أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم رمزي - الكاسحة















المزيد.....



الكاسحة


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


الوالدة ـ قدس الله سرّها ـ لم تكن عالمة اقتصاد أو رائدة فضاء، أو باحثة في مختبر، أو متبحرة في علوم اللغة والأدب، أو ... أو .. ‏فبِحكْم أننا كنا ننتمي للحي "الموبوء"، المشهور بالدعارة والمخدرات وكل الموبقات .. فإنها كانت وعاء متعة، ومشتلا لتفريغ ‏الشهوة، .. ومن ثَمَّ اختلفت ذريّتها بين أبيض وأسود، وأشقر وأحمر، .. فكأنهُمْ أبناء "الأمم المتحدة" .. ‏
الوالد مجهول، لا أعرفه، ولا يعنيني في شيء أن أعرف إن كان حيا أو ميتا. والوالدة تتحاشى ذكره أو الإشارة إليه، لكنها ‏تستحضره ـ مِثلُه مِثل آباء باقي أبنائها ـ عندما تسُبّنا، يا ولد / يا بنت: (لمْگجَّف .. لمْگرَّد .. عرّة الرجال .. اللي ما يتسمَّى ..) ‏تقصِد الإحالة على الوضاعة والاحتقار.‏
أتت علينا فترة من الزمن كانت الوالدة تغيب طيلة النهار، عرفتُ فيما بعد أنها كانت تعمل خادمة لدى "شَوّافة ‏voyante‏"، ‏‏(عرّافة). وتتعلم منها "أصول" المهنة. كانت ـ في غيابها ـ تُوكِل إليّ رعاية الصغار، وذلك ما كان يغيظني لأنه يحرمني من ‏تصريف وقتي حسب إرادتي ومزاجي. وكان العبء الأكبر هو أحد الصغار الذين يُرمون بالتوحد أو التخلف العقلي، .. فغفلة ‏بسيطة عنه يمكن أن يترتب عنها كارثة. وليس في الأمر مبالغة، فقد يؤذي نفسه، وقد يشعل النار في الفِراش، وقد ينثر ملابسه أو ‏لُعَبه أو بعض الأثاث المنزلي أو شيئا من الطعام .. كيفما تأتَّى له. وبالفطرة اهتديت إلى تجريب بعض الطرق التي ساعدتني في ‏كبح تصرفاته المتهورة.‏

من قبْلُ لم تكن الوالدة تتردد في امتهان أي عمل يدرّ عليها رزقا، كانت تبحث عن أي سبيل للكسب، لتوفير متطلبات أسرتها، ‏وتحمّل المصاريف الضرورية .. ومن غرائبها أنها كانت تُسنَد إليها مهمة تغسيل متوفاة .. كما اشتغلت مساعدة "نگافة" (مزينة ‏العرائس عند جِلائهن) تساعدها في بعض عملها، تنقش بالحناء كفي العروس ورجليها. أو تردد بعض الأهازيج الملائمة للمناسبة. ‏
وكانت تنتقل ـ نهارا ـ إلى بعض البيوت الميسور أصحابها، لتؤدي ـ أساسا ـ خدمات الكنْس والتنظيف والتصبين .. وبسبب ذلك ‏العمل عرفت أسرارا كثيرة عن البيوت. ومن مكارمها أنها كانت أمينة مأمونة على خفايا البيوت وأموال أصحابها، فلا تحدّث بما ‏ترى، ولا تمد يدها لتسرق.‏
ولم أدرك ـ وأنا ابنة العاشرة ـ هدفها من أخذي معها في بعض المرات لأساعدها ـ قدر المستطاع ـ إلا بعد أن كبرت. كانت ‏تعرضني كبضاعة ممنوعة تثير الشهية ... خاصة وأنني ورثت منها كفَلا رجراجا .. يُسيل لعاب "البيدوفيليين"، .. وقد تُوقِع في ‏حبائلها رب البيت، أو ابنا مراهقا، .. لتتصدى لتلقِّي "الأهداف" بدلا عنّي، جانية من وراء ذلك دخلا إضافيا.‏
لاحظت أن الوالدة ـ حين تكون منهمكة في شغل ـ تخرق صمتها بترديد: "إيخّْ" أو "أفّ" مرتين أو ثلاثا، دون أن تتوقف عما هي ‏بصدد إنجازه. وحين سألتها .. لم تجبني .. إلى أن قالت في إحدى المرّات: عندما تعْرض لي ـ من ماضِيَّ ـ بعضُ الذكريات ‏المؤلمة أو التي لا تشرفني، أتبرأ منها بهذه الكلمة. ليس لصحوة ضمير، ولكنْ أسفاً على ما أمْلاها من سذاجة وطيش ورعونة.‏

في فترة طفولتي .. كنا كلما شاع في حيّنا خبر وقوع "حدث متميّز".. إلا واقترب الصغار ـ ما أمكن ـ من موقعه، (اشتباك .. ‏معركة .. جريمة .. موت .. "هدية"*)، يتحلقون حول المكان، ويتزاحمون، .. وأحسست بطفل خلفي يلتصق بأليتيّ .. وواظب ‏على التصاقه بي أينما تزحزحت أو ازْوَرَرْت .. صِحْت به مستنكرة .. وفي لحظات خاطفة، رأيته واقعا على الأرض .. ذلك أن ‏أخي الأصغر سدد ركلة قوية إلى عانته، فسقط يتلوّى .. أشفقت عليه، فحميته من غضبة أطفال آخرين .. سالت دموعه .. لا ‏أعرف: ألما؟ ندما؟ امتنانا؟ .. ثم تحامل على نفسه، وفرّ مبتعدا، تشيّعه الاستهزاءات والسِباب، .. ‏

كانت الوالدة عنوان الشرّ بالنسبة لجيرانها .. يسالمها البعض منهم تجنّبا لثوراتها البركانية، القاذفة لشواظ النيران المحرقة والألفاظ ‏البذيئة الممضّة، .. ويستقوي بها آخرون نفاقا ووضاعة وتذللا .. ويظن آخرون أنها واجهة للاعتداد والشموخ والوصولية .. ‏فيجاملونها تزلّفاً لافتراض أن " كلمتها مسموعة" لدى "أصحاب الوقت"، كما يقال. خاصّة وقد أُشِيع أنها تشارك أحدهم في إعادة ‏تصريف بعض المحجوزات الممنوعة. ‏

ولعل تكالبها على المال هو ما جعلها تتطفّل على تجارات بسيطة مرتبطة بمناسبات مجتمعية أو دينية أو طقوس بلا جذور ‏معروفة .. كبيع العشب والأعلاف والفحم والسكاكين في عيد الأضحى .. والدفوف "والطّعريجات"، والمفرقعات، في عاشوراء .. ‏وتستغِلّنا ـ نحن الصبيات والصبيان ـ فتسند لنا أداء بعض الأدوار "التجارية" البسيطة لفائدتها .. مقابل نقود زهيدة .. ولكنها ـ ‏رغم كل شيء ـ تدفيء الجيب. ولتدعم "تجارتها" كانت تغري بعض المراهقين بمقولتها المشروخة: أعرِفُ نافذِين، يمكن أن ‏يساعدوك على بلوغ ما تريد تحقيقه. ‏

