أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - أنور السادات ...















المزيد.....


أنور السادات ...


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8208 - 2024 / 12 / 31 - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يخطر ببالي كثيرا هذه الأيام الرئيس الراحل أنور السادات ، اتذكره بعرفان كبير بالجميل من رجل لم يره ، وكان عمره اربع سنوات فقط عندما رحل الرئيس السادات عن الدنيا في يوم حزين من خريف ١٩٨١..

ولابد لي ان اعترف انني نشأت علي حب الزعيم جمال عبد الناصر وتقدير دوره ، وبالتالي ـ وطبقا لمنطق الامور العجيب في مصر من انه اذا احببت رئيسا فلابد ان تكره كل من عداه ـ لم احب أنور السادات ، ولم اعترف له بأي دور له قيمة ...

ومازال حبي لجمال عبد الناصر موجودا ، وان لازمه اليوم صوت العقل اكثر من صوت العاطفة كما كان في السابق ، فقد اصبحت اكثر اعترافا بأخطاء الرجل وعثراته ، وان ظل تقديري لدوره في مجمله كبيرا ، لكن ما تغير جذريا هو رأيى في انور السادات ... فقد حل التقدير بدلا من سوء الفهم .. وحل التفهم بدلا من الاتهام .. وحل العرفان بالفضل بدلا من إنكار أي شئ جيد في مسيرة هذا الرجل العظيم ... وان ظل عندي رأيى السلبي في بعض جوانب سياسات انور السادات..

وللزمن دوره في تغيير نظرة الانسان الي اشياء كثيرة ، كما ان لتجارب الانسان مع الدنيا وتقلباتها الفضل في اعتدال نظرة البشر الي امور حياتهم العامة ... او حتي الخاصة ...

اول شئ يجب الاعتراف بالفضل للسادات فيه هو انه انهي ارتهان جزء مهم وغالي من ارض مصر لاسرائيل.. وهي سيناء ...

ولنا ان نتخيل ان سيناء ــ أو جزء منها ــ مازالت تحت الاحتلال الإسرائيلي ..
ما الذي كان يمنع اسرائيل من نقل كل سكان قطاع غزة اليها ؟!
ما الذي كان يمنع اسرائيل من اعلان ضم نصف سيناء أو اكثر الي السيادة الاسرائيلية ، كما فعلت في مرتفعات الجولان السورية ؟!

ما الذي كان يمنع اسرائيل من حل مشكلتها في ارض فلسطين التاريخية علي حساب الارض المصرية ، وترحيل مشاكل الفلسطنيين وتناقضاتهم الي الساحة المصرية ...

وهي التناقضات التي وصلت ببلد عربي مثل لبنان الي الحرب الاهلية ، التي استمرت ١٥ سنة ــ من ١٩٧٥ الي ١٩٩٠ ــ وتركت اثارها ــ وماتزال ــ علي لبنان شعبا ودولة .. كما كادت تصل ببلد عربي اخر ــ هو الاردن ــ الي حافة الحرب الاهلية ، في حوادث ايلول الاسود في سبتمبر١٩٧٠..

كل ذلك نجت مصر من اثاره المدمرة بفضل ذكاء وحنكة وشجاعة رجل واحد هو أنور السادات..

لقد فهم انور السادات ان المشروع الصهيوني في الشرق ليس مشروعا لمجموعات مهاجرة من يهود اوربا، ولكن مشروعا واستثمارا طويلا للقوي الاستعمارية التي تسيطر علي العالم ، وان من اقام اسرائيل لن يسمح بهزيمتها هزيمة كاملة او تصفية مشروعها .. وبالتالي فالاولي ــ في هذه المرحلة ــ تجميد المشروع الصهيوني عند حدوده الحالية ، وايقاف توسعه في الارض العربية تمهيدا لإن يأتي زمان تتغير فيه موازين القوي العالمية ، ويمكن محاصرة المشروع الصهيوني تمهيدا لإفشاله ثم انهاءه ...

لم يفهم العرب وجهه نظر انور السادات ، وقاد حزب البعث بجناحيه في سوريا والعراق ــ اي حافظ الاسد وصدام حسين ــ جهدا عربيا حاصر الجهد المصري ، وفرض طرد مصر من الجامعة العربية..
وضاعت فرصة فكر فيها رجل ذكي لديه فهم واقعي وحساسية للتيارات الحقيقية التي تحكم العالم ، بدون اوهام كبيرة ثبت بالتجربة وفي ضوء الواقع وضروارته فشلها..

