أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس متعددة 388















المزيد.....


هواجس متعددة 388


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 20:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غلة نضالات الناس يجب أن توضع في خدمة سوريا الغد. إلى هذه اللحظة أنا متوجس من القادم الجديد، فهو ليس صاحب فكر أو قيم، أو أخلاق، هذا جاء من دياجير الظلام، أو العتمة المدلهمة، ولا يزال هو وجماعته غوغاء في نظري ومجرمين، ولن يرسوا بالي على مستقر الا بعد أن يقر السوريين بدستور وطني جامع، يكون الجميع مواطنين فيه تحت قبته، وأن يتم الاقرار بانتخابات لكل السوريين دون تمييز.
لقد منح الشرع قاعدتين للاتراك، لا أدري إذا كان هذا صحيحًا، فإذا كان صحيحًا فهذه كارثة، أنت مين يا الشرع، وبأي حق تعطي هذه القواعد للأخرين يا هذا، ما حدث اليوم، الواقع الذي نحن فيه، جاء نتيجة تضحيات ملايين السوريين، لهذا يجب أن تقدم للمحاكمة، تصرفك لا يقل قذارة عن سرقات بشار وزوجته وعائلته.
هذه سوريا يا الشرع، وليس ملكية خاصة لك لتمنحها للصوص الاتراك.


عندما تدخل السجن بالرغم عنك، تودع العالم الواسع، يحجزوا لك ركن صغير جدًا، يقولون لك، هذا هو عالمك الجديد.
ثم تتأقلم مع هذا الحيز الضيق، تشربه، تضعه في جوفك قطرة قطرة، ثم تقسم أعصابك وأحلامك وجسدك وعقلك، ومشاعرك وعواطفك فيه على مقاس هذا الركن الصغير.
يرحل العالم الخارجي بعيدًا عنك، يصبح كالسراب أو الضباب، وتصبح كطفل صغير جدًا، فقد والديه في وقت مبكر، نسيهما، لا يتذكر عنهما شيئًا سوى أنهما جلبا له الحليب وبعض لعب الاطفال.
تقتنع أن هذا الحيز الضيق هو هذا الكون، هو الذي أنجبك، وفيه ترعرعت، وبنيت نفسك فيه ومستقبلك.
عندما يأتي والدك او والدتك في زيارة، تتسأل:
ـ لماذا جاءا، ما الغاية، من هما؟
تشعر أنهما مجرد عبء عليك، لا شيء يجمعكما، هما في العالم الأخر، وأنت في العالم الأخر.
وعندما يفتحون لك الباب لتخرج، اللاشعور في داخلك يرفض هذا المكان الغريب، تشعر أن هذا العالم الخارجي وحش كاسر، عالم غامض ومخيف. يمزقك الضياع والغربة. تتساءل:
لماذا خلق هذا العالم الواسع؟
إنه مرعب، سيبلعني في جوفه، كيف سأمشي فيه وقد تعودت أن أبقى في المكان المقدر لي، على مقاسي تمامًا، أما هذا الخلاء القاتل، قاتل، يبدد أحلامي، يقتل أعصابي المصنوعة على مقاس المكان االضيق لذي احتواني وضمني بين دفتيه عشرات السنين.
السجن يبلع خلاء الكون كله، يفرغه من محتواه، ويحوله إلى مكان مرعب.