لم تمض إلا مدة يسيرة بعد غزو الهاتف المحمول لحياة الناس حتى سارعت الوالدة لاقتناء هاتف، علّقتْ سِيرَه حول عنقها، ‏وجعلته يتدلى على صدرها، ليراه جميع الناس. ‏
وأصدقكم القول أني ما سمعت رنينا لذلك الهاتف .. ولا صدرت عنه نبرة .. فالوالدة هي التي تفتعل الاستماع .. وهي التي تفتعل ‏الحوار، لتُرهِب سامعيها، .. تتكلم ـ بصوت جهير ـ، تأمر وتنهى .. ترجو وتستعطف .. تتغنج وتتذلل .. فتراها تأمر الضابط أن ‏‏"يوصلها" ـ هاتفيا ـ بـ"الكوميسير"[العميد] .... وتأمر باعتقال هذا أو تلك .. أو الإفراج عن معتقل .. وأما من شدّهم الفضول ‏لمتابعة "حديثها" ولم يرتدعوا وينسحبوا من أمامها طلبا "للسلامة"، فترفع عقيرتها بالقول: "سأدعوهم ليأتوا إليكم"، ‏

كان الدرب مجال لعبنا المشترك، ونُسِي اسمه الأصلي، وأطلق عليه لقبٌ تُنعَت به الوالدة، فصار يُعرَف باسم: درب "الكاسِحة" ـ ‏وكان البعض ينطقها عفويا أو متعمدا الإساءة: "الكسيحة"، ـ .. باعتبار الكاسحة لا تبقي ولا تذر .. منها المبتدا وإليها ينتهي ‏التسيير والتدبير .. تساهم بتدخّلات موفَّقة في فضّ النزاعات بين الجيران .. وتساعد في الأفراح والمآتم بالنصائح البناءة ‏والتجارب المفيدة، فتقلل العناء أو الإنفاق بطُرُق ملموسة يكون لها أطيب الأثر .. وتنتقل أحيانا إلى " المحتجَزات "، تلتمس إخلاء ‏سبيل مراهق أو مراهقة ـ من أبناء الجيران الأقربين ـ سقط متعثرا في "أول خطوة" على درب الانحراف، متعهدة وضامنة "ألاّ ‏يعود" لارتكاب الفعل مرة أخرى. ‏

كانت الدُّورُ ـ في دربنا ـ لا يخرج تصميم بنائها عن المعمار التقليدي: ثلاث غرف أو أربع حول فناء صغير، وقرب الباب ‏الرئيسي مرحاض وحيد. وفي الطابق الأول غرف ـ مثل التي في الأسفل ـ ثم بعدها السطح، بغرفه المبنية بأعمدة خشب وقصب ‏وطين مخلوط بالتبن.‏
أما السكان، فأغلبهم من المكتَرين، وهُمْ أُسَرٌ بعدد الغُرف الأصلية بالدار، كل أسرة "تحتل" غرفة، وبعض المساحة قرب باب ‏الغرفة. ويَشْغل العزّاب ـ فرادى أو جماعات ـ بعضَ تلك الغرف الأصلية، أو المستحدثة بالسطح.‏
ومنهم المقيم بالمطبخ ـ بالدور الأرضي ـ، فالجشع فرَضَ تعُطيل الدوْر الأصلي للمطبخ، فصار يُستعمل ـ رغم صغره ـ غرفة ‏إضافية للكراء. ولكنها "أخطر" غرفة في التجارة والمراقبة والعلاقات "الداخلية والخارجية".‏

وكان على هذا الخليط من السكان أن يتعايشوا ـ بالرغم منهم ـ في شبه سلام "علماني"، يتقبّل النقاش الهاديء، وينبني أساسا على ‏عدم التدخل في تصرفات الغير، أو محاسبته، أو استنكار ما يفعل، .. فمن يشم رائحة طعام أو قهوة أو دخان سجائر في نهار ‏رمضان، عليه أن يتجاهل الأمر، ويوفر على نفسه مجهود "إطلاق" المواعظ والتهديدات .. وإلا صار هدفا للسخرية، تنقُلها له ‏الأصواتُ من كل جوانب البيت: ‏
ترغب في ربح الحسنات على حسابنا؟ .. فمُك يحتاج إلى تعقيم .. امضغْ قوس قزح حتى يزول كساح مخّك .. كفى من إسقاط ‏الصواريخ العابرة للقرون .. لا قدسية للمومياءات ..‏‎!!!!‎‏ .. ‏
وقد تثور ثائرة ساكنٍ فيسبّ ويلعن مطالبا بخفض أي صوت (كيفما كان مصدره) حتى ينعم ببعض الهدوء، ليصيب قسطا من ‏الراحة والنوم .. وكان لبعض الرجال جبروت وطغيان، فتنقطع الأصوات بمجرد الصيحة الأولى.‏
وكان "للخليط" تكافل اجتماعي بسيط جدا، مبني على تخفيف أحزان المكلومين، وتطوّع الكبار لرعاية الصغار ـ جهد المستطاع ـ. ‏والمشاركة ـ من حين لآخر ـ في تنظيف الدرب وطلاء جدرانه .. ‏

كان لكل أسرة ـ حسب عدد أفرادها وأعمارهم ـ نظامها الخاص بها، في تدبير استغلال الغرفة التي تكتريها.‏
وعلى سبيل المثال: تعتمد بعض الأسر نظاما صارما، يلزم جميع الأفراد بإخلاء الغرفة عند الفجر، ولا يعودون إلا مساءً. ‏العاملون والعاملات يتوجهون إلى مَشاغِلهم (ورشات .. مصانع .. )، والعاطلون والصغار إلى الشارع، حيث يمارسون التسوّل ‏والنشل، و"فرْض إتاوة" على كل من يبدو ضعيفا أو متعفّفا، كالفتيات والسيّاح .. وعند الرجوع مساء إلى الغرفة، يُفترض أن ‏بطن كل واحد ممتليء من بعض ما هو معروض بـ"مطاعم" الشارع. ‏
ثم يُدْعى "المياوِمون" إلى تفريغ جيوبهم أمام رب الأسرة .. والذي يعاملهم بقسوة، ولا يتردد في تسليط عقاب "وحشي" على من ‏قصّر في جمع مبلغ "معتبَر"، أو من بدّد بعضا مما حصل عليه إرضاء "لاشتهاء" خاص به .. أما "الأسبوعيون" و"الشهريون" ‏فلهم أساليب محاسبة أخرى .. ‏
وعندما يتجمَّع لدى رب الأسرة مبلَغٌ محترم، يتوجّه إلى مسقط رأسه بالبادية، ليُشارِك الفلاحين والرعاة في أنشطة فلاحية ‏كالحرث والحصاد، أو تربية المواشي والاتجار فيها. وقد يفْضُل لديه بعض المال من "أنشطته"، فيضيف أقساطه لشراء أرض أو ‏بستان.‏

