حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 21:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تسعى تركيا إلى توسيع نفوذها في سوريا عبر مناطق الشمال، بهدف تحقيق أهدافها الأمنية والاقتصادية، بما في ذلك مواجهة التهديدات الكردية وضمان استقرار حدودها الجنوبية، وقد يؤدي هذا النفوذ إلى تقوية النفوذ التركي في شمال العراق أيضا، خاصة إذا ارتبط الأمر بتوسيع عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني (PKK).
ان توسع النفوذ التركي يجعل انقرة تتحكم في الممرات الاستراتيجية، مثل الطرق البرية وخطوط أنابيب النفط والغاز التي تمر عبر العراق وسوريا، مما قد يُعرّض العراق لضغوط اقتصادية إذا حاولت تركيا فرض رسوم أو شروط على استخدام هذه الممرات.
■ هناك العديد من التأثيرات الاستراتيجية على العراق بسبب تزايد النفوذ التركي :
▪︎ تركيا بتوسعها في سوريا تسعى لتثبيت نفسها كلاعب رئيسي في المعادلة الإقليمية، مما يضعف دور العراق في التأثير على القضايا الإقليمية، خصوصاً في ظل انشغاله بالتحديات الداخلية.
▪︎ وجود تركيا العسكري في سوريا وعلى الحدود العراقية يزيد من احتمالية التصعيد العسكري، وقد تستخدم هذا التمدد كورقة ضغط على العراق، خصوصاً في ملف حزب العمال الكردستاني PKK الذي يتخذ من شمال العراق ملاذاً له.
▪︎ توسع تركيا يؤدي إلى تعزيز نفوذها بين الأكراد في العراق وسوريا، مما قد يضعف العلاقة بين بغداد والأكراد ويعزز النزاعات الداخلية.
▪︎ يخلق التمدد التركي استقطاباً جديداً في المنطقة، حيث قد تجد بغداد نفسها مجبرة على التحالف مع قوى إقليمية ودولية أخرى (إيران، روسيا) لموازنة النفوذ التركي.
الدعم التركي لحكومة الجولاني ومقاتليه في سوريا يؤدي إلى تأثير مماثل داخل العراق، خاصة في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وسنجار، مما يزيد من التوترات الطائفية والإثنية.
▪︎ التوسع تركي في سوريا يمنح انقرة نفوذا أكبر على الحدود العراقية - السورية، ما قد يهدد سيادة العراق ويزيد من التواجد العسكري التركي في المناطق الحدودية مثل بعشيقة.
▪︎ يؤدي هذا النفوذ إلى تقوية الحركات الكردية المعارضة أو تقويض سلطة الحكومة المركزية العراقية في المناطق الشمالية.
▪︎ تسعى انقرة لتوسيع دورها الإقليمي، إذ يؤدي نفوذها في سوريا إلى تعزيز قوتها في المعادلات السياسية بالمنطقة، ويضعف الموقف العراقي أمام تحالفات إقليمية مثل المحور التركي - القطري.
▪︎ تعزيز تركيا لقوى عسكرية موالية لها في سوريا يمكن أن يزعزع الاستقرار على الحدود العراقية، ويزيد من تدفق اللاجئين والمسلحين إلى العراق.
▪︎ نفوذ انقرة في سوريا سيهمش دور بغداد الإقليمي، خاصة إذا أصبحت تركيا لاعبا رئيسيا في صياغة مستقبل سوريا السياسي، فقد يجد العراق نفسه معزولا، خاصة إذا فشل في التنسيق مع دول الخليج وسوريا امام النفوذ التركي.
▪︎ استمرار تزايد النفوذ التركي يؤدي إلى ضعف سيطرة العراق على مناطقه الشمالية والغربية.
▪︎ تزايد الصراعات الداخلية بين القوى السياسية العراقية، خصوصا تلك التي تتلقى دعما تركيا.
■ اما التأثير الاقتصادي يتمثل بعدد محاور :
▪︎ قد يعزز النفوذ التركي سيطرته على طرق التجارة والطاقة، مما يهدد المصالح الاقتصادية العراقية.
