طوفان الأقصى 443 – سوريا بعد الأسد – إلى الوحدة أم التقسيم

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8200 - 2024 / 12 / 23 - 00:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


رومان كريتسول
كاتب صحفي ومحلل سياسي
صحيفة فزغلياد الالكترونية

15 ديسمبر 2024

مع تطور الصراع في سوريا، انخفضت فرص الحفاظ على وحدة البلاد بشكل حاد.
في هذا المجال، ليس فقط التناقضات العرقية والدينية تلعب دورًا ولكن أيضًا التاريخ الحديث لتشكيل الجمهورية.
كما يلاحظ الخبراء، قبل 100 عام فقط، كان من الممكن أن تنشأ ست دول جديدة على موقع سوريا، وقد تحصل بعضها على فرصة ثانية للحصول على دولة.

صرح نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي دميتري ميدفيديف بأن التوقعات للحفاظ على وحدة سوريا ضعيفة. وحسب رأيه، لم يجيب أحد حتى الآن على سؤال كيف سيكون من الممكن إيجاد إجماع في المصالح بين السنة والشيعة والعلويين والدروز والمسيحيين، حسبما ذكرت وكالة ريا نوفوستي.

ربط ميدفيديف سقوط حكومة بشار الأسد بالأخطاء التي ارتكبت في حكم البلاد. وأشار إلى أن الجيش السوري أثبت عدم فعاليته. كما استذكر نائب رئيس مجلس الأمن القومي الدعم الجاد الذي قدمته روسيا ذات يوم لسوريا، متفهمة التهديد بتفتيت أو تفكك الجمهورية وفقًا لسيناريو الدول المجاورة في الشرق الأوسط.

"سوريا بلد معقد إلى حد ما، حيث تتعايش مجموعات عرقية ودينية مختلفة.
يمكن أن يتم الحفاظ على مثل هذا البلد إما من خلال حكومة مركزية قوية وصارمة للغاية، أو في شكل اتحاد لامركزي ناعم. الخيار الثالث هو انهيار الدولة. في ظل تطورات معينة، هذا ممكن تمامًا"، كما قال الخبير العسكري يوري ليامين.

في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تنقسم سوريا إلى عدة أجزاء. يمكن أن يكون أحدها شمال شرق البلاد، حيث يعيش الأكراد. "لقد بنوا نظام حكم مستقل، لكنهم لم يظهروا بعد أي ميل نحو الانفصال. حاول الأكراد إنشاء نوع من سوريا البديلة، مع الأمل بتوسيع نطاق هذه التجربة لتشمل البلاد بأكملها. إذا لم تناسبهم دمشق، فقد يسعون إلى الاستقلال"، كما أوضح المستشرق كيريل سيمينوف.

ويتفق ليامين مع وجهة نظر مماثلة: "إذا كان لدى الأكراد مخاوف بشأن حكمهم الذاتي، فقد يحاولون الانفصال. لكن الدعم الخارجي مهم هنا، لأن الأكراد يتعرضون باستمرار للتهديد من تركيا. والآن هم تحت حماية الولايات المتحدة، لكن هذه المظلة غير مستقرة – يمكن للأميركيين المغادرة في أي لحظة".
من ناحية أخرى، تسببت الاشتباكات بين وكلاء تركيا والولايات المتحدة في رد فعل غاضب في واشنطن، كما يلاحظ عالم السياسة مالك دوداكوف. ووفقًا له، فإن اللوبي المؤيد للأكراد، والذي يتمتع بقوة خاصة ضمن فريق دونالد ترامب، الذي يتولى السلطة، يهدد أنقرة بالفعل بالعقوبات في حالة حدوث صراع كبير مع الأكراد في سوريا.

على وجه الخصوص، يعرض الجمهوريون في الكونغرس على تركيا فرصة إنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا، لكنهم يطالبونها في الوقت نفسه بعدم التدخل في شؤون الأكراد. وإذا فشل هذا، فإن الولايات المتحدة ستركز على دعم الأكراد. وفي الوقت نفسه، تعمل جماعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة بنشاط على الترويج لفكرة إنشاء دولة كردستان.

المنافس الثاني الساعي للاستقلال هم العلويون في اللاذقية في شمال غرب البلاد. وهم منفصلون عن بقية سوريا بجبال صغيرة، ولديهم أيضًا إمكانية الوصول إلى البحر. "لكن سيكون من الصعب عليهم التغلب على الأزمة. عانى العلويون من خسائر عالية بشكل غير متناسب خلال الحرب، لأنهم شكلوا العمود الفقري للجيش السوري. ولكن إذا استمرت عمليات القتل خارج نطاق القانون في المنطقة، فمن المرجح جدًا أن تتطور الروح الانفصالية"، كما يقول ليامين.