بعض الغرف تسكنها مجموعة من "بنات الليل"، فهن يشتغلن ـ طيلة الليل ـ مومسات ومؤنسات وراقصات في الحانات والعلب ‏الليلية .. واللواتي يعُدْن عند الفجر .. يبادرْن إلى النوم، ولا يستيقظن إلا عند العصر .. فيلتهمن ما وصلت إليه أيديهن .. ثم ‏يَشْرعن في اتخاذ زينتهن استعدادا لليلة القادمة .. وما عُرِف عن إحداهن استقبال زبون في غرفتهن .. كانت "الزاهية" تخدمهن، ‏فلما توفيت لم يعوضوها بغيرها. والزاهية امرأة مسنّة، عاشت حياتها بالطول والعرض ـ كما يقال ـ، ولكنها لم تحتط ـ بما فيه ‏الكفاية ـ من "دواير" الزمان. فألحقتها "الفتيات" بخدمتهن، من باب العطف والإحسان والرعاية .. وقد تتعمد إحداهن مشاكستها، ‏فتدّعي أنها حامل، وتقول لها: "أريد أن تجهضيني". فترد عليها: الإجهاض الصريح ممنوع، أمّا الوأد الخفيّ فمرخَّص به ـ على ‏أوسع نطاق ـ من خلال التجارة في وسائل منع الحمل المختلفة، للأنثى .. وللذكر. في تناقض مع عقاقير التنشيط والتهييج، ‏المتهمة ـ عند البعض ـ بانتشار الاغتصاب والعنف الجنسي.‏
ربما هي "معايير" خاصة تسقطها على بعض ما يلامس اهتمامها، وربما هي بحث عن اقتناع منطقي قطعي. ‏
وفي إحدى الأيام، حُملتْ إلى المستشفى .. ثم جاءت الأخبار بموتها .. ومن هناك نقلت إلى المقبرة .. لم يسِرْ في جنازتها أحد .. ‏فلا أهل .. ولا أصحاب .. وتضاربت الأقوال عن حقيقة المرض الذي أفقدها المناعة وأودى بحياتها .. ‏

كان "للفتيات" علاقة خاصة بساكن "المطبخ" الواقع عند المدخل .. فعادة ما تلائم هذه "الغرفة" بائع خمور، وتاجر حشيش ‏بالتقسيط، وبالتالي فهو مزوِّدهن الأول. وغالبا ما يتعامل مع عدد من زبنائه من خلال نافذة صغيرة تطل على الزقاق. وعَرَفتُ ‏فيما بعد ـ وفي عز سيادة مسجل شرائط الفيديو ‏‎ Magnétoscopeـ أنه كان يَستنسخ الشرائط الإباحية ويتاجر بها.‏
ثم إنه يمنح "الفتيات" حمايته، ويسعى لخدمتهن بإحضار طلباتهن من الطعام، أو تلبية رغباتهن في الرفقة .. عند الذهاب إلى ‏محطة "الطاكسي" أو حين العودة إلى البيت، درءا للتحرش والإزعاج. وله مقابل ذلك "مكافأته". وهن المؤتمَنات على وكْره إذا ‏اعتُقل.‏

أخْوف ما كنت أخاف هو ساكن غرفة المطبخ. كنت أقفْقِف لرؤيته. كان البعض يلقِبه بالحنش. ذات مرة اعترض سبيلي، ومد يده ‏يتلمس نهديّ اللذين كانا في طور التشكّل. صِحتُ به ونَهَرْته، وتوعَّدته بتدخّل أمي .. وكأنه استفاق من غيبوبة، وسألني: من ‏أكون؟ فلما عرف، بدأ يستعطفني ألا أُشرِك والدتي في الموضوع. ‏
ورأته إحدى الفتيات بغتة ـ وكانت خارجة لتوّها من المرحاض ـ فخاطبته بنبرة صارمة: أراك تتحدث مباشرة مع "الغرّاق"*. ‏وإذا دخلت "الجنينة" ستجد اسمك يسبقك على صدر صفحات الجرائد، قبل زنزانة السجن. ‏
أَقسَم ألا يعود لفعل ما فعل. وصدّقت، ولكنه كان يعترض سبيلي بين الحين والآخر، حين يكون في قمة "الانتشاء"، ليعلن تطوعه ‏واستعداده ـ دوما وأبدا ـ لتقديم "خدماته"، "للوردة التي تتفتّح"، للتي على أعتاب المراهقة.‏
ويوما ما، جبَهْته وسألته ساخرة وبجرأة لم أتعوّد عليها: ما هي هذه الخدمات؟ فقال: أتعرفين "البغل الجَسور الذي رعى حبق ‏الجُسور ويلعق السمسم المقشور ويبيت في خان أبي منصور"*؟ قلت: لا. ‏
فسحَبَني من يدي إلى داخل "مطبخه" الملبدة أجواؤه برائحة الدخان والحشيش، أجلسني على أريكة مهترئة أمام شاشة تلفاز، ‏وشغّل شريط فيديو إباحي، .. وتركني وحدي وخرج، .. ولما انتهى الشريط، كنت حائرة في "اشتعال ناري" لا أهتدي لأي ‏‏"وسيلة" تُسْهم في إطفائها .. غادرت إلى غرفتنا .. كنت في حالة هيجان مكتوم .. مقموع .. ‏
بدأت أحدس بعْضاً من معنى "الإحساس بالجوع الجنسي". وتذكرت ما سمعته يوما في مجلس نسائي، حين عبرت إحدى الشابّات ‏بمرح وغنج عن تجربتها الخائبة المريرة، وذلك حينما وجدتْ خلوة مع من تحب، ولمّا لمْ يُبد عزما أو هجوما أو أدنى مداعبة .. ‏حرّضته قائلة: كيف يتصرف الرجل والمرأة في الفراش؟ فنهرها، ثم فر هاربا. وبقيت فريسة الإحباط، والنار الملتهبة .. ثم تختم ‏حديثها بالسخرية وتعزِية نفسَها: لم أكن أظن أن التعيس خاف أن ينقض وضوءه.‏

