خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 22:36
المحور:
الادب والفن
في زاوية من العدم، حيث الزمن يلتهم ذيله،
تتشكل سماء من زجاجٍ ينكسر كلما رفّ جناح فراشة،
وتتساقط شظايا الضوء كأحلامٍ عالقة بين النعاس
والصحو،
هناك، في اللاشيء، يولد الكون من جديد،
يعلّق على جدرانه لوحاتٍ لم يرسمها أحد،
وأغنياتٍ لم يسمعها أحد.
كان العشب ينمو من أصابعك،
وأنا أجمع أوراقك المتناثرة كرسائل بلا عناوين،
في كل ورقة كنت أقرأ لغةً لم تُخلق بعد،
حروفها طيورٌ تحترق وتعود من رمادها
لتُخبرنا أن النهاية ليست سوى قوسٍ
يعبره الماء ليصير مطرًا.
رأيت الأشجار تسير بلا جذور،
تبحث عن ظلها المفقود في بحارٍ من الرمل،
والأسماك تبتلع النجوم وتزفرها شهبًا،
والقمر يغلق عينيه كل ليلة
كي لا يرى الأرض تبكي وحدتها.
المنازل ليست من طين ولا حجر،
بل من نبض قلوب سكنت فيها ذات يوم،
تضيء جدرانها بالذكريات التي لم تحدث بعد،
ويحترق سقفها بالشمس التي تأتي من المستقبل.
في الحقول، كان الحصاد رجع صدى الغياب،
والحنطة تنحني لا من الريح،
بل لتوشوش الأرض بسرّها القديم:
"الحياة ليست سوى رقصة بين الموت والحلم."
وأنا، في الحلم الذي لم أحلمه،
كنتُ أركض فوق بحرٍ من الزئبق،
أطارد ظلي الذي صار غيمةً،
يلمع بين يدي كمرآةٍ بلا وجه،
تُظهر لي ما أنا عليه وما سأكون عليه،
وفي لحظةٍ، أضعت نفسي فيها،
وجدت الكون يبتسم من خلالي.
وفي زاوية من الصمت،
حيث الكلمات تُولد بلا أصوات،
يتدلى الوقت كعنكبوتٍ من خيوط الشفق،
ينسج عالماً شفافاً من الأحلام التي لم يجرؤ أحدٌ على
رؤيتها،
هناك، تتشابك الوجوه مع الظلال،
وكل عينٍ تصبح نافذةً إلى مجرّةٍ تنام في قلبها فكرة.
رأيتُ نجمةً تسقط، لا على الأرض،
بل في كأسٍ من العدم،
ارتشفتُ منها جرعةً،
فأصبحتُ شفّافاً كقصيدةٍ لم تُكتب،
وسمعتُ صوتي للمرة الأولى ينمو كزهرةٍ على أطراف
الصمت،
يهمس: "أنت لست أنت، بل ما تبقى من الغياب."
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