أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حوار حول مستقبل سوريا: بين التفاؤل والتشاؤم














المزيد.....

حوار حول مستقبل سوريا: بين التفاؤل والتشاؤم


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مساء اليوم، والذي هو شتوي بارد، اجتمعتُ مع صديقين سوريين في مقهى هادئ بمدينة ليوبن النمساوية، حيث كانت رائحة القهوة تعبق في الأجواء. الأضواء الخافتة أضفت جوًا من الألفة، والأنفاس الدافئة تنساب مع كل رشفة من فناجين القهوة. جلست بين رفيقيَّ، وهما ابنا وطن واحد، لكنهما يحملان رؤى مستقبلية متباينة عن سوريا، تمزج بين التفاؤل والشعور بالقلق.

سألتُ: كيف ترون الوضع في سوريا الآن؟

أجاب الصديق الدمشقي، وهو يتأمل فنجانه بشغف: "أخيرًا، زال النظام الجاثم على صدورنا! أشعر بسعادة غامرة؛ هذه فرصة ذهبية لبناء سوريا جديدة ومزدهرة."

ثم أضاف الصديق الكردي، وعلى ملامحه يلوح شعور من التحفظ: "زوال النظام لا يعني انتهاء المعاناة، بل أعتبر ما نراه الآن بداية فصل أكثر ظلمة."

ابتسمتُ، محاولًا إدخال بعض التوازن إلى الحوار، فوجهت حديثي نحو الصديق الدمشقي لأستمع إلى رؤيته عن المستقبل القريب.

فقال الصديق الدمشقي: "نحن على أعتاب عهد جديد. إن الحكم الإسلامي قد يكون الحل المناسب، حيث أرى أنه سيحترم تنوع سوريا كبلد غني بالطوائف، وسيعمل على تحقيق العدالة التي قمنا بالحنين إليها طويلاً."

لكن الصديق الكردي قاطع حديثه بحدّة: "هل تظن أن الإسلاميين سيكونون أقل قمعًا من النظام السابق؟ إن تاريخهم يا صديقي يؤكد عكس ذلك، إذ ستحكم عقلية الإقصاء، ولن يتمكن أحد من المشاركة في السلطة."

ثم التفت الصديق الدمشقي إليّ، متسائلًا: "وهل يمكنك أن تتخيل إمكانية تشجيع ما حدث في سوريا للناس في مصر للخروج على قيادتهم السياسية؟"

أجبت بيقين وبصوت ثابت: "الوضع في مصر يختلف كليًا عن الوضع في سوريا وغيرها من دول المنطقة. فعلى الرغم من المعاناة الاقتصادية، التي يعول عليها أعداء مصر والجماعات الكارهة لها، فإن الشعب المصري يعلم حجم التحديات التي تواجه الدولة والمنطقة. وكما هو معتاد دائمًا، فإذا خُيِّر الشعب المصري بين المعاناة وكيان الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية، فسيضع، قولا واحدا، مصلحة الدولة العليا قبل مشاكله الاقتصادية."

أضفتُ: "الشعب المصري يعرف أن الدولة المصرية العصرية تحت قيادة الرئيس السيسي تمر بمرحلة بناء تحقق فيها الكثير من المشاريع التنموية والاستثمارية والقومية العملاقة، بالإضافة إلى وقوف الشعب خلف قواته المسلحة التي تعمل فقط بعقيدة وطنية وتنتمي انتماءً مطلقًا للشعب المصري، وتعلي مصلحة مصر فوق كل اعتبار."

انتقل الحديث إلى القوى الإقليمية. سألتُ: كيف تقيمون دور القوى الإقليمية مثل تركيا في الأوضاع الراهنة؟

أجاب الصديق الدمشقي، وقد سكنت عواطفه قليلاً: "لا يمكن إنكار أن تركيا لعبت دورًا في دعم المعارضة. وحتى إسرائيل، رغم تاريخ العداء، يبدو أنها تتعاون مع بعض الفصائل، ربما عبر وساطة تركية."

بغضب، قال الصديق الكردي: "تركيا ليست صديقًا لأحد! هدفها الحقيقي هو القضاء على الأكراد في شمال سوريا. وإننا أؤكد لك لن نتخلى عن سلاحنا، وسنواصل المقاومة لتحقيق حقوقنا."

تداخلت النقاشات، ولكنني قررت أن أعود بالنقاش إلى معاناة الشعب السوري.

قال الصديق الدمشقي بحزن عميق: "لا يمكن وصف حجم القمع الذي شهدناه. لقد كانت قوات الأمن، في ظل النظام البائد، ترتكب الفظائع، تخيل أنها اغتصبت النساء أمام أعين عائلاتهن لترهيب الجميع. بالإضافة للمعاناة اليومية لقد كان النقص يعم في كل شيء؛ بداية من البندورة "الطماطم" إلى الكهرباء، وصولًا إلى أبسط مقومات الحياة."

رد الصديق الكردي بلهجة أكثر هدوءً: "وهذا لا يعني أن النظام الجديد سيكون أفضل. إننا كأكراد، عانينا كثيرًا وسنظل نواجه تحديات، ما دامت القوى الإقليمية والدولية تتصارع على أرضنا."

بينما كنتُ أسجل هذه الملاحظات، أدركت أن هذا الحوار يشكل مرآة تعكس حالة من الأمل واليأس في آن واحد. حيث يرى الصديق الدمشقي في سقوط الأسد بداية جديدة للحرية، في حين يخشى الصديق الكردي أن تفتح الثورة الباب لاستبداد جديد.

لكن النقاش لم ينتهي عند هذا الحد. فقمت بسؤالهما عن دور الدول العربية في الأزمة.

قال الصديق الدمشقي: "يجب على الدول العربية أن تتحرك لدعم وحدة سوريا وإعادة إعمارها. لا يمكن ترك سوريا فريسة للصراعات الدولية."

ورد الصديق الكردي: "إذا أرادت الدول العربية أن تلعب دورًا إيجابيًا، فعليها أن تكون حيادية، وأن تحترم حقوق الأكراد وجميع الأقليات."

مع نهاية اللقاء، شعرت بمزيج من التفاؤل والحزن. فالحقيقة الواضحة كل الوضوح هي أن سوريا تواجه تحديات هائلة، ولكننا نتمنى أن تكون إرادة شعبها أقوى من كل الصراعات. إن علينا أن ندعو لهذا البلد العظيم بالاستقرار والوحدة، وعلينا أن نحتفي بصوت السوريين في رفع لواء العزيمة والتمسك بحقوقهم.
ومع كل ما تحدثنا عنه، اتفقنا جميعًا على فكرة واحدة: إن سوريا تستحق أن تعود كما كانت، قلب العروبة النابض. كانت القهوة تحتسى بأيدينا، وكأنها تجمعنا على مائدة تركت أثرًا عميقًا في نفوسنا، تحت سماء ليوبن، لنستشرف معًا أهدافًا جديدة لأجل وطن يحتاج إلى شغف أبنائه وإصرارهم على بناء غدٍ أفضل.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد صلاح: رمز سلام يتحدى التعصب
- الحروف الفينيقيّة: الثورة الصامتة التي غيّرت مجرى التاريخ
- الرشدية اللاتينية: بذور النهضة الأوروبية وخسارة العالم الإسل ...
- التنوير العربي: رحلة متواصلة نحو العقلانية والعلم
- العقل السحري بين الشرق والغرب: تأملات في عقول الجماهير والمد ...
- ألمانيا في محنة: بين جراح الإرهاب وصوت الضمير
- إعمال العقل في النصوص الدينية: بين نور الفكر وظلام الجمود
- مصر والجائزة الكبرى في مخطط الشرق الأوسط الجديد
- اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر
- قراءة في خريطة الصراعات العالمية والإقليمية: مستقبل العرب وم ...
- العقل النقدي بين “حرية العقل” وتحقيق “دويتشه فيله”: معركة ال ...
- الذكاء الاصطناعي: شريك الإنسانية في غزو المستقبل واستكشاف عو ...
- الفوضى الخلاقة: معارك عربية بين الانهيار والصمود
- في الوفاء نكتب: قيمة إنسانية لا تموت
- التاريخ بين الحقيقة والتحريف: دعوة لدراسته بمنهج علمي موضوعي
- الحب.. بوابة العروج إلى السماء
- حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى
- قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل ج ...
- سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع
- سوريا بعد سقوط النظام: تحديات المرحلة المقبلة بين مطامع الخا ...


المزيد.....




- تحذير أمريكي للصين بعد مناورات عسكرية حول تايوان
- مرشح ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي: على واشنطن الاستمرار ...
- مقتل بلوغر عراقية شهيرة في العاصمة بغداد
- ترامب يزور السعودية في مايو المقبل
- مصر: السيسي بحث مع ترامب استعادة الهدوء في الشرق الأوسط
- الداخلية الكويتية تكشف ملابسات جريمة بشعة وقعت صباح يوم العي ...
- البيت الأبيض: نفذنا حتى الآن أكثر من 200 ضربة ناجحة على أهدا ...
- -حزب الله- ينعى القيادي في صفوفه حسن بدير ويدعو جمهوره لتشيي ...
- نصائح حول كيفية استعادة الدافع
- العلماء الروس يرصدون توهجات قوية على الشمس


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حوار حول مستقبل سوريا: بين التفاؤل والتشاؤم