ثم عدت .. مرة أخرى .. ثم مرّات .. وشاهدت أشرطة أخرى .. ويوما وأنا في قمة شبقي مارس عليّ تفخيذا سطحيا، خلَف عندي ‏نشوةً مبهَمة، أسَرَتْني، فصِرت أحنّ إليها كجائعة تود إشباع نهَمِها. فكنت أتعرض له، فيهيّجني بلقطات من شريط، أو قُبَل ‏ولمسات منه، .. ثم ينجز "فعلته" كما أتوقّع.‏
لا أعدو الحقيقة إن قلت إنه كان خبيرا في إثارتي وإلهاب شهوتي، ولا شك أنه كان يستغل غِرّتي، ويتدرج في تعامله معي من ‏مرحلة لأخرى وفق تخطيط أحكَم فصولَه، فيلقى مني الرضى والقبول إذا فهمته، أو البلاهة والإبلَاس إذا لم أدرك الكُنْهَ والأبعاد. ‏فأرضخ لما "يفرضه / يقترحه" في طاعة تامة.‏
ثم تطور الأمر من "السطحية" إلى الإيلاج "الورائي"، ومنذ ذلك الحين انطبع في أعماقي "ميزة النشوة الورائية"، فصرت ‏أفضّلها وأشتهيها. وصرت ـ فيما بعد ـ لا أتردد في مطالبة أي شريك لي "بزيارة المقام" لتتحقق لذتي ومتعتي الكاملة. ‏
وعندما انتقل "الحنش" إلى محاولة الإيلاج "الأمامي" .. مانعْت ثم مانعت .. ثم تهاوت ـ في الأخير ـ قلاع صمودي، فاستسلمت ‏لنعيم اللّذة "المحرمة" .. ففاز بعُذرتي، .. ووعد أن يُرضِي والدتي بـ"الحل" الذي يروقها .. لم أبالِ بملاحظته تلك، فقد وهبته ‏نفسي. هو "أستاذي" في العشق واللذة .. وتذوقي أول كأس وأول سيجارة .. ومع إكمالي الخمس عشرة سنة أزعم أني تعلمتُ ـ ‏نظريا وعمليا ـ من فنون الجنس ما لم تَعْلَمه "متَمرِّسة كلاسيكية" خلال مسارها "المهني" الطويل.‏
وفي يوم، اقتُحِم وكْرُه، وحُجزت الممنوعات، وانتهى به الأمر إلي السجن. فصرت كلما أردت إطفاء شهوتي "ألاعب" ـ بين ‏الحين والآخر ـ أحد أبناء الأسر التي تشتغل عندها والدتي، إلى أن ضبطتنا أمه، ففتكت بنا ضربا وسبّا، ومنعتنا من اللقاء أبدا.‏

في ليلة استقبلتْ أمي بغرفتنا "ضيفا"، ولما أشبعتْ بطونَنا، أمرَتْنا بالنوم وسحْب الغطاء على رؤوسنا. والويل لمن تضبطه ‏صاحيا. وكان دخان حشيش الضيف كافيا لننخرط في سبات عميق. كانت حشايا نومنا في أقصى الطرف الآخر من الغرفة. ‏
ثم انخرطت مع الضيف في تعاطي كؤوس الخمر، والأحاديث المهموسة، والضحكات المجونية .. وبعدما سكرت وراحت في ‏سبات عميق .. أقبل الضيف إلى مضجعي .. كتم أنفاسي .. ثم أولج في .. ووعد أن يكون كريما "ماليا" معي ومع الوالدة. ووالى ‏تكرار "عملته" كما شاء. كانت أنفاسه المخمورة تتلاحق، وهو يهمس ـ بانتصار يثير القرف ـ : أنت أضيق، ولكن أمك أمتع. دس ‏في يدي ورقة ذات قيمة مالية مرتفعة، ثم تسلل إلى حيث تشخر والدتي. ‏
وعندما استيقظتْ ـ في الصباح ـ وهي بين الصحو والسكر .. فاجأها بقوله: ابنتك ثيّب وليست عذراء. فطار خُمارها، قذفته بكل ما ‏وصلت إليه يدها، فآثر النجاة بنفسه دون أن يتمكّن من جمْع كل أغراضه .. ثم أقبلت تمسك بخناقي وتهزني، وهي تسبّ وتلعن، ‏بقاموس سوقيّ منحَطّ، لا تستثني فيه غفلة نفسها، وإفلات زمام مراقبتها لبنتها .. وتتوعد "الفاعل" بأشنع العواقب، فداءً للشرف ‏الضائع.‏

صراخها نبّه اهتمامَ جاِرَاتِنا "بنات الهوى" .. فبدأن ـ دون شكّ ـ في التخطيط لاستقطابي في فريقهن .. وأغلبهن يرغبن في ‏التحديث والتجديد فيتصوَّرْنَني "طُعْما مغريا" في سنارة .. أو عصفورة "ستبيض ذهبا" .. أو عكازة الطريق لمن بدأت تدخل في ‏مرحلة "النضوب" والأفول .. أو "مشروعا" سيدرّ عائدات مهمة، ولكنه يتطلَّبُ نفسا طويلا في التخطيط والتهذيب والتدريب ‏حتى يكتمل، وينجح، .. ‏
هكذا هي أيّ "عملة نادرة" تتخطّفها مزايدات بورصة "الجنس" وتداولاتها .. والوالدة ـ أيضا ـ ربما تكون قد شَرَعتْ في رسْم ‏صورة مستقبلي ـ بجانبها ـ بألوان "مشرِقة" .. مغرية .. منتِجة .. مِعطاء .. حافلة بـ"الأماني" والأحلام "الوردية" التي تستبيح ‏إحراق الفَرَاش الطفيلي إذا حام ـ دون موافقتها ـ حولي، وتجرّأ على الإخلال بـ"أخلاقيات المهنة" وأعْرافها .. بضاعة غضّة، ‏طريّة، ذات رُواء .. لا تقدّم إلا على "أطباق من ذهب".‏

هربت من البيت، تسكعت في الشوارع والأسواق، تعرضت للتحرش من بعض مرتادي الحدائق العمومية التي استرحت على ‏مقاعدها من التعب .. وهناك على الشاطيء الصخري كان صياد شاب وراء صنارته .. استهوتني حركاته، فجلست أتأمله .. ‏أشركني في مائه وطعامه ـ وكنت في أشد الحاجة لإطفاء عطشي وجوعي ـ ولم أمانع أن ينال "مكافأته" من جسدي .. لم أعد إلي ‏البيت إلا مساء، آملة أن تكون ثورة أمي قد هدأت، أو على الأقل خفّت حدتها. ولكن أمي كانت لي بالمرصاد، فأذاقتني من ‏الضرب والقرص والعض ألوانا وألوانا، مع "معلقات" من الشتم والقذف والوعيد .. والتقطت اللفافة التي كنت أحمل، وحين ‏اطلعت على محتواها زادت صراخا وزعيقا: من أين لك هذه الأشياء؟ قلت: اشتريتها. قالت: ومن أين لك المال؟
لم أقل إنها من عشيقها. قلت: عثرت في الطريق على ورقة مالية، فقلت إن خير ما أفعله بها هو أن أشتري لك فستانا. ولكنها حين ‏قاست طوله، تيقنت من كذبي، وأدركت أنه يناسب طولي، فعادت لتأديبي بقسوة.‏
لم يكن "عشيق" أمي غير أحد قدماء سكان حينا، نزلت عليه ثروة من السماء، برّرها بربح مبلغ لا بأس به من اليانصيب. فغادر ‏الحي، واستثمر في مشروع تجاري ناجح. وحاول الكثيرون اقتفاء خطاه، رجالا ونساء، فأخلصوا لِلَعِب كل أصناف اليانصيب، ‏فأدمنوا ـ في البداية ـ إلى حد الهوس، وألقوا بأموالهم من النافذة، وهم أحوج ما يكونون لها. ثم أخذوا في التراجع مع استفحال ‏المآسي الاجتماعية الناجمة عن ذلك.‏

