أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد الحاج - الشرق الأوسط الجديد ومستقبل الفصائل السورية والعراقية المسلحة بين خياري الدولة واللا دولة















المزيد.....



الشرق الأوسط الجديد ومستقبل الفصائل السورية والعراقية المسلحة بين خياري الدولة واللا دولة


احمد الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 8206 - 2024 / 12 / 29 - 12:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن الثامن من ديسمبر 2024 كسائر الأيام ، ففي صبيحة ذلك اليوم الشتائي البارد استيقظ العالم بأسره على نبأ مدو نوقشت تداعياته بكثير من الاهتمام والترقب عبر الخطوط الساخنة على وجه السرعة بين الحلفاء و- الأعدقاء – فيما كان الشارع العربي والإقليمي وما يزال يعيش مزيجا غير متجانس من المشاعر المتباينة التي تتفاوت بين الارتياح والانزعاج ، المتذبذبة بين التوجس والارتياب حيال سقوط واحدة من أعتى النظم المركزية الشمولية في الشرق الأوسط التي اعتلت سدة الحكم في سوريا بمساندة حزب سياسي قومي،وأقلية طائفية لا مشتركات سياسية ولا أيديولوجية ولا عقائدية بينها بقدر مصالح مشتركة حرص كل منهما على إبقاء شعرتها وفي خضم عملية الشد والجذب قائمة،مع الحفاظ على جذوتها وبرغم الرياح العاتية متقدة لتقاسم الكعكة والتحكم بمصيرالبلاد والعباد من دون منازع ولأكثر من 53 عاما .
تغيير مفاجىء وغير متوقع بالمرة على الأقل من ناحية سرعة الإزاحة والإحلال ، وحجم التهاوي والسقوط وطريقتهما، وبما قلب مجمل المعادلات والتحالفات الجيو سياسية رأسا على عقب ، ليغير موازين القوى وطبيعة اللاعبين الرئيسيين ولاسيما تركيا والولايات المتحدة وقد تصدرتا المشهد واعتلتا منصة التتويج خلال عملية التحييد وفي أعقابها مباشرة، وبالأخص وأن التغيير قد أنهى ،أو لنقل قلَّمَ أظافر الدب الروسي وحَجِّم آخر جيوبه وقلَّص قواعده في عامة المنطقة العربية بعد تاريخ حافل من التمدد والنفوذ والإستقواء منذ خمسينيات القرن الماضي، لينهي في الوقت نفسه الوجود الإيراني في سوريا بعد عقود من تغلغل أذرعها المصابة بانتفاخ الذات بهذه الذريعة أو بتلك،وبعضها كان يتوكأ على استدعاء الماضي البعيد "نوستاليجياً" لاستعدائه " تيوقراطيا" وتوظيفه في مداعبة العواطف الجماهيرية واثارة النعرات ، وبعضها كان يتكىء على المصالح الاستراتيجية التي تتبرقع بأردية اليوتوبيا كتكتيك يستميل البسطاء والدهماء على سواء تمهيدا لتمرير وترسيخ "الديستوبيا"الممهدة بدورها لما يسمى بـ دولة العدل الالهي، والتي يرى بعض تجار البازار،وحائكي السجاد ولا سيما من أتباع الحجتية ، بأن إثارة الفوضى غير الخلاقة العارمة المشفوعة بالاستعانة بفرضية " مال الدول سائب ولا سلطان عليه بغياب الإمام الحجة وبما يجوز حيازة هذا المال وأخذه لمن يقدر عليه شريطة تخميسه "هي الوسيلة الأنجع،والسبيل الأقصر للتعجيل بها وتحقيق الحلم،"حلم الهلال الشيعي" من وجهة نظر شطر من طرفي المعادلة، وحلم "الامبراطورية الفارسية القديمة"من وجهة نظر شطر آخر، وكلاهما يصطدمان بمشاريع توسعية أخرى قريبة أو بعيدة تحلم بدورها للتوسع عموديا وأفقيا وفي ذات الرقعة الجغرافية التي تتوسع ايران فيها،وبما دفع العديد من الصحف الدولية ووكالات الأنباء العالمية للحديث عن شرق أوسط جديد وإن كان مسخا سيولد من رحم الواقع السوري الجديد نتيجة لهزاته الارتدادية العنيفة يتصدرها ما جاء على صفحات مجلة ناشونال إنترست،التي تحدثت عن أن "سقوط آل الأسد سيعيد رسم خريطة الشرق الأوسط لأسباب متقاربة عديدة، وما سيحدث بعد ذلك في سوريا سيكون له تداعيات عميقة على المنطقة بأكملها" ومن غير المستبعد أن تستوعب قائمة التغييرات لتتصدرها خارطة المؤرخ الامريكي البريطاني الملقب بـ" مهندس التقسيم " برنارد لويس، الانشطارية التي أرسى دعائمها وصاغ مخططها ورسم خارطتها عام 1980 لتقسيم العالم العربي وشطر دوله واعادة رسم حدودها المصطنعة التي وضعت باتفاقية سايكس بيكو عام 2016 ، الى دويلات جديدة وكيانات أصغر حجما تقوم على أسس طائفية وعرقية ومذهبية لتتناحر فيما بينها بدعم هذه الطرف أو ذاك والى ما لا نهاية وبما سيمكن القوى العظمى من السيطرة كليا على المواقع الغنية بالنفط والموارد الطبيعية مع تحقيق حلم"اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات " .
تغيير كبير أفرغ السجون والباستيلات السورية المكتظة من نزلائها ليسلط الأضواء الكاشفة ومن باب "إياك أعني واسمعي ياجارة" على عشرات السجون والمعتقلات من أمثالها والتي تتوزع على رقعة الشرق الأوسط برمته ومعظمها لا تقل بشاعة عن نظيراتها السورية، وجل نزلائها إما من معارضي النظم الحاكمة،أو من مخالفي الفكر والرأي،أو من ضحايا التعذيب الوحشي والمخبر السري والدعاوى الكيدية والإخفاء القسري،تمهيدا لتحويل بعض السجون ويتصدرها سجن صيدنايا سيء الصيت والسمعة الى متاحف يؤمها السائحون والمهتمون من كل مكان ، ليُملأ بعضها الآخر مجددا ولكن بأزلام النظام الزائل هذه المرة ولا جديد بملف حقوق الإنسان الشرق أوسطي المعتم تحت الشمس يروى، ولا قديم فوق ثرى تلكم الأرض المبتلاة بالاستبداد الداخلي ، والاستعباد الخارجي زيادة على التغير المناخي والاحتباس الحراري والطائفية والعصبية الجاهلية ودخان الحروب وبحار الدماء يُعاد، ومهما يكن من أمر فلن يكون ما قبل التغيير السوري كما بعده اطلاقا في عامة الشرق الأوسط،وشمال أفريقيا !
ويبقى السؤال الحائر قائما وملحا عن دور ومصير الفصائل المسلحة أو الميليشيات وما لف لفها ومستقبلها في هذا الصراع بين مطرقة الحل وسندان الدمج ، بين فكي كماشة الفوضى أو النظام، بين الدولة واللادولة ، أو وبتعبير أدق بين خياري الثورة العابرة للحدود والدولة الوطنية داخل الرقعة الجغرافية " والكل يسأل ترى لأي من الخيارات الآنفة ستميل الكفة، ولأي من الحلول ستكون الغلبة في ظل تباين المصالح،وتقاطع الرؤى،وكثرة المحاور، وتعدد اللاعبين،و صِدام الإرادات بوجود القوى الخشنة والناعمة علاوة على بقايا الدويلات العميقة بمختلف أجهزتها القمعية والاستخبارية المتوارية عن الأنظار والمتأهبة حاليا لانتهاز الفرصة أملا باستعادة زمام المبادرة للوثوب الى سدة الحكم مجددا، أو ايجاد موطىء قدم راسخة فيه مستقبلا ؟!
ومن الضروري بمكان ولإماطة اللثام عن ما جرى والحديث عن مجريات ما سيحدث واقعا،وبغية سبر أغواره،وكشف كنهه،وتفصيل مجمله،وبيان مشكله،تخصيص عامة،وتقييد مطلقه، لابد ولزاما من عدم فصل مفهوم الثورات المُصدرة المتخطية للحدود الاقليمية،كذلك طبيعة الفصائل غير النظامية والميليشيات المسلحة وأسلوبها ودورها في حروب الوكالة عن سياقها التاريخي ،وكفى بالتاريخ واعظا وملهما.

