أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - عدنان الفضلي الشاعر الذي أغوته الساعات














المزيد.....


عدنان الفضلي الشاعر الذي أغوته الساعات


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8196 - 2024 / 12 / 19 - 18:55
المحور: الادب والفن
    


(1)
عندما يكون الإنسان مبدعا، مبتكرا، وببساطة، هذا يعني إنّه مختلف عن باقي البشر، بمعنى آخر أن مسؤوليته ازدادت، في خضم الواقع المُعاش، لأنَّ الكلمة مسؤولية، وعلى المبدع المبتكر، لا بدًّ أن يعي كيف يضع كلمته، لا سيما إن كانت "الكلمة" شعرا، لأنّه وقع الشعر في وجدان الناس، أكثر من وقع أي كلمة، وياما دفع الشاعر حياته مقابل تلك الكلمة، لأنه بمثابة الصاعقة، أليس المتنبي العظيم دفع حياته ثمنا بكلمة قالها؛ وذلك حين هدرت دمه بعض القبائل التي نصبت له العداء، بعد أن هجاهم "بكلمة" قالها شعرا، فوقعت على رؤوسهم كالصاعقة، فتربصوا به، تربص المنون، ونصبوا له كمينا، حتى قضوا عليه، ومن الحق أن يقال عليه شهيد الشعر، أو شهيد قول الحق، كما قيل بحق سقراط شهيد الفلسفة، لأنّ ايضا قال قول الحق، فُعدم بالسُّم حيث كان الاعدام بهذه الطريقة عند حكام اليونان. فذهب أولئك الحكام، وانطوت صفحاتهم، وظلَّ سقراط شامخا أبد الدهر بموقفه، وبما تركته من ارث في الاخلاق والفلسفة التي اراد بها أن تعي الشعوب، ولا تنطلي عليها سفاسف الطغاة الذين حكموا شعوبهم بالسيف واراقة الدماء.
وإذن، فأن الإنسان هو موقف قبل أن يكون شاعرا؛ شاعرا يتمسك بشرف الكلمة، وشجاعا لا يخاف تبعات تلك الكلمة، وهو يعلم، مسبقا، أن كلمته التي سيقولها لا تبرح جزافا، بل سيكون رأسه هو الثمن. فكما كان المتنبي معتدا بنفسه، لأنّ أدبه كان يراه الأعمى – الضرير، وكلماته يسمعها حتى الذي به صمم – أطرش، وهذا الاعتداد والثقة بالنفس، والبسالة التي يمتلكها ولا يخاف عاقبتها، حتما قد أورثها ممن جاء بعده من الشعراء الكماة، بحسب المنطق.
(2)
"دم النخيل والاساطير" نص للشاعر عدنان الفضلي، جاء من ضمن مجموعه الشعرية الموسومة بعنوان "غواية الساعات"، والنص اهداه الشاعر إلى الفنان التشكيلي المغترب ستار كاووش، وفي النص هذا يوضح الشاعر حقيقة مؤلمة، ربما هي الاغتراب وما جري بسببه، من تبعات وغياب عن أرض الوطن، هذا الذي فيه أهله واصحابه وناسه، وربما هي مطاردة السلطات له، أو شيء آخر همس به الفضلي همسا، ولم يصرّح "خوفا من فضيحة الأفعى" (راجع النص ص19)، والأفعى هي رمز للشر، وبحسب التوراة أنَّ آدم خرج وزوجه من الجنة، فلاقيا النَصَب والحرمان والمعاناة، وظنك الحياة، ومرارتها. والشاعر هنا كان يعني الكثير وهو يدوّن المفهوم هذا، من فلسفة لا يُدرك كثيرها. والنص بكامله يطري على الممدوح بهذا الاطراء، لا بمعنى ذاتية الاطراء، بل لكون الشاعر دائما ما تستبد به اللوعة، وتلسعه جمرة الذكريات، فتخرج من مكامن ذكرياته الآلام، فيسكبها نصوصا، لا يستطيع سوى الشاعر أن يحس بلسعة ذلك. فالشاعر هو من يعي قيمة الكلمة - كما ذكرنا في المقدمة –. النصوص كأنّها تخرج باللاشعور بحسب فرويد واريك فروم، لا سيما إذا كان مبدعا ويجيد المسك بعنان القصيدة. لذا يصف صديقه المغترب بأنّه "أراق المساءات في نهر سلالته" (راجع النص) أي أن تاريخه ناصع بالمجد، ودائما كانت العرب تعتد بمجدها، وتفتخر على غيرها من الشعوب، وشعرائهم يكتبون بهذا قصائد رنانة. الفضلي يصف صاحبه بأنّه "لا يحفظ الرسالة المطرزة بالتفاح والبسملة" (راجع