فاجأتنا الوالدة بالانتقال لدار أخرى في نفس الدرب، لا يقاسمنا فضاءها أي جار/ة، ورغم مساحتها المحدودة، فقد كانت غرفها سفلية ‏وصغيرة، وليس هناك طابق علوي. ثم شرعت الوالدة في ممارسة نشاطها الشعوذي الجديد: "شوافة".‏
كانت إحدى الغرف الأربع الصغيرة تستعمل خُمًّا للدجاج أو الإوز، مما تأتي به المستشيرات (أو يأتي به حتى الرجال ‏المستشيرون)، تطوعا، أو إتاوة "مفروضة" من "للاّ الحاجة، أو: للا الشريفة"* (والمقصود: الوالدة). والعُرْف يقضي بتقديم ‏‏"هدية" عينية أو مادية، عند "الاستشارة". وفيما بعد، يعاد بيع ما يقبل البيع.‏
أما الرجال المستشيرون فأغلب اهتماماتهم الوصول إلى الثروة والجاه والسلطة والفوز في الانتخابات ودحْر الخصوم .. ‏واسترجاع الفحولة التي نهبها الوَهَن الجنسي عند البعض .. ومنهم من كان يتخفّى وراء مكانته الاجتماعية أو الوظيفية ويتمسّك ‏بالسريّة، فكان ـ لذلك ـ يفضل "انتقال" الحاجة إلى سكنه الفاخر، فيخصِّص لها سيارة وسائقا لنقلها. وعندما تعود تكون "محمَّلة" ‏بمؤونة وفواكه ننعم بها لما يقارب أسبوعا من الأيام.‏
تجتمع النساء المستشيرات في غرفة في انتظار استقبالهن من طرف الوالدة .. ويتبادلن الأحاديث حول الهموم التي جاءت بهن ‏لاستشارة "للا الحاجة"، والتماس بركتها، .. فمنهن الأيائم، والفاقدات لفلذة كبد، .. ومنهن العانسات، والمعنفات، والمطلقات، ‏والمتخلى عنهن، والحبيبات المهجورات.. المتطلعات إلى جلب الحبيب، والراغبات في دفع أذى موهوم، أو إلحاقه بجارة أو ‏منافسة أو مثيرة للغيرة، .. والآمِلات في مستقبل مشرق تحت ظلال ثروة طائلة ..‏
تندسّ بين النساء جاسوسة أو أكثر تتقمص دور "زبونة"، تنقل لـ "للا الحاجة" خلاصة ما سمعت، لتبني عليه "توسُّمَها" أو ‏حدسها لما تعانيه "الزبونة"، وتباغتها بمعرفة خبيئة سرّها الذي جاءت من أجله .. ثم تغرقها في البخور والوعود والأوهام .. أو ‏التكليف بخزعبلات، شروط إنجازها مستحيلة أو شبه مستحيلة .. ‏
بعضهن كانت "تواعد" عشيقها بـ"عيادة الحاجة"، فيظفران بغرفة مؤجرة للاختلاء، وكنّ ـ إن اقتضى الحال ذلك ـ يشِعْن بين باقي ‏الزبونات إصابة "الرجل" بفُتور جنسي "طاريء"، ويخضع لجلسات علاج على يد "للا الحاجة".‏

وتدفقت الأموال أنهارا بين يدي الوالدة، فمهنتها "الجديدة" تدر ذهبا، .. ولم تمض غير سنتين حتى اشترت البيت الذي نؤجّره ‏ونقيم به .. وظهر أفراد انتسبوا إلى الوالدة، فهذا خليل أو زوج سابق، وهذا أخ غير شقيق، وذاك ابن عم، وهذه حفيدة خالة، و ... ‏، وأملهم أن ينالوا نصيبا من "كعكة الوالدة". وكان القمع والصد القاسي كافيا لإعادتهم إلى أحجامهم الطبيعية كنكرات لا وزن لها ‏في نظر الوالدة أو في مستقبلنا. لذلك حرصت على تكرار تنبيهنا ألا نثق بهم، وأن نحذر من احتيالهم ونفاقهم وكل أساليب ‏خداعهم.‏

كان "الحاج"* شيخا "يحبو" نحو الثمانين، يشبه سيارة مهترئة لا تصلح إلا للحطام والتفتيت ‏la casse)‎‏). جاء إلى "عيادة" ‏الوالدة يلتمس علاجا لضعف جنسي طاريء، يعتريه من حين لآخر، حسب تعبيره. وعَرَضاً رآني، وعرف من أكون، فصار ‏يتردد كثيرا على "العيادة" محملا بـ"ما خف حمله وغلا ثمنه" متعللا بقصْده السلام على الوالدة والتماس "بركتها" الفعّالة .. ثم ‏دعا الوالدة إلى ضيعته الكبيرة، لأنه يريد إقامة وليمة على شرفها، يذبح فيها خروفا. وما قصد إلا أن تلمس "النعيم" الذي يعيش ‏فيه. وأخيرا أفصح لها عن سر زياراته المتكررة، إنها رغبته الجامحة في "ضمي إلى حريمه"، بالزواج مني. ‏
‏"ظاهريا" تعللت الوالدة بـ"صغري" فأنا لم أكمل السبع عشرة سنة، ولكن الزواج تم بسرعة، ونالت الوالدة "حظها" من ‏‏"بحبوجة" الصفقة، كما نلت حظي من بداية المعاناة والشقاء. ‏

كان علَيّ ـ في الأول ـ أن أخضع لآوامر كبرى نساء "الحاج"، لآنال "مهادنتها"، وأنعم ببعض "الهدوء" في حياتي "الجديدة"، ‏التي أحاول أن ألملم شَقَفَها، ونُدوبها، وترويض متناقضاتها .. ثم اكتشفتُ أن "الحاج" صُودِر منه "الوصول إليّ" إلا مخاتلة ‏وخداعا، لأنه يخضع لرقابة مشددة تفرضها "الحاجة"، .. وحتى إذا وصل، لم أجد لديه "ما يشفي"، سوى "التعليل بالأماني" ‏وتجرع "الفشل"، المخيّم علينا في تلك اللحظات. وقد ينبري "الحاج" لذِكْر صولاته وحروبه في عدة جبهات، ـ فيما مضى ـ، ولا ‏يتوانى عن الاستخفاف بالأمر" لأنه ـ كما يجْزم ـ عَرَضي، وإلى زوال". وسيستعيد ما فقدَ. شرْط الحرص على إبقاء "سرّه" طيّ ‏الكتمان. ثم يكثر من الاعتذار والوعد بالتعويض المادي" عن "الخيبات".‏