لقد راهن قادة العراق وسوريا وليبيا والجزائر ــ الذين وقفوا للسادات ومنعوا ان يكون الصلح مع اسرائيل صلحا عربيا وليس صلحا مصريا فقط ــ راهنوا علي وقوف الاتحاد السوفييتي ــ روسيا الحالية ــ الي جانب العرب..
بينما كان اقتناع السادات ان الغرب بقيادة امريكا ــ وليس الشرق بقيادة روسيا ــ هو من سيفوز بالسباق العالمي.. وهو ما تحقق بالفعل قبل أقل من عشر سنوات فقط من استشهاد انور السادات..

كان انور السادات هو الحاكم العربي الوحيد الذي استطاع ارجاع ارض بلاده من إسرائيل.. حربا اولا ثم سلما.. ومن هنا ــ في رأيي ــ كان قرار الغرب قتله والتخلص منه ، بعد ان انتصر علي اسرائيل في ميدان الحرب وميدان السياسة ..

وكان ان استغل الغرب تيارات متطرفة وجاهلة ، للغرب اليد الطولي في تحريكها حسب مصالحه في قتل انور السادات والتخلص منه...

لقد كنت اتخيل لو ان حافظ الاسد بعد حرب اكتوبر وتحرير الجيش السوري لبعض اجزاء الارض السورية استطاع مع زميله ورفيق السلاح انور السادات الوصول الي صيغة تضمن رجوع الارض العربية المحتلة وتسوية للمشكلة الفلسطينية .. وهي فرصة لاحت مرة ثانية بنسب نجاح اقل في التسعينات ، وضاعت هي الاخري ..

لو فعل حافظ الاسد ذلك وانهي ارتهان الارض السورية للاحتلال الإسرائيلي لم يكن ليترك لخليفته ــ سواء ابنه او اي رجل آخر ــ مشكلة عويصة بفرص ضىيلة للنجاح في حلها عما كان الامر في السبعينات ..
واذا تحقق ذلك ــ استعادة الارض السورية من الاحتلال الإسرائيلي ــ لما كان حافظ الاسد نفسه او خليفته ــ وهو هنا ابنه الأوسط بشار ــ مضطرا للتحالف مع ايران ...

وتحالف سوريا مع ايران ــ بعد سيطرة رجال الدين الشيعة علي حكمها ــ اصبحت مشكلة تقض مضاجع حكام الخليج العربي...

ففي اغلب هذه الدول طوائف كبيرة من اهل الشيعة العرب ، وبحكم ان تنظيمات الاسلام السياسي تضع الفرد ــ بلا مبرر ــ في تناقض وصراع بين عقيدته الوطنية وحبه لبلاده وبين دينه ومذهبه ، فقد حدث ما كان متوقعا .. وهو الالتباس في عقل وضمير الشيعة العرب بين انتماءهم لاوطانهم وبين انتماءهم لدينهم ومذهبهم ، بعد ان اقنعهم القادمون الجدد علي السلطة في طهران من انصار الاسلام السياسي في نسخته الشيعية ــ ومذهب ولاية الفقيه ــ ان الولاء الديني مقدم علي الانتماء الوطني .. وهو نفس ما فعله الاخوان المسلمين وباقي تنظيمات الاسلام السياسي في نسخته السنية مع شعوب المنطقة العربية ...

وكان تقارب سوريا لأسبابها السياسية مع ايران الدينية داعيا لتوجس ــ ثم غضب ــ اهل الخليج العربي من الحكم في سوريا ، وكان ان ساندوا ــ بطرق خفية ــ تحرك الاخوان المسلمين ضد السلطة في دمشق عام ١٩٨٢ وما فعلوه في مدينة حماة وحلب ..
وكان ان ساعدوا ــ بطرق علنية هذه المرة ــ تحرك الاخوان المسلمين ومعهم تنظيم القاعدة ــ وقد سمي فرعه السوري نفسه بجبهة النصرة ثم جبهة تحرير الشام ــ للاطاحة بالحكم في دمشق عام ٢٠١١ وما بعده ، حتي استطاعوا تحقيق هذا الهدف في ديسمبر ٢٠٢٤..

