أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - عمليات مسخ الشخصية العراقية















المزيد.....


عمليات مسخ الشخصية العراقية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 09:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل القوى الاجنبية والاحتلالات والتدخلات الخارجية والغزوات الوحشية التي سيطرت على بلاد الرافدين ؛ ابتداء بالاحتلال المغولي مرورا بالاحتلال العثماني ثم الاحتلال البريطاني وانتهاء بالاحتلال الامريكي ؛ عملت على استغلال ونهب وسرقة خيرات الوطن وافلاس وتجهيل وتهميش وتدجين المواطن , ثم جاءت الحكومات الهجينة والعميلة والطائفية وطوال 83 عاما لتكمل مشوار القوى الاستعمارية والاستكبارية , وتنفذ المخططات والاجندات الخارجية المشبوهة , وتعاون الطرفان على حصر المواطن بين الاستعمار والاستكبار وبين التهميش والتدجين والاستحمار ؛ وطوال كل تلك القرون الطويلة والعقود المريرة كان حال العراقي لا يسر الاصدقاء والاعداء ؛ فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار , اذ تم وضعه ولا زال في دوامة من الازمات والنكبات والانتكاسات ؛ ولا زال يدور في حلقة مفرغة ويرجع القهقرى الى الوراء ؛ وعندما يفكر العراقي بالخروج من عنق الزجاجة ؛ تفرض عليه خيارات - محددة وان كانت مختلفة - احلاها مر .
عمل الاعداء والدخلاء والغرباء على تغييب الهوية الوطنية و تدجين وتجهيل المواطن , وزعزعة ثقة العراقي بنفسه و وطنه و اهله وتاريخه وثقافته وعاداته وتقاليده ... ؛ وبذلوا الجهود الحثيثة من اجل تعرية العراقي الاصيل من عناصر هويته العريقة , وعملوا على تنفير العراقي الاصيل من هويته وجنسيته , واقناعه بأن هذه الهوية والتاريخ والعادات والتقاليد والثقافة لا تليق به , ويجب عليه نبذها والتبرؤ منها , ونتيجة لهذه السياسة المشبوهة والتربية المنكوسة والتوجيه المعادي ؛ غير الكثير من العراقيين قناعاتهم وبدلوا جلودهم وانقلبوا على واقعهم , وقلدوا غيرهم , واتبعوا الاجانب والغرباء وابتعدوا عن اهلهم وذويهم الاصلاء , فصاروا كالحرباء كل يوم هي في لون مغاير لما قبله ؛ مذبذبون لا هم الى هؤلاء ولا الى أولئك ؛ وانطبق عليهم المثل الشعبي ( غراب البين ال ضيع المشيتين )) .
ولعل سائل يسأل : لعلنا نفهم الاسباب التي تدعو قوى الاستعمار والاستكبار والاحتلال , و قوى التدخلات والنفوذ الاقليمي والدولي ؛ الى زعزعة شعور أبناء الاغلبية والامة العراقية تجاه هويتهم لهجاتهم عاداتهم ثقافتهم ... ؛ وخلق حواجز مصطنعة بينهم وبين حقيقتهم الوطنية وتاريخهم العظيم ومصالحهم الاستراتيجية ؛ لعزلهم وحجبهم عن تراثهم الحضاري والثقافي ودورهم المهم وثرواتهم الكبيرة , وقطع اواصرهم الممتدة عبر التاريخ وتفريغهم من اصالتهم وكبرياءهم وعراقتهم ؛ من اجل تدجينهم واستعبادهم واذلالاهم وتهميشهم ... ؛ ولكن الذي لا نفهمه اصرار بعض المحسوبين على الامة العراقية من تبني هذا الطرح المنكوس ؟ّ!