في ليلة خانقة بالحرارة، تركت النوافذ مُشْرَعة، وحين استغرقت في النوم، امتدت يد لتكتم صوتي، وهامسٌ يحذّرني ألا أصرخ .. ‏كان ابن الحاج الأصغر، رأيته لآول مرة ـ قرب اصطبل الخيول ـ لم يزد ـ آنذاك ـ على الإشارة إلي من بعيد .. ثم عاد للإشراف ‏على عملية تنْزِيَة حصانٍ على فرس "بقصد التلقيح" .. ‏
ببضْع وشوشات .. وبِضع لمسات .. نجح في ترويضي .. شاب وسيم مدلل، في عنفوان شبابه، لا أعتقد أن أي أنثى تظفر به ‏ستقاومه .. ‏
واستسلمت له، وزار "المقام" كما طلبت. ثم أحاط وسطي بحزام يتدلى منه قضيب اصطناعي، وطلب أن أرد الدّيْن "بغزو مقامه" ‏‏.. فاستمتعنا معا، وكانت لذتي مضاعفة بـ"فحولة" طارئة لا أستطيع تفسيرها .. ‏
وتكررت زياراته الليلية على فترات .. ومن خلال الحديث، أعلمني "أنني طليقة والده" .. فـ"الحاج" حين يتزوّج، يشفع "زواجه" ‏بالطلاق مباشرة دون إخبار "العروسة" .. ولعل هذا هو الشرط الأساسي الذي تفرضه "أم الأولاد" الرسمية، لتقْبَل بالتعدّد واتخاذ ‏ضرة عليها.‏
غامت الدنيا في ناظري .. وتبدّى لي الرحيل .. ولكنه ثناني عن قراري .. فلِمَ لا أبقى وأتظاهر بجهل الحقيقة .. وأمثّل دور ‏الزوجة "الساذجة .. الراضية"؟؟ .. وأجْني ما أستطيع الحصول عليه من مال ومجوهرات وهدايا نفيسة .. ثم إن لنا سرا مشتركا، ‏فلِمَ لا نحرص عليه؟.‏
وبعد بضعة أشهر، وفي فجر أحد الأيام، وُجد "الحاج" ميتا، في مربض بغلة. ربما هيّج شهوتها، "فالتمست" إطفاءها، بعصره مع ‏الحائط، حتى فاضت روحه. وكان التعتيم على وفاة "شهيد البغلة"، بادعاء أن ثورا هائجا نطحه. حفاظا على سمعته بين من ‏يعرفونه. ‏
قال ابنه: الحاج أتى بعكْس قول القدماء: "من حسن تربية الرجل لولده أن ينيك دابته"*.‏

وصار رحيلي حتميا، فالتحقت ببيت أمي. ولكن "علاقتي" بـ "بلحاج"، ـ كما كنت أناديه ـ، لم تنقطع. واعتبرت الوالدة ذلك ـ رغم ‏اعتراضها، في البداية ـ انتقاما من "الثعلب الخادع"، يتعيّن الإبقاء عليه، وألا نتخلص منه، حاليا، لأنه موْرد ماليّ ثرّ.‏
وانخرطت مع الوالدة في "استشاراتها" أتعلم "المهنة" على يديها. فخصتني بنصائحها وتوجيهاتها. مما دفعني إلى التفكير في ‏‏"التطوير والتحديث".‏
بدأت ـ بما كانت تنفحني به الوالدة نظير مساعدتها ـ في مشروع بسيط، نسميه: "دارت"*، ثم أعماني الطمع، فساهمت ـ بما ‏جمعت ـ فيما يسمى التسوق الهرمي، فكانت النتيجة (لا حمار، لا سبعة فرنك)*‏

استقللت عن الوالدة، وفتحت "عيادتي" الخاصة ـ بعد عناء ـ في عمارة بِحيّ راقٍ بالمدينة. كانت العمارة في ملك مهاجِر يعمل في ‏دولة غربية، ولا يقيم بالبلد إلا في العطلة الصيفية. ووقع بيننا استلطاف وثقة، فأسند إليّ إدارة شؤون العمارة ـ في غيابه ـ ، وأن ‏أتكلف بالكراء المؤقت لأربع شقق، أكريها للعابرين، وأصحاب العطل القصيرة.‏
كان ملحَقاً بـ "عيادتي" "حمام بخار ‏sauna‏"، يساعدني في إدارته شبان وشابات منتَقيْن، على قدر من الجاذبية الجسمانية،.. ‏بعض الشابات من اقتراح الوالدة، لعلمها بـ"كفاءتهن"، التي يمكن جمْعها مع التدليك.‏
وبجانب المحافظة على السرية والخصوصية الفردية في جميع الحالات لأيٍّ كان من الزبناء، وإرضاء "غروره" قدر المستحيل ‏‏... ، كنت أنتقي من بين من يستشيرونني (الذين/اللواتي) أوجِّههم إلى خدمة التدليك كجزء من حيثيات الاستشارة، حتى صارت ‏مطلب الكثيرين، وصار على مكتب الاستقبال تدبير المواعيد بلباقة ومهارة تلبي رغبات الزبناء والزبونات،
والعناء الذي أشرت إليه يتمثل في بطء الحصول على الرخص. واستحواذ "أشخاص" على مبالغ دون الوفاء بـ"تعهداتهم"، لأنهم ‏اعتادوا غياب الصدق والنزاهة، وغلبة الانتهازية والنفاق عليهم. وهناك "العامل" الذي ينجز وفق هواه لا وفق ما تريد أنت، وقد ‏تضطر إلى إعادة العمل فتتكبد وحدك الخسارة المالية. وهناك من "يدّعي" معرفة بمهنة، وكل همه "أن يحلُبَك" وينهب مالك. ‏
ونظرا لانعدام تجربتي في عدد كبير من مجالات التجهيز .. فقد اتبعت "بعض النصائح" التي كانت بمثابة "كوارث" ـ غالبا ـ ‏مكلفة، ودون أن تُوفِيَ بالغرض المطلوب. إذ في كل مشروع ترغب في تنفيذه، لن تعدم ـ من معارفك، وحتى من الغرباء عنك ـ ‏‏"خبراء" ممّن لا يبخلون عليك باقتراحات، "وأحلام"، .. فيبتهجون حين تتقبلها، .. وقد "يغضبون" حين تتحفظ في شأنها وتخيّب ‏‏"أمانيهم" .. وبما أن المجانية هي منطلق كل مقترِح فإن الربح والخسارة عليك .. وأستطيع أن أؤكد بأن الخسارة هي الأشمل ‏والأعم .. ‏
نبّهتني "توجيهاتهم" إلى "وجوب" الاهتمام بعدد من "المظاهر" التي لا يُنفق المقترح فيها ولو درهما واحدا ..، كالزيّ الموحَّد ‏للعاملين، والستائر، والزرابي، واللوحات، والموسيقى الهادئة، والبخور ومعطر الجو، وباقات الورود بالمخادع، والمشروبات ‏الباردة والساخنة،.. وبعض التذكارات الرمزية .. وإنارة ـ بعض الأماكن ـ بالشموع، وتخصيص "إكراميات" للفئات التي تساهم ‏في "الإحاشة والاستقطاب والقنص" (مرشد سياحي / نادل / سائق سيارة أجرة / سمسار / حلاّقة / ...) ‏

