|
السوريون ، وخيَارات ما بعد الأسد!
نزار فجر بعريني
الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 10:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من مصلحة جميع السوريين بشكل عام، و"أبناء الساحل"، على وجه الخصوص، وضوح الرؤيا، تجنّبا لمخاطر "الأصطياد في الماء العكر"! ١ كان في مصلحة جميع السوريين دون استثناء نجاح حراك ربيع ٢٠١١ الوطني السلمي، وتحوّله إلى ثورة وطنية ديمقراطية، عبر مسار انتقال سياسي سلمي، وهيئة حكم انتقالية. الذي قطع مسار تلك الصيرورة الوطنية هو تحالف سلطة الأسد مع ميليشات حسن نصر الله وقاسم سليماني، بقرار "المرشد " وبضوء أخضر أمريكي ... وقد كانت الخطوة الحاسمة على مسار الخَيار العسكري الأسدي اغتيال قيادة الجيش السوري في جريمة تفجير "خلية الأزمة" صيف ٢٠١٢ التي كانت تنسّق مع مصر لإيجاد تسوية سياسية، وقد ذهب ضحية التفجير رجل مصر القوي حينئذ، اللواء عمر سليمان. بعد نجاح تحالف "الأسد- نصر الله - سليماني" في "قطع رأس" الجيش السوري، دفعوا الصراع على مسارات التطييف والميلشة، وكان الجيش السوري الهدف الاوّل، وضحية سياسات الميلشة والتطييف ا!! ٢ نجاح تحالف " أسد - نصر الله- سليماني " في تحييد الجيش السوري، و دفع الصراع السياسي على مسارات الخَيار العسكري الميليشياوي الأمني المدمّرة، فتح حدود وأبواب سوريا لجميع أصحاب مشاريع السيطرة الإقليميّة، وكانت النتيجة حتى صيف ٢٠١٤ سيطرة الميليشيات، الداعمة لسلطة أسد، او التي تقاتل ضدّها، على كامل الجغرافيا السورية... ٣ تدخّلت واشنطن عسكريا ٢٠١٤، و نسّقت تدخّلا روسيا ٢٠١٥، ولم يكن الهدف "العودة إلى بدء" بالطبع، عبر مسار سياسي مضاد، رغم تدبيجها للقرار ٢٢٥٤، وخداع الرأي العام السوري. سعت واشنطن الديمقراطية إلى تقاسم سوريا مع روسيا وإيران ( في مواجهة تركيا)، وكانت أداتها خليطا من ميليشات مدعومة من إيران والنظام السوري، تحوّلت لاحقا إلى "قوات سوريا الديمقراطية"، بينما كانت أداة إيران والأسد "ميليشات الحشد الشعبي وحزب الله وبقايا الجيش السوري". ما بين تلك القوتين الرئيسيتين، ظهرت "فصائل " هيئة تحرير الشام "و "الجيش الوطني ". ٤ بين نهاية ٢٠١٩، وبداية الحرب الإسرائيلية ضد مرتكزات شبكة السيطرة الإيرانية في أعقاب هجوم طوفان الأقصى، ٧ أكتوبر ٢٠٢٣،كانت قد استقرّت ميليشات سلطة "الأسد- نصر الله - الحرس الثوري" على مناطق سوريا المفيدة ( الحصّة التشاركية - أسد - بوتين - نصر الله - الحرس الثوري)، كما استقرّت ميليشيا "قسد" على مناطق الحصة "الأمريكية- الأسدية" في " إقليم شمال وشرق سوريا "، وسلطة "هيئة تحرير الشام" على مناطق سيطرة "حكومة الإنقاذ" في إدلب ... و حاولت تركيا خلق حالة استقرار على مناطق سيطرتها عبر إعادة تأهيل ميليشات "الجيش الوطني"! وكان يمكن لخارطة السيطرة الجيو ميليشاوية أن تستمر، وتستقر، الى تاريخ غير محدد . ٥ ادّت مجموعة عوامل ( الحروب العدوانية الإسرائيلية المستمرّة والمتصاعدة منذ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣، عواقب تورّط الجيش الروسي في حرب أوكرانيا منذ أكتوبر ٢٠٢٢، و سياسات النهب التشاركي- الأسدي البوتيني والإيراني، وسقوط مشروع إدارة بايدن الديمقراطية، بفوز ترامب) إلى إنهاك شبكة السيطرة على مناطق "سوريا المفيدة"، وشجّعت تطلّعات القوى المنافسة في مناطق السيطرة الأخرى لتوسيع مناطق سيطرتها. في ضوء عوامل السياق والحيثيات السابقة، أطلقت قيادة "هيئة تحرير الشام" معارك "رد العدوان" في ٢٧ نوفمبر، في محاولة لتوسيع حدود سيطرتها على حساب تحالف "أسد- بوتين - قسد - وإيران"، وقد شجّعها حالة الانهيار الغير متوقّعة في ميليشات الخصوم إلى دخول حلب، ومتابعة تقدّمها إلى حماه ...