استيراد وتصدير وتسويق الثورة !

"الثورة العالمية الدائمة" مفهوم جيو – سياسي أرسى دعائمه للمرة الأولى وأصلَّ له المفكر الماركسي الشهير ليون تروتسكي،عام 1905 ويقوم هذا المفهوم الأممي المتخطي للحدود الوطنية على مرتكزين أساسيين،أولهما القضاء على ما يسمى بأعداء الثورة داخليا، وثانيهما تصدير الثورة الى خارج الحدود عبر اشعال ثورات محلية في الدول التي يراد التغول فضلا على التغلغل داخل حدودها الجغرافية وذلك من خلال ما يعرف بحركات الأنصار بذريعة مؤازرة البروليتاريا والطبقة العمالية، ومناهضة التمايز الطبقي والامبريالية العالمية، وكبح جماح الرأسمالية والبرجوازيات المحلية،ولطالما اعتمدت حركات الأنصار تلك على أذرع مسلحة غير نظامية تتولى مهمة مقارعة الأنظمة والجيوش الوطنية وشعارها ما سلف ذكره، كل ذلك بخلاف الرأسمالية العالمية التي اعتمدت بدورها على أذرع مسلحة محلية وغير نظامية ولكن بزعم دعم الأقليات الأثنية والقومية والدينية كـ تكتيك مرحلي غايته تحقيق الهدف الاستراتيجي الذي يطمح الى التوغل داخل البلدان التي يراد السيطرة على مواردها والتحكم بحاضرها ومستقبلها لتدور في فلك الولايات المتحدة وحلف الناتو والدول المتحالفة معها أيام الحرب الباردة بين عامي 1946 – 1991 ، لتغرد خارج سرب الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو والدول الاشتراكية المنضوية تحتهما، والنتيجة هي عشرات الثورات الشعبية والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية الدامية التي قادتها الميليشيات والفصائل المسلحة التابعة والمدعومة من هذا الطرف أو ذاك عسكريا وإعلاميا واستخباريا ولوجستيا وماديا في كل من فيتنام ولاوس وكمبوديا والكوريتين واندونيسيا وميانمار والصين و كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا والعديد من دول أمريكا اللاتينية فضلا على أفغانستان ودول آسيا الوسطى وشمال القفقاس، وكلها سبق لها وأن تبادلت استيراد أو تصدير أو بيع الثورة ما بين حقبة نظام ضعيف زائل وآخر قوي صائل والعكس بالعكس وآخرها ولن يكون أخيرها قطعا ما حدث في سوريا نهاية العام 2024 والمتمثل بزوال النظام السوري بقيادة بشار الأسد ، المدعوم والممول إيرانيا وروسيا على يد فصائل مسلحة متقاطعة فيما بينها دينيا وقوميا وسياسيا وعشائريا وجلها مدعومة إما تركيا أو أمريكيا ،إلا انها متفقة على الخلاص من عائلة الأسد " ولقبها الأصلي هو الوحش" ومن النظام النصيري الحاكم الذي صعد على اكتاف حزب البعث القومي ليركب ظهره موظفا إياه لصالحه على مدار عقود طويلة وكان الاستعمار الفرنسي قد اختار لطائفة الأسد النصيرية لقب "العلوية" لتسويقها سوريا وعربيا وإسلاميا ، أما في العراق فلقد شهد من قبل وجود فصائل غير نظامية مسلحة متمثلة بالحرس القومي التابع لحزب البعث العراقي ، وقبلها المقاومة الشعبية التابعة للحزب الشيوعي العراقي ، ومن ثم الجيش الشعبي الذي تأسس عام 1970 وظل قائما حتى احتلال العراق عام 2003 .
ولا غرو أن النظام الإيراني ومنذ قيامه عام 1979عقب الثورة التي أطاحت بشاه إيران محمد رضا بهلوي ،ومن ثم تصفية خصومه من الأحزاب اليسارية والقومية تباعا قد تبنى مبدأ تصدير الثورة الى خارج الحدود والعمل على تأسيس ما يعرف بـ الهلال ومن ثم البدر الشيعي الممتد من طهران الى بيروت عبر بغداد ودمشق وصولا الى صنعاء وقد شهدت إيران طيلة 45 عاما تصديرا غزيرا و فائضا عن الحاجة للثورة الى دول كالعراق وسوريا ولبنان واليمن عقائديا في وقت شهدت فيه الثورة الايرانية بيعا للشعار أو تنازلا عنه أو غضا للطرف مؤقتا حياله في ما يتعلق بدول عربية أخرى انطلاقا من براغماتية مستفحلة يجيد توظيفها واستخدامها حائك السجاد الايراني تقوم على سياسة"الصبر الاستراتيجي،والنفس الطويل" ،يتضح ذلك جليا من خلال تبادل الأدوار بين ما يعرف بمعسكري الإصلاحيين والمتشددين ، مرة لإرخاء الشعرة، ومرة لشدها وذلك بحسب مقتضيات مصلحة النظام من خلال هذه السياسة المستمرة بغية التحكم في بيضة القبان والحفاظ على كفتي الميزان ومنعها من الميلان وبما لا يحقق الهدف والغاية المرجوة ولا يخدم الواسطة والوسيلة المستخدمة .


