أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان دالي - سوريا الى اين؟















المزيد.....


سوريا الى اين؟


عدنان دالي

الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 10:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك ان السوريين عموما - هذه الأيام والاسابيع التي تلت سقوط نظام الاسد – مرتاحون والكثير منهم مرتاحون وفرحون ولا يعطون فرحهم لاحد كما يقول المثل الشعبي السوري وكيف لا وحلم الخلاص من الكابوس المرعب التي عاشوه طيلة نصف قرن من الزمن انتهى الى الابد وبغض النظر عما يخبئه المستقل لهم! على أنغام اغنية ارفع راسك فوق انت سوري حر، يرقص السوريون في دمشق وحلب وحمص والمدن الأخرى وليس لدي أدنى شك في ان السوريين عموما ومن كل المكونات الشعبية السورية يجمعهم نقطة مركزية واحدة تعبر عن ارتياحهم الا وهي "سقوط الطاغية" بشار حافظ الأسد، ولكن يزيد الفرح الجنوني للعرب السنة المتدينين في الطنبور نغما إذا انهم يعتقدون أنهم اسياد المرحلة المقبلة وانهم أصحاب حصة الأسد في المستقبل السوري وما يحق لهم لا يحق لغيرهم لكونهم الأكثرية العرقية والمذهبية أولا؛ ولهم الفضل في إسقاط الدكتاتور ثانيا! ومن هنا يطرح السؤال التالي نفسه؛ سوريا الى أين؟
قبل الخوض في محاولة الإجابة على هذا السؤال لابد لنا من ذكر الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها وهو ان الولايات المتحدة وإسرائيل لم ولن تتخليان عن رسم مستقبل سوريا وذلك بسبب الموقع الهام لسوريا وتأثيره المباشر على إسرائيل وهذا لا يحتاج الكثير من الدهاء لاكتشافه والواقع على الأرض يفسر ذلك
ينصب اهتمام الرئيس الفعلي لسوريا حاليا احمد الشرع (الجولاني) في كسب ود السوريين عموما وخاصة العرب السنة، الطائفة التي ينتمي اليها وهو الذي طرح قبل أشهر فكرة الدولة السنية في مناطق سيطرته في إدلب والمناطق ذات الغالبية السنية في سوريا ولكن المتغيرات اختلفت بعد ان قضت إسرائيل على حزب الله اللبناني و الميليشيات الإيرانية في سوريا. ولكونه، اي احمد الشرع، ينتمي في حقيقته الى القاعدة ولا يستطيع ان يبرئ نفسه من ذلك الإرث الثقيل الذي قد يهدد مستقبله في حكم سوريا التي يطمح فيها بلا شك وما قوله: إذا اعفاني الناس من حكم سوريا سأكون مرتاحا إلا دليلا على انه يراهن على الناس في بلوغ سدة الرئاسة، وخاصة ان كل المؤشرات تدل على انه يريد الاستئثار بالسلطة من منح المقربين منه مفاصل السلطة وحكومة محمد البشير تثبت ذلك وان كانت مدتها محدودة حتى مارس القادم
وللدخول في صلب محاولة الإجابة لابد من عدم تجاهل العوامل والتحديات الداخلية والخارجية التي تؤثر على سوريا الجديدة بعد الثامن من ديسمبر الجاري
اثبتت الأيام الماضية ان السيد احمد الشرع انه شخصية براغماتية من الطراز الأول ولاسيما من خلال رسائله الى الداخل والخارج التي حولته من إرهابي مطلوب دوليا الى شخصية يمكن الاعتماد عليها في احداث التغييرات المطلوبة دوليا وإقليميا على الساحة السورية وخاصة انه اثبت فعليا قدرته على ضبط أنصاره ومقاتليه خلال المعارك وطمئنة الأقليات وخاصة الأقلية العلوية التي كانت تخشى العمليات الانتقامية، كما ان رسائله الى إسرائيل و الدول العربية نالت اهتماما كبيرا وخاصة ان الاعلام العربي بدأ بتغيير لهجته تجاهه ولكن يبدو ان التحديات التي ستواجه الشرع اكبر من حجم التطمينات التي يطلقها بين الفينة والأخرى وخاصة ان اللاعب الإقليمي الأكثر حضورا في مشهد سوريا الجديدة، التي هي تركيا اردوغان! يحاول تصدير تجربته الى سوريا بغية تحقيق أكبر مكاسب في مستقبل سوريا للإضافة الى مكاسبه اثناء الازمة السورية. ويعتبر هذا التحدي هو الأخطر داخليا وخارجيا بالنسبة لمساعي احمد الشرع نحو تسويق نفسه لدى إسرائيل والغرب لكسب شرعية وجوده في القصر الجمهوري في دمشق، وذلك لان تركيا تحاول التدخل في كل تفاصيل المرحلة القادمة في سوريا الجديدة وما زيارة اردوغان المرتقبة الى دمشق الا لتأكيد انه وعد السوريين ووفى بوعده في الصلاة في الجامع الاموي. رغم انه من السذاجة تصديق ذلك حتى لدى المواطن السوري البسيط!
وبالعودة الى هذا التحديات فإن المصالح التركية في سوريا والتي تتمثل في النقاط التالية
أولا: القضاء على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقواتها العسكرية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية
ثانيا: كسب أكبر حصة من العقود في مجال إعادة الاعمار ومجالات الطاقة في سوريا
ثالثا: تثبيت الإسلام السياسي في سوريا وتحديد شكل الدولة وذلك بدعم استمرارية النظام المركزي في سوريا