الأدب هو الجهة الأكثر حساسية لرصد حركة المجتمع، فهو راصد نقي وشفاف، معبّر بصدق عن تطوّراته. ومن المبكر أن نقول إن الثورات أنتجت أدبا يعكس حقيقة ما يجري. الخميرة مازالت في طور التفاعل والتحوّل، لأن المعيقات الداخلية والخارجية هائلة، ويجب التأني في الكتابة عن ذلك. فالأعمال الإبداعية العميقة تحتاج إلى وقت حتى تعطي ثمارها.
أصبح العالم مكانا واسعا للتبادل الثقافي والسياسي والتواصل الاجتماعي، وميدانا للتوافق أو الاختلاف، وداخله صراع لتأكيد الذات بين الأنا والآخر، الموجود على امتداد الكون، بين هنا وهناك.
لقد انتقل المبدع من الحيز الضيق إلى الفضاء العالمي، لانفتاح الأماكن على بعضها وسهولة إسقاط أي واقع على مجتمعه.
فالثقافة، هي النافذة الفكرية الأكثر قدرة على ربط المجتمعات ببعضها، ومدخل حضاري وإنساني للتعارف والتقارب والاندماج.
يحتاج المبدع إلى وعي كامل للواقع الاجتماعي على الصعيد العالمي، لأن المكان، الوطن، لم يعد محليا صرفا، إنما عملية إبداعية مهمة، لتفكيك بنية هذا العالم بثقله الاجتماعي والإنساني والاقتصادي والسياسي.
ففي محاولة رصده واستيعابه ينتقل نقلة نوعية لما يحدث في كل بقعة من هذا العالم.
الكاتب في هذا العصر يجب أن يكون معبئًا ثقافيًا بكل الثقافات، ويعرف الصغيرة والكبيرة في عالم اليوم, أن يستمد من المحلي بناء منظومته الفنية الروائية ليجعل التفاعل به قائمًا، أن يصبح الجزء مع الكل والعكس صحيح.
وإن ما يحدث في أي دولة في العالم يصيب العالم كله، من الصين إلى سورية أو العراق أو الهند أو إيران وتركيا والبرازيل وأوروبا، والعكس صحيح


لم يصدمني زواج شابة تونسية من رجلين.
والقانون التونسي لا يجرمها لأنه لا يوجد نص قانوني يمنعها من هذا الزواج.
أنا إنسان تقليدي، محافظ جدًا في موضوع علاقة الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل، أرى أن الارتباط يجب أن يكون على اساس الحب، ولست مع التعدد.
ولكن من يتزوج من أكثر من امرأة، كان قد كسر لدي هذه الصدمة.
شعوب كثيرة وأديان كثيرة تعاملت مع المرأة على أنها سقط متاع، يستخدمها الرجل الغني، الثري لأغراضه الخاصة، للمتعة الأنية، لهواه العابر، لإذلالها.
لم تكن المرأة ذات قيمة إنسانية أو معنوية، لهذا أرى أن التاريخ المقلوب رأسا على عقب، من الممكن أن ينتج الكثير من الظواهر الشاذة التي لا تعد ولا تحصى.
أين المشكلة إذا كان التاريخ مشوهًا وأضاف إليه تشوه جديد؟
كان الزمن الإنساني وما زال شاذًا مريضًا فلماذا لا يكون هذا الزواج جزءًا من هذا الشذوذ.
أليس الكذب، الكراهية، الحروب، الغدر والخيانة جزءًا من الظواهر الشاذة، فلنضف إليهم حالة شاذة جديدة.
والخرج العتيق يتحمل الكثير، أنه واسع جدًا، وسيتسع المزيد لمن يريد أن يجرب.


يقول الكاتب الأمريكي تشارلز زيغلر:
إن الخلافات الروسية الأمريكية تتلخص في كلمتين أثنتين:
"معضلة الأمن".
لو نفكك هذا النص، سنرى وراءه الكثير من التورية وعقدة الاضطهاد والكذب.
يقدم نفسه، هذا الأمريكي أن سبب سباق التسلح، ليس الولايات المتحدة وهيمنتها على العالم، ورغبتها في تدجين العالم وفق مصالحها ورؤاها، لا يريد أن يقول أن الولايات المتحدة لم تقاتل على أرضها منذ زمن مرغل في القدم، ولم تهددها أية دولة، ولم يقترب من حدودها أي كائن، فلماذا يساوي نفسه مظلومًا مكسورًا خائفًا؟
أنا أردت تسليط الضوء على النص، حول كيف يتم تمييع الحقيقة، والاختباء وراء الزيف والكذب، وتقديم الامريكان أنفسهم على أنهم مهددون من قبل الأخرين، وهم في عقر دارهم، وليس بوصفهم مستثمرون للأخرين، أوروبا وأفريقيا وآسيا في صراعات العالم القديم البيني.