المليشيات وحروب الوكالة

الميليشيات مصطلح معرب عن "militia"بالانجليزية وتعرفها الموسوعات العسكرية على أنها قوات غير نظامية تجيد وتتقن حروب العصابات القائمة على عمليات الكر والفر، منها ما يمثل جيوشا رديفة للجيوش النظامية ويقاتل الى جانبها ويأتمر بأوامرها،ومنها ما يمثل جيوشا معادية للحكومات المحلية لتخوض حروب تمرد قد تطول وقد تقصر ضدها، ومنها ما يندرج تحت إطار الدولة إلا أنه موال سياسيا وعقائديا لقوى خارجية وبالتالي فهو لا يلتزم بالقرارات الحكومية إلا إذا توافقت مع مصالح الدول التي يأتمر بأوامرها وينفذ أجنداتها ولاسيما ما يتعلق منها بقرارات الحرب والسلم ليتلقى أوامره كاملة من قوى دولية أو إقليمية يعمل على تحقيق مصالحها مرددا بروباغنداتها ،اضافة الى فئة رابعة تتمثل بقوات المرتزقة وهي عبارة عن " بنادق وفوهات مستأجرة " تقاتل مقابل المال ، وباستثناء الصنف الاول الموالي للحكومات الوطنية فإن الفصائل المسلحة والميليشيات وفرق المرتزقة عادة ما تخوض حروبا بالوكالة، تلك الحروب التي تستخدم فيها الأطراف المتحاربة طرفا ثالثا للقتال بالنيابة عنها من دون المغامرة بالانجرار إلى حرب شاملة أو مباشرة بينهما تجنبا لمخاطر جمة لا تؤمن شرورها ولاتحمد عواقبها، ولايشترط في القوى الوكيلة بأن تتوافق عقائدها،وأعراقها،ومصالحها الجيو – السياسية ، وخططها التكتيكية،وأهدافها الاستراتيجية مع الدول التي تعمل لصالحها مقابل حصولها على الدعم المالي أو العسكري أو الاقتصادي أو اللوجستي ، فقد تكون متقاطعة مع توجهات ومخططات من يدعمها إلا أن تلاقي المصالح في – زمكان – ما قد يفرض على الطرفين دعم بعضهما قبل أن يفترقا بخطين متوازيين لن يلتقيا أبدا مهما طالت المسافات وامتد الزمن ، حدث ذلك في عامة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وبعض جمهوريات الموز .
مجموعات المرتزقة وحروب الوكالة يتصدرها في الوقت الحاضر عالميا (مجموعة فاغنر) التي نشطت في كل من أوكرانيا وسوريا وعدد من الدول الأفريقية وارتكبت العشرات من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وفقا لبي بي سي، وقد باشرت (فاغنر) مهامها خلال ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 بحسب (جامعة كينغز كوليدج) البريطانية ، بينما صنفت وزارة الخزانة الأميركية مجموعة “فاغنر” الروسية التي تأسست على يد عميد سابق في الاستخبارات الروسية يدعى ديمتري أوتكين ، قبل أن يترأسها يفغيني بريغوجين،الملقب بـ (طباخ بوتين ) ، كـ “منظمة عسكرية عابرة للحدود ” بداية العام 2023، ذاهلة عن ” ذراعها الارتزاقية الابشع “منظمة بلاك ووتر” التي أسسها ضابط سابق في البحرية الأمريكية يدعى إريك برنس ، عام 1997 لتشارك بمهام أمنية وعسكرية عديدة وفي مقدمتها العراق قبل أن يتحول اسمها الى شركة أكاديمي في 2011 ، فبلاك ووتر لها سجل حافل من الأعمال الدموية في كل بقاع العالم ،ولايختلف الحال مع “جي فور” البريطانية ،التي توصف بأنها أكبر”جيش خاص” في العالم وتمتد نشاطاتها في 125 دولة ،وغيرها من الشركات الامنية الاخرى التي تعمل على نقل الأسلحة والمرتزقة ،التجسس وجمع المعلومات، حماية الشخصيات والشركات والمستوطنات ،كذلك إدارة السجون، الاختطاف والتعذيب وقتل المتظاهرين السلميين العزل ، القرصنة الالكترونية ،وبما وصفه الخبير الأمني الكندي روبرت يونغ ،بأنه "الجنون فى العرض والطلب على المرتزقة وكثير منهم جنود سابقون صار كبيرا ما يترك المجال واسعا للأخطاء والفوضى ” بحسب صحيفة التايمز البريطانية .
ولايختلف الحال مع قوات “قاديروفتسي” الشيشانية أو” رجال قديروف ” التي سبق لها وأن قاتلت الى جانب الروس بالوكالة عام 2014 لإحتلال شبه جزيرة القرم فيما عاد هؤلاء ثانية وبقوة تقدر بـ 10 الاف مقاتل لمساندة الروس في غزوهم الحالي لأوكرانيا بوجود قوات شيشانية معادية لهم على الجبهة المقابلة تقاتل الى جانب الاوكران بالوكالة وأبرزها كتيبة “جوهر دوداييف” نسبة الى أول رئيس للشيشان بعد استقلالها في تسعينات القرن الماضي يقودها آدم عثماييف، القيادي الشيشاني الذي يعيش في المنفى اضافة الى كتيبة “الشيخ منصور” الشيشانية نسبة الى الإمام منصور الشيشاني ، الذي قاد المقاومة ضد حملة ملكة روسيا كاترين الثانية في القوقاز أواخر القرن الثامن عشر.
