|
إمبريالية المعرفة -1 -
عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)
الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 16:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
" امبريانولوجي " " knowledge Imperialism "
تمهيد: بدأت بكتابة هذه المادة مع بداية الشهر الخامس عشر للحرب على الشعب الفلسطيني وارضه وما رافقها من ادارة عالمية للظهر لشعب اعزل يقتل ويذبح علنا وفي بث حي ومباشر وبلا توقف منذ السابع من اكتوبر 2024 ولقد حرصت طوال الشهر السابقة على المشاركة على اوسع نطاق في الانشطة الاعلامية واكتشفت انني وغيري لا نفعل سوى اننا نحلل موت الاطفال والنساء والرجال في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق وايران وكذا يتطاول الامر ليصل الى القتل في ليبيا والسودان وروسيا واوكرانيا وان عبثية التحليل هذه لن تفضي الا الى مزيد من الموت وان المشاركة بها هي منح القتلة فرصا متساوية مع الضحايا فمن يقرأون المشهد ويحللون معطياته ينطلقون من ان هناك طرفين يمالكان نفس الحق بالموت دون ان يحاولوا السؤال من المستفيد من كل ما يجري بين كل الشعوب والدول من حروب وصراعات تكاد لا تنتهي ولماذا يدير الناس ظهورهم ويهزون اكتافهم بلا مبالاة بل والا خطر من ذلك ان البعض يسترزق ويتاجر بأنهار الدم التي تراق على الكرة الارضية التي من المفترض وحسب قناعات الغالبية العظمى من البشر انها ملك لله وبالتالي فر يوجد من يحق له احتكار ملكيتها كما ان البشر جميعا حسب نفس الاعتقاد قد ولدوا من نفس الذكر والانثى مما يعني انهم اخوة متساوون بالواجبات والحقوق وفي مقدمتها حق العيش فكيف يسمح اخ لنفسه ان يقتل اخاه ويسطو على ما يملك ويجد لذلك مبررا اخلاقيا او دينيا او قانونيا وما الا ذلك ما تقدم دفعني لقراءة التطور التاريخي الطبيعي للمجتمعات عبر تطور اقتصادها ووصولنا الى منحى جديد وعصر جديد بدء يقودنا الى تشكيلة اقتصادية اجتماعية جديدة غير كل التشكيلات التي مضت وان اتفرغ للبحث والكتابة في هذا الموضوع ولكي اسهل قراءة هذه المادة قررت ان اكتبها على شكل حلقات يسهل قراءتها بعد ان اصبح العالم يستخدم الوجبات السريعة حتى في الفكر والثقافة الالاف اليوم ينشغلون بتحليل الموت والذبح والقتل والحرب والسطو ويتقنون استخدام اسماء علمية وقورة تكاد تجعلك تقبل بها وتعتبرها جزء من حياة معاشه وطبيعية وعلى العالم ان يتعايش معها كضرورة لا كجريمة وان السطو على منزل جريمة لكن السطو على وطن فعل اخلاقي له ما يبرره وقتل كائن حي جريمة لكن ذبح شعب باسره له ما يبرره وبما انني اريد توصيف الاشياء كما هي وفضح حقيقتها قررت الانتقال الى مريع البحث وقراءة القادم على ضوء متغيرات الماضي والحاضر لعلي اقرأ الرحمة على روح كل من مات مظلوما على ايدي لصوص العصر وقتلته الذين يطلقون على الموت لقب حضارة والسطو ديمقراطية وافقار الشعوب تنمية.