كل النصوص بندوقة، مبندقة، نحن من يدخل النص في الحياة.
نغصب اللغة، نجبرها، نخضعها، نرضخها لمصلحتنا، نفرض عليها أن تشاركنا تصورتنا وأفكارنا.
هي الحصان التي نربطه خلف عربتنا وندفعه ليسير إلى الجهة الذي نريد ونرغب.
دون الحصان، اللغة، نحن عجزة، نحن طبيعيين.
في الحقيقة لولا اللغة لكان النص يسبح في العدم.


الخبث جزء لا يتجزأ من سيكولوجية الإنسان المقهور.
الإنسان المقهور يتعرض للأذى النفسي والجسدي في طفولته المبكرة وما بعد المبكرة، منها الاحتقار، الإهمال، الإذلال، الإهانات المتكررة بمناسبة وغير مناسبة، التهميش، النهر والزبر والزجر، والتفل.
عندما يتعرض الفرد إلى هذا الكم الهائل من الخضوع، يعمل العقل لنفسه ميكانيزم ذاتي، إفراز أنزيمات لا أخلاقية لحماية الذات من السقوط التام، فيلجأ الطفل منذ السنوات المبكرة من حياته إلى الكذب والغش والغدر والعمل بالسر والخفاء.
بهذه الحالة، ينشأ لدينا جيلًا مكسورًا مهزومًا من الداخل، سطحه يناقض باطنه في العمق والمظهر، ومن النادر أن يسلم أي إنسان من هذا الوضع.
أي، ينشأ لدينا جيل فهلوي، ينطنط على ألف حبل وحبل، ويظن أن هذا النط قمة الذكاء.
الكثير يظن أن الفهلوية والخبث والغش والفساد الأخلاقي والذاتي والاجتماعي هو ذكاء ونجاح، الحقيقة، عندما تتميع الذات وتفقد قيمتها كتكوين إنساني وروحي، تفقد وزنها الذاتي والسلوكي وتتحول إلى شيء نافل وتافه ورخيص.
وما أكثر النافلين والتافهين بيننا.


في لحظة تفكيك النص، يخضع لجملة غايات وأهداف وتناقضات.
يقارن الإنسان بين ذاته ورغبات الأخر، يدخل في صراع بيني، بين ما يريد وما يجب ان يكون.
الإنسان ذاته مفكك، ففي لحظة تفكيك النص، يدخل ذاتيًا في عدة تفكيكات قبل أن يخرج النص إلى العلن.
ففي لحظة خروج النص إلى العلن، يكون قد استوفى الكثير من الحوامل، تقليم النص، نزع القيم الحرة منه، الحفر عليه، تكسير الحرية في داخله ليصبح على مقاس العبودية.
عندما يخرج النص إلى العلن، يصبح ممزقًا مكسورًا، يفرح العبيد به لأنه جاء على مقاس بنيتهم النفسية.
لم يحن زمن النص الحر. ولا توجد نصوص تعرف معنى الحرية، وكيف للعبيد أن ينتجوا نصًا لا يعرفوه.