جل المنظمات والمجموعات سالفة الذكر تعد امتدادا لتكتيك وربما استراتيجية “خوض الحروب والانقلابات العسكرية بالوكالة” والتي بدأت تاريخيا بـ" النينجوتسو " الياباني القائم على التكتيكات القتالية المتبعة في الحروب غير التقليدية، والذي يعتمد على حروب العصابات والتجسس والتخفي والاغتيال والمكيدة كرد فعل على نظام الساموراي الموالي للحاكم والمعتمد على تعاليم " بوشيدو" التي تمثل جملة القوانين الاخلاقية التي يتمسك بها مقاتلو الساموراي الموالين المخلصين للامبراطور .
كذلك الحال مع طائفة الحشَّاشين الاسماعيليين النزاريين الباطنيين التي ظهرت أواخر القرن الخامس الهجري لتنتشر في بلاد فارس والشام بقيادة حسن الصباح، الذي اتخذ من قلعة آلموت في بلاد فارس مركزاً لنشر دعوته وكانت هذه الجماعة تعتمد على أساليب الاغتيال والغدر والتجسس والمكيدة والعمليات الانتحارية على خطى جماعة النينجا في اليابان .
ومثلهم ما يسمى بـ” فرسان مالطا ” أو الهوسبيتاليين الغامضين ” وقد عادوا الى الواجهة مجددا بعد وفاة كبيرهم ماركو لوتزاغو ، في حزيران 2022 حيث ظلت منظمة (فرسان مالطا) من دون ضابط ولا رأس ليحتدم الصراع بين أعضائها القدماء والجدد قبل أن يتدخل بابا الفاتيكان فرانشيسكو شخصيا ليحل وبقرار مفاجىء قيادة فرسان مالطا أو “نظام السيادة العسكري لفرسان مستشفى القديس يوحنا الأورشليمي” ويضعها بوصفها نظاما دينيا تحت إشراف الفاتيكان ،علما بأن منظمة “فرسان مالطا ” على علاقة وطيدة بمنظمة “بلاك ووتر” وقد كشف عن ذلك النقاب الصحفي الأميركي جيرمي سكيل ، في مقال له بعنوان (جيش بوش في الظل) كما أن للمنظمة علاقة وطيدة بمنظمة (كوكلوكس كلان) العنصرية الشهيرة باضطهاد الزنوج وقتلهم ، وفرسان مالطا أساسا كانوا قد انبثقوا من منظمة (فرسان المعبد) تلك المنظمة التي كشف سفاح نيوزلندا “برينتون تارنت” عن اتصاله بها للحصول على دعمها قبيل ارتكاب جريمته النكراء التي اودت بحياة 50 شخصا في آذار 2019 أما عن مصادر تمويل (فرسان مالطا) وطريقة تعيين رؤسائها ونوابهم فغير معروفة وتعد عائلة بوش و توني بلير من أبرز داعميها .
ولطالما استندت دول عدة على تنظيمات وأذرع مسلحة غير نظامية ضليعة بحروب العصابات التي تتحاشاها الجيوش النظامية للقتال بالنيابة عنها بهدف التقليل من خسائرها من جهة، والحيلولة من دون دخولها في حرب شاملة ومباشرة مع الدول السبع الكبرى وبما لا تحمد عقباه،إضافة الى ممارسة الضغط العسكري والاقتصادي زيادة على تحسين شروط التفاوض مع الخصوم على جملة من الملفات المهمة وبالاخص ما يتعلق منها بالنظم السياسية الرخوة ، والانظمة الحاكمة الهشة.
وبرغم أن أجهزة الاستخبارات الامريكية تعتقد بأن إيران لا تسعى للدخول في نزاع مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها تحاول الضغط من خلال وكلائها في المنطقة” وفقا لوكالة سبوتنيك الروسية ،لينفي المرشد الايراني علي خامنئي ، وجود وكلاء يقاتلون بالنيابة عن ايران قائلا "هناك من يكرر الادعاء بأن ايران قد خسرت قواتها بالوكالة في المنطقة وهذا ادعاء خاطئ تماما فالجمهورية الإسلامية لا تمتلك أية قوات بالوكالة وإذا قررنا إتخاذ أي إجراء في يوم من الأيام فإننا لانحتاج لأية قوات بالوكالة لتحقيق أهدافنا ".
الى ذلك يكشف الدكتور غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات، بأن"هناك 34 فصيلا عراقيا مسلحا من مجمل الفصائل المسلحة، ولاؤهم الى الحرس الثوري الإيراني وهذه الفصائل تتبع مذهبيا وعقائديا المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وقد سبق لها وأن تدخلت عسكريا في كل من سورية دفاعا عن النظام السوري كذلك لبنان واليمن".
