أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الصبر .














المزيد.....


مقامة الصبر .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 10:42
المحور: الادب والفن
    


مقامة الصبر :

نشرت الست ولاء العاني قصيدة عبد الرزاق عبد الواحد الشهيرة ( ياصبر أيوب ) التي أجَّجَ فيها نار شعره الحماسي القومي وفيض عاطفته , وهو يعكس مكابدة العراق ومعاناته ويتلمس أوجاعه , عبر هذه الصورة الشاملة للعراق التي راح يستحضرها منتقلا من حالة إلى أخرى , مسجلا ما حل بالعراق من دمار , وقارئا آلام العراقيين الذين تم تهجيرهم عنوة من غير أن يتخلى عن الأمل بالعودة إلى الوطن أو الحياة , وصبرهم , واستعرض عبدالواحد ما هدموا من العراق وما استفزوا من مَحارمهِ وما أجرموا , وما أبادوا فيه , وما قتلوا , رائيا أن العراق غُرَّةُ الأوطان أجمعِها وسيبقى , حتى وان تكالبت عليه الجيوش تحت بيارق الروم وسوى الروم .

لا أعرف بلدا ظل يضيع منذ محلمة كلكامش الى يومنا هذا مثل هذا العراق الحزين , الذي يبدو بعد رحيل شاعر العراق الأكبر عبدالرزاق عبد الواحد وكأنه يملأ الموت بالموت , والشعر بالأسى , والحسرة بالمزيد , والأيام تمضي , ومشاعر الفقد تبرد , إلا الخسارة والهزيمة التي نتكبدها مع هذا العراق , عراقٌ إن كان يصبر علينا , فلكي نصبر عليه , فماذا لو بدت المرارةُ لفقده أشد؟ ولقد ذهب عبدالواحد صابرا , أخذ صبره معه ورحل , تاركا لنا أن نعيشه من دون قصيدة , ومن دون أمل , ترى هل كان الأمل وهما؟ هل اكتشف هزيمتنا فقرر أن يصمت ؟ وكشف انه ما عاد ليكتب شعرا , انهارت عمارة الشعر , مثلما انهارت عمارة الأمل في أن يعود العراق عراقا , فسلام على العراق , وسلام عليه , وسلام على الباقين , وسلام على صبرهم إذا صبروا .

أصبح الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في باحة الخلود , وقلنا له : وعدٌ لك يا أبا خالد أن يُقيم العراقيون لك نصبا في ساحة التحرير, وأن يلقوا عليه الزهور كل يوم , لقد كان الأمل طاغيا بأن يوم التحرير قريب , ولعله ما يزال قريبا كلما بدا أبعد , كان شاعرنا يعرف أنه شَموخ , كان يملؤه مجدُ القصيدة بالزهو , ولكن كان يملؤه العراق أكثر , وما من شاعر في كل تاريخ العراق تلبس بالعراق زهوا ورفعة مثلما فعل عبد الواحد , تلبس به , كان ثمة إلتباس حقيقي بينه وبين كل شيء في هذا العراق , لا تعرف وأنت تتحدث معه , إن كنت تخاطب شاعرا , أم أسطورة كُتبت على طين .
سيدي عبد الواحد , لا أعرف عن ماذا أعتذر , أعتذر لأني لم أواصل الرحلة النضالية من أجل عراق آخر , أعتذر عن موتك في الغربة , أعتذر عن عراق أورثك المرارة , أعتذر عن الدمع الذي كم كان يسهل أن يسيل على خديك وأنت تتحدث عن بغداد , أم أعتذر عن نُصب لم ننصبه بعد , ولم نسوّره بعد بالزهور , فأقبل اعتذاراتي حتى آتي اليك , لأقبل رأسك ويديك وقدميك , ولأقبل زهو العراق فيك .

