أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدي صباح - مقبرة جماعية














المزيد.....

مقبرة جماعية


عدي صباح

الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 22:37
المحور: الادب والفن
    


ريثما كانت تحاول ان تلهي طفلها الطريح في حجرها وهي تهز رأسه كي ينسى الجوع وينام غير متأكده من أنها ستنجح في اسكاته وهي تتضور جوعا مثله فما عادت تدر عليه من حليبها وقد تلسعها برودة الشتاء في صحراء لاتعرف الرحمة، وتغيب شمس يومهم الثالث عند وصولهم إلى مسيج حديدي في البيداء دون ان يتحرك ضمير لدى سجانيهم او يرحم حالهم مسؤول من خلفهم فيقدم لهم شربة ماء على ضمأ او لقمة تسد رمقهم ،،ذنبهم في ذلك انهم وجدوا أنفسهم يعيشون في بلدٍ يعجز التاريخ ان يكتب مصائبه في صفحاته،لم تشفع لأولئك الاطفال ألوان ملابسهم الزاهية ولا بسماتهم المتوسله في وجه سجانيهم التي يرق لها قلب الوحوش ولا اصوات بكائهم التي بُحت لتواصلها وقد جفت دموعهم من شدة العطش،، لم يكن يخطر ببال تلك الأم المنهكة التي ما زالت تبحث بين الوجوه عن وليها والد طفلها الذي غيبته يد الجلادين عنها منذ ان وصلوا إلى حيث هم ان النهاية ستكون بهذه البشاعة التي نشاهدها بعد عقود من الزمن سيما وان لاذنب مقترف ولا جرم مشهود لهؤلاء البشر سوى انهم وجدوا بين وحوش كاسرة لم يشتد عودهم كي يدافعوا عن أنفسهم،،، يخجل قلمي وترتعد فرائسي وانا اخط هذه الرسوم لتلك الجريمة،،، انهك الجوع والعطش جسد الرضيع واخذ منه الجفاف مأخذه فما عاد يصرخ كما كان واستسلمت عيناه الغائرتين المغبرتين بغبار الصحراء فكانت امه تقنع نفسها انه نام وهدأ وهي تأمل ان يتحرك اي شعور من بقايا انسان في داخل سجانيهم لكن دون جدوى تلقي ليلتهم الرابعة بظلامها عليهم دون مأوى ولا ما يدخل في جوفهم ليكشر البرد عن انيابه ينهش اجسادهم البالية فيستمتع الأبطال بالنظر اليهم وهم يتساقطون على الأرض يرفسون التراب آخر مرة وهم يرتعدون وبين أحضان الامهات تضم صغارها لآخر لحظة املاً في النجاة من انياب الموت في أحضان الوطن الذي يحميه أولئك الأبطال ببطولاتهم على رُضعٍ ونساء،،، فما كان الصبح صبحاً على اغلب الأبرياء حتى كانوا جثامين هامدة يحضن بعضهم بعضا طلباً للنجاة واملاً في الحياة،،، اما من تبقى منهم في الرمق الأخير وهم يطلبون الرحمة عن ذنب لا يعلموه فتأتيهم النجدة بجرافاتٍ دفعوا ثمنها من خيرات بلدهم لتسترهم من ذل الحياة في بلد يحكمه اوباش انذال فتشق لهم في الارض اخاديد تكفي لردمهم فيها لتملئ صدورهم وافواههم من تراب الوطن دون جريرة ويخنق الأمل مرةً أخرى ليسود عرف الغاب،، وما هي الا سويعات قليلة فيتحول المكان الى مقبرةٍ جماعية تشهد اليوم بعد عقود على جريمة لايقوى على فعلها اي مفترس فوق الأرض، ولكن تلك الأرض تأبى إلا أن تخرج الحقيقة فتنجرف التربة مرة تلو الأخرى حينما ينزل المطر لتنكشف رضاعات الأطفال في افواه الجماجم الصغيرة وتزهو الوان ملابسهم الزاهية كعادتها تسر الناظرين لكنها هذه المرة شرارة حزن تكوي قلوب من تبقى من ذوي أولئك الراحلين،، ولعلي اكتفي بهذا القدر من الألم فاختم بسؤال راودني طيلة رحلتي في هذه اللوحة: كيف لهؤلاء النسوة والأطفال ان يهزوا عروش الظالمين؟؟؟؟.....



#عدي_صباح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...
- موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر
- بعد وفاة الفنانة إيناس النجار.. ماذا نعرف عن تسمم الدم؟
- الفنان السوري جمال سليمان يحكي عن نفسه وعن -شركاء الأيام الص ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدي صباح - مقبرة جماعية