نعم اتفقت اهداف الاعداء مع الغرباء والدخلاء من ابناء الفئة الهجينة ؛ من الذين جاؤا مع الاحتلال العثماني والبريطاني واستوطنوا العراق او من الذين هاجروا اليه خلال القرنين الماضيين ؛ فقد تماهى الطرفان واتفقا ولو بصورة غير مباشرة , توائم مسارهما و انسجمت رؤى الاعداء مع الغرباء ؛ لانهما ليسا من ابناء الوطن الاصلاء ؛ والغريب يستمد قوته من غرباء واجانب الخارج ؛ لذا لا زالت الفئة الهجينة تعمل من اجل رهن مصير العراق بالخارج والارتماء في احضان الامة العربية تارة , والاتراك واحلام الخلافة العثمانية تارة اخرى , والامة الاسلامية ثالثة , والغرب رابعة ... الخ ؛ وللعلم هنالك فرق كبير بين التبعية والولاء للخارج وبين التحالفات والاتفاقيات الدولية والتنسيق مع القوى الخارجية .
ومما سبق تعرف السبب الذي يدعو الاعراب وشذاذ الافاق من مواطني البلدان الناطقة بالعربية والاسلامية الى التدخل في الشؤون الداخلية العراقية , والطعن بالأغلبية والامة العراقية ؛ اذ لم يكتف ابناء الفئة الهجينة والمتأثرين بهم من ابناء الامة العراقية من تشويه سمعة الوطن والمواطن على الصعيد المحلي ؛ بل عملوا على تحريض كل الذين ذكرناهم انفا ضد العراق والاغلبية العراقية والنظر اليها نظرة سلبية معبئة بالأفكار المنكوسة والرؤى الظلامية المعادية والعقائد الطائفية والآراء العنصرية الحاقدة ؛ ونظرة خاطفة في الاعلام العربي والاسلامي بل والدولي و وسائل التواصل الاجتماعي ؛ تصدم بالكم الهائل من الاتهامات والاشاعات والافتراءات التي تستهدف العراق والاغلبية العراقية ؛ فالعراق في نظر تلك الشراذم يساوق الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة ؛ بينما عراق العراقيين الاصلاء والاغلبية الوطنية يعني لهم الموت الزؤام والخطر الداهم ؛ لذلك تلاحظ ان تلك الوسائل الاعلامية والثقافية تصف الأغلبية العراقية بالشرك والكفر والردة والتخلف والرجعية والفشل والتبعية والذيلية والصفوية والشعوبية والشعبوية ... الخ ؛ واتهام العراقيين الاصلاء بشتى الموبقات والمنكرات بل والجرائم والانتهاكات .
ان اتصاف الاجانب والغرباء وابناء الفئة الهجينة والطائفيين والعنصريين بهذه الصفات العدوانية والامراض النفسية والاحقاد والضغائن ؛ قضية محسومة وتاريخية ؛ فالقوم ابناء القوم ؛ الا ان الطامة الكبرى في تأثر المواطنين الاصلاء بدعايات الاعداء وافتراءات الغرباء وشعارات الدخلاء وعهود الخونة اللؤماء ؛ فقد سرت سموم الاعداء بين ابناء الاغلبية والامة العراقية ؛ وانسلخ الكثيرون عن هويتهم وقيمهم الحضارية والاخلاقية خلال تلك العقود الطويلة ؛ وانسحب البعض من حاضنة الاغلبية وقواعدها الشعبية شيئًا فشيئًا ؛ تارة بحجة القومية واخرى بذريعة الشيوعية او البعثية او الاسلامية او العلمانية او الالحاد ... ؛ وانتقلت هذه الصفة المنكوسة بين الاجيال , اذ توارث الابناء صفات الاباء , فصار ابن البعثي بعثيا وابن القومي قوميا وابن الملحد ملحدا ... الخ ؛ او لا اقل ينشئ نشأة حاقدة على البيئة الاجتماعية وثقافة وهوية الاغلبية , بل ويتماهى مع كل الاطروحات التي تستهدف الاغلبية وان كانت سلفية رجعية او وهابية ارهابية او علمانية متحيزة او طائفية مكشوفة .