النص)، وعليه، الإنسان الحرّ دائما ما تجده في حالة حراك فكري، وصراع مستمر بالإيجاب مع الذات والنفس، لا سيما الانسان الدائم التأمل، والبحث للامساك بتلابيب الحقيقة، بأن ايمانه القديم في حالة تبديل، طالما ثمة من يحرك ذهنه، فيتوق للتحوّل، كون الإنسان ليس جمادا. "زحزح كُل إيمانه" (راجع النص)، عبارة قالها الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط قال: "كنت في حالة سبات فايقظني جون لوك من ايماني الدوغمائي"، ويعني بالدوغمائي الإنسان الذي يصرّ بأنه دائما على صواب، وكأنّ الشاعر يشير إلى هذا المعنى.
(3)
على أن النص هذا تكللته صور أخاذة، ومعان شعرية أعطت للنص سلاسة، برغم بساطته ومن غير تكلفة قد تربك النص، مثل: قوله: "الحروف المعصومة من الهذيان... لعله صار كؤوسا تساقي حلبات التقوّس... لعله.. أحق بسيزيف من الصخرة... وأضغاث الزوايا الميتة". والصور هذه أن حذفت منها جملة واحدة سيختل النص، ويتشتت المعنى، كون الجُمل كانت مموسقة، وعلى نسق واحدة.
(4)
عدنان الفضلي الشاعر، كما عرفته عن كثب، شاعر متمكن من ادواته الشعرية، ويكتب النص الشعري بحرفية، كما أن له لونه الخاص في رسم الحرف، وتطويع اللغة التي يكتبها، وربما يعود ذلك لعمق معرفته وتعمقه بالشعر، وكذلك لمصاحبته لكثير من الشعراء البارزين، واستفادته من تجاربهم.
(5)
يقع النص بالتسلسل الرابع بحسب تسلسله في المجموعة الشعرية المعنونة بـ"غواية الساعات" بواقع واحد وثلاثون نصًا، والصادرة عن - دار ميوزبوتاميا – للطباعة و النشر والتوزيع في بغداد، الطبعة الأولى لسنة 2011، وعدد صفحاتها 136.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنحى الصوفي في قصيدة (خمرةُ اليقين) للشاعر كريم القيسي
- ذاتية المعنى.. قراءة في مجموعة (أأقيم على حافة هاوية) للشاعر ...
- زمكانية النص الشعري.. قراءة في (منذُ زمنِ الانتظار) لـ عبد ا ...
- الشعر بوصفه لعبة الابداع قراءة في نص (كَسَاحِرٍ يُرَوِّضُ عَ ...
- الخيال في (أحزانٌ بلا مراكب) للشاعر حسين السياب
- تعويذة الشجن في نص (وداعا) للشاعرة ميسون المتولي
- اغتصاب الجدال
- انتصار الفكر الحُرّ على التاريخ في سردية (القبر الأبيض المتو ...
- سياحة قصيرة في (كفُّ تلوَّح لكلماتٍ في الدّخان) لأمير الحلاج
- حكايات من بحر السراب
- لها.. وهيَّ على فراش الغياب
- أدب الرسائل ‘الى (.....) الرسالة الثالثة والأخيرة 17 تموز
- وحيد شلال شاعر الجمال والحماسة والوطنية
- في نصّها (منافي الرماد) عطاياالله ترسم جدارية للبوح
- لها فحسب
- المتعة أو الزواج المنقطع
- اللاهوتيون وعلي والوردي
- العمامة والغناء
- نتانة التاريخ وصناعة الأقزام
- (قصائد عارية) وموقف الجواهري


المزيد.....




- فنان شهير يعود إلى سوريا بعد غياب 12 عاما ويبارك للمواطنين ( ...
- تثبيت تردد روتانا سينما الجديد على القمر الصناعي
- الذكاء الاصطناعي يؤلف أغنية لصاروخ -أوريشنيك- (فيديو)
- بعد سقوط الأسد.. قرار جديد من نقابة الفنانين في سوريا
- فنان العراق ضياء العزاوي يتوج بجائزة -نوابغ العرب- لمسيرة تف ...
- الإمارات تعرض باليه -كسارة البندق- الروسية
- استقبل الآن “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما ...
- لماذا أصبح أفضل كازينو على الإنترنت جزءًا من ثقافة اليوم
- لماذا يتراجع الاهتمام باللغة العربية؟
- أفلام عربية مشاركة في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - عدنان الفضلي الشاعر الذي أغوته الساعات