( الحلقة الاولى )
سلعة العصر الجديدة
عادة ما تقاس ثروات الأمم بكمية السلع المملوكة او المخزنة بغض النظر عن اصنافها واهميتها واستعمالاتها من حيث المبدأ وتكمن أهمية هذه السلعة او تلك بقدرتها على تلبية حاجات البشرية جميعها وعلاقة السلعة بنوع الحاجة هي التي تحدد هذه الأممية لتلك السلعة والحاجة لهذه المادة مختلفة فقد تكون حاجة انية مباشرة كالطعام والشراب او حاجة مؤجلة لها علاقة بالقدرة او الضرورة لإيجاد الحاجات الأخرى فهي اذن سلعة ضرورية لإنتاج سلعة أخرى وهي اما ان تكون مواد أولية " مواد خام " او أدوات انتاج " الالة " وبكل الأحوال فانه ينبغي للسلعة حتى تأخذ صفتها هذه ان يجري تداولها او مبادلتها بالأسواق العامة او بين أصحاب المصلحة وهذا يعني ان عليها ان تثبت قيمتها الإستبدالية مما يؤكد قيمتها الاستعمالية وبالتالي مقدار واهمية الحاجة اليها أيا كان حجم العمل المبذول فيها وأيا كانت قيمة المواد المستخدمة في صناعتها وقدرتها على سد الحاجة او حتى الرغبة المطلوب الوصول اليها فلو انت صنعت غطاءا او لباسا من الألماس او الذهب ستكون قيمتها الاستعمالية صفر بالمفهوم العام ولدى ذلك الذي يحتاج قوت يومه فهو بالتأكيد لن يشتريها بقرش واحد وسيشتري رغيف الخبز بقرشين لأنه ببساطة يحتاج رغيف الخبز ليسد جوعه وهنا تتقدم قيمة المنفعة عن أي قيمة أخرى ذلك ان الحاجة لا يمكن الوصول اليها الا بما ينفع لسدها او الغاءها او الوصول اليها والحاجة هنا تصبح غاية ولا غاية قبلها السؤال الان هو وببساطة كيف يمكن تحديد الحاجة وعلى اية أسس يمكن ان نعتمد في تحديد الحاجة وهل تقتصر الحاجات على الحاجة للحياة وهل الحاجة للحياة تعتمد على الماديات فقط كالطعام والشراب واللباس وهل هذه الحاجات المادية المباشرة ثابتة ولا تتغير بتغير المجتمع البشري وبالتالي تغير احتياجاته فهل كانت الاحتياجات نفسها في تشكيلة المشاع البدائي ما اصبح في تشكيلة الرق والعبودية والاقطاع والرأسمالية أخيرا ان ان هناك متغيرات ومتغيرات كبيرة وما يحدد الحاجات وبالتالي يمنح السلع قيمتها فلولا الطلب لما جاء العرض لكن هذا ليس مطلقا ففي كل بلدان العالم تقريبا هناك سلعة روحية ينتقل اليها الناس من بلد الى بلد ويدفعون أحيانا مبالغ طائلة واحيانا على حساب احتياجاتهم المادية ليقوموا بالحج او زيارة مقدس روحي او حتى مقدس لمعتقد دنيوي فقد يسافر لزيارة ضريح لملهم له قبل ان يشتري ملابس افضل مما لديه او قد يستدين مقابل ذلك وهذا يعني ان السلعة ليست مادية فقط والامر لم يكن كذلك منذ زمن بعيد وحتى الى ما قبل التاريخ. هذا يعني ان هناك صناعات تنتج سلعا غير ملموسة كصناعة الثقافة والفن والسياحة بأشكالها الدينية والدنيوية فمن يكتب قصيدة ومن يلحنها ومن يغنيها وعدد كبير من العازفين والمغنين ليتم صناعة اغنية يشتريها المستهلك للاستماع اليها وكذا الأفلام ومثل هذه الصناعة أدخلت المليارات الى البلدان المنتجة والموزعة مما يعني اننا امام أنواع من السلع سلعة ملموسة إيجابية اساسية: تلبي احتياجات المستهلك البيولوجية كالطعام والشراب والدواء وما الى ذلك وهذه تحصل على قيمتها التبادلية من خلال المنفعة الكامنة فيها سلعة ملموسة ايجابية ثانوية: كالمكياج وأدوات الزينة والكماليات وهي سلع تلبي حاجات مرجوة او منتظرة ذلك ان الظهور بمظهر جميل هو حاجة مرجوة يضطر الانسان الى ان يدفع مبالغ طائلة في سبيل اقتناء سلع يمكن ان تحقق له الغاية المرجوة وهي هنا حاجة اجتماعية لا حاجة بيولوجية ضرورية للمستهلك. سلعة ملموسة سلبية: تؤذي الانسان نفسه وبيديه كالسلاح والمخدرات ومع كل ما يرافقها من سلبيات على جميع المتعاملين بها الا انها تحمل قيمة استعمالية عالية تضعها في مصاف السلع الاكثر كلفة مقارنة بالسلع مفيدة الاستعمال. والسؤال هل بقي دور الذهب على حاله وهل سيبقى دور النقد على حاله وكذا الامر مع السلعة نفسها فالتغيير بات يطال كل شيء بما في ذلك خصائصه واستعمالاته وقيمته. سلعة غير ملموسة: مع ان الانترنت بات سلعة مهمة على سبيل المثال ويكاد يستخدم في بعض المجتمعات من 100% من الناس الا انه لا يمكن لمسه ولا باي حال من