وحمص ...ودمشق ...كما شجّعتها انتصاراتها السريعة على تحرير أجزاء استراتيجية في مناطق سيطرة قسد - دير الزور . ٦ انهيار شبكة سلطة أسد في صبيحة الثامن من ديسمبر ، قبل دخول "جيش" قيادة العمليات العسكرية إلى دمشق، ومن ثمّ سيطرتها السلمية على العاصمة، ومراكز المحافظات بطريقة منضبطة، وسلوك وطني، وما رافقها من دعم شعبي واسع النطاق، أعطى قيادة العمليات العسكرية والسياسية الفضل الرئيسي في إسقاط شبكة السيطرة الأسدية- المسؤول الأوّل عن تدمير سوريا وتقسيمها، وتعفيش جيشها وشعبها- وحوّل قيادتها السياسية و العسكرية، وحكومتها " الإنقاذية" السابقة، إلى "حكومة ثورية مؤقّتة"! بدا واضحا في سياق العمليات العسكرية، و مع الخطوات والإجراءات الأولى لقيادة الحكومة المؤقّتة، نهجا وطنيا، وحرصا على مواجهة أخطار المرحلة، خاصة "ترتيبات" بقايا فلول "سلطة الأسد" المنهارة لتفجير حروب أهلية، خاصة في معاقلها السابقة-حمص واللاذقية. في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة من حياة سوريا، يجد السوريين أنفسهم في مواجهة خَيارات محددة : اين تكمن مصالح السوريين المشتركة، وأين يجب أن نقف ؟ ثمّة جهود وإجراءات حكومة تصريف الأعمال المؤقّتة لتحقيق أهداف المرحلة ، والسير على خارطة طريق تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية، في سياق صيرورة مشروع بناء نظام سياسي جديد، بمشاركة جميع السوريين دون استثناء، في مواجهة التحدّيات المهولة خلال المرحلة المؤقّتة ، خاصة تلك التي تمثّلها بقايا فلول سلطة الأسد، وسعيها لقطع هذا المسار بطريقتها الدموية وأدواتها الطائفية المدمّرة، وضغوط إقليمية ودولية، وتحدّيات التقسيم، التي تتجسّد بوجود "قسد"، وسياسات حكومة الحرب الإسرائيلية اليمينية للسيطرة على مناطق جديدة في الجنوب السوري، وتدمير مرتكزات قيام جيش وطني ، يشكّل العمود الفقري لسوريا الجديدة. في هذه الحرب الوطنية العظمى ، التي باتت تقودها "حكومة الإنقاذ المؤقّتة " ،بغضّ النظر عن أيّة عوامل وحيثيات سابقة للحظة الثامن من ديسمبر التاريخية، بات السوريين بين خَيارين، لا ثالث لهما : ١ وعي طبيعة أبعاد حقائق الصراع على سوريا، والإنخراط الفاعل في تعزيز جهود مسار بناء نظام الدولة المدنية على كامل الجغرافيا السورية الذي يقوده السيد أحمد الشرع في تقاطع وتكامل مع مصالح و جهود تركية وعربية داعمة في مواجهة جميع التحدّيات. ٢ الوقوع ضحيّة قوى وأجندات الخّيار اللاوطني المدمّر، الذي تقوده فلول سلطة الأسد، وتتكامل مع مصالح قيادات قسد ، وجهود حكومة اليمين الإسرائيلية، وتنخرط في جهوده طيف واسع من نخب " الفلول " المرتبطة مصالحها بالنظام الساقط، وتسعى للسيطرة على الرأي العام، تحت يافطات واقنعه متجددة ! مما لاشكّ فيه أنّ مواجهة هذا الطيف العريض من قوى "الجبهة " المعادية لمسار الأنتقال السياسي ، ولتعزيز جهود بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية ، هو المهمة الوطنية العظمى، ولا مكان فيها للحياد أو الرمادية، تحت أيّة ذريعة أو يافطة ! السلام لسوريا، والعدالة لجميع السوريين!