من المؤكد ان زيارة وزير خارجية ورئيس الاستخبارات التركية الى دمشق والترحيب الحار من قبل احمد الشرع بهما كانت بمثابة حلم اليقظة بالنسبة للطرفين وخاصة انهما، أي تركيا اردوغان وسوريا احمد الشرع، لا يملكان الكثير من الأوراق للمناورة! فالأول أي التركي يطلب حصة من الكعكة السورية أكبر بكثير من حجمه؛ متجاهلا شركائه في اسقاط نظام الأسد. فالنقطة الأولى لا يمكن تحقيقها بسبب الدعم الأمريكي والإسرائيلي المتزايد لوجستيا واعلاميا لقوات سوريا الديمقراطية وما رهان اردوغان على تسلم ترامب للسلطة قريبا إلا مضيعة للوقت وهو يعلم ذلك جيدا والوقائع على الأرض تثبت ذلك ولاسيما محاولة اردوغان تغيير خرائط السيطرة على الأرض من خلال القوات التركمانية السورية المعروفة بالجيش الوطني والتي سيطرت مؤخرا على مدينة منبج، وكذلك يعلم أن تخلي الولايات المتحدة عن سوريا باتت مجرد حلم صعب التحقيق ويؤيد ذلك الشخصيات المؤيدة لإسرائيل وبالأخص لحكومة نتنياهو والتي تعينها ترامب في فريقه لإدارة الولايات المتحدة لأربعة سنوات قادمة ولاسيما وزير خارجيته ماركو روبيو. والنقطة الثانية تصطدم بشرعية احمد الشرع نفسه وقدرته على السيطرة الفعلية على كامل الجغرافية السورية وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والذي يعتبر الشرط الأساسي لإيجاد البيئة الاستثمارية بغية إعادة الاعمار حيث ان الكثير من المفاجئات بانتظار احمد الشرع في رحلته نحو سلطة شرعية، فتركيا ذاتها ماتزال تحتفظ بحكومة سورية أخرى على ارضها وتعتبرها شرعية وهي حكومة عبد الرحمن مصطفى التابعة للائتلاف الوطني العدو اللدود للشرع طوال السنوات السابقة. النقطة الثالثة هي الأخرى معقدة ويمكن ان تصطدم بالمصالح الإسرائيلية، أي ان وجود حكومة مركزية في دمشق تسيطر عليها الإسلام السياسي لابد ان تصبح في يوم من الأيام تهديدا لأمن إسرائيل ولا اعتقد براغماتية الشرع تؤثر على رؤية إسرائيل المستقبلية وخاصة ان احمد الشرع ينتمي الى الأغلبية السنية، أي انه قد لا يستطيع لعب دور حافظ وبشار الأسد بالنسبة لإسرائيل وبالتالي فإن إسرائيل وبحسب تصريحات مسؤوليها تفضل سوريا لامركزية.
إذا لابد لنا الاعتراف بان القوى المؤثرة في مستقبل سوريا هي الولايات المتحدة وإسرائيل بالدرجة الأولى وتركيا وخلفها قطر بالدرجة الثانية وخاصة بعد تحييد المحور الإيراني – الروسي، واتخاذ المحور العربي أي المصري – السعودي موقف الترقب والانتظار. ولذلك فإن إسرائيل لن تترك زمام المبادرة لتركيا في سوريا وستحاول انتاج نظام سياسي قادر على تحقيق التطبيع معها على أساس السلام مقابل السلام وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي في سوريا واعتقد ان احمد الشرع سيكون الجهة الرسمية للتطبيع مع إسرائيل إذا استطاع كسب التغلب على التوفيق بين مصالح جميع الفرقاء دون المساس بالرؤية الإسرائيلية واعتقد انه بدأ العمل على ذلك من خلال حديثه عن إلغاء التجنيد الاجباري والاعتماد على جيش احترافي فقط. وكذلك سيكون ضمان حقوق الأقليات وخاصة الكرد والعلويين والدروز ضمانة التطبيع على المستوى الشعبي وذلك لاختلاف الرؤى بين مكونات الشعب السوري تجاه اسرائيل. ولابد أيضا الاعتراف بأن اردوغان رجل تركيا القوي وبما أنه متعطش للاستمرار في السلطة وحزبي أكثر من كونه رجل دولة كما لمح الى ذلك حليفه في الائتلاف الحكومي دولت باخجلي، فإنه سيفضل النقطة الثانية التي ذكرتها سابقا على النقاط الأخرى. أي انه سيختار الاستثمار في إعادة الاعمار في سوريا سواء اكانت سوريا دولة مركزية او لامركزية وخاصة انه اختبر طويلا عقلية المواطن التركي الذي ينظر الى حكومته من خلال جيبه واحواله المادية ولا شك في ان إعادة الاعمار في سوريا سيفتح افاقا جديدة امام المواطنين الاتراك وهذا ما يهم اردوغان من اجل كسب الأصوات سوآءا له او لخليفته مستقبلا، ولذلك لا استغرب ان يدعوا اردوغان قادة الإدارة الذاتية الى انقرة في المستقل القريب ولا شك ان ذلك سيكون من مصلحة احمد الشرع أيضا لأنه سيعفيه من الاصطدام مع الكرد. وبالتالي فإن جميع المؤشرات تذهب باتجاه حكم مدني لامركزي في سوريا ولافرق إن كان بقيادة الشرع او غيره ولو طال او قصر الامد.



#عدنان_دالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا الى اين؟


المزيد.....




- مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس ...
- ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه ...
- محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر ...
- كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته: ...
- يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء ...
- إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث ...
- إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
- بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
- ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
- -يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان دالي - سوريا الى اين؟