والشيء بالشيء يذكر : عندما كانت العبودية شائعة في أمريكا ، قامت "هاريت توبمان" بتكوين مجموعة سرية لإنقاذ العبيد من العبودية وأستطاعت تحرير 700 شخص بسرية تامة، فيما بعد سألوها: ما هي أصعب خطوة واجهتك ؟ قالت :"أقنع شخصاً أنه ليس عبداً "؛ نعم اصبح من الصعب على احرار العراق وغيارى الاغلبية تحرير الدونية والحمقى والسذج والبسطاء وسقط المتاع والمرتزقة من المحسوبين على الاغلبية والامة العراقية من هذه الرؤى المنكوسة والآراء البائسة والادعاءات الكاذبة , والافتراءات والدعايات التي لا اساس لها من الصحة , والسموم الطائفية والعنصرية , والانطباعات الشخصية المخالفة للحقيقة والحق والواقع , والعقد والامراض الاجتماعية والنفسية التي اصيبوا بها جراء تراكمات الماضي وتداعيات الماكنة الاعلامية الهجينة المعادية في الحاضر .
ويعد هذا التناشز الاجتماعي , وسطوة الاعلام الهجين , ونفوذ الفئة الهجينة وتغييب الهوية الوطنية وتهميش الاغلبية العراقية , والتدخلات الخارجية ؛ من أهم الاسباب التي ساهمت في تأخر العراق وضعفه , و وقوعه في دوامة الطائفية والعنصرية والمناطقية والحزبية التي تتقاطع مع الهوية الوطنية وتطلعات ومصالح وثقافة الاغلبية والامة العراقية ؛ فالدولة الحقيقية تقوم على الحقائق التاريخية والجغرافية والاجتماعية و تستند في ديمومتها على ابناء الوطن الاصلاء والهوية الوطنية ؛ وكل ما عدا ذلك مجرد اوهام وتشكيلات سياسية قشرية مرتبطة بالأجنبي ولا تربطها بالداخل المحلي أية رابطة .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام المتحيز الهجين
- الفرق بين الاصلاء وبين اشباه الحرباء
- حروب هزلية بأدوار كوميدية ونتائج كارثية ؟!
- بشار الاسد والرقص مع الأفاعي
- تغدوا بتركيا قبل لا تتعشى بالعراق
- حياة الناس رهينة بيد الارهاب ؟!
- المستنقع السوري والسيناريوهات المتعددة والاحتمالات المفتوحة
- تقارير دولية مكذوبة وتصنيفات خارجية مغلوطة تستهدف العراق
- تعداد سكاني ... ولكن ؟
- امة عراقية بلا طائفية ولا عنصرية ولا قومية
- اما ان نحكمكم او نقتلكم ؟!
- الجاليات الاجنبية والعمالة الخارجية والمجنسون يمثلون خطرا عل ...
- الارهاب الورقة الرابحة بيد الامريكان والصهاينة
- الكذبة الدجالون والمرتزقة المدلسون
- السياسي بين تحديات الواقع الراهن والرؤية المستقبلية الواعدة
- لم ولن اخضع لمقص الرقيب او سطوة المؤدلج
- التعاون الارهابي والتنسيق الاجرامي بين الامريكان والصهاينة
- رحل الصديق (ابو مسلم الساعدي ) دون وداع
- الفاسدون الكبار مجرد جباة
- هيبة الدولة بين تكرار الخروقات وغياب الردع المناسب ؟!


المزيد.....




- القتلى صبي و4 نساء وأين المشتبه به السعودي الآن؟.. الشرطة ال ...
- الصين تبني أكبر مطار في العالم على جزيرة اصطناعية
- لبنان.. الاعتداء على عناصر أمن حماية السفارة السعودية في بير ...
- مجرة -أضواء عيد الميلاد- تكشف عن كيفية تشكّل الكون
- -نحفر للعثور على بلاط المنزل-.. سوريون يعودون إلى منازلهم ال ...
- الحرب في يومها الـ 443: الجيش يطلب إخلاء مستشفى كمال عدوان و ...
- صحيفة: قطر -ستوقف- مبيعات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي إذا تم ...
- مستشار السيسي يعلق على موجة الإنفلونزا التي تقلق المصريين
- -البديل من أجل ألمانيا- يطلب عقد جلسة عاجلة للبرلمان على خلف ...
- دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على الخداع والتمسّك بوجهة نظره ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - عمليات مسخ الشخصية العراقية