجهة عالمية اليوم ستكون مدمرة بما يتجاوز قدرة البشرية على التعافي.
خاتمة: صراع بين العقل والفوضى الحرب العالمية الثالثة ليست قدَرًا حتميًا، لكنها تظل خطرًا لا يمكن تجاهله. كل خطوة سياسية أو اقتصادية اليوم، وكل قرار يتخذ في مراكز القوة، قد يكون له تأثير على تحديد ما إذا كان العالم سيستيقظ على يوم جديد يحمل الأمل، أو ينحدر إلى ظلام لم يسبق له مثيل.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقد الموقف من النماذج الاجتماعية وضرورة الموقف ضد الإرهاب ال
...
-
اليمن: مركز جيوسياسي ومحور استراتيجي في المنطقة
-
حكايات الخيانة في كومباوند س
-
مرآة الحلم المنسي
-
أنتِ أفقٌ لا يغيب
-
يا لصخب البرد، كسر خاطري
-
تحول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني): من إرهابي إلى رجل دولة
-
حينما ينبت الحلم من الرماد
-
حرب الروبوتات التي تشنها إسرائيل في شمال قطاع غزة وكيفية تعا
...
-
الحدود المفتعلة بين الأخلاق والسياسة: فصلٌ أم تداخلٌ محتوم؟
-
يوميات طبيب نفسي (نوفيلا-رواية قصيرة)
-
الشعب السوري بين أفق الجولاني والتحدي الإسرائيلي
-
أنشودة للمهاجر الغريب
-
مراثي النسيان
-
اليمن: مقاومة المبدأ في وجه العالم
-
حين يصبح القلب باباً
-
خيبة الضوء ووشوشة الظلال
-
عودة المجد
-
في طيات الأنفاس
-
سهم باشان: بين الرمزية التوراتية وعقدة القوة
المزيد.....
-
الدبيبة يحذر الوحدات العسكرية من التعامل مع تشكيلات مسلحة بم
...
-
سلوتسكي: وزيرة الخارجية الألمانية تجاوزت حدود صلاحياتها
-
بلينكن: نشعر بالقلق إزاء احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووي
...
-
هبوط اضطراري لطائرة روسية في شرم الشيخ المصرية
-
المدعي العام البولندي يحقق في قضية خيانة ضد وزير الدفاع السا
...
-
مجلس النواب الأمريكي ينتخب مايك جونسون مجددا رئيسا له
-
الشرع يدعو ميقاتي لزيارة سوريا ويبحثان اشتباكات اليوم على ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بيربوك بشأن القواعد الروسية في سوري
...
-
مراسل RT: عمليات عسكرية مكثفة تستهدف أوكار التهريب في مدينة
...
-
سانا: وفد أوروبي يزور سجن صيدنايا في دمشق (صور)
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|