|
رداً على مزاعم الجولاني في لقائه مع (بي بي سي)
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رداً على مزاعم الجولاني في (بي بي سي) بأنه كان في السجن حين ارتكب تنظيم القاعدة بقيادة الزرقاوي جرائمه ومجازره بحق العراقيين! جاءت هذه المزاعم في المقابلة التي أجرها مراسل قناة البي بي سي البريطانية باللغة الإنكليزية وكان الجولاني يرد عليها باللغة العربية. وردا على سؤال يقول: "الناس لا يستطيعون تصديق ما تقوله عن نفسك لأنهم يعرفون من أين أتيت، ويدركون أنك كنت مرتبطا أصلا بتنظيم القاعدة، وقبل ذلك كنت على صلة بمجموعة أصبحت تسمى لاحقا الدولة الإسلامية "داعش"، لذلك ينظر الناس إلى تأريخك ويقولون: حسنٌ، كيف يمكننا أن نصدق هذا الرجل"؟ فبماذا أجاب الجولاني أو الشرع؟ مزاعم الجولاني أجاب الجولاني بالقول: "تعرض العراق إلى حرب كبيرة جدا، وتعاطف معها كل الشارع الإسلامي والعربي ونحن مجاورين للعراق فخرجنا ندافع عن أرض العراق بغض النظر عن طبيعة الطرف الذي كان يقاتلهم. ثم وجدنا أنفسنا مع هذه الفئة التي كانت تقاتل وهي كانت تنظيم القاعدة. ولكن بعد ذلك لم أكن شاهدا على أية معارك عندما ذهبت الأمور باتجاه الحالة الطائفية في العراق فقد كنت مسجونا في ذلك الوقت عندما انحرفت عن مسارها. وعندما رجعت إلى سوريا بدأنا العمل على أساس أن سوريا هي مركز العمل في الداخل وقطعنا أية علاقات لنا خارجية مع الخارج مع أي جهة تنظيمية القاعدة أو غير القاعدة وبدأنا نحن نعمل على حماية وصيانة المصالح العليا لسوريا". اعتراف ضمني الجولاني يعترف في كلامه بأنه "وجد نفسه" وهذه صيغة مضللة لعبارة "التحقت بتنظيم القاعدة" بقيادة الزرقاوي وعمل معه. ويبرر فعله هذا باحتلال العراق وانه ذهب ضمن تيار التعاطف وذهب للدفاع عن "أرض العراق" لنركز على كلمة "الأرض" وليس عن "شعب العراق" فهذه ليست زلة لسان بل وراءها ما وراءها! ثم يزعم الجولاني انه لم يشارك في القتال حين "ذهبت الأمور باتجاه الحالة الطائفية" والتي تعني بدء حملات قتل وإبادة الشيعة والأكراد بالمفخخات والأحزمة الناسفة والذبح على الهوية في الطرقات، وبالمناسبة فهذه الحملات لم تستثن العراقيين السنة إذا كانوا ممن يرفضون توجهات قاعدة الزرقاوي وقد قتل المئات وربما الآلاف منهم بتهمة الردة ورفض بيعة الخليفة الداعشي وهناك إحصائيات نشرت في تلك السنوات تؤكد أن عدد رجال الدين من المسلمين السنة الذين قتلتهم القاعدة ثم داعش، إنْ لم يكن يقارب فهو يفوق عدد رجال الدين من المسلمين الشيعة وغيرهم. ويزعم أنه كان مسجونا ولم يكن شاهدا على أية معارك حين انحرفت الأمور نحو ما يسميه "الحالة الطائفية". وهذا كذب صريح فهو ظل ناشطا ومقربا من الزرقاوي إلى اليوم مقتل هذا الأخير، وجميع حملات الإبادة وعمليات القتل الطائفي حدثت في تلك الفترة وليس بعدها. ثم يقفز إلى مرحلة خروجه من العراق إلى سوريا حيث قطع علاقته بالقاعدة وداعش. فهل هذا صحيح؟ الرد على المزاعم كلام الجولاني هذا بحاجة إلى رد مفصل وننتظر من الجهات القضائية والقانونية العراقية الوطنية أن تتولى الرد عليه بالتوثيق والخروج من حالة الخدر والسكوت كي لا نقول كلمات أخرى قاسية، أما سكوت المثقفين العراقيين والمتخصصين في القانون والساسة وقادة الأحزاب والمنظمات المدنية المأجورة فهو سكوت مشين ومعيب أيضا إلا ما ندر من أصوات ارتفعت في بداية سيطرة مليشيات الجولاني على دمشق ثم تطامنت، ولكني سأضطر إلى الرد بعجالة هنا: 1-الجولاني غادر العراق بعد مقتل مسؤول تنظيم القاعدة الزرقاوي سنة 2006 وليس قبل ذلك، ثم عاد إلى العراق ربما في نهاية 2006 أو بداية 2007 ولكنه اعتقل وأطلق سراحه سنة 2008 أي أن فترة اعتقاله قد لا تتجاوز عاما أقل أو أكثر ربما، وما تبقى من زمن شغله كله في مراكز عسكرية متقدمة مشهود له فيها. وإذا ما علمنا أن أقل من عشرة بالمئة وربما أقل وفق بعض الاحصائيات من نشاطات الزرقاوي والقاعدة ثم داعش لاحقا استهدفت الاحتلال الأميركي فإن ما نسبته 90 وربما أكثر كانت جرائم بحق العراقيين مدنيين وعسكريين. 