#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السوريون ، وتساؤل المصير !
-
في بعض سمات المشهد السياسي السوري الراهن.
-
لماذا، وكيف يجب أن تكون سوريا في اليوم التالي؟
-
هل تجاوزت التغييرات الميدانية الدراماتيكية سقف أهداف تعديل ح
...
-
في حيثيات وأهداف هجوم- رد العدوان -!
-
كيف يمكن للسوريين الخروج من نفق عواقب الخَيار العسكري الميلي
...
-
في ابرز عوامل وأهداف هجوم - فجر الحرية -!
-
في ابرز عوامل الهجوم على حلب !
-
هل انتصر حزب الله ؟
-
قراءة أولويّة في نتائج صفقة وقف إطلاق النّار بين إسرائيل وحز
...
-
في دوافع التصعيد في الحرب الأوكرانية الروسية. ج٢.
-
في حيثيات و دوافع التصعيد الأخير في الحرب الأوكرانية الروسية
...
-
في نقد رؤية الأستاذ أكرم حسين حول متطلّبات الشروط السورية ال
...
-
دور - قسد- و وظيفة - مسد- في إطار مشروع السيطرة الإقليميّة و
...
-
دور - قسد- و وظيفة - مسد- في إطار مشروع السيطرة الإقليميّة و
...
-
حول طبيعة المأزق البنيوي في سياسات السيطرة الإقليميّة الأمري
...
-
في أبرز حقائق حروب ما بعد طوفان الأقصى !
-
كيف تؤثر نتائج الانتخابات الأميركية على جبهات الصراع الإقليم
...
-
في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل المسدي، ٢٠٢&
...
-
دراسة في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل للمسار الديمقراطي ج£
...
المزيد.....
-
بين -بيركين- و-ويركن- فارق بمئات آلاف الدولارات.. حقيبة محلي
...
-
اليوتيوبر الشهير -مستر بيست- وثيا بويسن يعلنان خطوبتهما
-
الدفاع الروسية: 580 عسكريا حصيلة قتلى قوات كييف على أطراف مق
...
-
بطريرك أنطاكيا للروم الأرثوذكس: ننتظر من الشرع أن يمدّ يده إ
...
-
سجل سري في الآلة الحاسبة قد يحرج مستخدمي -آيفون-
-
تركيا.. الادعاء يطالب بأحكام مطوّلة على ضالعين بهجوم -كروكوس
...
-
السلطة الفلسطينية تغلق مكتب قناة الجزيرة في الضفة الغربية
-
زيلينسكي: أوكرانيا تستعد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سو
...
-
الأسماك.. خيار غذائي لا غنى عنه لصحة أفضل
-
مسؤول أفغاني: عشر الأفغانيين يعانون إدمان المخدرات
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|