آرام كرابيت
ألف شمس مشرقة ـ خالد الحسيني
رواية ألف شمس مشرقة للكاتب الأفغاني خالد حسيني المشهور جداً، طبع من هذه الرواية ملايين النسخ وكتب عنها الكثير من المقالات بيد أني أراها رواية تقليدية جداً فنياً وسردياً ومضموناً، وعادية بالنسبة لي، بل إنها باهتة، لأن الأدب ليس مراجعة للماضي وتسليط الضوء عليه فقط، وكأنه تحليل صحفي. يفترض أن يكون الأدب تمرداً على الواقع الراهن والمراهنة على المستقبل.
تبدأ الحكاية من قصة الفتاة مريم التي ولدت من أم خادمة وأب غني لديه ثلاثة زوجات يعشن معه شرعاً، أما أم مريم فقد تزوجها بالسر لهذا لم يستطع أن يضمها إلى حضيرته كونها من مرتبة اجتماعية دونية، بينما هو ونساءه الأفاضل ينتمون إلى المجتمع المخملي في مدينة هيرات في أفغانستان. يذهب الأب، أبو مريم السيد جليل إلى الضيعة التي تعيش فيها ابنته مع أمها، حيث لا ماء أو كهرباء ولا مدرسة أو خدمات، ليرفه عنها ويخرج معها إلى الطبيعة ويتكلم عن المدينة والشوارع والسينما والقصص التي تعرضها صالته ليحسسها بأبوته. لم يسمح لطفلته الصغيرة مريم أن تدخل المدرسة أو تتعرف على أشقائها الكثر. هناك رجل الدين فايز الله يعطف عليها ويعلمها الدين وقراءة الحرف وفكفكة بعض الكلمات في لغة القرآن.
يعيش جليل تناقضاً إنسانياً وبيولوجياً بين حبه لابنته مريم ومحيطه الاجتماعي، لهذا يعزلها عن محيطه، لكون التراتبية الاجتماعية والسمعة الحسنة والانتماءات العائلية مهمة جداً. فهذه المسألة الأخيرة في المجتمعات المعاقة أهم من الأبوة والإنسانية. إن أغلب الناس في هذه البلدان يخضعون للقيل والقال، للعادات والتقاليد، للعلاقات القبلية والبدوية والعشائرية، ولم تتحرر من الذاتية الضيقة ولم يحدث تطور في مفهوم المواطنة وحريته واستقلاله بقراره وتصرفه وانتماءاته. الجميع يحاول أن يقدم نفسه بعيداً عن الفضائح التي يكون الجنس المسيطر عليه دينياً هو المقياس للشرف والعفة والقيم. كل شيء تقريباً في هذه المجتمعات له علاقة بالحسب والنسب والمقامات ضمن مفهوم الرجولة والعلاقات البطريركية الصارمة. فالسمعة العطرة من خارجه مهمة وضرورية من أجل تسويق الذات، الأنا على الموضوع، المجتمع، فكلا الحالتين هو اللعب على التناقض القائم بين الأنا والمجتمع، حالة تورية وتعويم وهروب من استحقاقات الواقع وثقله.
تحاول مريم، الإنسانة المكسورة، الجاهلة أن تنتسب إلى أبيها، أن يعترف جليل، والدها بها، بيد أن المهزوم لا ينقذ مهزوماً، والغريق لا يستطيع أن ينقذ غريقاً في مجتمع غارق من رأسه حتى قدميه في تلبية العلاقات الشكلانية والخضوع لها حتى يتم تسويق نفسه كشخصية لها مكانتها وقيمتها، فيتم تجاهلها لأنها تدمر التراتبية الاجتماعية والزيف الاجتماعي، لهذا يعمد الأب بالتواطئ مع نفسه وزوجاته على التخلص من الابنة الحطام، الجثة الحية غير المرغوب بها، الفضيحة المستمرة طالما هي مستمرة في الحياة، لهذا يتم تزويجها من رجل كبير بالسن اسمه رشيد، يريدون ستر عار جليل وعائلته بالتضحية بالطفلة المراهقة مريم.
رشيد له مقاس على قالب المجتمع الأفغاني، يحتقر الضعيف ويقدس القوي، مؤمن بالله وكتبه، تقليدي، مفاهيم الدين وثقافة الدين وثقله يعشش في ذهنه. فيتعامل مع المرأة بفوقية واحتقار، مجرد مادة صمغية لإطفاء شهوة الجسد في لحظة اندفاعه. فالإزدراء والتحقير هو الأسلوب المتبع معها، مستغلاً جهلها وصمتها وعدم وجود ملجأ يحميها يجعلها ترضخ وتذل وتهان.
أفغانستان، أشبه بمريم ورشيد والمجتمع الشرقي، المريض تحت تأثير قوى الجهل، وإعادة إنتاج الانتماء إلى الماضي في كل مناسبة للبقاء فيه والعيش في ظل الانغلاق والركون للمفاهيم الماضية.
عندما يدخل السوفييت إلى أفغانستان عبر حليفهم في الحكم، يحاول إعطاء المرأة حقوقها بالمشاركة في الحياة الاجتماعية ومحاولة الحصول على حقوقها كامرأة وإنسان، يشمر الكاتب أنيابه للدفاع عن وطنه متسلحاً بقوة الولايات المتحدة ودعمها للمجاهدين من أجل طردهم وإعادة هذا البلد إلى نفسه، ليستقل ويبقى تحت وصاية المجاهدين المدعومين من السي أي أيه. يحاول الروائي أن يعطي انطباعاً أنه بريء في رصد الأحداث الاجتماعية والسياسية في بلده، بيد أنه لا يخفي انتماءه وموقفه في طول مسارات الرواية، فعنوان الرواية، ألف شمس مشرقة، يشير إيجابياً إلى الاحتلال الأمريكي لأفغانستان في العام 2001 على إثر انهيار مبنى التجارة العالمية. هناك إشادات كثيرة إيجابية خفية، مبطنة لدور الولايات المتحدة في دعم المجاهدين واحتلالها لأفغانستان. ويريد أن يقول إنه راصد أمين لما حدث ويحدث لأفغانستان المكسورة والموجوعة، بيد أن هذا كذب. إن موقفه الإيجابي من الاحتلال هو جوهر القصيد، أن يعوم نفسه وعمله بابتذال من أجل أن يصل إلى العالمية.
عندما دخلت القوات الأمريكية لأفغانستان في العام 2001 كانت ليلى وطارق أبطال القصة يعملان في منطقة قريبة من العاصمة الباكستانية، صغيرة وجميلة جداً، وحياتهما مستقرة وهادئة مع أطفالهما.
فجأة، وعلى نحو غير معروف يدب الحنين والشوق في قلب وروح ليلى، لبلدها. إن قرار العودة إلى بلدها بسرعة، في ظل ظروف غير مستقرة غير مقنع أبداً، خاصة أن الاحتلال لم يتجذر في الأرض، وكان حديث العهد، وكأنه كان قراراً سياسياً وليس إنسانياً.
تجبر زوجها طارق على العودة، تعود معه إلى هيرات أولاً، فترى البيوت والشوارع معمرة ومعبدة. ورأت العمران والسلام يعم بلادها إلا من بعض المناوشات، ثم يتابعان سيرهما ليصلا إلى العاصمة كابول مسقط رأسيهما، يستأجران بيتاً، يكسيانه ويستقران فيه. وكأن الرؤية المسبقة لليلى، للأحداث، كانت نبوءة دقيقة وحدثاً صحيحاً، لهذا يفرحان بحياتهما، يستقران في ظل الاحتلال.
وفي طوال مسارات الرواية هناك رضى كامل لكل ما فعلته الولايات المتحدة في أفغانستان منذ العام 1978 وما قبله وما بعد وإلى االيوم.
يبدو أن عمل خالد حسيني الروائي جاء على مقاس الرؤية السياسية الأمريكية للمنطقة، بمعنى، العذر والخلل فينا، نحن شعوب المنطقة، والخلاص والحرية بيد الولايات المتحدة. لهذا علينا توخي الحذر من الأسماء الثقافية الكبيرة التي يروجها الغرب.