لاحظت أن من بين "المستشيرين" أجانب .. فاستعنت بمن يترجم بيني وبينهم .. ثم قررت أن أتعلم لغتهم .. فتيسر لي حظ منها ‏خلال بضعة أشهر .. مما ساعدني ـ على الأقل ـ في كسر حاجز التواصل الأوّلي. وصار لزاما علي مضاعفة الجهود للوصول ‏إلى ترجمة المصطلحات والرموز التي أتداول في "استشاراتي" .. وغير خافٍ أن في الأجانب من هم مثلنا، في الإيمان بسوء ‏الطالع، والعين الشريرة، والسحر الأسود، .. وإجمالا ـ كما قيل لي ـ فالعقل البشري قادرٌ ـ أينما كان ـ على تجميد المنطق والعلوم ‏التجريبية .. ليسبح في الخرافة والشعوذة.‏

أحد "أعيان" الزبناء "استوطن" حمام البخار. ادّعى "صفة رسمية" واستقوى بنَسب مرقَّع، فصار كل "مجْده" محصورا في ‏‏"حصد" المجانية وارتداء "قناع" التسلط المبتذَل، المثير للغثيان. كان يُعِد نفسه لخوض انتخابات محلية، طامعا أن يصبح مسيِّرا ‏فاعلا، ولكن التدليس أوقعه في شراك مؤامرات للخصوم. وفضّل أن يقرّ على نفسه بارتكاب "فعل مجرَّم"، عقوبته أخفّ، ‏ليتنصل من اتهامه باقتراف جرم عقوبته أشدّ. فتمسّك ببُعده عن مسرح إحدى الجرائم، بإصراره على تواجده ـ في وقت ارتكابها ـ ‏بصحبة إحدى "المدلِّكات". وانتهت محاكمته بإدانته ـ ومن معه ـ بالفساد فقط. وسُقْتُ إلى السجن باعتباري صاحبة المحل المعَدّ ‏‏"للدعارة السرية". وكانت تلك فاتحة "تعرُّفي" على ردهات المحكمة، وتردُّدي على السجن لمدد قصيرة، وغالبا متباعدة.‏

واستقبلتني "بريجيت" بالمواساة، للتخفيف عني. ونَهَرت الفضوليات "المتكالبات" عليّ ـ واللواتي يلقّبْنَها سرّاً بـ"غُراب ‏الخَرْبات"ـ، فابتعدن تنفيذا لأمرها، وتجنبا لنقمتها وجبروتها .. بريجيت، تتحكّم في العنبر بيد من حديد. فقد أخضعته لديكتاتوريتها ‏المطْلقة. اسمها الأصلي لا يعرف، أو فرضت نسيانه. من بين أسباب إدانتها: السكر الطافح والعنف المفضي إلى عاهة دائمة. ‏
كثيرة التدخين. سمراء داكنة اللون، قصيرة القامة نسبيا، مكتنزة اللحم، قوتها في ذراعيها العبلين وركلات رجليها الصلبتين. ‏عوّضت قلة كلامها بإشارات تمتثل لها "السجينات المطيعات"، فينفّذن الأعمال "القذرة" نيابة عنها. لذلك لم تجرؤ أي سجينة على ‏الاقتراب مني، فقد أصبحتُ "محظية" بريجيت، واختصّتني بالسحاق، الذي "أجرّبُه" لأول مرة. ورغم أني تقززت منه في ‏البدايات، إلا أني اعتدت عليه، باعتباره، ككل أصناف الجماع التي تصبح "تسلية" لملء الوقت، عند الإحساس بالفراغ القاتل. وما ‏أدراك ما "فراغ" السجن. ‏
تجربة مريرة لم يستوعبها تفكيري في أول الأمر .. وبدا تأثيرها عليّ، فلو سألوا مرآتي لأنكرت شبحي .. ولكن بريجيت كانت ‏تردد كثيرا على مسامعي: لو كنتِ رَشَشْت "الهدايا" بسخاء، يمينا وشمالا. ما كنت لِتصِلي لهذا المكان، ولكن شاء حظي أن أسعد ‏بك، .. ‏

كان على الوالدة العودة للاشتغال، تطبيقا للمثل: "حج وزمزمْ، وجا للبَلا محزّمْ". وذلك بعد نضوب موفوراتها المالية، فقد أنفقت ‏بسخاء ـ في ذهابها وإيابها ـ على رحلتها إلى الديار "المقدسة". ‏
استقبلناها بالمطار ـ حين رجوعها ظافرة بلقب الحاجة ـ بالتمر والحليب كما هي العادة، وبفرقة من المدّاحين "واللعابات"*، .. ‏وتشكل موكب صغير من عدد من السيارات الخاصة أو المكتراة في طريق الإياب إلى حيّنا .. ونُصبت خيمة كبيرة بالدرب .. ‏وجاء المستقبِلون المهنؤون والمدعوّون أفواجا أفواجا ليتحَلّقوا حول موائد الطعام ... وبينهم الطامعون في "البارُوك": أيّ شيء ‏مجلوب: سجادة .. سبحة، .. ند .. عطور .. تمر .. ماء زمزم .. ‏
تخلّت الوالدة عن زيّها ـ الذي عُرفَت به ـ: قفطان ومنصورية وتشامير وسبنية وريحية، ..، وصارت تتزيّى بالأبيض، وترخي ‏على رأسها منديلا أبيض، أحاطت أعلاه ـ من جبهتها إلى قذالها ـ بعصابة خضراء تركت ما فضل منها يتدلى على قفاها .. ‏افتخرتْ أنها اغتسلتْ من كل ذنوبها السالفة. وكان الساخرون منها يضيفون: قبْل أن تتعطّل الغسّالة.‏
وكانت السبحة ملفوفة حول معصمها .. تردّد: "الحمد لله على كل حال"، سواء دعتْ مناسبةٌ لذكر ذلك أو بدونها. وكثيرا ما جاء ‏على لسانها ذكر الحلال والحرام، وكأنها أصبحت فقيهة العصر. أما المؤمِّنات على كلامها فهنّ كالخشُب المسندة.‏
وحكت "الحاجة" حكايا كثيرة عن كل مرحلة من المناسك ومتاعبها .. كانت تحرّف الأسماء، وتخلط بين الشعائر والأماكن، ‏وتخترع مقولات وأدعية، .. وتنسب ما تشاء من الرذائل لأقوام من الحجاج، وتبريء منها "حجاجا" آخرين .. وهناك من تندّر ‏بحكيها عن "ابن القـ . ـبة"، ذاك الذي استغل الزحام عند الحجر الأسود فالتصق بظهرها متلذذا بجسدها .. ولم يسلم من حدة لسانها ‏حتى المطوِّف حين قال لها: بالعَوْدة* يا حاجة. فسلقته بلسانها: "ترْكَلك، .. إن شاء الله"، وتقصد التعبير عن إحباطها من الخدمات، ‏والتنصل من المسؤولية، والإلقاء بالتقصير على "جهة" أخرى.‏

