زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 8206 - 2024 / 12 / 29 - 22:44
المحور:
الادب والفن
قصّة للأطفال
على احدى الرّوابي الخضراء الناضرة ، نمت زنبقةٌ جميلةٌ تألّقت بألوانها، وزهت بطلّتها ، وتباهت بعطرها الشّذيّ الفوّاح . كانت سعيدة بكلّ ما حولها ، راضيةً بحظّها وحياتِها ، إلا أنها لم تحبّ ولم ترتحْ لغيمةٍ رماديّةٍ كانت تمرّ فوقها في كلّ يوم .
فقد كانت تتذمّر قائلة :
لماذا هذه الغيمة تُعكّرُ صفوَ السّماءِ وتجعلُ كلَّ شيء يظهر باهتًا ؟!
وكانت الغيمة الرّمادية تسمعها وتهزّ برأسها قائلة :
" سامحك الله " .
وفي صباح أحد الأيام الربيعيّة ، اختفت فجأة الغيمة الرّمادية ، واختفت معها اخواتها الغيوم السوداء لأيام عديدة ، وارتفعت درجات الحرارة وجفّت التربة ، وعطشت الزنبقة الجميلة كما عطشت غيرها من ازهار الرابية .
فرفعت الزنبقة عينيها نحو السّماء متضرّعة :
أرجوك يا ربّ ابعث لنا بالمطر .
وفي اليوم التّالي اجتمعت الغيوم فوق الرابية ، وبدأ المطرُ يهطلُ ويسقي الشجر والبشر .
فرحتِ الزنبقةُ العطشى بالماء العذب ، وهو يروي جذورها ويزرع الخُضرة في أوراقها وأغصانها . وفجأة سمعت صوتًا هامسًا يأتيها من فوق من العلا ؛ صوتًا يقول :
كم أنا سعيدة لأنّني استطيع مساعدتك ايّتها الزنبقة الجميلة.
فرفعتِ الزنبقةُ رأسَها الى فوق ،فإذا بها ترى الغيمةَ الرّماديةَ تحكي معها والبسمة تُزيّن فمها.
شعرتِ الزنبقةُ بالخجل وقالت :
"أنا آسفة يا صديقتي لأنني لم أفهم قيمتكِ من قبل. لقد ظلمتُكِ، فقد ظننتُ أنكِ مجرد غيمة رمادية لا ماء فيها ، لكن ظهرَ لي الآن انّك سبب الحياة في هذه التلال .
ابتسمتِ الغيمةُ الرّماديّة قائلةً : لا بأس يا صديقتي ، انّ التّسامح هو أجمل ما نُقدّمه بعضنا لبعض.
فردّتِ الزنبقة وابتسامة الخجل تلوّن وجهها وقالت : صدقتِ يا صديقتي ، لقد ظلمتك .. سامحيني ، أنتِ تاجٌ فوق رأسي ورؤوس كلّ اخوتي واخواتي الازهار والرّياحين والأعشاب .. أنتِ ينبوعُ الحياة .
ومنذ ذلك اليوم أضحت الغيمةُ الرّماديّةُ والزنبقةُ صديقتيْنِ حميمتيْنِ .
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