الاحوال وهو لا يشبه الحاجة البيولوجية ولا الحاجة الاجتماعية فانت يمكنك ان تعيش بدونه بيولوجيا واجتماعيا بل هو على العكس من باقي السلع يؤثر بشكل كبير على وجودك الاجتماعي ففي التعاطي معه يبعدك بشكل او بآخر عن العلاقات الانسانية والاجتماعية ويكاد يجعلك تستغني عن الاخرين. سلعة شمولية: يعتبر النت اليوم سلعة شمولية فهو اداة للمعرفة واداة للتواصل والتجارة وحتى للعلاقات الانسانية لأنه قادر على صناعة عالم افتراضي بدون نهايات ومن خلاله تصنع عالمك وتتشكل معتقداتك دون ان تلتقي بالآخرين بشكل ملموس ومباشر وهو ما يجعله قادر على الغاء العديد من السلع التي باتت تفقد الاهمية الاستعمالية بالتالي القيمة الاستعمالية لها تدريجيا. سلعة صناعة الوعي: وهي الاعلام الذي تشتريه ليشارك في صياغة وعيك كالصحيفة والتلفاز والراديو والكتاب واخطر ما في اعلام العصر الحديث انك تجده في حياتك على مدار الوقت مما يجعله مصدرك الدائم للمعلومة التي تأخذ مصداقية وتأثير عليك لحياديتها الظاهرة لأنها تبدو صامتة محايدة غير انفعالية ولا عاطفية وعلى مسافة واحدة من كل شيء مع انها في حقيقة الامر ليست كذلك على الاطلاق ولأنك لا تلمس ذلك فانك عادة ما تجد نفسك لقمة سائغة لما تريدك هذه السلعة ان تعتقد وتجد نفسك دون ان تدري وقد وقعت في الفخ فهي اذن سلعة ادارة عقول البشر وصناعة وعيهم بالتشكيلة التي يريدها منتج السلعة هذه لتحقيق اهدافه. السلع اذن تبدا بقيمة النفع لتنتقل الى قيمة التبادل ولان القياس التبادلي بات غير ممكن حصره للتعداد العائل للسلع وتنوعها وتنوع استعمالاتها وعدم القدرة على تفسير منافعها بشكل رياضي وبات السوق السلعي ان بقي قائما على القيمة التبادلية لن يخلق اجواء تبادل مستقرة وواضحة ولن نجد اداة قياس فاضطر الانسان الى ايجاد سلع قابلة لان تكون اداة قياس لخصائصها الذاتية والقدرة على الاحتفاظ بها فترة اطول فظهرت المعادن التي استقرت على الذهب وظهر النقد كتعبير اسهل عن الذهب ليصبح اداة قياس واقعية ومنطقية وسهلة فلكي تشتري طنا من الحديد عليك ان تنقل معك مثلا عشرة اطنان من البطاطا لكن وجود النقود سهل عليك الامر بكثير فوجود النقود التي لا تأخذ حيزا ولا وزنا ويمكن نقلها في الجيب الشخصي او شنطة يدوية منح السوق طاقات خرافية وقدرة على الفعل والتأثير كبيرة وباتت النقود هي سلعة السلع او سلعة القياس التي تقارن بها باقي السلع.
#عدنان_الصباح (هاشتاغ)
ADNAN_ALSABBAH#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو عبد الله الصغير السوري ومستقبل محور المقاومة
-
يا أهل غزة فجروا سلاحكم النووي الآن
-
هزيمة الأعداء بالنصر المؤجل
-
من 181 الى 1701 حتى غزو لاهاي
-
أيها الصامتون إنتظروا دوركم
-
سُباتنا هذا الى متى؟
-
أفواه الغزيين تخرج عن الخدمة
-
الإعلام العربي بين الغباء وخدمة الاعداء
-
يحيى حسن إسماعيل
-
الهدف راس المقاومة الفلسطينية والشعب والقضية
-
عالم سيده لص قاتل ومنتحِل لشخصية القتيل
-
غزة ولبنان وإمبريالية المعرفة - الإمبريانولوجي-
-
النساجون والفلاحين والبحارة والمظلومية
-
حذار من السابع من أكتوبر 2024
-
الصهيونية العالمية وثورة الروح والسابع من اكتوبر
-
لنعطل كل اسلحتهم بسواعدنا العارية
-
هل لا زال الانتصار ممكن
-
السيد الرئيس طريق غزة بإتجاه واحد
-
ثأر الأحرار وعقوبة الإنتظار
-
إسماعيل هنية أيقونة أحرار الأرض
المزيد.....
-
إصابة ما يصل إلى 80 شخصًا.. إليك ما نعرفه عن حادث الدهس في س
...
-
صدمة العدد الحقيقي للقوات الأمريكية بسوريا.. مراسل الشؤون ال
...
-
قصة الرجل الذي أحب الأطفال في كل أنحاء العالم اسمه
-
واشنطن: لا دور لإيران في مستقبل سوريا بعد تغيير النظام
-
-فاينانشال تايمز-: شولتس يرد بحدة على اقتراح دودا لمصادرة ال
...
-
لأول مرة.. اكتشاف سناجب -آكلة للحوم-!
-
تمارين منزلية فعّالة لخفض ضغط الدم وتعزيز صحة القلب
-
ما هو مكتب -لوتش- الأوكراني الذي تم تدميره بضربة روسية؟
-
علامات رئيسية تكشف الكذب في ثوان
-
المكان الأكثر أمانا في الطائرة لتجنب انتقال الأمراض
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|