أما السياسي العراقي المقيم في اميركا انتفاض قنبر،وهو رئيس منظمة حماية الكرد "كي پاك"، فيقول" بأن تعداد الفصائل المسلحة في العراق كانت بحدود 50 الف مقاتل عام 2014 ولكن وبعد القضاء على تنظيم داعش وانحسار نفوذه في العراق زادت أعداد هذه الفصائل لتصل الى 250 ألف مقاتل ولا بد من حلها أو تقليص أعدادها لتعود الى ما كانت عليه أيام الحرب على داعش "مضيفا ، بأن " المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني ، لم يفت بتأسيس الحشد الشعبي ، وإنما أفتى بما يعرف بالجهاد الكفائي والتطوع لحمل السلاح في مواجهة تنظيم داعش، وبالتالي فهو لن يفتي بحل الحشد الشعبي لأنه لم يفت أساسا بتشكيله " .
وبرغم أن المادة 9 من الدستور العراقى، أولاً،الفقرة ب تنص على "يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة" إلا أن الاشكالية الحالية تكمن في طريقة التعامل مع الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي وعددها يربو على 67 فصيلًا بوجود ضغوط دولية لحلها أو دمجها في الجيش أو تقليصها فيما يُشكل كثير من المراقبين على ثنائية خطاب هذه الفصائل وازدواجية معاييرها، فعندما تستهدف امريكا بعض مواقع هذه الفصائل يقال بأنها فصائل تأتمر بإمرة القائد العام للقوات المسلحة ولابد من احترام سيادة العراق ومؤسساته والحفاظ على أمنه الداخلي ، ولكن وحين تستهدف بعض هذه الفصائل مواقع امريكية أو تطلق المسيرات والصواريخ على حليفة واشنطن من الاراضي العراقية أو السورية سرعان ما تخرج البيانات الرسمية العراقية لتندد بهذه التجاوزات التي تمارس دون علم الحكومة المركزية وبعيدا عن ارادتها ، واصفة إياها بأنها تنظيمات خارجة على القانون وتعمل خارج السياقات الرسمية ولا تلتزم بأوامرها في قرارات السلم والحرب، هذه الازواجية المقلقة لطالما أوقعت المسؤولين العراقيين في حالة من التناقض والارباك والحرج وبما انسحب على قادة وبيانات الفصائل المتباينة ذاتها لتظل معضلة السلاح المنفلت والمؤدلج والموازي بما فيها سلاح العشائر والبيشمركة قائمة في العراق ومن دون حل جدي أو جذري يذكر ، وكل طرف يتم دعوته لالقاء سلاحه فإنه سرعان ما يلقي الكرة بملعب الآخر من خلال تساؤل بات مملا ومستهلكا وإن بدا منطقيا مفاده " ولماذا نلقي بسلاحنا في الوقت الذي لا يلقي الآخرون فيه سلاحهم ؟!" .
أما ما يتعلق بفصائل الحشد الشعبي فتعد منظمة بدر بقيادة هادي العامري،أكبر التشكيلات العسكرية المنضوية في صفوف الحشد وتضم 15 لواء يتوزعون بين محافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين وكركوك .
تليها " سرايا السلام " بقيادة السيد مقتدى الصدر،وتضم ثلاثة ألوية تتوزع في عدد من مناطق محافظة صلاح الدين ،ولاسيما في مدينة سامراء ، تليها"عصائب أهل الحق"بقيادة الشيخ قيس الخزعلي، وتضم ثلاثة ألوية تتوزع على حزام بغداد وصلاح الدين والانبار،اضافة الى حشد العتبات ويضم أربعة ألوية ، علاوة على ألوية المجلس الاعلى الاسلامي الثلاثة ، وألوية حزب الدعوة الأربعة ، وألوية حزب الله العراقي بقيادة أبو حسين الحميداوي ، ويضم خمسة ألوية أبرزها " النجباء " و" سرايا الجهاد " .
وهناك فصائل أخرى أصغر حجما ،وأقل عددا أبرزها " الحشد العشائري " ومعظم عناصره من العرب السنة ، يليه حركة بابليون وتضم المكون المسيحي، و" قوات سهل نينوى " من المكون الشبكي ، اضافة الى ما يسمى بـ" ألوية المقاومة الاسلامية في العراق " وأبرز فصائلها " سرايا الخراساني " بقيادة الشيخ أحمد الياسري ، و " كتائب الإمام علي " بقيادة شبل الزيدي ، و " كتائب جند الإمام" بقيادة أبو كرار الاسدي ، و" كتائب سيد الشهداء " بقيادة أبو آلاء الولائي .
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي ، سبق له وأن علق على الضغوط الأمريكية التي تمارس على بغداد لحل الفصائل، قائلًا " هذا شأن داخلي يجب أن يقرره الجانب العراقي، فهذه قضايا داخلية، وكيفية تأمين مصالح الشعب العراقي أمر متروك للمسؤولين العراقيين لحفظ مصالح وسيادة العراق"مضيفا بأنه " يجب على العراقيين أن يبذلوا قصارى جهدهم في اتخاذ قرار بما يتناسب مع خطورة الوضع، وبالتأكيد، بالنظر إلى المخاطر والتهديدات، سيتم اتخاذ القرار المناسب" ، إلا أن تطورات الأوضاع المتسارعة في سوريا بوجود ما يتراوح بين 11 – 13 ألف عنصر من تنظيم