▪︎ تضع انقرة يدها على مناطق غنية بالموارد الطبيعية، مثل المياه والنفط في شمال سوريا، مما قد يهدد حصة العراق من هذه الموارد، خاصة مع استمرار الاعتماد على مياه نهر الفرات الذي ينبع من تركيا.
▪︎ تعزيز نفوذ أنقرة في مناطق السوق السورية، يضعف القدرة التنافسية للمنتجات العراقية ويؤثر على الصادرات العراقية إلى سوريا والأسواق الإقليمية.
▪︎ تتحكم تركيا في مصادر رئيسية للمياه مثل دجلة والفرات، ومع توسع نفوذها في سوريا قد يمكنها من فرض مزيد من السيطرة على تدفق المياه إلى العراق، مما يزيد من أزمته المائية ويؤثر سلبا على الزراعة، توليد الكهرباء، والصناعة.
هذا يضاف إلى المشاكل الموجودة أساسا بسبب بناء تركيا لسدود كبرى مثل سد "إليسو"، ما يؤدي إلى تقليل كمية المياه التي تصل إلى العراق.
▪︎ من الممكن ان يصبح العراق أكثر اعتمادا على تركيا كمصدر رئيسي للتجارة والمياه، ما يجعله في موقف تفاوضي أضعف.
▪︎ إذا استخدمت تركيا قوتها للتأثير على مسارات تصدير النفط العراقي، مثل خط أنابيب كركوك - جيهان، فقد يؤثر ذلك سلبا على عائدات العراق.
▪︎ إعادة تفعيل أنبوب نفط بانياس تُعتبر خطوة استراتيجية للعراق، لكنها مشروطة بتفاهمات إقليمية مع تركيا وسوريا ودعم دولي.
الموقف التركي سيعتمد على مدى تحقيق الأنبوب لمصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة، وخاصة في ظل نفوذها المتزايد في شمال سوريا.
- ما هو خط أنبوب نفط بانياس ومتى توقف؟؟
خط أنبوب نفط بانياس هو أنبوب نفط تاريخي يربط بين العراق (حقول النفط في كركوك) وميناء بانياس على الساحل السوري، ويُعتبر جزءاً من شبكة تصدير النفط العراقي. كان هذا الخط يمثل إحدى الطرق الرئيسية لنقل النفط العراقي إلى الأسواق العالمية عبر البحر الأبيض المتوسط.
توقف الأنبوب عن العمل بشكل رئيسي بسبب الحروب، العقوبات، والأزمات السياسية المتعددة التي ضربت المنطقة، خصوصاً بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، ثم تدميره أثناء الأزمة السورية منذ عام 2011 بسبب الصراع الداخلي والنزاع المسلح في مناطق مروره.
- ما هو التأثير السلبي على العراق لتوقف خط أنبوب نفط بانياس؟؟
▪︎ يعتمد العراق حالياً بشكل كبير على ميناء البصرة لتصدير النفط، ما يجعله عرضة للتحديات اللوجستية والأمنية في الخليج العربي، مثل التوترات مع إيران.
▪︎ نقل النفط عبر الجنوب فقط يعني زيادة الكلفة بسبب الممرات الأطول والتكدس في المنشآت القائمة.
▪︎ حرمان العراق من منفذ بحري استراتيجي على المتوسط يقلل من قدرته التنافسية في الأسواق الأوروبية.
▪︎ توقف خط بانياس يمنح تركيا ميزة نسبية عبر خط أنبوب كركوك–جيهان، ما يعزز نفوذها الاقتصادي والسياسي على العراق.
■ ما هي الشروط التي ستحاول انقرة ان تفرضها على العراق في حال الموافقة على اعادة فتح خط بانياس ؟؟
▪︎ قد تسعى انقرة للحصول على رسوم عبور للنفط أو اتفاقيات شراكة اقتصادية مع العراق وسوريا.
▪︎ تسخدم هذا الملف كورقة ضغط لتحقيق مصالحها في ملفات مثل مكافحة القوى الكردية في سوريا أو تعزيز نفوذها في العراق.
▪︎ نجاح المشروع قد يتطلب توافقاً بين تركيا، العراق، وسوريا، إضافةً إلى اللاعبين الدوليين (إيران وروسيا) الذين قد يرون فيه تهديداً لمصالحهم ويقلل من اعتماد العراق وسوريا عليهما.