بعض الأسئلة المهمة التي ترافقني في القراءة
كيف يمكن التوفيق بين السيادة الوطنية وإزالة القيود المفروضة على الأسواق العالمية، والتنافس على المكانة والثروة؟
كيف يمكن بناء نظام دولي جديد دون مرجعية قانونية أو تنظيم شكل العلاقة بين دوله أو خط سيره؟
وهل يسير هذا النظام بشكل قدري أم له تنظيم خفي؟ ولماذا هو خفي؟
وهل سيكون هذا النظام الدولي الجديد كما بشرونا به نظام ممركز أم له تراتبية أو خليط أوعشوائي؟
وكيف يمكن بسط نفسه على دوله الكبيرة والصغيرة، ومن يمسك برأس النظام ويحركه خاصة أن زمن الهيمنة السياسية ولى إلى غير رجعة في الأفق المحدود؟
هل لهذا النظام برنامج عمل مرحلي للوصول إلى شكله المكتمل أم طويل الأجل وكيف؟ وهل هو أفقي أم عمودي وما هو موقع المجتمع في هذه المعادلة المرهقة؟
كيف التوفيق بين اقتصاد متحرك وقلق يمتص الكتل المالية العالمية كلها ودول مقيدة بقوانين وحواجز؟
هل القدرة على تشكيل نظام دولي جديد مرهون بعملية تشكيله، وآلية هذا التشكيل وكيف؟
هل سيكون هناك صراع بين الدولة والاحتكارات؟ ومن سيسيطر على من؟