كما استذكر الخبراء أنه في عشرينيات القرن الماضي، وبعد أن حصل الفرنسيون على الانتداب لحكم سوريا ولبنان، قسموا هذه الأراضي إلى ستة أجزاء: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة العلويين، ولبنان الكبير، ودولة الدروز، وولاية الإسكندرونة، التي انتقلت في النهاية إلى تركيا.

مع مرور الوقت، أصبح لبنان دولة مستقلة، وشكلت حلب ودمشق الجمهورية السورية، التي ضمت إليها ولايات أخرى. ثم في عام 1938، حصلت سوريا على حدودها الحالية المعترف بها دوليًا وتم ضم دولة العلويين قبل ذلك بعدة سنوات.

لكن العلويين اليوم في وضع صعب للغاية، لذلك لم يكن لديهم الوقت والفرصة لتنظيم المقاومة المسلحة. وفي المستقبل القريب، وفقًا للمحللين، من غير المرجح أن يحصل العلويون على فرصة ثانية للاستقلال. بالإضافة إلى ذلك، سيتم التركيز عليهم بشكل خاص نظرًا لوجود قواعد عسكرية روسية وموانئ مهمة في اللاذقية.

كما استذكر الخبراء العداء بين شمال وجنوب سوريا، والذي يعود بجذوره إلى العصور الوسطى. ويقول ليامين: "كان الشمال ينجذب دائمًا نحو حلب، بينما ظلت دمشق مركز الجذب للجنوب. واليوم تتمتع تركيا بنفوذ اقتصادي وسياسي قوي في الشمال. كما تعتمد السلطات الجديدة على دعم أنقرة. وفي الوقت الحالي، من غير المرجح أن ينشأ أي صراع بينهما، لكن كيف سيتطور الوضع أكثر هو السؤال. فالعرب لا يحبون النفوذ التركي".

أما النفوذ التركي على سوريا، فهو لم يتغير حتى بعد مائة عام من انهيار الإمبراطورية العثمانية. وكما لاحظ مؤلفو قناة "Evening Cartographer" على تطبيق "Telegram"، فإن العديد من السمات العرقية والجغرافية الأخرى يمكن أن تعزى أيضًا إلى هذا النوع من "الاتساق".

أولاً، هذه هي الصحراء السورية القاحلة، وكذلك منطقة الجزيرة الخصبة والمليئة بالنفط: "الأخيرة، قبل مائة عام، واليوم - تحت سيطرة المفضلين لدى الغرب. حينها – الحلبيون، والآن – الأكراد".

ثانيًا، ظلت المنافسة بين دمشق وحلب على لقب المركز السياسي في الجمهورية.

ثالثًا، ظلت مناطق تواجد العلويين والدروز دون تغيير: "هناك مئات الآلاف منهم، ولن يتعامل المتمردون "الشاملون المتسامحون" معهم جميعًا".

بالمناسبة، قد يسعى الدروز أيضًا إلى الاستقلال أو تغيير تبعيتهم.
على سبيل المثال، في ست قرى في جنوب سوريا، قررت المجالس المحلية الانضمام إلى مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. هذا ما ذكرته الصحافة اليهودية. ومع ذلك، في المناطق المجاورة للمحافظة، لم يتم دعم هذه المبادرة، كما أفادت مصادر Ynet.

يتذكر سيمينوف: "بعد الانتصار على داعش، لم يجد الدروز لغة مشتركة مع دمشق. تحدث ممثلو هذا الشعب، دون خوف من الانتقام، بشكل مباشر عن الفساد في الحكومة حيث يعملون لأنفسهم بدلاً من العمل لصالح سوريا. لديهم أيضًا تشكيلاتهم المسلحة وهياكلهم الحكومية الخاصة".

لكن ليامين يضيف أن إقليم السويداء حيث يتواجد الدروز قريب جدًا من دمشق، وسيكون من الصعب عليهم فعل أي شيء، حيث يعيش العديد من العرب السنة حولهم. ولكن إذا بدأت الحكومة المركزية في الانهيار، وبدأت مجموعات مختلفة في القتال فيما بينها، فقد "يخرج" الدروز أيضًا من سوريا.

وعلى هذه الخلفية، تبرز الصحراء السورية الكبرى المذكورة سابقًا، حيث يوجد العديد من المسلحين. واختتم ليامين حديثه قائلا: "هذه مناطق ضخمة ذات كثافة سكانية منخفضة. ومن الصعب تشكيل دولة في مثل هذه الظروف. كما أن القبض على المسلحين هناك ليس أقل صعوبة، لأنهم يعتمدون على دعم جزء من السكان المحليين".

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات