أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إنها مقومات حرب أهلية: مقدمات بغددة دمشق














المزيد.....


إنها مقومات حرب أهلية: مقدمات بغددة دمشق


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 22:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    






إنها مقومات حرب أهلية: مقدمات بغددة دمشق


إبراهيم اليوسف


ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري، إلى أن حرفت بوصلة الثورة وسط التدخلات التركية، الإيرانية، والروسية. أما ما يجري اليوم تحت ذرائع مقاومة النظام أو اجتثاث جذوره، فهو مشروع خطير يحمل في طياته بذور حرب أهلية قد تأكل الأخضر واليابس، وتمتد لعقود.

الساحل السوري: مأساة مرشحة للتصعيد

منطقة الساحل، التي طالما شكلت جزءاً مهماً من الخريطة السورية، تعيش أجواء مشحونة تحت دعاوى اجتثاث فلول النظام. تسود فيها لغة الانتقام، لا العدالة، ما يزيد من انقسام المجتمع وتعميق الجراح الطائفية. فالفظائع المرتكبة التي تُوثَّق عبر مقاطع فيديو مروعة، تتداولها الأيدي بلا اكتراث. وتتردد خلالها عبارات تحريضية مثل "النصيرية"، "الخنازير"، و"العلوية" لتقتحم الوعي الجمعي، وتفتح أبواب الكراهية على مصراعيها. هذا الخطاب المدمر لا يستثني أحداً، إذ تمتد تهديداته لتشمل الكرد وغيرهم من المكونات، ما يُعزز الإحساس بالخطر الوجودي لدى جميع السوريين، بلا استثناء. رغم أن الحل الأمثل يكمن في السعي لتقديم كل متورط بالانتهاكات والفظائع إلى المحاكم، لا الثأر الميداني، كما يتم.

العدالة الانتقالية: ضرورة مغيَّبة

تغيب في خضم هذا الواقع المرير تلك الدعوات الجادة إلى تحقيق عدالة انتقالية حقيقية. فبدلاً من أن يكون هناك حوار شامل يُفضي إلى محاكمات عادلة لكل من تورط في الجرائم، إلا أنه تُغلب لغة الثأر على لغة القانون. رغم أن العدالة الانتقالية ليست ترفاً؛ بل إنها ضرورة ملحة لإعادة بناء الثقة بين مكونات الشعب السوري. وإن أية محاولة لتجاهلها أو استخدامها كذريعة للانتقام ستُعيد البلاد قرناً إلى الوراء، لتصبح بلادنا ساحة لصراعات متجددة، طويلة الأمد لا تخدم إلا أعداء الوطن.

درس العراق: الماضي يحذر المستقبل

ما يحدث اليوم في سوريا يبدو كأنه نسخة مكررة من السيناريو العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين. إنها عرقنة سوريا. أو بغددة دمشق. إذ تم تفكيك مؤسسات الدولة، وتهميش شريحة واسعة من المجتمع، ليعاد تركيبها وفق رؤية تمرر بأنها: ابنة مرحلة انتقالية!، ما أدى إلى موجة من العنف والتطرف، لا تزال المنطقة تعاني من تبعاتها. الدروس المستفادة من العراق تؤكد أن الحلول السطحية، التي تعتمد على الثأر لا على المصالحة، ستقود إلى فوضى عارمة يصعب احتواؤها.

رجال المرحلة الانتقالية: إعادة إنتاج الفشل

المرحلة الانتقالية، التي يُفترض أن تكون فرصة لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة، بات يخشى أن تغدو في أيدي أشخاص مقرَّبين من النظام السابق أو أصحاب أجندات خاصة. هؤلاء ليسوا سوى امتداد لمنظومة فاسدة تعيد إنتاج ذاتها، ما يُفقد العملية الانتقالية مصداقيتها. إن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتم بأدوات الماضي، بل يحتاج إلى وجوه جديدة قادرة على بناء مستقبل مختلف، تعمل بحنكة وحرص على تجاوز كل ما يذكر أو يستعيد هيمنة وتسلط واستبداد وعنف آلة النظام.

نحو سوريا جديدة: دعوة للسلام

ما يحدث اليوم لا يبني وطناً؛ بل يُعمق الشرخ بين أبنائه. سوريا المستقبل لن تُبنى بالانتقام، ولن تستقر بالكراهية. المصالحة الوطنية الشاملة، القائمة على الحوار والعدالة، هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد من الغرق في مستنقع الحرب الأهلية. وهنا، فإنه على جميع السوريين إدراك أن الانتقام لن يجلب الأمن والأمان، وأن الثأر لن يُعيد الكرامة. ما نحتاجه هو مشروع وطني جامع يُنقذ سوريا من دوامة العنف، ويؤسس لدولة حديثة تحترم جميع مواطنيها، بغض النظر عن انتماءاتهم.

لأن سوريا تقف- في الحقيقة- على مفترق طرق تاريخي؛ فإما أن تختار طريق المصالحة والعدالة، وإما أن تغرق في مستنقع لا قاع له. العقلاء في هذا الوطن هم الأمل الوحيد لإيقاف هذا الانحدار الخطير، وفتح صفحة جديدة من التعايش والسلام.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوريون والخطط الوهمية: سيرومات الوهم
- دمشق الجديدة والمعادلة الصعبة
- هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟
- اللصوص يسرقون من اللصوص بوتين والأسد كمثالين
- الخطاب الشعبوي: صناعة الوهم واستدامة الكارثة-2-
- الخطاب الشعبوي كردياً: محاكاة ومحاكمات
- في شؤون وشجون “الموفد الكردي” الموحد إلى دمشق
- الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة
- آن الأوان لعودة- ب ك ك- إلى ساحته
- الثقافة الكردية في سوريا الجديدة نحو الاعتراف القانوني
- سقوط القيم والأخلاق قبل سقوط النظام بشار الأسد أنموذجاً للخس ...
- مفارقات العقل الأحادي: قراءة في الموقف من الكرد وقضاياهم
- دمشق وقامشلي: من الأولى بمبادرة احتضان الأخرى؟
- الاستبداد والاستبدال: رؤية لما بعد نظام الأسد!
- الكرد من أوائل مؤسسي و بناة سوريا: لماذا يتم تغييب دورهم؟
- الرئيس المخلوع: بين جبن الطغاة وبذخ العروش
- تقرير -قيصر- ودوره في فضح انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا
- سجون سوريا: الداخل مفقود وهل من أحد يخرج منها؟.. سجن صيدنايا ...
- الهندسة المعمارية لسجن صيدنايا: البناء، الزنازين، والطوابق ا ...
- تنويه واعتذار من إبراهيم اليوسف


المزيد.....




- كيف سيتغير مشهد السفر الجوي في عام 2025؟
- أين الرغوة على المدرج وسيارات الإطفاء؟.. تساؤلات حول أداء ال ...
- حل -هيئة تحرير الشام-، تنظيم انتخابات، صياغة دستور جديد... ا ...
- محمد صلاح وصفقات مجانية محتملة في العام الجديد
- ارتفاع حصيلة قتلى تحطم طائرة ركاب بكوريا الجنوبية إلى أكثر م ...
- نحو أربعة آلاف عنصر أمن لتأمين احتفالات رأس السنة في برلين
- سلطات كوريا الجنوبية تكشف تفاصيل جديدة حول الطائرة المنكوبة ...
- ألمانيا.. إصابة العشرات من زبائن سوبر ماركت بمشاكل تنفسية جر ...
- تقرير: الولايات المتحدة خفضت المساعدات العسكرية لأوكرانيا في ...
- 450 يوما من الحرب على غزة.. سقوط مزيد من الضحايا بقصف إسرائي ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إنها مقومات حرب أهلية: مقدمات بغددة دمشق