بعث أحد "علية القوم" بسيارة وسائق، لنقل الحاجّة إلى قصره المنيف المشيد على بعد عشرات الكيلومترات من المدينة، ويبدو أن ‏السائق قد استبد به الحماس، ظانا أنه قد ظفر بـ"استشارة" مجانية من الحاجة، الذي تحسن زرع الأمل في النفوس اليائسة، فرسمت ‏له مستقبله زاهي الألوان، يفيض بالخيرات والنعيم وتدفق الأموال، وعلو الشأن في المجتمع .. ‏
حكت خطيبته ـ فيما بعد ـ أنه لم يتمالك نفسه، وبدأ ينقل لها ـ هاتفيا ـ ما قالت الحاجة له .. ويُمنِّيها بكل الوعود الوردية .. ويبدو ـ ‏أنه في غمرة حماسه ـ قَلَّ تركيزه على مخاطر الطريق .. فأتت الكارثة القاصمة .. فأودت بحياة الوالدة وحياته ..‏
خلال مراسيم العزاء، اقتربت مني "أمي رابحة" ـ إحدى جاراتنا ـ، لتعزيني، وتترحم على والدتي. امرأة مسنّة تعيش وحيدة. ثم ‏همست في أذني: أنا مدينة للمرحومة بمبلغ كذا .. وليس معي ـ اللحظة إلا نصفه، فخذيه، ومتى تيسر لي النصف الآخر دفعته ‏إليك. قلت بدون تردد: أنت معفاة من الديْن كله، واعتبريه صدقة على روح الفقيدة.‏
المبلغ ـ في حد ذاته ـ لا يستطيع أن يلبي حاجياتها الأساسية لأكثر من شهرين أو ثلاثة .. ولكن عفوية المرأة، ووفاءها، وتقديرها ‏للأمانة، جعلها تسعى لإبراء ذمتها من دَيْن لا يعلم به أحدٌ إلاّها والراحلة.‏

اتصل بي ـ هاتفيا ـ صاحب العمارة ـ حيث أكتري وأمارس أنشطتي ـ ليعزّيني .. ونصحني بالسفر لـ"تغيير الجو" .. واقترح عليّ ‏الالتحاق به ـ بمهجره ـ، فلبّيت .. وانبهرت .. وقررت أن أستقر هناك، بعد تصفية "ما يخصني" ببلدي.‏
والحقيقة أنني كنت أعاني من لسْعة الغدر، وغصة الشماتة، وحرقة الخيانة .. لمّا صرت "حافية *" .. عندما عزمت ـ وغيري ـ ‏على اقتناء شقة في مشروع عمراني، فتعرّضنا لتلاعبات وسيطٍ، سَلبَنا أموالنا ـ بالوعود الخلاّبة، والأماني المعسولة ـ واختفى ‏عن الأنظار.‏
كان علي أن أبدأ صفحة جديدة بالمهجر، قد تكون بيضاء، وقد تكون سوداء. غير أني أرجو ألا تكون الغربة قاتلة وداعية للحسرة ‏والندم. فحياتي ـ منذ الصغر ـ مثْقلَة بما تنوء عن حمله الجبال.‏

‏..............................................................‏
‏* الهدية: لفظة تطلق على موكب ـ مصحوب بعازفِين شعبيِّين (عادة: غياط وطبّال)، ونساء ينقرن على التعريجات أو الصنجات ‏ـ ليوصلوا هدايا ـ معروضة على صواني محمولة على الرؤوس، أو موضوعة على عربة مجرورة ـ، تهنئةً لمن يحتفل بمناسبة ‏خاصة. وقد تشمل: حُلَلا، وتمرا وحنّاء، وزيْتا وسكّرا، وخروفا أو عجلا، .. وتُنطَق: لَهْدِيّة.‏
‏* لقبٌ يُطلَق على ممثل النيابة العامة.‏
‏* سؤال مطروح في إحدى قصص ألف ليلة وليلة في: حكاية الحمال مع البنات.‏
‏* من ألقاب الاحترام والمجاملة للمسنّين في المغرب، إطلاق لفظ: "الشيخ" و"الحاج، والحاجة"، و"عمّي، و"خالتي". إلخ ..‏
‏* محاضرات الأدباء - الراغب الأصفهاني
‏* العَوْدة ـ من معانيها في دارجتنا ـ: الفرس / "أنثى الحصان"‏
‏* اللعابات: فنانات شعبيات .. يعتمدن ـ أساسا ـ في أداء أهازيجهن على الدفوف والطعريجات والصنجات .. ‏
‏* سلوك تضامني، يعتمد على اشتراك مجموعة في التوفير المالي. ويتم التناوب في الاستفادة مما جُمع ـ في نهاية الشهر ـ ‏بالتراضي أو بالقرعة.‏
‏* مثلٌ له قصة أسطورية، يقال عند خسران كل شيء.‏
‏* الحَفَاء: مشي بلا خُف ولا نعلٍ، تعبير مجازي يدل على الافتقار وضياع الثروة، ‏

‏08/07/2024‏



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إجراءات تقشفية
- بدر السعود
- العلامة -المتبصر-‏
- المحترَم، مقيما وغائبا
- جذور
- مزج -المقدس- -بالمدنس-‏
- ذباب ابن حُريْرة
- رباعيات (10/10)‏
- رباعيات (9/10)‏
- رباعيات (8/10)‏
- رباعيات (7/10)‏
- رباعيات (6/10)‏
- رباعيات (5/10)‏
- رباعيات (4/10)‏
- رباعيات (3/10)‏
- رباعيات (‏‎2‎‏/10)‏
- رباعيات
- السيد صَهْ صَهْ
- اعتقال الموتى
- باب البغاء


المزيد.....




- أثار غضب جمهور -حزب الله-.. راغب علامة يكشف حقيقة تسجيل صوتي ...
- سينما -متروبوليس-.. صرح ثقافي بيروتي يعود للحياة في لبنان ال ...
- الإيسيسكو تحيي الذكرى الـ300 لمولد المفكر التركماني مختوم فر ...
- عيسى الشيخ حسن.. الروائي والشاعر الذي أعاد تشكيل الذاكرة الس ...
- لقطات تظهر لصّا -جريئا- يسرق فنانة لبنانية والأخيرة تعلق (في ...
- نمر سعدي في -ظلالٌ مضاعفةٌ بالعناقات-: استعارات من قلب جبال ...
- فنان مصري يستغيث بعد طرده من منزله للشارع
- ارتياح تنظيمي للدورة الثانية لمعرض كتاب الطفل والشباب بالدار ...
- تقرير سنوي: حرب غزة محفز جيوسياسي للإسلاموفوبيا في أوروبا
- مؤسسة قطر تطلق مبادرة -بالعربي- لتعزيز الأفكار الملهمة باللغ ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم رمزي - الكاسحة