خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)
الحوار المتمدن-العدد: 8200 - 2024 / 12 / 23 - 18:42
المحور:
الادب والفن
ركب الحافلة باتجاه البحر. تردد قبل القيام بذلك، إذ بدا الليل ممتدا لا نهاية له مما دفعه لِأَلّا يضيع فرصة كهذه. فزيارة البحر لها طقوسها خصوصا في منتصف الليل. شعر بالسرور حين وجد بائع التذاكر لا يزال مفتوحا و هذا يعني أنه لن يقضي ليلته مستلقيا خارج المحطة. فغالبا ما تجذب المحطات السكارى و أصحاب القضايا الخاصة إليها. فتتحرك المجموعات إما للتسول أو طلبا في الحصول على السجائر و الأكل. و كثيرا ما تنشب معارك فيما بينهم فتفضل الشرطة عدم التدخل و الإكتفاء بالتفرج.
ركب الحافلة. كانت شبه فارغة. لمح إفريقي في المقاعد الخلفية و قد تسلل دون إظهار التذكرة للسائق. طرأ بباله أن حياة الليل أسهل رغم الظلام و أن القيود ملزمة على المرتبكين فقط.
فكر في أن يمد قدميه عله ينام خلال الساعتين القادمتين. فتح أزرار المحفظة و هو يتلمس ليتكد أن أشياءه لا زالت في مكانها. و الحقيقة أنه قام بنفس الحركة في المحطة و قام بالحركة ذاتها مرات قبلها. من الأرجح أن شيئا ما يحدث تحت ظروف ما يفقدنا التركيز. أخرج أشياء من جيبه. كان منبه الجوال و المنبه الصغير يشيران إلى نفس التوقيت، فالإحتياطات ضرورية لكيلا تفوته نقطة العبور. سمع حفيفا كلما توقفت الحافلة و التحق ركاب جدد بالمسافرين حاملين أمتعة التصوير و معدات المعاينة.
غنى الجوال و رن المنبه و وقفت الحافلة وسط الطريق بسبب الإزدحام وكثرة السياح.
قفز خارج الحافلة متحمسا و هو يخرج عدته قبل اختيار المكان. تناثرت الألوان بكل أطيافها فوق سطح البحر و هي تتلألأ بسبب أنوار الشمال الجذابة التي غطت السماء كاملة. فلقد ٱختار البحر هذه المرة لأن عدم تلوث الضوء و الهواء يضفيان على أنوار الشمال ألوانا قلما نراها في الحياة اليومية.
#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)
Khadija_Ait_Ammi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