أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - في تدبر سورة الصمد














المزيد.....


في تدبر سورة الصمد


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 04:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


سورة الإخلاص
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
{قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ (1)}.
الأحد والواحد
"الأحد" هو من أستفرد بالوحدانية دون سواه فلا ثان له لا من قبل ولا من بعد ولهذا الأعتبار فإنه خارج حقائق الوجود العلمية والعملية بالقطع، فكل شيء بالوجود المادي محكوم بالثنائية الضرورية التي تثبت وجوده، فلا ليل بدون نهار ولا فوق بدون تحت إلا الواحد الأحد، إذا نحن أمام حقيقة لا وجودية فما لا يخضع لقانونية الوجود فليس منه، فقد يكون الواحد المتقدم بالعد والمقام موجودا لكن بالضرورة لا بد من ثاني تالي أو سابق، قديم أو جديد، ممكن أو محتمل، حالي أو أعتباري لأن الوجود في قانونه أن لكل واحد ثاني، فالله تعالى الذي وصف نفسه بالواحد قطع صلته بالوجودية المادية والأنتماء لها بالأحدية المطلقية، فهي أي أحديته من خارج دائرة هذا الوجود لذا قطع بالمماثلة والمشابهة مع أي شيئية وجودية {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
إذا الأحدية صفة لا وجودية لا تنتمي لقيم الحساب والعد ولا تعرف معنى الثنائية اللزومية، وبهذا ترتب عليها أن تكون وحيدة في عالم أخر له قوانينه الخاصة ومعادلاته الذاتية التي لا تشابه ولا تماثل ولا علاقة لها بالوجود المادي الذي نحن منه وفيه، وحيث أنه أحد في هذا الوجود الأخر دون غيره فلا بد أن يكون هو كل الوجود محتويا وممثلا ومشخصنا به والوجود كله فيه ومشخص فيه، أي أنه وجود قائما بذات الأحد والأحد قائما بذات الوجود دون حاجة أو لزوم أخر، وهو لا يحتاج لأحد ولا يستمد وجوده من أحد وهذا هو معنى الصمدية، فالصمد هو الذي المتخلي عن الحاجة لغيره بذاته ولذاته ومن ذاته (صمَدَ فعل/ صمَدَ على/ صمَدَ في يَصمُد، صَمْدًا وصُمُودًا، فهو صامِد، والمفعول مصمود عليه، ورَجُلٌ صَمَدٌ أي الْمُتَجَلِّدُ فِي الْحَرْبِ، الْمُقَاوِمُ الَّذِي لاَ يَعْطَشُ وَلاَ يَجُوعُ أَثْنَاءهَا، وفي حديث الإمام علي ع (فَصَمْداً صَمْداً حتى يَتَجلى لكم عمود الحق) أي ثباتا على الأعتماد على النفس حتى يتجلى لكم ما تنتظرون، وجذره اللغوي [ص م د] وهو (فعل ثلاثي لازم متعد بحرف) صَمَدْتُ، أَصْمُدُ، اُصْمُدْ، مصدر صَمْدٌ، صُمُودٌ)، فكون الله أحد في وجوده الأحدي اللا مادي والا مثل وجودنا وثابت على هذا من غير تغيير ولا تبديل ولا تحول فهو صمد مطلق، والدليل على أحديته أنه لم يأت من أحد ولا أحد يأت منه {لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ}، فهو كالحجارة المصمودة الصامدة على التغير والتبدل والتحول كمثل، لا يدخلها شيء ولا يخرج منها شيء وهي ذاتها في كل شيء، ولم يكن له كفوء أحد لأن لا أحد مع الأحد أصلا وإلا فقد الأحدية المميزة والتي أنفرد بها واحدا أحدا {ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ (2) لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ (3) وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ (4). أنتهت.
تعقيب تدبري
ولعل هذه السورة وإن كان عندي على الأقل من أعظم ما أنزل الله من آيات وسور تتحدث عن ماهية الألوهية كجوهر فكري، أو في صفات الله وأسمائه طالما أن الفكرة المطروحة هنا فكرة وجودية علمية محضة تقارن لبين وجودين، وهي فكرة فلسفة قد لا يستوعبها العقل البسيط بسهولة، المتأمل لما في بناء الفكرة فيها لا بد أنه يلحظ أمرين مهمين:.
1. أن الفكرة "الأحدية" أصلا تخترق حدود العقل البشري في التصوير الذهني، فهي لا تنم عن بشرية التفكير لا أفتراضا ولا واقعا لأنها أخرجت العقل من المحسوس واللموس إلى ما هو خارج عمق التصور الأفتراضي، وإن كانت الفكرية ليست أفتراضية بما قدم الله عليها من براهين وهو موضوع الصمدية.
2. الأمر الأخر هو قطع الطريق على البشر فيما كان يظنه من أنه هو صورة من صور الله كما يشاع في الفكر الديني عند البعض (روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَ "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا")، مع أن هؤلاء يؤمنون بقوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ}، فالله ليس صورة ولا يمكن أن يكون صورة، أولا لعدم قدرة العقل على تصور صورة له، فكل صور العقل حسية مادية وجودية، والله الأحد لا حسي ولا مادي ولا وجودي فكيف يمكن أن يتصور العقل ما لا يتصور بالمحال المطلق، وثانيا صمديته المطلقة لا ينفذ لها العقل ولا ينفذ منها صورة وبالتالي الأستحالة المطلقة ليست في تصور العقل فقط بل الأستحالة من الصمدية المطلقة إن تعبر عن ماهية ممكنة.
لذا فعندما أقول أن هذه السورة أعظم ما أنزل الله للبشر فقد أودع فيها أسرار عظمى لم ولن ينجح العقل البشري في الوصول إليه، وتبقى جزء من أحدية الله التي تكلم عنها الله فيسور كثيرة منها ما جرى حتى على مستوى تفكير الأنبياء الذين هم نخبة المعرفة بالله وهو ما ورد في سورة الأعراف من طلب النبي موسى ع من الله {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.... والله ولي التوفيق.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تدبر سورة القدر
- في تدبر سورة الشمس
- عالم ما بعد الأممية
- رديها
- الكتاب المبين وكتاب مبين دلالات ومقاصد
- لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞ¯ ...
- تدبر سورة الزمر
- اسماعيل الذبيح
- تدبير سورة يس
- فاطر السموات والأرض
- رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ
- خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ بين النظريات والأراء ...
- ما معنى الجنة التي كنتم توعدون؟.
- نوح رسول قومه هل كان واحدامن عدة رسل؟ وما معنى كلمة نوح؟
- حكاية الثقافة في العراق بعصر الملالي
- علة التأخر في بناء واقع جديد
- الخير والشر وخلافات المسلمين على الإصالة فيهم أو الكسب
- حقيقة معركة بدر من نصوص القرآن الكريم
- لمذا سميت سورة يونس؟
- في تدبر سورة الأعراف


المزيد.....




- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - في تدبر سورة الصمد