أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - لا تأمن ملمسها ، ستنفرط حبات مسبحتك لا محالة !














المزيد.....


لا تأمن ملمسها ، ستنفرط حبات مسبحتك لا محالة !


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 14:11
المحور: الادب والفن
    


نعم ، انه خير من يتقن لعبة المواقيت التي دائما ما نخلفها وتخلفنا ، حتى ان بعضهم يرجح ان بمغادرة الاسماء تستقر الصفات . عجيب امر هذا الميت ، كان يعيش معك ، ويواكب جل فعالياتك ، يلتقيك وتلتقيه ، وما ان يعلن عن انتهاء زيارته ، حتى تجد انك لا تقوى على مواجهته . لا تحدق به ، ولكنه يحدق بك الى ما لا نهاية . هذا الموت الذي نعقد قناعاتنا على انه بعيد عنا ، وهو اقرب الينا من همساتنا ونفثاتنا ، يعيش بيننا ضيفا ثقيلا ، وظلا متطفلا ، حتى اننا ننشغل هائمين كيما نراه ، او حتى نشعر بوجوده ! لكننا نسهم باللوم واللائمة على انفسنا ، ونحن نسمع ان الموت قد خطف فلان ، او غيب علان ، ويا للعجب فان ذلك الاسم الذي غادرنا كان يعيش فينا ، حتى اننا لم نتذكره ، او نستحضر شيئا من بقاياه .. العبارات الجمل الاقوال القصائد الشواهد ..حاولت ان تفك ذلك الرمز القابع تحت ذلك الكفن ، الا ان صورة الموت منحت له رموزا وطلاسم وشفرات .. لم نصل الى بدايات حروفها ، واعتاب مسمياتها ، فكانت كأحجية تلقى الى فوج من السمك الموغل في مجاهيل البحر . النتيجة الحتمية التي تتوارى خلف تلك التلال الضبابية والمدن المنسية ، وتختبئ خلف الامارات التي ينسجها العدم ، لا تشير الى قيمومتها ، وان لم تصمد موجوداتها امام اشعة الشمس ، لعل البعض عده وهما ، وراح يتسلق اسواره ليصل الى مشارف ذلك الحلم القريب البعيد ، لكنه عاد خالي الوفاض ، منقطعا عن نفسه التي راحت توغل في النهايات المترامية . ربما كان الموت صادقا وفي كل حالاته ، ناهيك من اننا امطرناه بسيول العتب ، او اتهمناه وجعلناه مباغتا غادرا متواريا .. هذا الذي يندس بيننا بلا دعوة ، او استدعاء ، تجد الحكمة تسكنه ، والرجاحة خير من يستعمر مملكته المتوحدة .اما عن غربته فهي حياة حققها بانتهاك وحدتنا المشتتة المتشرذمة .. عجيب هذا الامر سيدي بعدما تصبح حقيقة الحقائق وهما ، وسيدة المسلمات ضربا من شطحات بني البشر . يضحك ذلك الموت المتلبس بنا ، والساكن بيننا ، هنا وهناك ، وهو يجد ان هذه الساعات لم تختص به . حتى يلزمك ويجبرك لان تعترف بسذاجتك وتخلفك ، وانت تنظر الى ذلك القادم الذي يمشي بوجل وهيبة ، على امل ان يعيد النظر باتجاهه ليسير نحو آخر .. الجبان جرب الموت ، ولكنه لم يستحضر حالاته ، بل قل ان امر الموت لا يصمد بتفكيره الا بضع ثوان لا غير .