داعش في سجون قوات سوريا الديمقراطية " قسد " اضافة الى مخيم الهول وبما يقلق العراق من مغبة فتح هذه السجون في أية لحظة واطلاق سراح سجنائها سواء من قبل قسد الموالية للولايات المتحدة ، أو على يد عناصر الجيش الحر الموالي لتركيا أو خلال فوضى المعارك المحتدمة بين الجانبين حاليا للسيطرة على شمال شرقي سوريا يزيد من الطين بلة أكثر فأكثر بالتزامن مع تصريحات الجانبين الامريكي والتركي وتأكيدهما على أن بقائهما في سوريا والعراق إنما هدفه الاساس هو القضاء على الارهاب والحيلولة من دون عودة انتشاره بوجود مؤشرات تفيد بتصاعد نشاطه في المنطقة ، ليتساءل الجميع عن جدوى الدعوة الى حل الفصائل في ذات الوقت الذي يتم فيه التأكيد امريكيا وتركيا على أن خطر الارهاب بات يستفحل مهددا بالتمدد مجددا ..ليفهم آخرون بأنها دعوات مباشرة وصريحة لمزيد من التعنت بملف الإبقاء على الفصائل ، بل وزيادة أعدادها بدلا من حلها ، ربما لتبرير ضربها واستهدافها في حال لم تحل على الطريقتين اللبنانية واليمنية ؟!
وبخلاف القرار السوري الصادر عن إدارة العمليات العسكرية الجديدة والذي يقضي بحل الفصائل السورية المسلحة تباعا وانضوائها تحت إمرة وزارة الدفاع السورية مع عدم معرفة مدى قبول أو عدم قبول كل أو بعض هذه الفصائل بحل نفسها ولما يتضح المشهد جليا بعد بوجود معارضة داخلية تقودها فلول النظام السوري البائد وشبيحته في طرطوس واللاذقية وبعض أجزاء دمشق وحمص ، زيادة على عدم معرفة مصير الجيش الحر ومثلها قوات " قسد " كذلك " جيش سوريا الحرة" الموجود في قاعدة التنف الامريكية وإذا ماكانت عملية الدمج تحت امرة وزارة الدفاع ستشملهم أم لا ، وبرغم ما صرح به مستشار رئيس الوزراء العراقي، إبراهيم الصميدعي من أنه" وإذا لم يتم نزع سلاح الفصائل المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي، فإن ذلك سيتم بالقوة من قبل جهات خارجية" ما دفع السوداني الى تخيير مستشاريه بين الاستمرار في مناصبهم وفق الضوابط الرسمية أو التنازل عن مواقعهم الاستشارية، مما يتيح لهم حرية التصريح بآرائهم الشخصية بعيداً عن الالتزام بالموقف الرسمي للحكومة ، الأمر الذي دفع الصميدعي الى تقديم استقالته ، ولم يختلف الحال مع تصريح نزار حيدر ، مدير المركز الاعلامي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن والذي قال في لقاء متلفز "اعتقد بأن سلاح الفصائل هو منزوع بالقوة و يبقى أن يتم نزعه بالدستور والقانون وبفتوى المرجعية العليا " لافتا الى أن " ايران بدأت بتقديم نصائح من نوع جديد الى هذه الفصائل تشير الى ضرورة عدم استخدام هذا السلاح بداية ، ومن ثم تسليم هذا السلاح الى الدولة بعد أن فشل خطاب اللادولة " على حد وصفه ، أقول برغم كل هذه التصريحات إلا أن هناك من المراقبين من بات يرجح بأن الخيارات الأربعة المطروحة لحل الحشد ونزع سلاح الفصائل غير قابل للتطبيق في الوقت الراهن على الأقل ، فخيار الدمج بالقوات المسلحة أسوة بتفريغ الحشد للشؤون المدنية كذلك فك الارتباط مع ايران ومنع الفصائل من استخدام الاراضي العراقية لاطلاق الصواريخ كلها تبدو عصية على التطبيق ، كما أن استهداف قادة الفصائل امريكيا أو اسرائيليا لن ينهي وجودها، بل على العكس من ذلك تماما ولاسيما بوجود تحذيرات محلية واقليمية متتابعة من مغبة عودة تنظيم داعش الى سابق عهده وتجمعه قرب الحدود العراقية السورية وبما يهدد الأمن القومي العراقي ، فكلها جملة عوامل تدفع للاعتقاد بأن الحشد لن يُحل ،ولن يُدمج ضمن صنوف القوات المسلحة العراقية في المستقبل القريب والمنظور على الأقل ، بوجود تسريبات تنتشر مؤخرا كالنار في الهشيم على المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي لا يعلم مدى موثوقيتها تفيد بأن بعض الأحزاب السياسية العراقية وعلى النقيض من المطلوب منها تتحرك حاليا لتشكيل فصائل مسلحة جديدة وبمسميات أخرى جديدة، فيما أشارت مصادر أخرى الى أن بعض الفصائل المندرجة تحت عنوان " المقاومة الاسلامية في العراق " هي التي ستحل فقط لتبقى الأخرى قائمة على حالها ومن دون تغيير أو تقليص يذكر .


