كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 13:55
المحور:
الادب والفن
حان وقتُ موسيقى الأحلامِ حينَ يسكنُ الصمتُ في معابدِ الروح، وتغني الأنفاسُ من نَبعٍ أبدي، كلُّ دقةٍ على الوترِ، صدى من عالمٍ آخر. أنتِ، يا سيدةَ الشوقِ، يا سكنَ الزمانِ، في لحظةِ انفصالِ الكونِ عن نفسه، تُصغينَ إلى همساتِ القلبِ المسافرِ بينَ أرواحِ الذينَ سكنوا الأرضَ ولا زالوا. أينَ أنا في هذا البعدِ؟ أأنتِ شبحٌ عابرٌ بينَ الأزمانِ أم هو العشقُ الذي يرتدي أسمائي؟ أم هو الزمنُ ذاتهُ قد تحطمَ حينَ رحتِ تخلعينَ عني جلودَ الذاكرة، تسحبينَ شعاعَ الشمسِ من عيوني، وتُلبسينَ الليلَ في يديكِ؟ الهواءُ الذي أتنفسُه، أصبحَ سُكونًا، وصوتُكِ يخترقُ أعماقي في صمتٍ مطلق، أنتِ الغيمُ الذي يسافرُ في عروقي، وتحتَ جلدِكِ يذوبُ الحلمُ، ليولدَ من جديدٍ. في حضوركِ، لا شيءَ يطوفُ حولَ هذه الذات سوى الأنوارِ المنكسرةِ في الفضاء. أنتِ، في الصمتِ، تجسدينَ اللامحدودَ وفي العينينِ تنبثقُ الأبدية، وفي اللّقاءِ تلتئمُ الجروحُ التي لا تُرى. قلبي لم يعد يملكُ لغةَ الكلام، أصبحتُ صمتًا يلفُّ صوتَكِ، وكلُّ نبضةٍ في صدري تُسمعُ، تروي قصَّةَ غرامٍ قديمٍ كأنه بدايةُ الكونِ، قبلَ أن ينبتَ الزمان. أنتِ، يا من تغنينَ بينَ الوجودِ واللاوجود، أنتِ الفضاءُ الذي أملكهُ وأنا الذي لا أملكُ شيئًا سواكِ، وأنا الذي تاهَ بينَ كلماتي وأنتِ الكلمةُ التي لم تُكتبْ بعدُ. حان وقتُ موسيقى الأحلامِ، حينما يغني القلبُ على نغمةِ السرابِ، وحينما يصيرُ كلُّ شيءٍ نسيجًا من الأملِ المنسوجِ على نَهرِ الرياحِ. فهل في هذا الكونِ شيءٌ يتسعُ لهذه الفوضى التي في داخلي؟ أم أنَّ الحبَّ هو الفوضى ذاتُها التي تديرُ نفسها بلا عقلٍ، بينَ أيديينا، وفي مهبِّ الريح؟ حينما أغمضُ عيني، أراكِ في كلِّ نبضةٍ، في كلِّ دقةٍ، فأنتِ، وأنتِ وحدكِ، موسيقى الأحلامِ التي لا تنتهي وأنا، عاشقٌ، في عمقِ هذا السرِّ أبحثُ عنكِ بينَ النجوم، وأعرفُ أنَّكِ أقربُ إليَّ من كلِّ شيءٍ في الوجود.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