يعيد عليّ الموت سؤاله الثقيل ، وانا افقد صديقا لطالما كنت احسبني اسبقه الى ذلك الاجل ، أقول ذلك وانا الذي وجدت فيه حبا للحياة وانتماء ، وهو يجتاز منتصف السبعين من العمر بروح طفل ، وشخصية شاب للتو اقتحم جدر الحياة .. التقيته في (عبادان) ورافقني بعدما علم اني من البصرة ، كان شخصا يصطدم مع كل شاخص ، حتى انني تعجبت من مواقفه ، وحسبتها ضربا من طيش ما بعد الكهولة ! لكنني وجدت فيه عنادا ورديا سمحا لم اجده في أي شخصية التقيتها ، لا اخفيكم من انني حسبت ذلك تعنتا ، لكنني وبلحاظ الفضولي المتطفل الذي يسطو على مملكة الاخر ، ويقتحم عزلتها ، وينفذ الى صومعتها ، وجدت انسانا سمحا مرنا ، يكاد يفقد شيئا من قلبه ، وهو يضعه في دائرة الآخر، حتى انني كنت استحضر مواقفه في السوق وتعامله الصلب مع أصحاب المحال ، لأجد ان تصنعا يتقنه هذا الرجل ، بعيد كل البعد عن كل ما تصورته وابتنيته ، لأجد شخصية طفل بريء لا يتحكم بدمعته السخية ، ولا الرضا الذي يستعمر قلبه ، حتى انني تعودت ان ارافقه لأنه يضيف لي انتماء ، وازداد آصرة بفهم الحياة .. كنت ارقبه وهو يتصل بشريكة حياته ، يخاطبها ببراءة الطفل المدلل ، ويؤكد طلباته المتواضعة وهو خلف الحدود .. سأصل (التنومة )بعد ساعة واجد السياح حارا ، والبيض كذلك ، ولا تنسين كذا وكذا .. وبالمناسبة جلبت لك كذا وكذا .. كان يحدثني بفرح ودموع ، حتى انني اتيه بين بكاءه وضحكه ، وأقول : ايعقل انني التقي هذه الشخصية بعد هذا المخاض العسير من العمر ؟
اليوم لم تصلني صباحيته التي يرسلها قبل صلاة الفجر ، ولا ادري لماذا شغلت بأمره من بين عشرات منها ، وفعلا ارسل لي صديقي ابا حيدر التميمي ليقول : ان ثالثنا في السفر قد سبقنا هذه المرة الى السفر الحقيقي .
الرحمة على ابي عدي ذلك الطفل الكهل والقلب الذي لم يحتفظ الا بدمه .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيصل شريف فارس الذكريات
- اطلاقة الرحمة على البرتقال
- نسألكم الدعاء شيخنا !
- رسالة إلى البطل طالب خزعل (سيمفونية عمارتليه) :
- ماتت النكتة يا طارق الجوزي ..
- شهد
- الحاج اديب نظرة في الكتاب الكريم
- التدبر سر المعرفة
- الفكر الموسوعي لدى الحاج محمد اديب كاظم
- من دير العاقول الى المفتول *
- ورقة نقدية احتفاء بادباء الزبير وابي الخصيب
- أخيرا رحل طائر السعف
- علاء المرقب ( الازميل والخشب الطري )
- الشاعر علي الياسري .. مظان التجلي
- (ريوق بروليتاري)
- النص والصورة
- فاروق عبود حمدي
- الليل طويل يا حمد
- الصالون الرياضي في البصرة (المنطلق والهدف )
- حب في درجة 50 مئوي


المزيد.....




- المخرجون السينمائيون الروس الأكثر ربحا في عام 2024
- تردد قناة روتانا سينما 2025 نايل سات وعرب سات لمتابعة أحدث ا ...
- أبرز اتجاهات الأدب الروسي للعام الجديد
- مقاومة الفن والكاريكاتير.. كيف يكون الإبداع سلاحا ضد الاحتلا ...
- فيلم -الهنا اللي أنا فيه-.. محاولة ضعيفة لاقتناص ضحكات الجمه ...
- أفضل الأفلام الروسية لعام 2024
- حصاد 2024.. أجمل الكتب التي بقيت راسخة في ذاكرة المبدعين
- مصر.. اعتزال مطرب شعبي شهير الغناء في أول ساعات 2025
- الممثل المصري مصطفى شعبان يعلن زواجه (فيديو)‎
- تردد ام بي سي مصر 2025 تابع أفلام رأس السنة


المزيد.....

- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - لا تأمن ملمسها ، ستنفرط حبات مسبحتك لا محالة !