|
امرأة واحدة تصلح ما أفسده العالم
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 16:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
======================= هذا " الثالوث " ، كراهية النفس ، وانعدام الهدف ، وكراهية الحياة ، قاسم مشترك ، يميز الارهابيين الذين عرفهم التاريخ البشرى ، قديما وحديثا . أدولف هتلر 20 أبريل 1889 – 30 أبريل 1945 ، أحد أجرم الشخصيات الارهابية ، حيث تسبب فى مقتل الملايين من الرجال والنساء والشباب والأطفال ، بالاضافة الى ستة ملايين من اليهود . هذا غير خلق مناخ من التخريب والدمار والتهديد والتعذيب والمطاردة والتفجير والحرق والترويع ، والتجسس . كان " هتلر " ، نموذجا للعدوانية المتوحشة ، وأيقونة يُحتذى بها ، فى العنف مكتمل الأركان . " هتلر " أستاذ الأساتذة ، فى عرض " الثالوث " الذى يأكله من الداخل ، " كراهية النفس " ، " انعدام الهدف " ، " كراهية الحياة ". الثالوث الذى زُرعت بذوره ، منذ طفولته القاسية ، حيث تعرض الى الايذاء المعنوى والجسدى ، من أب مستبد ، متسلط ، والأم التى لازمها الاكتئاب بعد موت ثلاثة من أطفالها ، وتموت بسرطان الثدى . وبعد اشتراكه كجندى فى الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 ، أصاب " هتلر" اضطراب ما بعد الصدمة . توحد رفضه لهزيمة أمه واذلالها ، على يد المرض ، مع رفضه لهزيمة واذلال ألمانيا فى الحرب ، لتأصيل الكراهية العدائية تجاه العالم والحياة . كان " هتلر " عاجزا عن حب نفسه ، لأنه فشل فى مواجهة أبيه المستبد ، وفشل فى انقاذ أمه ، وفشل فى استكمال شغفه بفن الرسم . لجأ " هتلر " الى تدمير ما حوله ، تنفيسا عن هزائمه فى حياته الخاصة ، وكانت قوته المفرطة تعويضا عن النقص ، وشعوره الدائم بالارتياب ، وعدم الأمان . كان يمكن لامرأة واحدة ، محبة ، وعاشقة ، ومخلصة ، أن تصلح ما أفسده العالم ، بداخل " هتلر " . امرأة ، ذات بصيرة وحكمة ، تعطيه الحنان ، والفهم ، والاحتواء . انه السر الأعظم بين المرأة والرجل ... صانع المعجزات ، وكاشف للأسرار ، والدواء الشافى من كل داء . لكنه كان وحيدا ، وسط الحشود التى تردد اسمه . يشعر بالعار رغم تصفيق وانحناء الملايين له . ماذا يفيده غزو العالم ، وقد فشل فى غزو قلب امرأة ؟. وهذا هو بيت القصيد . ان نجاح الرجل فى اقامة علاقة عاطفية حميمة حقيقية ، واطمئنانه أن هناك امرأة على كوكب الأرض ، ترغبه ، وتشتهيه ، وتبالى بأمره ، وتتقبله بعيوبه ونواقصه ، هو نقطة " الارتكاز " ، و" التوازن " لشخصيته ، ولو اهتز وتصدع العالم من حوله . لست أتجاهل الأسباب الاقتصادية والاجتماعية ، والميول العنصرية ، والرغبات الاستعمارية التوسعية ، لرجل تسبب فى قتل ستين مليون شخصا ، واحتلال أوروبا بالقوات المسلحة النازية . لكننى أعتقد أن الاضطرابات النفسية والعقلية ، التى تسببها طفولة غير سوية ، هى المسئولة عن نمو الأفكار الاقصائية ، والايديولوجيات الفاشية ، و الشهوات المنحرفة ، وأوهام العظمة ، مثل " السيطرة على العالم " ، " التسيد العِرقى " ، و " الحكم الاقصائى " ، " الابادة الجماعية " . كان " هتلر " يفضل النساء الأصغر سنا ، حتى يتمكن من اخضاعهن ، والبعض يؤكد أنه كان " عاجزا جنسيا " ، وقد أدمن العادة السِرية طوال حياته . الحياة تثبت كل يوم ، أن اللقاء العاطفى والجسدى الحر الناضج ، بين المرأة والرجل ، ضرورة للصحة النفسية ، لا يمكن استبداله ، أو الاستغناء عنه . لقاء يحفز هرمونات السعادة ، ويضبط الجهاز المناعى ، ويمتص السموم المعربدة بالنفس ، مثل الكراهية ورغبات الانتقام والعدوانية والعنف ، و يمحو الشعور بالضآلة ، وعدم التحقق ، والاحباط ، والعزلة واليأس . ان الرجال المجندين فى صفوف الارهاب الدموى ، الفردى والجماعى ، يفتقدون مثل هذا اللقاء العاطفى والجسدى . عند غالبية البشر ، فان عدم التحقق العاطفى والجسدى ، لا يعوضه التحقق فى الثراء ، أو الحصول على الشهرة والمناصب . ان الارهابى المكبوت عاطفيا وجنسيا ، هو التربة الخصبة للارهاب . هو يستسهل ويستعجل تفجير نفسه ، وقتل الآخرين ، لينعم بنكاح الآخرة فى الجنة الاسلامية " حور العين " . ان غزوات الارهاب قديما ، وحتى الآن ، غير ممكنة ، بدون مكافأة " الجنس اللانهائى " ، مع عذراوات لا يفقدن بكاراتهن . ان الفقر الاقتصادى ، أهون من الفقر العاطفى . وفى بلادنا ، يجتمع الاثنان ، لتكوين " مادة خام " مثالية ، للبؤس والتعاسة والكآبة ، توقظ الشرور النائمة ، تنتج الجرائم ، والتحرش ، والعنف المبالغ فيه ، وغير المبرر ، والعدوانية المتحفزة . وما أكثر الرجال الذين يعبرون الأزمات الاقتصادية . لكن الأزمات العاطفية ، تقضى عليهم ، وتدمر أجمل الأشياء بداخلهم . والمفارقة ، أن المرأة ، تلك المقهورة ، المعتقلة فى سجون الرجال ، هى التى بيدها علاج الرجال ، وابقائهم أسوياء نفسيا ، وحضاريا . ان الزواج فى حد ذاته ، لا يقضى على الكبت و " الفقر العاطفى " . ان حالات الخيانة الزوجية ، تدل على " حرمان " عاطفى حميم ، رغم توفر العلاقة الجنسية . ان توفر " العلاقة الجنسية " ، ربما يطفئ الشهوة ، ويحقق " الاشباع " الغريزى المؤقت . لكن " السعادة " العاطفية الحميمة ، أو " التحقق " العاطفى المتكامل ، قصة أخرى ، لا ترتبط بالاشباع ، وليست سهلة المنال . فالسعادة أو التحقق العاطفى الحميم ، هو ثمرة تناغم فكرى وسلوكى ، بين اثنين أحرار ، متكافئين فى النضج الانسانى ، ونزاهة المشاعر ، ورقى التواصل مع الحياة .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس ارتفاع الأسعار ولكن انخفاض الثقافة
-
حضارة عالمية تنثر مادتها الوراثية فى كل مكان
-
- ماذا تفعل المرأة بجسدها ؟ - السؤال الوحيد المؤرق للرجال
-
اسمى .. حياتى قصيدتان
-
لا خير فى مجتمعات تتعاطى الحب فى سرية مثل الممنوعات
-
اليوم هل يجوز للمرأة لبس الألوان الفاتحة ؟ وغدا هل يجوز للمر
...
-
لا أتكلم بالعين والحاجب .. الزمن .. انهضى حبيبتى ثلاث قصائد
-
فى أزمنة الخيش قصيدة
-
هل حفظنا الدرس بعد اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 ؟
-
قصيدة لا شئ أخسره
-
اربع قصائد جثة الظلام .. النساء .. كن نفسك .. هى وأنا
-
أين موطن - الاسلام الصحيح - ؟
-
ثلاث قصائد لا تركب قطارى .. لن أشهد .. أريد أن أطفش
-
لا تضعوا العطور فوق أكوام القمامة
-
رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا
-
تيد كازينسكى كيف تحول من عبقرى الى مجرم ؟
-
- فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جها
...
-
اليه أعود .. فى ليلة ممطرة قصيدتان
-
تجديد الفكر الدينى يحتاج الى تجديد فى الفكر والثقافة
-
المسرحية .. أين قلبى ؟ .. شهوة النكاح ثلاث قصائد
المزيد.....
-
رومانيا وبلغاريا تنضمان بالكامل إلى منطقة -شنغن- العابرة للح
...
-
كوريا الجنوبية: الشرطة تحقق في كارثة تحطم طائرة شركة -جيجو-
...
-
مالي تتهم الجزائر بـ-دعم مجموعات إرهابية- وتندد بـ-التدخل- ف
...
-
بعد وصول الوفد الحكومي السوري إلى السعودية.. المملكة تعلن وص
...
-
كيف توقع العلماء شكل 2025 قبل ثلاثين عاماً؟
-
وفد سوري رفيع يصل الرياض في أول زيارة رسمية خارج البلاد، وعم
...
-
إطلاق نار قرب ملهى ليلي في كوينز بنيويورك يخلف 11 جريحًا على
...
-
انفجار أمام فندق ترامب ـ تحقيق بشبهة صلة بهجوم نيو أورليانز
...
-
مراسلة RT: الجيش الإسرائيلي يتوغل في جنوب لبنان
-
أعلام سوريا الجديدة ترفرف أمام مقر وزارة الخارجية السعودية ب
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|