لم يكن هناك لزوم لكل ذلك اذا فهم السوريون مغزي تحرك انور السادات عام ١٩٧٧، واستعادوا ارضهم ، وانتفت بذلك حاجة سوريا للتحالف مع قوي اخري تظن انها سند لها في صراعها مع إسرائيل ، وتغضب بذلك اطراف عربية لديها مشاكلها مع الايرانيين ، وهو ما اتاح للغرب اللعب علي التناقض السني الشيعي، واعادة بعث الفتنة الكبري مرة اخري بعد ١٤٠٠ سنة من وأدها ، واللعب علي مخاوف اهل الخليج من ايران الشيعية ونداءها بالثورة للشيعة العرب ، وبالتالي قيام الخليج بالانفاق علي تنظيمات الاسلام السياسي السنية ماليا ومساندتها اعلاميا لاستعادة سوريا من النفوذ الايراني..

عموما هذه كلها نوع من التفكير بالتمني مضي زمنه ولم يعد منه فائدة ...

واليوم.. ونحن نري ضياع ارض عربية جديدة الي اسرائيل..
ونري الجيش الإسرائيلي علي اسوار دمشق..
ونري اسرائيل قد دمرت قطاع غزة بالكامل وحشرت سكانه ــ اثنين مليون انسان تقريبا ــ في رقعة ضيقة جنوب القطاع تمهيدا لتهجيرهم ...
وبعد ان راينا اسرائيل والغرب وراءها تستخدم مع مصر كل انواع الضغوط ــ الضغوط الاقتصادية ، وتخويفها بالمتطرفين من تنظيمات الاسلام السياسي ــ ان لم توافق علي تهجير الفلسطينين الي سيناء.. التي كانت يوما ما تحت يدها ، تفعل بها ما تشاء لولا رجاحة عقل رجل اسمه.. انور السادات ..

كيف استطاع ذلك الرجل ــ منذ أكثر من اربعين سنة ــ فهم ما فهمناه بعده بعقود ؟!
كيف استطاع ذلك الرجل ان يفهم حقيقة المتغيرات في العالم بدون اوهام سقط فيها قادة وشعوب واضاعت اوطان كاملة ؟!
لذلك الرجل العبقري تحية ــ وان كانت متأخرة ــ واعترافا بالفضل ...



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قنوات الاخوان ... وهل نحن خائفون مما حدث في سوريا ؟!
- فصل جديد ...من قصة طويلة !!
- محمد مرسي .. وأحمد الشرع !!
- فيم واين اخطأ بشار الاسد بالضبط ؟!
- اسئلة اليوم التالي ...
- يوم حزين .. ويوم سعيد ...
- هل ما حدث في سوريا ممكن الحدوث في مصر ؟!
- هجمة مرتدة ..
- جمال عبد الناصر .. والناصريون : أين الاختلاف ؟!
- التزوير والتلاعب في الانتخابات الأمريكية..
- لماذا يكره الاخوان المسلمين السعودية ويحبون تركيا ؟!!
- فيتنام وفلسطين : اين الاتفاق .. واين الاختلاف ؟!
- لماذا لا تدخل مصر الحرب ؟!
- الي أين اخذت حماس القضية الفلسطينية ؟!!
- لماذا أرادت النخبة الامريكية الحاكمة مجئ ترامب مرة أخري ؟!
- الحزب السياسي في الحياة السياسية الأمريكية...
- الحياة السرية لرؤساء أمريكا...
- هل هناك في أمريكا ديموقراطية ؟!
- السيد حسن نصر الله ...
- أيام حزينة ...


المزيد.....




- الدبيبة يحذر الوحدات العسكرية من التعامل مع تشكيلات مسلحة بم ...
- سلوتسكي: وزيرة الخارجية الألمانية تجاوزت حدود صلاحياتها
- بلينكن: نشعر بالقلق إزاء احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووي ...
- هبوط اضطراري لطائرة روسية في شرم الشيخ المصرية
- المدعي العام البولندي يحقق في قضية خيانة ضد وزير الدفاع السا ...
- مجلس النواب الأمريكي ينتخب مايك جونسون مجددا رئيسا له
- الشرع يدعو ميقاتي لزيارة سوريا ويبحثان اشتباكات اليوم على ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بيربوك بشأن القواعد الروسية في سوري ...
- مراسل RT: عمليات عسكرية مكثفة تستهدف أوكار التهريب في مدينة ...
- سانا: وفد أوروبي يزور سجن صيدنايا في دمشق (صور)


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - أنور السادات ...