هل بالإمكان نزع سلاح الفصائل وحلها أو دمجها ؟

لطالما دار الحديث وطيلة الأعوام الأربعة الماضية من خلف الكواليس ومن أمامها مصحوبا بالعديد من المقترحات والمطالبات لحل الحشد الشعبي ونزع سلاح الفصائل، وحصر السلاح بيد الدولة تحت شعار " يدا بيد لا سلاح إلا باليد " لترتفع وتيرة تلكم الدعوات بعد أحداث السابع من أكتوبر / 2023 في قطاع غزة وما تلاها من شن حرب على حزب الله اللبناني ،وجماعة الحوثي في اليمن ، تلافيا لتوريط العراق بحرب اقليمية كبرى انطلاقا من ما يسمى بـ "وحدة الساحات" إلا أن الدعوات بحل الفصائل ونزع سلاحها صارت شغل العراقيين الشاغل حتى بات الحديث يدور كقطب رحى في هذا الاتجاه وبالأخص بعد سقوط النظام السوري، بالتزامن مع تلويح اسرائيل ولأكثر من مرة بوجود بنك للأهداف في قائمتها داخل الاراضي العراقية وبما يقارب 300 هدف حيوي مع قائمة بأسماء قادة الفصائل ممن تنوي اسرائيل وتخطط لاستهدافهم على الطريقة التي استهدفت بها قادة حزب الله في لبنان، ولكن يبقى السؤال حائرا وعالقا في ذات الوقت ، فهل بالامكان حل الفصائل العراقية من دون مشاكل داخلية تضاف الى مشاكل العراق المستعصية ؟ وأيهما الافضل ،دمج الحشد بالجيش العراقي ، أم نزع سلاحه وتفريغه للعمل المدني وخوض الانتخابات المحلية والنيابية، اضافة الى التفرغ للقضايا الانسانية والمجتمعية ؟
وماذا لو أصرت الولايات المتحدة على حل الفصائل العراقية وهناك من يشير الى أنها كانت من ضمن الرسائل العديدة التي نقلت على لسان وزير الخارجية الامريكية أنتوني بلينكن، خلال زيارته المفاجئة وغير معلنة إلى العاصمة العراقية ، وأخرى ضمنا على لسان محمّد الحسّان، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعراق بعد زيارته للمرجع الشيعي الاعلى في النجف مرتين وتأكيد الحسان على أن"العراق يجب ألا يكون ساحة لتصفية الحسابات مع ضرورة تلافي الانجرار إلى ساحة المعركة بشكل مباشر" وبما فسر على أنها رسالة لحل الفصائل وحصر السلاح بيد الدولة .
ليعقب القيادي في منظمة بدر محمد مهدي البياتي، على ما يتردد بهذا الصدد قائلا "أشك أساساً بحديث الحسان عن هيكلة الفصائل، لقد جاء الحسان الى السيستاني بهيكلة الحشد ولكن لم يتم استقباله من قبل المرجعية".
بدوره أضاف النائب السابق كاظم الصيادي، بأن " جميع الفصائل قد انضوت تحت الحشد ولا يوجد شيء اسمه فصائل ولا سياسة مع الخطوط الحمراء في الحشد ومن يفكر بتفكيك الحشد - نكص ايده- " على حد قوله .
ليكشف غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات في لقاء متلفز بأنه " ليس بمقدور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ،حل الحشد الشعبي لأن بعض فصائله تمتلك أسلحة أقوى من بعض صنوف الجيش العراقي" مشيرا الى ، أنه " ليس بمقدور الجيش العراقي الدخول في مواجهة معهم كما أنهم يرفضون الدمج لأنهم يعدون أنفسهم جيشا عقائديا لمواجهة ما يسمى بالشيطان الأكبر ،والإعداد لما يسمى بدولة العدل الإلهي تمهيدا لظهور المهدي وفقا لعقائدهم " .
الى ذلك يرى مراقبون بأن حل الحشد في العراق صعب المنال بغياب قرارات أممية مماثلة لبعض مضامين قرارات 1122 و1701 و1559 و 1680 الخاصة بالشأن اللبناني والتي تتضمن نزع سلاح الجماعات المسلحة ، وعدم وجود أي قوات أجنبية في لبنان إلا بموافقة الحكومة ، مشفوعا بمنع بيع وتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية باستثناء ما توافق عليه الحكومة اللبنانية، ويزداد الأمر صعوبة من دون صدور فتوى علنية وصريحة تقضي بحل الحشد أو دمجه في الجيش العراقي .
ليزيد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مختار الموسوي، المشهد تعقيدا بقوله ،إن "آلية حل الحشد الشعبي لا ترتبط بالحكومة فحسب، إنما يجب أن يكون هناك قرار من البرلمان الذي تمثل كتل الإطار التنسيقي النسبة الأكبر فيه، وهذه الكتل لن تسمح بذلك" .
وتأسيسا على ما تقدم فإنه وبغياب الفتوى المرجعية الحاسمة ،وعدم وجود قرار أممي ملزم،مع اصرار قوى الإطار التنسيقي على عدم حل الفصائل ، زيادة على وجود تخوف من مخاطر دمج الحشد بالجيش مع المطالبة بالحفاظ على الجيش كمُـؤسّسـةً وطنـيّـةً مُـستَـقـلّـة تضم جميع المكونات والطوائف العراقية بعيدا عن التحيز الطائفي والانحياز الإقليمي ،وخشية أن يندمج الجيش بالحشد وليس العكس كما يشاع !
الى ذلك وضع القيادي في تحالف الفتح سعد السعدي،السبابة والابهام على موضوعة حل الحشد بالقول"الحشد الشعبي مؤسسة رسمية قانونية صوت البرلمان العراقي على قانونها" متسائلا " هل يمكن حل الشرطة الاتحادية أو الجيش أو غيرها من الصنوف الأمنية الأخرى والعراق دولة ذات سيادة " مؤكدا بأنه " لا يوجد أي تصريح رسمي من قبل السيد السيستاني أو ابنه محمد رضا، حول حل الحشد الشعبي" على حد وصفه .