كان عبدالرزاق عبدالواحد يعيش في دمشق حزنا عميقا طويلا , يزفر من بعيدٍ حين ينظر كل يومٍ إلى ما يحصل في العراق , لقد جرحنا هذا العراق كثيرا , جرحنا شعبه , مثلما جرحنا مناضلوه , ربما أكثر مما فعل كل الذين تولوا فساد السلطة بعد عام 2003 , لأنهم مسؤولون عن تبديد الرمق الأخير: الأمل , ذهبتَ جريحا , وظل الجرح ينزف , وظلت ( يا صبر أيوب ) مُعلقتنا , وما نزال نصبر على وطن ظل (( يمشي وحاديه يحدو وهو يحتملُ )) , وطن ظل (( مخزر الموت في جنبيه ينتشلُ )) , من كلكامش الى يومنا هذا , وما لنا غيره. ونردد ما كنت تقول , فلا هو (( ثوبٌ فنخلعه إن ضاق عنا , ولا دار فننتقلُ )) .

قرأ شاعرنا في يوم الشهيد مخاطبا نصبه :
(( الحبُّ حبُّ الذينَ استنفروا دَمَهمُ فابتلّتِ الارضُ ما ابتلَّتْ به الصُحُفُ
حبُّ الذينَ بلا صوتٍ , و لا عِظَةٍ ألقوا ودائِعَهم للارضِ و انصَرَفوا
الحبُّ حبُّ الذينَ الموتُ صالَ بِهِم و عندما قيلَ صولوا باسْمِهِ , نَكَفُوا )) .

كان خالدُ بنُ الوليدِ يقولُ : ((يا أهلَ الإسلامِ , إنَّ الصَّبرَ عِزٌّ , وإنَّ الفشَل عَجزٌ, وإنَّ مَعَ الصَّبرِ النَّصرَ )) , وقال الأحنَفُ أمير تميم : (( مَن لم يصبِرْ على كلمةٍ سَمِعَ كلماتٍ )) , وقال عَليُّ بنُ أبي طالبٍ: (ألا إنَّ الصَّبرَ مِنَ الإيمانِ بمَنزِلةِ الرَّأسِ مِنَ الجَسَدِ , فإذا قُطِعَ الرَّأسُ باد الجَسَدُ , ثُمَّ رَفعَ صَوتَه فقال: ألا إنَّه لا إيمانَ لمَن لا صَبرَ له )) , وقال : ( (الصَّبرُ مَطِيَّةٌ لا تكبو , والقناعةُ سَيفٌ لا ينبو )) .وقال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ : ((إنَّ أفضَل عَيشٍ أدرَكناه بالصَّبرِ, ولو أنَّ الصَّبرَ كان مِنَ الرِّجالِ كان كريمًا)) , وقد أبدع المتنبي حيث قال :((كالخيلِ يمنعُنا الشّمُوخُ شِكايةً و تئِنُ من خلفِ الضلوعِ جروح , كم دمعةٍ لم تدرِ عنها أعينٌ و نزيفها شهدتْ عليهِ الروح ُ )) , ويقول عريان السيد خلف :
(( لاعاد الصبر يلجم مصب العين ولامثل الخلك بدموعنه نمثل
طالت والعمر كلما تلف بي يطول غم ذاك العمر من ينكظي تعلعل )) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة
- مقامة الحلو و المر .
- مقامة العنكبوت .
- مقامة المدمي .
- مقامة البرد .
- مقامة روما .
- مقامة البواكي .
- مقامة الشوغة .
- مقامة الأنتصار .
- مقامة المرأة .
- مقامة الفراك .
- مقامة الغلطة .
- مقامة خطار .
- مقامة المعروف والمنكر .
- مقامة غمار الأشواق .


المزيد.....




- حقوق المؤلف سقطت في أميركا عن تان تان وباباي وأعمال همنغواي ...
- وفاة الفنان الكويتي عبد العزيز الحداد
- المخرجون السينمائيون الروس الأكثر ربحا في عام 2024
- تردد قناة روتانا سينما 2025 نايل سات وعرب سات لمتابعة أحدث ا ...
- أبرز اتجاهات الأدب الروسي للعام الجديد
- مقاومة الفن والكاريكاتير.. كيف يكون الإبداع سلاحا ضد الاحتلا ...
- فيلم -الهنا اللي أنا فيه-.. محاولة ضعيفة لاقتناص ضحكات الجمه ...
- أفضل الأفلام الروسية لعام 2024
- حصاد 2024.. أجمل الكتب التي بقيت راسخة في ذاكرة المبدعين
- مصر.. اعتزال مطرب شعبي شهير الغناء في أول ساعات 2025


المزيد.....

- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الصبر .