في زمن الأيديولوجيات الكبرى كان في أعماق كل واحد منًا الاستعداد النفسي المسبق للخضوع.
وإن نتحول إلى آلهة جدد، نحمل شعلة الحرية والجمال والحق دون أي رؤية أو معرفة حول كيفية تحقيق هذه المفاهيم الجبارة التي تلتصق في جدار الأبدية.
وانطلقنا إلى العالم المجهول بحماس منقطع النظير، مزودين بطاقات إيجابية جياشة وتحت تأثير البروبوغندا السوفيتية.
لم يكن لدينا أي عمق في فهم عالمنا المعاصر.
والبسطاء لا يملكون القدرة على تفكيك هذا العالم السياسي المغرق في التعقيد.
ولا يمكن تغيير النظام الرأسمالي بعقلية خالد بكداش الانتهازي والمحدود الثقافة والمعرفة.
إن الأحزاب الطهورية دين جديد، متطفلة على السياسة. وحملت مريديها أمال وأفكار لا علاقة لها بالواقع السياسي.
والسياسة والطهورية ميدانين منفصلين عن بعضهما. ربطا ببعضهما من خارجهما.
والرأسمالية لا تنهار أو تسقط بالثورات أو بالأحلام والرؤى. إنها بنيان صلب متماسك. إنها نظام ينزع نحو الدولة العالمية.
الراسمالية تتحول تحولات نوعية نتيجة تثوير ذاتها وللتناقضات العميقة الكامنة في داخلها.
لهذا فإن لينين وثورته كانا ذر الرماد في العيون. أي أنها كانتا حاجة سياسية روسيا داخلية. وأصبغ عليها هذا اللينين بعدا عالميًا كأستثمار، أي استثمار هذا البعد لحاجات روسيا الداخلية من أجل بناء الثورة الوطنية الديمقراطية لروسيا الفلاحية المتخلفة.
هل نجح؟
يمكننا الإجابة


مع الأسف، الذي قرأ فكر ماركس بدقة، وفهم عقله وتصوراته ومفاهيمه وبحثه، وحلله ودرسه واستفاد منه هو النظام الرأسمالي، سواء في مجال الاقتصاد أو علم الاجتماع أو الفلسفة أو الفكر


جاء المسيح لتسويق اليهودية، وأخذها من محليتها وتقوقعها وتمترسها حول ذاتها ووضعها في العالمية، بيد أنه لم يخرج من يهوديته.
وأكمل نهج المظلومية التي تغنى بها قومه.



منذ بداية الثورة راهن الكثير على انقسام الجيش والمؤسسة العسكرية، قلت بالحرف:
هذا جيش احتلال، وسلطته سلطة احتلال. إنه نظام أمني، وسلطته سلطة أمنية ولا يمكن أن ينقسم.
إنه كتلة واحدة، جاء على أثر تسليم الجولان. ولن يذهب إلا إذا عاد الجولان.
الكثير سخر من كلامي.


يقولون أن ما يحدث في المنطقة هو الفوضى الخلاقة التي بشرت بها الولايات المتحدة الامريكية. وما نراه على أرض الواقع, إنهم يعيدون إنتاج العسكر في مصر وتونس واليمن بقوالب أخرى, ويستموتون في إعادة إنتاج سلطة حافظ الاسد عبر إدخال جميع مافيات العالم لبلدنا ليقولوا لنا ان هذه السلطة هي أفضل منتج لكم يا سوريون.
قولوا لنا, أين الخلاقة فيما تعمله أمريكا.
يبدو لا يوجد في جعبة أمريكا غير البذار الفاسد القديم.


لقد قتل هذا النظام ودمر مدن لسبب أقل من ذلك. لماذا لا يقتلنا أو يعذبنا. ما الذي يمنعه. الاخلاق مثلاً! هذه مسألة بسيطة. هذا النظام ورأس النظام لا أخلاق لديه.. ولا ضمير يحكم سلوكه. أما عن الردع. فمن يردعه! الشارع مثلاً.. مجتمعنا؟ هذا أيضاً لا يدخل ضمن حساباته وهواجسه. الامريكان والأوربيون كانوا وما زالوا يباركوا سياساته الداخلية بالمطلق. المهم تحالفه مع اسرائيل وتنفيذ سياسات الأمريكان الخارجية سواء في لبنان أو الشأن الفلسطيني أو العراقي. المهم إدارة اللعبة باقتداردون ان يضر بقواعد اللعبة في إدارة شؤون المنطقة بما يضمن نتائج إيجابية للراعي الإمركي.
إذا نحن بيديه. يفعل بنا ما يريد ويرغب.