مخاوف من تدوير وتفعيل خطة بريجنسكي مجددا

ثمة أمر آخر لا بد من يؤخذ بالحسبان ألا وهو أن هواجس السواد الأعظم من المحللين والمراقبين السياسيين تدور حاليا حول استخدام الولايات المتحدة ورقة إبقاء الفصائل المسلحة قائمة في كل من سوريا والعراق وعلى النقيض تماما من تصريحاتها المعلنة وذلك تمهيدا لاستدعاء وإعادة تدوير سياسة مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبق زبجنيو بريجنسكي،التي طرحها في عهد الرئيس الاسبق جيمي كارتر، والتي ضمنها كتابه "رقعة الشطرنج الكبرى" لضمان بقاء القوة والسطوة بيد الولايات المتحدة الامريكية حصرا ، وكان من ضمن خططها ضرب الخطر الأخضر = الحركات الجهادية الإسلامية ، بالخطر الاحمر = الدول والتنظيمات والأحزاب والحركات الأممية الشيوعية لإضعاف كليهما أو تحييد أحدهما لتتفرد بالآخر وبما لخصته وزيرة الخارجية وسيدة البيت الأبيض السابقة هيلاري كلينتون، في مقابلة صحفية مع قناة سي إن إن الامريكية قائلة " لقد استوردنا الماركة السلفية من الإسلام حتى نستطيع الإجهاز على الاتحاد السوفياتي" .
بمعنى وباسقاط معاصر على الشأنين العراقي والسوري الحالي و بعد الاطاحة بنظام بشار الأسد ، وتحييد الوجود الايراني في سوريا ، وتقليص النفوذ الروسي ، هو أن تبقي الولايات المتحدة على الفصائل العراقية والسورية مع العمل على تغذيتها والتحريش بينها بخلاف ما تعلنه وتطالب به، لضمان وجود ضد نوعي وأيديولوجي وعقدي يقف على طرفي نقيض ليهدد أحدهما الآخر باستمرار وكلاهما يتساويان بالقوة إلا أنهما يتعاكسان في الاتجاه ، وبما يضمن تمرير الشروط وفرض الإرادات وزيادة وتيرة القواعد العسكرية والاملاءات السياسية على كل من العراق وسوريا وتحقيق بسط النفوذ وترسيخ الهيمنة على البلدين في آن واحد من خلال التهديد الوجودي المتواصل لكل من الفصائل السورية السنية والفصائل الشيعية العراقية لبعضها بعضا ، والأخطر هو ابقاء الفصائل المتناحرة دون أضعاف أو الغاء أو حتى تقليص أحدها كمقدمة لشرق أوسط جديد يقوم على أسس عرقية وطائفية وقومية وبما يدفع للاعتقاد بأن عديد الفصائل والميليشيات المسلحة سيزداد ويتفرع بمرور الوقت في عامة المنطقة ولا ينقص وذلك لضمان استمرار الفوضى والتناحر ،ولضرب الفصائل ببعضها ، وإضعاف سلطة الحكومات المركزية واستنزاف مواردها ،وتهميش جيوشها الوطنية ،و لتبرير التدخلات وبناء المزيد من القواعد الأجنبية بذريعة حماية مصالحها هناك .



#احمد_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطق يا اللسان المكمم واصرخ يا الضمير النائم !
- الباستيل السوري الذي فضح معتقلات الشرق الأوسط المظلمة برمتها
- ما هكذا يا -فيصل بول مارا- تورد الإبل !
- لا تشغلك -صاد عن صاد- فكلها سهام ثاقبة وخناجر مصوبة الى القل ...
- لا تلوموا الشعوب إذا ثارت ولوموا حكامها وحكوماتها إذا ظلمت و ...
- بعض الترتيب المكتبي والتنقيب يكشف عن كل نفيس وعجيب!
- مقصرون ولكن ما يزال أمامنا فسحة !
- حديث الذكريات..كتاب جديد عن سيرة الدكتور صالح مهدي السامرائي
- لفت الأنظار الى فوائد الذكاء الاصطناعي وكم المخاطر والأضرار
- يا ذيول بمبة كشر اقتحموا أو افتحوا المعبر !
- احذروا حكومة ال بعوض الترامب - ماسكية الرأسما ديكالية!
- إذا كنت ثوريا أو قاصا ..فلا تغادر !
- مقاطع يعلوها الشجن في عصر الكوارث والفتن !
- أعلامُ العراق يؤبنون الداعية العراقي الكبير البروفيسور أنيس ...
- صدور العدد الأول من -مجلة توقد-الفكرية الثقافية
- السجون الشرق أوسطية والعصا السنوارية وسندويش-أبو الغيط - !!
- كلب الهرم وتامر حسني وشائعات الفيس وكوهين!
- أطفئوا شموع-مينوراه-الكيان الصهيوني السبع الشريرة !!
- الاختراقات الجاسوسية.. نزوات غرائزية أم هفوات استخبارية أم إ ...
- بناء الأفكار وتشكيل الوعي وغرس القيم مع الاستاذ علاء ياسين


المزيد.....




- الأردن.. الأميرة رجوة الحسين تثير تفاعلا بصورة مع ولي العهد ...
- دمشق تكشف تفاصيل باتصال وزير خارجية مصر بنظيره السوري
- ما هي سيناريوهات التصعيد بين إسرائيل والحوثيين؟
- دخان في قمرة القيادة يجبر طائرة أمريكية على العودة إلى المطا ...
- صحيفة أمريكية: تحرير كوراخوفو يفتح طريق الجيش الروسي إلى دني ...
- مقتل 10 فلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية استهدفت مخيم البري ...
- رئيس كوريا الجنوبية المؤقت يعين قاضيين في المحكمة الدستورية ...
- ما الذي فعله بايدن ولم يفعله كارتر قط؟
- زعيم كوريا الشمالية يحضر عرضا فنيا احتفالا بالعام الجديد في ...
- فوائد لتناول النبيذ الأحمر بانتظام.. ما صحة ذلك؟


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد الحاج - الشرق الأوسط الجديد ومستقبل الفصائل السورية والعراقية المسلحة بين خياري الدولة واللا دولة