2-الجولاني يقرُّ ضمنا بأنه عمل في تنظيم القاعدة حتى مقتل الزرقاوي وخروجه من العراق. وهذا يعني أنه يتحمل مسؤولية المجازر والتفجيرات بالمفخخات والانتحاريين التي قامت بها القاعدة ضد العراقيين وهي ليست قليلة وبعض هذه المجازر ارتكبت ضد مقاتلين من المقاومة العراقية من العرب السنة حيث تم اغتيال ثلاثة عشر مقاتلا ذبحا من مجموعة "كتائب ثورة العشرين" بزعامة الشيخ حارث الضاري بينهم ابن أخيه خميس. وكان الزرقاوي شخصيا قد وصف الشيخ ضاري بأنه "ضاري على الإسلام والمسلمين" لأن هذا الأخير رفض المجازر التي ارتكبتها القاعدة ضد العراقيين الشيعة داخل مساجدهم وحسينياتهم ودعا الزرقاوي "إلى الرأفة بالمدنيين" وكان الجولاني الساعد الأيمن للزرقاوي. 3-لم تنقطع علاقة الجولاني بالقاعدة بعد خروجه من العراق بل كان مسؤولا عن تنظيم القاعدة ثم داعش في سوريا، وهو الذي قام بتأسيس الفرع وكنت قد تطرقت لنشاطه في تلك الفترة في مقالة سابقة. وتغير ولاء الجولاني أكثر من مرة بين القاعدة وداعش حتى استقر أخيرا في تنظيم النصرة التابع للقاعدة ثم انفصل وغير اسم جماعته إلى "فتح الشام" ثم إلى " هيئة تحرير الشام". ونلاحظ انه ظل وفيا لتسمية الشام لدى الجماعات الإسلامية الجهادية التي ترفض اسم سوريا وتعتبره غريبا عن تراثها. 4- وحول فترة ما بعد إطلاق سراحه من السجن نعلم الاتي: أطلق الأميركيون سراحه هو والمئات من زملائه من سجنِ بوكا في عام 2008م؛ واستأنف عمله ونشاطه المسلح إلى جانب أبو بكر البغداديّ زعيم داعش. برز الجولاني بسرعة في العمليات العسكرية والتفجيرية التي شارك فيها فعينه البغدادي رئيسا لغرفة عمليات محافظة نينوى وحدثت بعض التفجيرات بإشرافه أو بتخطيط منه. والخلاصة: إن الجولاني رافق تجربة القاعدة منذ بدايتها في العراق وكان مساعدا للمجرم الزرقاوي حتى مقتل هذا الأخير، وهذا كفي لإدانته بما حدث من جرائم وتجاوزات بحق العراقيين الجولاني يؤسس القاعدة بسوريا حين بدأت الانتفاضة السلمية في سوريا ضد نظام بشار الأسد في عام 2011م انتقل الجولاني إليها ولعب دورا مهما في التخطيط لتأسيس فرع لداعش في سوريا. كانت هذه المجموعة بمثابة الفرع السوريّ لدولة العراق الإسلاميَّة بقيادةِ أبو بكر البغداديّ الَّذي سهّل على الجولاني مأموريّته بعدما مدّهُ بالمقاتلين والأسلحة والمال. *اختلف الجولاني مع البغدادي ورفض أوامره بتصفية تنظيمه الخاص جبهة النصرة وإدماجه مباشرةً في "داعش". وعن تأسيس "جبهة نصرة أهل الشام" نقرأ الآتي: " عند اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011؛ أذنَ زعيم دولة العراق الإسلامية أبو بكر البغدادي وَقائد القيادة المركزيّة في تنظيم القاعدة السوري أبو محمد الجولاني بإعداد جبهة أو مجموعة مُقربة من القاعدة في آب/أغسطس 2011 لإسقاط حكومة الأسد وإقامة دولة إسلامية هناك. عبرَ الجولاني وستة من زملائه الحدود من العراق صوبَ سوريا ثمّ التقى السبعة بالإسلاميين المُفرج عنهم من سجنِ صيدنايا العسكري في أيار/مايو–حزيران/ يونيو 2011. كان هؤلاء الإسلاميون نشطين بالفعل في القتال ضد قوات الأسد وهوَ ما سهّل مهمة الجولاني ورفقائه المُتمثلة بالأساس في كسبهم لجبهتهِ. ومن بين الرجال الستة المكلفين أبو ماريا القحطاني (عراقي واسمه الحقيقي ميسر علي الجبوري) الذي كان يتولى منصب رئيس الشرطة الدينية سيئة الصيت والتي عرفت بجرائمها البشعة بحق أهالي الموصل وعموم العراقيين وقد أصبح القحطاني لاحقا قائد مجلس الشورى في تنظيم جبهة النصرة وكان في الأصل بعثيا وعضوا في مليشيات "فدائيي صدام" سابقا. *نقل الجولاني ولاءه من داعش والبغدادي إلى تنظيم القاعدة وبايع الظواهري بشرط أن يبقى زعيما لجبهة النصرة فتم له ذلك. *انقسمت جبهة النصرة بعد فترة إلى شقين قسم التحق بالبغدادي وداعش، وقسم بقي مع القاعدة والظواهري بزعامة الجولاني. *هذا التغيير في سلسلة الولاء جعل النصرة فرعا للقاعدة في سوريا. على الرُّغم من تقديم الجولاني يمين الولاء لأيمن الظواهريّ. لكن أبو بكر البغداديّ رفض هذه الازدواجية وطلب توحيد المنظمتين تحتَ مظلّة واحدة مما تسبّبَ في اندلاع اشتباكات بين جبهة النصرة وداعش للسَّيطرةِ على جزء من الأراضي السوريَّة. *الخلاصة: لم تنقطع علاقة الجولاني بالقاعدة منذ احتلال العراق وحتى مقتل الزرقاوي في حزيران 2006 وخروجه الى لبنان بعدها بأشهر ثم عودته إلى العراق في سنة 2007 أو بداية سنة 2008 واعتقاله في سجن بوكا الأميركي ثم إطلاق سراحه في السنة نفسها وبدء نشاطه مع القاعدة التي ستتحول لاحقا إلى داعش قبل وبعد سقوط الموصل حيث أصبح رئيس غرفة العمليات فيها. وخلال هذه الفترة كلف بتأسيس فرع للقاعدة في سوريا مع بدء الانتفاضة السورية وانتهى من التأسيس بمعية الجبوري أبو ماريا سنة 2012. فكيف لرجل خاض غمار النشاط مع هذين التنظيمين القاعدة وداعش في العراق وفرع النصرة في سوريا طوال تلك السنوات أن يكون بريئا من دماء الناس الأبرياء وبعيدا عن الاتهام؟! *رابط فيديو المقابلة كاملة ويبدأ المقطع المقتبس في منشوري منها عند الدقيقة العاشرة تقريبا: https://www.youtube.com/watch?v=3lfnP9H9ojM *رابط لمقطع من مقابلة بي بي سي مع الجولاني: https://www.facebook.com/reel/1942243136270150
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو محمد الجولاني -أحمد الشرع- في سطور: قتال العراقيين زعيما
...
-
الحدث السوري في سياقاته التأريخية: فلسطين قدر سوريا!
-
الحدث السوري والأمل أقوى
-
قائد معارض سوري مسلح: نسعى إلى السلام مع إسرائيل وممتنون لها
-
ترامب؛ ملاكُ سلامٍ في أوكرانيا وشيطانُ جحيمٍ في فلسطين!
-
البلدوزر الصهيوأميركي قادم على الجميع: إسرائيل تلوح باحتلال
...
-
استشهاد نصر الله وقيادات المقاومة والخرق الأمني المعادي
-
حول الاعتراض على عبارة -المعارضة السورية المسلحة-
-
لماذا حدث ما حدث في شمال سورية؟
-
جغرافيا التوراة والجوهر الإبادي التوراتي للحركة الصهيونية
-
انتصار أم هزيمة، صمود المقاومة وخيبة العدو!
-
بين التوراة والعلوم الحديثة: جنوب لبنان جزء من -إسرائيل- أم
...
-
بين أكذوبة بوابة إسرائيل وأنقاض -صقلغ- المزعومة
-
مشروع قانون هليفي لسرقة آثار الضفة وتلفيقات أركيولوجية أخرى
-
نتنياهو وترامب؛ الرجل وظلُّ ذيله
-
الإنسان المقاتل أولاً وليس الصواريخ
-
حظروا الكحوليات ليتاجروا بالمخدرات ويهرِّبوا الكحوليات!
-
تحميل: كتاب وودورد كشف تآمر الحكام العرب ضد المقاومة
-
العدوان الإسرائيلي على جبهة التراث والآثار: قنابل وأكاذيب!
-
الصوت العربي في الانتخابات الأميركية والتخويف بترامب
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن طالب عبد المحسن المشتبه به في عملية الدهس في أل
...
-
منفذ هجوم ماغديبورغ -يكره كل من لا يشاركه كراهية المسلمين-
-
الحوثيون: أفشلنا هجوما أمريكيا بريطانيا على اليمن باستهداف ح
...
-
قطر ترفع علمها فوق مبنى سفارتها في دمشق
-
السوداني من نينوى: العراق استعاد دوره الريادي في المنطقة
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
هجوم ماغديبورغ يضع الحكومة الألمانية تحت ضغط وانتقادات متزاي
...
-
القسام تقتل جنودا إسرائيليين بجباليا والغارات توقع عشرات الش
...
-
معاريف: إسرائيل تواجه صعوبات استخباراتية في تحديد مستودعات ص
...
-
ما أسباب المسام الكبيرة؟ وكيف تتمتعين ببشرة ناعمة ومثالية؟
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|