لقد تفسخت بلادنا على كل الصعد. السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كانت منطقتنا العربية منذرة بتبدل الواجهة السياسية لأنظمة الحكم فيها خلال فترة التسوية التي بدأت بعد ضرب العراق وإخراج نظامه من الكويت. كذلك بعد دخول اسرائيل وحلفائها العرب/ الأنظمة العربية/ مؤتمر مدريد.
بمقتل رابين وموته في نهاية العام 1995 أنتهى أي أمل في التسوية في المنطقة. كان هذا إنذاراً بمزيد من التشوه والتفسخ في النظام العربي. هذا الانعكاس سيؤدي إلى المزيد من التفسخ في وضع شعوبنا وبلداننا.
مقتل رابين يعني انتهاء التسوية. بمعنى أصح. أن الموسسة العسكرية الاسرائيلية غير جاهزة للدخول في تسوية مع حلفائها. لذا على الولايات المتحدة العمل على إدارة هذه المنطقة من العالم بطريقة مختلفة تنسجم مع المخاوف الأمنية الأسرائيلية وتدفع مسألة التبديل إلى إشعار أخر. أو البحث عن طرق أخرى لادارة هذه الجزء من العالم وفق مصالحها الأنية والمستقبلية بطريقة تضمن لنفسها كلفة أقل. المنطقة مسترخية/استقرار/ تحت قبضة أنظمة أمنية لها باع طويل في السيطرة على شعوبها.
مسألة تأجيل تبديل الأنظمة العربية أقل كلفة وصعوبة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية من أن تضغط على اسرائيل. من أجل القبول بالتسوية.
دائماً يرتأي الأمريكان أن تطبخ صراعاتنا الداخلية والخارجية في مراجل الأنظمة أو السلطات الديكتاتورية من أجل المزيد من التفسخ والانهيارفي بلداننا على مهل.
إذاً. السجن.. السجان/ النظام ـ السلطة/ العربية باقية إلى إشعار أخر. مسألة تبديل الوجوه والمكياج غير واردة في الأفق المنظور.
علينا أن نربط الأحزمة ونستعد لمسيرة طويلة من القمع والتشوه والخراب في بلداننا.
مؤتمربرشلونة كان نوع من مسحة الخلاص النورانية. لكن لم يكن لها أي قيمة عملية لعجزالأوربيين عن القيام بأي فعل سياسي عملي. ولضآلة تأثيرهم على مجريات الأحداث في العالم.


ما يحدث في بلدنا ابعد من موضوع المؤامرة. هو نتيجة تداخل مصالح النظام الدولي الذي يمنع قيام ثورات خارج مقاساته. لهذا سيسعى إلى ترويض المجتمع عبر ابتزازه. في الوقع أنهم يعاقبون شعبنا لانه ثار ضد خادمهم, الاسد.
الكثير منا رمي الثقل على هذا الطرف او ذاك, والكثير غرق في الطائفية المقيتة نتيجة القصور المعرفي والسياسي لما يدور في عالمنا المعاصر, الشديد التعقيد.
علينا أن ندرك أن انسداد الأفاق السياسية ليس سببه مجتمعنا, انما مصالح الخارج الذي يتصادم مع مصالحنا كبشر وناس.
انتصار اية ثورة في هذا العصر تعني قلب المفاهيم السياسية والاجتماعية السائدة, والتوازنات السياسية الراسخة منذ أمد بعيد راسًا على عقب. هذا الانتصار ليس سهلًا, يحتاج إلى نبل الطرح الاجتماعي والسياسي, إلى بنية معرفية جديدة, ورؤية إنسانية عالية التسامي.


لا زال عقله ينتح من رمال الصحراء، فكيف سيكون مختلفًا عن سابقه؟
العقل ابن الضوء
الثقافة، ضوء يمنح القارئ نجم سهيل الذي يستدل عليها البحارة، فيدفعه إلى أين يتجه أثناء قطع جبال الماء المالح أو إلى أين المسير.



في سجن عدرا بدمشق جاءت زيارة لأحد الأصدقاء. زوجته كانت منفعلة جدًا. شتمته أمام السجناء في الزيارة وتفلت عليه. قالت له:
ـ سأرفع دعوة طلاق عليك. لم أعد احتمل.
ـ افعلي ما تشائين.
ـ سأخذ الأطفال معي.
ـ خذيهم
ـ سأرحل إلى أهلي
ـ أرحلي.
قال:
ـ سأطلقها بمجرد خروجي من السجن. إذا لن تطلقني، أنا سأطلقها.
ـ طول بالك يا رجل. إنها أم أولادك. تصرفت بشكل خطأ في لحظة ضعف وحالة انفعال.
ـ سأطلقها.
بعد بضعة أشهر تم ترحيلنا إلى سجن تدمر.
هناك تفل وبصاق في وجوهنا. أجبرونا أن نبوس أحذيتهم. ونأكل الطعام من عقب أحذيتهم. طبعًا عدا الضرب والإهانات على الطالع والنازل والحرمان من النوم.
سألته بعد حين من الزمن:
ـ هل ما زلت مصرًا على الطلاق.
ـ لا. بعد الذي رأيته لا يمكن أن أطلق زوجتي حتى لو بادرت بالطلاق. سأذهب إليها وأطلب المغفرة منها.
ما أريد قوله:
لا يوجد رأس كبير في هذه الحياة القاسية. جميع الناس معرضين للذل والخضوع. من منا كان يتوقع ما حدث لصدام حسين أو معمر القذافي ومبارك. ولا استغرب أن يداس رأس ترامب أو بايدن يومًا من الأيام
إنها الحياة.
إنها لعبة خطرة. لعبة اقدار منفلتة من عقالها. ولا يحاول أي إنسان أن يتكبر أو يتجبر على أخيه الإنسان أو على النعمة. ابتداء من لقمة الخبز.
ويا ظالم إلك الله. كما يقول المثل.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس في الحياة ــ 387 ــ
- هواجس عن قراءات متعددة 386
- هواجس عن العلمانية والإسلام ــ 385 ــ
- هواجس اجتماعية وسياسية عامة 384
- هواجي عن سجن تدمر ــ 383 ــ
- هواجس أدبية ودينية ــ 382 ــ
- هواجس ثقافية ــ 381 ــ
- هواجس عن الاستبداد والعلمانية 380
- هواجس عن الاستبداد ــ 379 ــ
- هواجس أدبية 378
- هواجس 377
- هواجس عامة وخاصة 376
- هواجس عن سوريا اليوم 375
- هواجس عن الاستبداد ــ 374 ــ
- هواجس تتعلق بالتأويل ــ 373 ــ
- هواجس تتعلق بسقوط بشار الأسد ــ 372 ــ
- هواجس تتعلق بسوريا 371
- هواجس تتعلق بسوريا 370
- هواجس حول الوطن والغربة 369
- هواجس أدبية وشخصية وعامة ــ 368 ــ


المزيد.....




- ما تعليق الصين بشأن تهديد ترامب باستعادة السيطرة على قناة بن ...
- سوريا.. حرق شجرة عيد الميلاد وما قاله مسلح بالفصائل بجانب قس ...
- إسرائيل تعلن اعتراض خامس صاروخ أطلق من اليمن خلال أسبوع
- أوكرانيا تكشف عن -خدعة- تستخدمها روسيا لإخفاء هوية جنود كوري ...
- للمرة الخامسة في أسبوع.. إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من ا ...
- وزير خارجية سوريا يوجه تحذيرا إلى إيران
- إيران تستنكر الاعتراف الإسرائيلي باغتيال هنية وتصفه بـ-الوقح ...
- وزير خارجية سوريا الجديد يحذر إيران من نشر الفوضى في بلاده
- حرب غزة.. تصعيد بلا نهاية وأفق سياسي غائب
- حصيلة جديدة لضحايا إعصار- شيدو- في أرخبيل مايوت


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس متعددة 388