■ التنافس الإيراني - التركي وتأثيره على العراق
▪︎ العراق سيكون ساحة للتنافس بين النفوذين الإيراني والتركي، خاصة إذا حاولت إيران الحفاظ على نفوذها التقليدي في سوريا عبر العراق.
▪︎ يؤدي ذلك إلى توترات داخلية في العراق بين القوى المدعومة من إيران وتلك التي قد تستفيد من الدعم التركي.
▪︎ إذا قررت تركيا وإيران دعم فصائل مسلحة متنافسة في سوريا، فإن هذا الدعم قد يمتد إلى العراق، مما يهدد استقراره الداخلي.
▪︎ قد يؤدي انشغال الولايات المتحدة بسوريا إلى تقليل التزامها بالعراق، مما يضعف قدرة العراق على حماية مصالحه أمام النفوذ التركي والإيراني.
▪︎ يمكن أن تستغل دول الخليج هذا الوضع لدعم قوى سياسية داخل العراق تناهض النفوذ الإيراني أو التركي، مما يعقد الوضع الداخلي أكثر.
■ ما هي التوصيات او خيارات العراق لمواجهة هذه التحديات؟؟
▪︎ تعزيز التعاون الإقليمي وتنويع الشراكات الاقتصادية العراقية
▪︎ بناء علاقات قوية مع الأردن والسعودية لتأمين حدوده الغربية عبر اتفاقيات أمنية واقتصادية.
▪︎ تطوير التعاون مع إيران وتركيا على أسس المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية فوق كل اعتبار
▪︎ فتح قنوات حوار مع حكومة سوريا الجديدة وفق توافقات سياسية واستراتيجية لما له تأثير في المستقبل القريب او البعيد
▪︎ العراق اليوم هو أكثر طرف إقليمي معني مما يجري في سوريا، طول الحدود مع سوريا، والمشتركات الإجتماعية والعشائرية، والعلاقات الإقتصادية والتجارية، والملفات الأمنيّة الشائكة كل ذلك يجب على الحكومة العراقية ان تعيها جيدا
▪︎ كل الدول العربية والإقليمية التي أوصلت رسائل غير مباشرة للعراق، بأنها لا زالت متخوفة / مترقبة للوضع في سوريا، بدأت اتصالاتها المباشرة / غير المباشرة مع القيادة الجديدة في سوريا خلال اليومين الماضيين، وأرسلت مبعوثيها إلى دمشق، ومنها الأردن ولبنان والإمارات وحتى إيران، لذلك علينا أن نعي انه لا يوجد ثابت بالسياسة الدولية.
▪︎ تقليل الاعتماد على تصدير النفط عبر تركيا، والبحث عن بدائل لتصدير النفط مثل ميناء الفاو او اعادة فتح خط أنبوب نفط بانياس.
▪︎ التركيز على معالجة الأزمات الداخلية، بما في ذلك الفساد والطائفية، لضمان استقرار النظام السياسي وقدرته على مواجهة الضغوط الخارجية.
▪︎ الاستثمار في مشاريع المياه والطاقة لتقليل الاعتماد على تركيا، مثل بناء سدود جديدة وتحسين إدارة الموارد.
▪︎ تعزيز قدرة الجيش العراقي في المناطق الحدودية لمنع التدخلات التركية والحركات المسلحة الراديكالية.
الخلاصة:
سيواجه العراق تحديات اقتصادية واستراتيجية كبيرة بسبب التمدد التركي. على العراق العمل على تحسين موقعه الإقليمي عبر تعزيز علاقاته مع الدول المجاورة، وتنويع مصادر دخله الاقتصادي، وتطوير استراتيجية واضحة لإدارة التوترات الإقليمية.
هذا التمدد التركي يشكل تحديًا مركبًا للعراق، ولكن عبر تعزيز التعاون الإقليمي وتنويع الشراكات الاقتصادية، يمكن تقليل التأثيرات السلبية واستعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
لا ننسى ان الفرص الإقليمية لا تأتي بالمجان، والتنافس على إدارة المصالح ستكون من حصة الأذكياء، وعلينا أن نفكر بمنطق يعكس رؤية واضحة لتأمين وضع العراق في التوازنات الإقليمية ما بعد سقوط الأسد.
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